مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

84 قتيلا على الاقل في نيس دهسا بشاحنة في اعتداء خلال احتفالات العيد الوطني

فرنسيون يضعون زهورا تكريما للضحايا في موقع الاعتداء في نيس afp_tickers

شهدت فرنسا اعتداء مروعا مساء الخميس في يوم عيدها الوطني في 14 تموز/يوليو، اذ انقض مهاجم من اصل تونسي بشاحنته على الحشود المتجمعة لمشاهدة عرض الالعاب النارية التقليدي بهذه المناسبة في نيس جنوب شرق البلاد فقتل 84 منهم على الاقل.

واثار هذا الاعتداء الجديد الذي لم تعلن اي جهة مسؤوليتها عنه حتى الان، موجة من الانتقادات لمدى كفاءة عملية مكافحة الارهاب.

واعلن النائب العام في باريس فرنسوا مولان ان منفذ اعتداء نيس التونسي محمد لحويج بوهلال “مجهول تماما لدى اجهزة الاستخبارات” الفرنسية لكن ما قام به ينسجم مع دعوات الجهاديين الى القتل.

واوضح مولان ان لحويج بوهلال (31 عاما) “لم يكن له اي ملف، مع عدم وجود اي مؤشر الى اعتناقه التطرف”، لكنه اشار الى ان الاعتداء ينسجم “تماما مع الدعوات الدائمة للقتل التي يطلقها الجهاديون”.

واوضحت السلطات ان لحويج بوهلال المولود في احدى ضواحي سوسة ويعيش في نيس، هو السائق الذي دهس بشاحنته عائلات وسياحا متجمعين عند كورنيش “برومناد ديزانغليه” الشهير المحاذي للبحر المتوسط على الكوت دازور.

وفي نهاية الامر قتل سائق الشاحنة برصاص قوات الامن بعدما باشر باطلاق عيارات نارية في اتجاههم، بحسب ما افادت مصادر متطابقة.

والقي القبض على زوجته السابقة واودعت السجن.

وقتل في الاعتداء طفلان على الاقل، فيما نقل خمسون شخصا الى المستشفيات. ومن بين الاجانب القتلى هناك ثلاثة ألمان وأميركيان، واوكراني، وسويسرية وروسي وارمينية.

ولا يزال عدد الضحايا مرشحا للارتفاع، اذ اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة ان هناك نحو خمسين شخصا “بين الحياة والموت” نتيجة الاعتداء، مشددا على “اننا لم ننته من الارهاب بعد”.

وفي وقت شهدت فرنسا الاعتداء الثالث في 18 شهرا وتتكثف الاعتداءات الارهابية في العالم، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى تعزيز الجهود “من اجل مكافحة الارهاب”.

واذ التزم مجلس الامن الدولي دقيقة صمت حدادا على ضحايا اعتداء نيس، توجه وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري الى السفارة الفرنسية في موسكو من اجل وضع الزهور تكريما للضحايا.

وفيما كان عرض الالعاب النارية التقليدي احتفالا بالعيد الوطني الخميس يشارف على نهايته نحو الساعة 21,00 ت غ، انقضت شاحنة بيضاء تزن 19 طنا باقصى سرعة على حشد من 30 الف شخص بينهم كثير من الاجانب، فدهست كل من كان في طريقها على مسافة نحو كيلومترين.

– “فوضى عارمة” –

وروى الصحافي في وكالة فرانس برس روبرت هولواي الذي كان في المكان ان الاحتفالات تحولت الى مشاهد رعب وقال “كانت فوضى عارمة (…) وكان بعض الناس يصرخون”.

واضاف “رأيت اشخاصا مصابين وحطاما يتطاير في كل مكان” وقال انه ادرك بسرعة ان “شاحنة بهذا الحجم تسير بهذا الخط المستقيم” لا يمكن الا ان تكون تنفذ “عملا متعمدا”.

وتحدث طروبي وحيد موستا الذي كان لا يزال تحت الصدمة عن “ساحة حرب” وذلك في شريط فيديو تمت مشاهدته 9 الاف مرة عبر فيسبوك.

وقال هذا الشاهد الذي نشر صورة دمية وعربة اطفال متروكة “كدت امشي على جثة، كان ذلك رهيبا”.

وقالت الاسترالية اميلي واتكنز التي كانت على بعد عشرات الامتار من الشاحنة لحظة الاعتداء للتلفزيون الاسترالي “ساد الارتباك والفوضى. لا اذكر اني رأيت الشاحنة آتية”.

واضافت “سمعنا صراخا من حيث كانت الشاحنة. رأينا الناس يجرون باتجاهنا وبدون ان نعرف ما يجري استدرنا وبدأنا نجري مثلهم. اثناء ابتعادنا سمعنا طلقات وظننت انها فرقعة العاب نارية. كان الناس يجرون ويتعثرون ويحاولون دخول المباني والفنادق والمطاعم والمواقف التي يجدونها في طريقهم مبتعدين عن الشارع”.

وقال مصدر في الشرطة ان سائق الشاحنة الذي تم التعرف عليه من خلال اوراق ثبوتية عثر عليها داخل الشاحنة “حاول بشكل واضح قتل اكبر عدد ممكن من الضحايا”.

واشار جيران منفذ اعتداء نيس الى انه كان رجلا “منعزلا” و”صامتا”.

وقال الصحافي الالماني ريشار غوتجار ان سائق دراجة نارية حاول في وقت سابق وقف الشاحنة من خلال فتح بابها، قبل ان يسقط تحت عجلات الشاحنة.

واعلن هولاند الذي زار الجرحى في مستشفيات نيس الجمعة، الحداد الوطني لمدة ثلاثة ايام بدءا من السبت.

وعرفت منطقة نيس الفرنسية على ساحل الكوت دازور منذ سنوات بوجود بؤرة للتطرف الاسلامي فيها، وبانها شكلت مجال تجنيد لجهادي فرنسي يقود كتيبة لجبهة النصرة في سوريا.

وشدد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس على ان “فرنسا لن ترضخ للتهديد الارهابي. الزمن تغير، وسيترتب على فرنسا التعايش مع الارهاب. علينا ان نرص الصفوف ونكون متضامنين ونتحلى ببرودة اعصاب جماعيا”، وهي رسالة وجهها الى المعارضة اليمينية التي انتقدت عمل الحكومة الاشتراكية.

– تمديد حال الطوارئ –

وقال رئيس الوزراء الفرنسي السابق الان جوبي الذي يسعى الى ان يكون مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية عام 2017 “انا لا اريد إلقاء اللوم على اي شخص” لكن “لو كانت كل التدابير متخذة، لما حدثت المأساة”. واضاف احد منافسيه الى الرئاسة، رئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون “عندما نكون في حرب علينا حماية التراب الوطني”.

وقال مصدر مطلع على عمل المحققين انه عثر على “قنبلة غير معدة للانفجار” و”بنادق مزيفة” في الشاحنة البالغة زنتها 19 طنا.

واعلن هولاند تمديد حال الطوارئ التي كان يفترض ان ترفع بعد 15 يوما، لثلاثة اشهر اضافية. وتجيز حال الطوارئ التي اعلنت في اعقاب اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر القيام بعمليات دهم بدون اذن من قاض وفرض الاقامة الجبرية على مشتبه بهم.

كذلك اعلن استدعاء الاحتياط من المواطنين “لتعزيز صفوف الشرطة والدرك”، مشيرا الى امكان استخدام هؤلاء الاحتياطيين في “مراقبة الحدود”.

واثار الاعتداء وهو الاضخم في اوروبا منذ اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في باريس واعتداءات 22 اذار/مارس 2016 في بروكسل، موجة استنكار في العالم.

وفي فرنسا ندد المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية “باشد الحزم” بالاعتداء.

وهدد تنظيم الدولة الاسلامية الذي تتقلص مناطق سيطرته في العراق وسوريا، بشكل متكرر بضرب فرنسا انتقاما لمشاركتها في التحالف العسكري الذي تقوده واشنطن ضده في هذين البلدين.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية