مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل يمارس النواب بمصر مهامهم بحرية وديمقراطية؟

مشهد عام للجلسة الأولى لإفتتاح عمل مجلس الشعب الجديد (البرلمان) في القاهرة يوم 10 يناير 2016. Keystone

بعد انقضاء العام الأول من عمر مجلس النواب المصري، إلى أي مدى تمكن أعضاء البرلمان من ممارسة مهامهم النيابية وإبداء آرائهم في الموضوعات والقضايا المطروحة وتفعيل المشاركة السياسية تحت قبة البرلمان بحرية وديمقراطية؟.

هذا هو السؤال الذي حاول مراسل “swissinfo.ch” بالقاهرة، استطلاع آراء عددٍ من أعضاء مجلس النواب حوله، فضلاً عن أحد الخبراء السياسين المصريين المهتمين بمتابعة شؤون البرلمان ورصد وتقييم أداء النواب.

البرلمان وتعزيز مشاركة النواب

في البداية؛ أوضح هاني سليمان، كبير الباحثين بالمركز العربي للبحوث والدراسات، أنه “بعد مرور عام على انتخاب مجلس النواب، يمكن القول بأن البرلمان عزز من مشاركة النواب في اتخاذ القرارات، وتشريع القوانين، ولكن هذه الإجابة ناقصة، وتحتاج إلى المزيد من التفنيد في ضوء عدة ملاحظات أساسية”.

وقال “سليمان”، سكرتير تحرير مجلة “آفاق سياسية”، لـ”swissinfo.ch”: “أولى الملاحظات، طبيعة البنية الحزبية بعد 30 يونيه، والتي أضحت مفرغة من أية أحزاب معارضة بشكل قوي، سواءً الأحزاب الإسلامية، أو بعض أحزاب المعارضة الأخرى، وهو ما أدى لإفراز مجلس نواب يتواءم في رؤيته مع الدولة، بشكل شبه كامل، وإجراءاتها ومشاريع القوانين المُقَدَمَة، التي تتناسب مع الفترة الانتقالية”.

وأضاف: “وثانياً، هيمنة تكتل “دعم مصر” على المجلس، وتمرير معظم القوانين، مع مساندة الأحزاب الأخرى، في مقابل تكتل “20-30” الضعيف، وبعض الأصوات الفردية الأخرى، في ظل بنية وتكوين ثقافي معرفي قانوني ضعيف، لعدد كبير من النواب، والذي ينطلق البعض منهم من أن دعم الدولة، في هذه المرحلة الحرجة، يقتضي التصويت في اتجاه ما يقره النظام، وما يتطلبه دعم الحكومة، خاصة مع إفرازات نظام القائمة، والذي أفرز خيارات غير صحية.


ارتباط مصلحي بين النواب والحكومة

وتابع: “ثالثاً، استمرار الارتباط المصلحي في ثقافة العلاقة بين النواب والحكومة؛ من خلال حصول النواب على بعض المنافع والامتيازات، مثل تأشيرات الحج، وتعيين الأبناء والمعارف في كلية الشرطة، والكليات العسكرية، أو في النيابة، أو بحد أدنى قضاء حاجات المواطنين، وهو ما يجعل حدة المعارضة، أو الوقوف ضد رغبات الحكومة أمراً صعباً، ويستلزم الدخول في مواءمات وتوازنات.”

واختتم كبير الباحثين بالمركز العربي للبحوث والدراسات حديثه قائلاً: وأخيراً قانون التنظيم المؤسسى للصحافة والإعلام، والذي صدق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب موافقة مجلس النواب عليه فى 14 ديسمبر 2016، بأغلبية أكثر من ثلثي الأعضاء، واعتراض أربعة نواب فقط، رغم ما يقابله من اعتراضات، بأنه يكرس من هيمنة الدولة على وسائل الإعلام.

الممارسة الديمقراطية تحت القبة

في المقابل يؤكد النائب برديس سيف الدين عمران، عضو مجلس النواب، عن دائرة الواحات الداخلة، بمحافظة الوادى الجديد، وعضو لجنة الزراعة والرى بالبرلمان: “لكل نائب في البرلمان الحق في أن يعبر عن رأيه كيفما شاء، دون قيد أو شرط.. الدستور واللائحة حفظا للنائب هذا الحق، بالنص صراحة بأنه “لا يُسأل العضو عما يبديه من آراء داخل المجلس، طالما أبدى رأيه دون إهانة أو تجريح لأحد”.

وأضاف “عمران”، لـ”swissinfo.ch”، أن “هذا النص مفعل تمامًا داخل جلسات البرلمان، فلايستطيع أحد داخل البرلمان، كائنً من كان، أن يمنع نائب الشعب من التعبير عن رأيه أو استخدام كافة الوسائل البرلمانية التي نص عليها الدستور وفصلتها لائحة المجلس سواء طلب الإحاطة أو البيان العاجل، الاستجواب، السؤال، الاقتراح أو طلب المناقشة… إلخ. وأشار النائب إلى أن المجلس في دور الانعقاد الأول كان مشغولاً بالكم الكبير من القرارات بقوانين التي صدرت في فترة غياب البرلمان، فضلاً عن الانشغال بإنجاز لائحة جديدة للمجلس”.


“أقول ما أؤمن به وما يمليه علي ضميري”

وردًا على سؤال عن تأثير ائتلاف الأغلبية “دعم مصر”، على أعضاء مجلس النواب، من حيث المشاركة السياسية، والممارسة البرلمانية؛ أشار “عمران”، إلى أن الائتلاف لا يمارس أية ضغوط من أي نوع على نوابه، وقال: “أنا أحد نواب ائتلاف دعم مصر، وخلال العام المنقضي من حياة البرلمان لم يفرض عليَّ الائتلاف رأيًا معينًا، ولم يحظر عليَّ الحديث في أي موضوع، فأنا داخل البرلمان أقول ما يمليه علي ضميري وما أؤمن به، فضلاً عن حرصي على نيل ثقة المواطنين الذين انتخبوني، ومنحوني أصواتهم”.

وعن رأيه في إدارة الدكتور علي عبد العال، رئيس البرلمان، للجلسات ومنحه الكلمات للنواب؛ أوضح “عمران”، أن عبد العال يدير الجلسات بمنتهى الشفافية، ولا يحاول كما يريد البعض أن يصوره، أن يمنع النواب من الحصول على الكلمة أو إبداء آراءهم إلا إذا اعتبرنا أن محاولته الحفاظ على وقت المجلس وضبط إيقاع الجلسات والتدخل أحيانًا لمنع التجريح أو اتهام الآخرين بغير بينة، هو من قبيل المقاطعة ومنع إعطاء الفرصة والحرمان من إبداء الرأي”!.

“لا يضيع حق وراءه مطالب”

أما النائب خالد عبد العزيز شعبان، عضو مجلس النواب عن دائرة حدائق القبة، بمحافظة القاهرة، فيقول: “بالنسبة لي كنائب عن الشعب؛ أمارس مهامي كاملة تحت قبة البرلمان، دون ضغوط من أي أحد، انطلاقًا من أيديولوجيتي السياسية وقناعتي الفكرية، رغم أنني أصطدم ببعض القيود في اللائحة، فضلا عن أن عدد نواب المجلس يتجاوز 600 عضو، ومنح الكلمة والوقت الكافي لكل النواب، طالبي الكلمة يبدو مستحيلاً في ظل الوقت المتاح والتزام المجلس بإنهاء بعض المهام والمتطلبات في وقت محدد، وهو ما يدفع رئيس المجلس لعمل نوع من الموائمة بين طالبي الكلمة في موضوع معين، والوقت المتاح”.

وفي تصريح لـ”swissinfo.ch”، يعتبر “شعبان”، عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان، أن “لائحة المجلس لم تكن جيدة، وفيه الكثير من المشاكل والقيود، وهو ما بدا لنا عند ممارسة حقوقنا وأداء مهامنا تحت القبة، وأنا كنائب ضمن تكتل 25/30، وعضو في الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي، أمارس حقوقي البرلمانية، وأشارك بقوة في المناقشات، وأبدي رأيي في القضايا والموضوعات المطروحة، ولا أسمح لأحد كائنًا من كان أن يحول دون ذلك، أو أن يقيد مشاركتي وإبداء رأيي بمنتهى الحرية والديمقراطية، وهذا لا يمنع أنني أنزل في النهاية على رأي الأغلبية، متسائلاً: إليست هذه هي الديمقراطية في جوهرها؟!”.

“عبد العال في سنة أولى برلمان”

وعن تقييمه لإدارة ئيس المجلس للجلسات؛ قال شعبان، “عبد العال لا يزال في سنة أولى إدارة للبرلمان وهو ما بدا من عدم استطاعته أحيانًا، وبالذات في بدايات دور الانعقاد الأول، السيطرة على النواب ومغالبة رغبة بعضهم في أخذ الكلمة لأكثرمن مرة أو الإطالة عن المفروض في العرض لأن هناك فارق بين قدرته الفائقة كخبير قانوني و فقيه دستوري وأستاذ أكاديمي وبين كونه رئيسًا للبرلمان أو مديرًا لحوار النواب تحت القبة خاصة وأنه لا توجد له كتلة برلمانية تسانده”.

ولم ينف شعبان  محاولة ائتلاف  دعم مصر ” فرض سيطرته في بداية أعمال المجلس على عدد كبير من النواب  وسعيه لإرضاء الحكومة على حساب الشعب في بعض القضايا والموضوعات، غير أن الكثير من النواب رفضوا الانصياع لهذه الرغبة ورفضوا بشدة هذه المحاولة، قناعة منهم أن الذي أوصلهم إلى البرلمان هو الشعب، وعليه فإنه هو الوحيد صاحب الحق في الدفاع عنه وتبني حقوقه ومطالبه، كما أنه الذي يملك محاسبته، لأنه هو الذي منحه صوته وثقته”.

إدارة “عبدالعال” للبرلمان 70% ديمقراطية

من ناحيتها؛ استهلت البرلمانية الدكتورة سحر أحمد فكري عثمان، عضو مجلس النواب عن دائرة مشتول السوق، بمحافظة الشرقية، حديثها بقولها: “أنا دخلت البرلمان كفردي مستقل وعن دائرة مشتول السوق ذات المقعد الواحد، وهو ذا يوضح أنني لا أخضع لأية ضغوط سياسية أو حزبية أو ائتلافية”؛ مضيفة: “لو قلت لك أن إدارة الدكتور علي عبد العال للبرلمان ديمقراطية بنسبة 70% يبقى كويس جدًا، خاصة في ظل الظروف الحالية البتي تعيشها مصر”.

وتابعت  عثمان: “المجلس في السنة الأولى، أُلقيَّ على عاتقه مهمة مراجعة ومناقشة 364 قرارًا بقانون، من 3 رؤساء جمهورية، فضلاً عن قانون الخدمة المدنية والذي أخذ منا وقتًا كبيرًا حتى تم تعديله، بما يحقق طموح قرابة 7 ملايين مواطن، فضلاً عن عمل لائحة جديدة للبرلمان وهو ما استهلك معظم وقت دور الانعقاد الأول”؛ موضحة أن أغلب النواب يتخلون عن هويتهم وانتماءاتهم، تحت القبة، ولا ينظرون سوى لمصلحة مصر والمصريين”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية