ماذا تكتب الصحافة السويسرية عن العالم العربي؟
في الصّحف السويسرية هذا الأسبوع: الإمارات "تفرش السجّادة الحمراء لأفريقيا" وسط انتقادات لاذعة. أمّا في غزّة، فتشير التقارير إلى "حمّام دم"، و"وقوعِ إسرائيل في فخّ حماس".
“كوب 28”: الإمارات “تفرش السجّادة الحمراء لأفريقيا”
استعرضت صحيفة لوتون في مقال تحليليّ الطموحات الدبلوماسية للإمارات العربية المتحدة بتوسيع نفوذها في القارة الإفريقية، وذلك عبر التعهّد بتقديم مساعدات بقيمة 30 مليار دولار لدعم إنتاج الطاقة المتجددة.
ونقلت الصحيفة عن سلطان الجابر، رئيس مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، قوله إنه لا يريد أن يصبح “كوب 28” مجرّد مؤتمر يُضاف إلى سلسلة المؤتمرات السابقة، وأنه يتعين القيام بخطوات عملية تسمح بتحقيق “قفزة عملاقة في المستقبل”. ويشغل الجابر في الوقت ذاته منصبَ رئيس مجموعة “أدنوك” الحكومية النفطية العملاقة.
وقالت الصحيفة إنه من خلال تركيزها على تمويل دول الجنوب، تبدو الإمارات كما لو أنها نجحت في الوقت الحالي في نزع فتيل الانتقادات الموجّهة ضدّها، والتي ترى أنه من غير المناسب إجراء مناقشات حول تغير المناخ في أحد أماكن العالم الأكثر إنتاجاً للنفط والانبعاثات الحرارية.
من جهة أخرى تستجيب هذه الطموحات الإماراتية في مجال الطاقات المتجددة لتأكيد تنامي نفوذ الدولة الإماراتية على المستوى الدولي، فـ” فالنظام الاستبدادي بقيادة محمد بن زايد (المعروف اختصارُا باسم “MBZ”) يوسّع نفوذه، معتمدًا بشكل خاص على موارده المالية الهائلة، سواء في مصر أو ليبيا، أو في اليمن أو في أوروبا والعديد من البلدان الأفريقية.”، وفق الصحيفة.
وذكّر المقال بأنّ الدول المتقدمة كانت قد تعهّدت بتقديم 100 مليار دولار سنويّا للدول النامية قصد مساعدتها في تحوّلها البيئي، لكن هذه الوعود لم تتحقق بعد. وعلى الرغم من أن أفريقيا مسؤولة عن حصة صغيرة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فإنها تعاني من عواقب تغير المناخ بشكل غير متناسب.
أمّا آلان بيرسيه، الرئيس السويسري، فقد قدّر أن “كوب 28” هي اللحظة الأخيرة للعمل وتحقيق هدف الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، حسب الصحيفة، التي ذكّرت أيضًا بأنّ سويسرا كانت قد وعدت بتقديم حوالي 170 مليون فرنك لصالح البلدان الأكثر تضرًرا من تغير المناخ.
(المصدر: لوتونرابط خارجي، 3 ديسمبر 2023، بالفرنسية)
استياء شديد إزاء حضور جماعات الضغط
من جهتها، ركّزت صحيفة تاغيس انتسايغر على الانتقادات التي وجّهها نشطاء وناشطات المناخ للمؤتمر المنعقد في الإمارات. وكتبت الصحيفة أنه في الوقت الذي تناقش فيه الدول حاليا كيفية التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري مؤتمر المناخ العالمي المنعقد في دبي، يشارك ما لا يقل عن 2456 ممثلًا وممثلة عن صناعات الفحم والنفط والغاز رسميًا في الاجتماع.
وبيّنت أنّ هذا التمثيل يعادل أربعة أضعاف عدد جماعات الضغط في مصر العام الماضي (636). وفي عام 2021 شارك 503 شخصًا من هذا القطاع في مؤتمر المناخ في غلاسكو. وبشكل عام، تقول الأمم المتحدة إنها سجلت رقماً قياسياً بلغ حوالي 97 ألف مشارك في الاجتماع الذي يستمر أسبوعين في الإمارات العربية المتحدة، وفق الصحيفة.
وسلّط التقرير الضوءَ على الاستياء الشديد في صفوف الناشطين والناشطات في مجال حماية البيئة إزاء هذا الحضور الكبير لجماعات الضغط. حيث دعت العديد من الجمعيات والجهات الفاعلة إلى استبعاد هذه الأطراف. وكشف المقال أنّه غالبًا ما يتم العثور على هذه الأسماء في قوائم الوفود الرسمية للدول نفسها: حيث تشارك فرنسا أيضًا مع ممثلين وممثلات عن شركتي توتال انرجيز (TotalEnergies) و”ايه ديه اف” (EDF)، فيما ويرافق وفدَ الاتحاد الأوروبي فريق ممثّل عن شركتي “بريتيش بتروليوم” (BP) و”اكسون موبيل” (ExxonMobil).
(المصدر: تاغيس أنتسايغيررابط خارجي، 5 ديسمبر 2023، بالألمانية)
“حمّام دم”
على صعيد آخر، نشرت الصحيفة نفسُها تقريرًا لمراسلها في تلّ أبيب بيتر مونش حول الوضع القتالي الراهن في غزة، وتحديداً جنوبَ القطاع. حيث قالت تاغيس انتسايغر إنّ الجيش الإسرائيلي ” يواجه ظروف قتال مختلفة إلى حد كبير في جنوب قطاع غزة عمّا يواجهه في شماله.” حيث يجب عليه الآن التعامل مع منطقة مكتظة بالسكان “يتواجد فيها نحو 20 ألف مقاتل من مقاتلي حماس” متحصّنين بين مليوني مدنيّ ومدنيّة، وفق تعبير الصحيفة.
وقد نقل التقرير اعترافَ المتحدّث باسم الجيش يوم الإثنين لقناة سي إن إن التلفزيونية الأمريكية بقوله: “لم نهزمهم عسكريًا بشكل كامل بعد في الشمال. لكننا حققنا تقدما جيدا.”
ويبحث العديد من المدنيّين والمدنيّات في جنوب القطاع عن مأوى في مرافق الأمم المتحدة أو الملاجئ، حيث أشارت الصحيفة إلى ما أسمته “التحذيرات الواضحة” التي وجهتها واشنطن إلى إسرائيل لبذل المزيد من الجهد لحماية السكان المدنيين والالتزام بالقانون الإنساني الدولي.حيث كتب مراسل الصحيفة أنه “يبدو أن لدى الحكومة الأمريكية، الآن على الأقلّ، انطباعًا بأن كلماتها مسموعة في إسرائيل”.
واختتمت الصحيفة تقريرها، المدعوم بالصور والخرائط، بنقل الانتقادات الشّديدة التي وجّهها المتحدث باسم اليونيسيف للإجراءات الإسرائيلية. وكان جيمس إلدر، الّذي زار جنوب قطاع غزّة، قد صرّح لقناة الجزيرة بأنّ المعلومات المتعلّقة بالمناطق الآمنة كانت “مضلّلة”، وأنّ هناك “حمّام دم” يحدث و “سيُفهم بالتأكيد على أنه غير قانوني”.
في المقابل، “يعتقد المخطّطون العسكريون الإسرائيليون أن القتال حول (السيطرة على) غزّة قد يستمرّ أشهرا. ويفكّر جهاز الأمن السرّي فيما هو أبعد من ذلك.”، كما أشارت الصحيفة، وذلك في سياق الحديث عن التسريبات بشأن تنفيذ عمليات اغتيال للقادة السياسيين ل”حماس”.
(المصدر: تاغيس أنتسايغيررابط خارجي، 4 ديسمبر 2023، بالألمانية)
“إسرائيل في طريقها إلى الوقوع في فخّ حماس”
نشرت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ في عددها ليوم الإثنين 4 ديسمبر مقالَ رأي للصحفي والمؤرّخ أندرياس إرنست. حيث بيّن هذا الأخير أنّ الأبحاث المتعلقة بالإرهاب تُظهر الكيفية التي ينبغي للمجتمعات أن تتصرّف وفقها إزاء العنف السياسي، “لكنّ إسرائيل تتجاهل قواعد مهمّة في معركتها مع حماس.”
وشرح إرنست أن الإرهاب هو عنف ذو قصد السياسي ويهدف إلى إثارة ردود أفعال تقرّب مرتكبيه من أهدافهم. وهو بذلك يرى أن تأطير إسرائيل للخطر الذي تمثّله حماس على أنه تهديد وجوديّ لها قد يكون خطأً استراتيجياً. وحاجج الصحفي على قوله بأنّ ” وجود البلاد لم يكن قطّ موضع شكّ، لا يوم السابع من أكتوبر الأسود ولا منذ ذلك الحين. وبدلاً من ذلك، تُعتبر هذه الرواية نجاحًا لحماس لأنها تبالغ في التهديد المحتمل”. حيث زعم بأنّ من شأن ذلك تعزيز “رأس مال الحركة الرمزي”، وأنّ ” المنظمات الإرهابية تستفيد من ذلك أكثر من (استفادتِها من) المتفجّرات والصواريخ”.
وكتب الصحفي والمورّخ أنّه “لقد أصبحت مزاعم الإرهابيين أكثر قبولاً ليس فقط بين أولئك المتأثرين بشكل مباشر، بل وأيضاً في الضفة الغربية وفي الشتات: حماس هي حركة المقاومة في فلسطين”، مبيّنا أنّ ذلك أيضًا هو “درس من تاريخ الحرب: عندما تمطر القنابل، يتشبث العزّل بأولئك الذين يحملون السلاح.” وأضاف أنّ éقصف المدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية لم يحوّل السكان ضدّ النظام النازي، بل على العكس تمامًا.”
وحذّر إرنست في مقال الرأي المطوّل من أنّ “إسرائيل في طريقها للوقوع في الفخّ الذي نصبته حماس”، مبيّنًا هنّات النهج العسكري الإسرائيلي الحالي. حيث اقترح استبداله بـ”عمليات محدودة لمكافحة الإرهاب” عبر استهداف قيادات الحركة والمشاركين في أحداث 7 أكتوبر دون غيرهم من المدنيين والمدنيات. وكتب “الآن بعد أن ضعفت حماس، لابّد من استغلال الوقت للشروع في التوصّل إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية.”
واختتم الصحفي مقاله بالقول إنّ ” أفضل وسيلة لمنع الإرهاب تتلخص في انتهاج سياسة تعتمد على التوازن والتسوية”، وإنّه “على إسرائيل أن تتخلّى عن استراتيجيتها الانتقامية.”
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 4 ديسمبر 2023، بالألمانية)
فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:
+ تايم لاين: سويسرا والصراع في الشرق الأوسط
+قصّة بقاء وتضامن: داخل أعنف زلزال في المغرب منذ قرن
+ فضائح تعويضات الكربون تسلّط الأضواء على سويسرا، خلال المؤتمر الدولي لتغير المناخ
+ دعاوى قضائية في سويسرا ضدّ وزيريْن جزائريْين سابقين بسبب تهم فساد
+ ما سر ارتفاع قيمة الفرنك السويسري مقارنة ببقية العملات؟
+ الهيدروجين الأخضر: فرصة يجب إدارتها بحذر
+ هل ستكون سنة 2031 بداية تشغيل حاويات الأنفاق السويسرية؟
+ إسرائيل تطالب بالسماح للصليب الأحمر بالوصول إلى الرهائن
+ الصحة العالمية تعقد اجتماعا طارئا حول الوضع الصحي في غزة
+ ارتفاع معدلات الفقر في كانتون تيتشينو ومناطق سويسرية أخرى
للمشاركة في النقاش الأسبوعي:
المزيد
يمكنكم/ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم/ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
سننشر عرضنا الصحفي القادم في 15 ديسمبر. حتى نلتقي، نتمنّى لكم/ن عطلة نهاية أسبوع سعيدة!
إلى الأسبوع القادم!
تحرير: أمل المكي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.