مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

شنايدر – أمّان يبحث آفاق السّلام وسُبُل تعزيز التعاون مع الإسرائيليين والفلسطينيين

مجموعة من الرجال داخل المسجد الأقصى
يوهان شنايدر - أمّان، وزير الإقتصاد السويسري (في الوسط) يستمع إلى عرض الشيخ عزام الخطيب، رئيس هيئة الأوقاف الفلسطينية خلال زيارة قام بها إلى المسجد الأقصى في مدينة القدس يوم الأحد 28 أكتوبر 2017. Keystone

شكلت عملية السلام وآفاق التعاون الإقتصادي والتكنولوجي بين برن وتل أبيب أبرز محور الزيارة التي قام بها يوهان شنايدر – أمّان، وزير الإقتصاد السويسري خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وفيما شهد يوم السبت 28 أكتوبر الجاري إجراء مباحثات مع عدد من أعضاء الحكومة الفلسطينية بشأن التدريب المهني والتنمية الإقتصادية، تركز الإهتمام في اللقاء الذي جمعه يوم الأحد 29 أكتوبر بالرئيس الإسرائيلي على ملف السلام في المنطقة.

وفي تصريحات أدلى بها في نهاية يوم الأحد 29 أكتوبر الذي شهد لقاءات مكثفة، شدد وزير الإقتصاد على دور سويسرا في المنطقة، مذكرا بالخصوص بما يُعرف بـ “ولاية حماية المصالح”، التي تلعب من خلالها برن على سبيل المثال دور قناة الإتصال بين إيران والولايات المتحدة وبين إيران والمملكة العربية السعودية.

في السياق، وجّه الرئيس ريفلين دعوة إلى الوزير شنايدر أمّان من أجل أن تُساعد سويسرا على “إقرار السلام في المنطقة”، خصوصا وأن التوترات في الشرق الأوسط قد احتدت بسبب الحرب في سوريا. من جهته، أوضح عضو الحكومة الفدرالية أن رئيس الدولة العبرية لم يتقدم بطلب ملموس من سويسرا للقيام بـ “مساع حميدة” وقال: “لقد دعانا إلى الإسهام في جعل العالم أكثر أمانا وأنا عرضتُ عليه مساعينا الحميدة”.

حادثة في ساحة المسجد الأقصى

قبل اللقاء الذي جمعه بالرئيس الإسرائيلي، تحول شنايدر-أمّان صباح يوم الأحد 29 أكتوبر إلى الحرم الشريف في القدس، حيث تعرض لإشكال تمثل في رفض رجال الشرطة الإسرائيليين السماح لأفراد الأمن السويسري المرافقين للوزير من الدخول بأسلحتهم إلى الموقع على الرغم من حصولهم على إذن مُسبق من السلطات بحمل السلاح. وفي انتظار التوصل إلى حل، اضطر عضو الحكومة الفدرالية والوفد المرافق له، الذي يضم نحو 40 شخصا، إلى الإنتظار بالقرب من بوابة الأسود، وهي الجهة الوحيدة المفتوحة على الجانب الشرقي من أسوار المدينة القديمة في القدس.

في نهاية المطاف، تم التوصل إلى حل توفيقي حيث تمكن اثنان من الحراس الشخصيين السويسريين من مرافقة عضو الحكومة الفدرالية بدون أسلحة، بينما تعيّن على بقية الحراس الإنتظار عند المدخل مع استمرار حملهم لأسلحتهم. عندها، قام شنايدر-أمان بزيارة ساحة الحرم الشريف التي تشتمل على قبة الصخرة والمسجد الأقصى. وفيما ظل الوزير محتفظا بهدوئه، صرح قائلا: “ما حدث لم يزعجني حقا”، مُلفتا إلى أنه لم يسبق له أن تعرّض لشيء من هذا القبيل أبدا.

مستوطنات غير شرعية

من ساحة الحرم الشريف (التي تُسمى جبل الهيكل من طرف الإسرائيليين) تسنّى للوزير السويسري مشاهدة القدس الشرقية، التي كانت مسرحا لمواجهات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي هذا الصدد، اغتنم شنايدر أمّان خلال اللقاء الذي جمعه برئيس الدولة العبرية الفرصة للتذكير بأنه يجب على إسرائيل أن تحترم التزاماتها بموجب القانون الدولي، كما ذكّر بأن سويسرا تعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير شرعية.

إثر ذلك، ناقش الرجلان شؤون الإبتكار التكنولوجي والبحث العلمي مع التركيز على الشركات الناشئة (Startup). ذلك أن إسرائيل تُعتبر “وادي السيليكون” للشرق الأوسط حيث تتوفر على أكثر من 1500 شركة ناشئة في قطاعات سريعة النمو على غرار الأمن السيبراني، والتقنيات المالية والنقل. كما يُوجد تعاون أكاديمي وثيق بين البلدين، حيث يضم أكثر من 125 مشروعا بحثيا سويسريا باحثين إسرائيليين. فيما لا تُخفي سويسرا اهتمامها بهذا الملف. وفي هذا السياق، شدد شنايدر أمّان، الذي التقى في وقت لاحق بآلي كوهين، وزير الإقتصاد الإسرائيلي، على النسبة المرتفعة من النساء الناشطات في المهن التقنية والعلمية في إسرائيل منوها إلى أنها “نسبة مائوية أعلى بكثير مما هو موجود لدينا”.

في الأراضي الفلسطينية

في اليوم الأول من زيارته إلى المنطقة، تحول شنايدر أمّان إلى الأراضي الفلسطينية وإلى جامعة بيرزيت قرب مدينة رام الله حيث عبّر عن احترامه للمقاولين (أصحاب الشركات والمشاريع) الفلسطينيين. وفي مداخلته، ذكّر الوزير بأن الإبتكار والتجديد يحتاج في كل مكان إلى قدر من الشجاعة، لكن الوضع أكثر تعقيدا في الأراضي المحتلة. فبشكل عام، الأمر يتطلب شجاعة لإطلاق شركات جديدة ومواجهة مخاطر المقاولة “لكن هنا، يتعيّن عليكم مواجهة مخاطر (الإستثمار) في ظروف الإحتلال القصوى”، وأضاف شنايدر – أمّان أن “شجاعتكم وتصميمكم يستحقان مني الإحترام”.

الوزير السويسري التقى أيضا زياد أبو عمرو، نائب رئيس الوزراء الفلسطينيين ووزيرة الاقتصاد عبير عوده ووزير الخارجية رياض المالكي. وقد تمحورت المحادثات بين الطرفين على المسائل المتعلقة بالتدريب والتكوين وخاصة ما تعلق بالتأهيل المهني وعلى العلاقات الثنائية وعلى الصعوبات الاقتصادية التي تُعاني منها الأراضي المحتلة.

وفيما تقول وزارة الإقتصاد السويسرية إن العلاقات العلمية القائمة بين سويسرا والأراضي الفلسطينية لا زالت متواضعة، إلا أنه تُوجد بعض مشاريع الأبحاث المهمة وخاصة تلك القائمة بين عدد من المعاهد السويسرية وجامعة بيرزيت بالضفة الغربية.

على صعيد آخر، لم يحظى المقترح الداعي إلى تأسيس غرفة تجارية سويسرية – فلسطينية بالدعم من طرف السلطة الوطنية. فقد قدم أرمين زوكر، رئيس الغرفة التجارية السويسرية الإسرائيلية مشروعه إلى وزير التعليم الفلسطيني أبوحجله لكن السلطات الفلسطينية “رفضت مع الأسف” هذا المقترح، حسبما ورد في تصريح أدلى به إلى وكالة الأنباء السويسرية.

وفي تصريحات أدلى بها على هامش زيارة الوزير شنايدر أمّان إلى الشرق الأوسط، أشار زوكر إلى أنه “بالنسبة لها (أي السلطات الفلسطينية)، فإن الأمر يظل تعاونا مع الإسرائيليين، حتى وإن كانت (إقامة) الغرفة التجارية والعلاقات الإقتصادية الأكثر وثوقا المرتبطة بها ستكون إيجابية للسكان الفلسطينيين”.

لافتة شارع باسم ضابط سويسري في مدينة إسرائيلية
جون دانيال روش، سفير سويسرا لدى إسرائيل (على أقصى اليسار) ووزير الإقتصاد السويسري يوهان شنايدر أمّان (الثاني من اليسار) وميخائيل رايف، عضو المجلس البلدي لمدينة ريشون لازيون (الثالث من اليسار) وعدد من الشخصيات المحلية والسويسرية يُشاركون يوم 30 أكتوبر 2017 في تدشين الشارع الذي تم إطلاق اسم ضابط الشرطة السويسري الراحل بول غرونينغر عليه. swissinfo.ch

تدشين شارع باسم “بول غرونينغر” 

يوم الاثنين 30 أكتوبر، شارك وزير الإقتصاد السويسري في حفل تدشين شارع في ريشون لازيون، رابع أكبر مدينة إسرائيلية يحمل اسم ضابط الشرطة السويسري بول غرونينغر بحضور شخصيات محلية. وكان غرونينغر الذي كان يعمل رجل شرطة في مدينة سانت غالن بالقرب من الحدود النمساوية، قد أنقذ حوالي 3600 يهودي من النازيين في النمسا من خلال تزوير الأوراق حتى يتمكنوا من دخول سويسرا.

وبمجرد اكتشاف أفعاله من طرف السلطات، تم فصل غرونينغر من الخدمة في عام 1939. وبعد ذلك بعام، أدين بخرق الواجبات الرسمية والتزوير، ثم تعرض للنبذ والتهميش وعاش في فقر حتى وفاته في عام 1972. وقد تعيّن الإنتظار حتى عام 1995 حين تمت تبرئته وإعادة الإعتبار إليه من طرف بعد وفاته من قبل محكمة في سانت غالن.

وفي خطاب ألقاه بالمناسبة، قال شنايدر أمّان: “بالنسبة له [أي بول غرونينغر]، كانت القيم الأخلاقية أكثر أهمية من واجبه كضابط شرطة، ما يعني وضع الإنسانية فوق مسيرته، وثروته الشخصية أو مركزه الإجتماعي”.

الوزير شنايدر أمّان أقر في كلمته بأن رفض سويسرا السماح بدخول اليهود الفارين من الإضطهاد من طرف النازيين، قد كلف الكثير من الأرواح، وأضاف أن “سياسة اللجوء التقييدية التي اعتمدتها سويسرا وخاصة ما بين عامى 1938 و 1942 ربما تكون أكثر اللحظات سوادا في تاريخنا”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية