مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الاطفال يدفعون ثمنا فادحا للحرب غزة

الطفلة ياسمين البكري (11 عاما) التي اصيبت في غارة جوية اسرائيلية تتلقى العلاج في مستشفى بمدينة غزة يوم الأربعاء. تصوير. محمد سالم - رويترز reuters_tickers

من نضال المغربي

غزة (رويترز) – كل ما تتذكره ياسمين البكري التي تبلغ من العمر 11 عاما هو ان أمها كانت تصنع الخبز.

ثم افاقت لتجد نفسها على سرير بمستشفى في غزة ولتكتشف ان ساقيها وذراعها الايمن في الضمادات وانها تعاني من حروق شديدة وكسور بعد ان اصيب منزلها في هجمة جوية اسرائيلية. وعلمت أيضا انها فقدت معظم أفراد عائلتها.

نجت ياسمين لكن الاحصائيات التي أصدرتها منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) يوم الاربعاء أظهرت ان 419 طفلا فلسطينيا قتلوا في الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ نحو شهر. ويقارن هذا بعدد الاطفال الذين ماتوا وبلغ عددهم 350 طفلا في الهجوم البري الاسرائيلي الذي استمر ثلاثة اسابيع في القطاع قبل خمس سنوات.

ووفقا للاحصائيات الاولية ليونيسيف اصيب ستة أطفال اسرائيليين على الاقل في الشهر المنصرم.

وقالت ياسمين انه تم ابلاغها بأن امها وشقيقتها التي تبلغ ست سنوات وشقيقها البالغ ثلاثة أشهر قتلوا جميعا مع عمها وابن عمها عندما أصاب صاروخ منزلهم قبل يومين.

ومنذ ذلك الحين ساد الهدوء غزة بينما يلتزم الفلسطينيون والاسرائيليون بوقف لاطلاق النار لمدة 72 ساعة يؤمل ان يؤدي الى هدنة تصمد بدرجة أكبر بعد حرب دمرت معظم أرجاء القطاع المزدحم بالسكان.

وقالت ياسمين لرويترز اثناء تحضيرها لجراحة في ذراعها المصاب بكسور “كنت أساعد أمي وهي تصنع الخبز ثم علمت بما حدث. عندما افقت في المستشفى أبلغوني بما حدث.”

وقالت ياسمين بصوت خافت وهي تحاول التنفس بصعوبة “أمي ماتت هي وشقيقتي التي كان يفترض ان تبدأ عامها الاول في المدرسة وشقيقي الرضيع. عمي استشهد وابن عمي أيضا.”

* هجوم عسكري

تقول وزارة الصحة في غزة ان 1869 فلسطينيا معظمهم مدنيون قتلوا في الحملة العسكرية الاسرائيلية على قطاع غزة. وعلى الجانب الاسرائيلي قتل 64 جنديا وثلاثة مدنيين.

وعلى سرير آخر بمستشفى الشفاء في غزة يبكي محمد وهدان الذي يبلغ 18 شهرا في كل مرة تحاول فيها ابنة عمه سحب اصبعها من يده.

وقالت أحلام وهدان ابنة عم محمد وهي تشير الى شقيقي الطفل اللذين يرقدان على أسرة بجواره “هؤلاء الاطفال فقدوا أمهم.. وأبوهم اصابته خطيرة ونقل الى مستشفى آخر ومنزلهم ايضا دمر.”

وهؤلاء في الاصل من بلدة بيت حانون بالقرب من الحدود الشمالية لغزة مع اسرائيل ولجأت العائلة الى مدرسة تديرها الامم المتحدة بعد ان قصف منزلهم. لكن المدرسة تعرضت للقصف أيضا وقتل 17 شخصا لجأوا اليها بحثا عن ملاذ.

وتقول اسرائيل انها تطلق النار على ناشطين فلسطينيين.

وقالت أحلام لرويترز “بعد ذلك استأجرت العائلة منزلا في مخيم جباليا للاجئين لكن في تلك الليلة قصف المنزل ووقعت المأساة.”

وخارج مستشفى الشفاء شردت عائلات بسبب القوات الاسرائيلية في حي الشجاعية في شرق غزة حيث قتل 72 شخصا منذ اسبوعين واستخدموا الاغطية لنصب خيام مؤقتة في الممرات وفي الحديقة وفي ساحة لانتظار السيارات.

وهناك يلعب الاطفال حفاة وينام بعضهم في ظل الخيام بينما تطعم امهاتهم الاطفال الاخرين.

وقالت امرأة عجوز تجلس على مقربة “ما هو المستقبل الذي ينتظر هؤلاء الاطفال؟ وما هي الذكريات التي رسختها اسرائيل فيهم؟”

وقالت المرأة “الاطفال خائفون طوال الوقت وهم لا ينامون وفي بعض الاحيان يستيقظون في منتصف الليل وهم يصرخون.”

وتشير تقديرات يونيسيف الى ان نحو 400 الف طفل في غزة يحتاجون الى دعم نفسي.

من ناحية اخرى فان ياسمين لا تريد ان تبكي لفقد عائلتها.

وقالت “انهم في السماء.. وأنا أتذرع بالصبر.”

(إعداد رفقي فخري للنشرة العربية – تحرير محمد هميمي)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية