مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الجيش اللبناني يحاصر بلدة عرسال ويجلي اللاجئين

من سامية نخول

على مشارف عرسال (لبنان) (رويترز) – حاصر الجيش اللبناني يوم الاربعاء بلدة عرسال الواقعة قرب الحدود السورية بعد أن احتلها مسلحون إسلاميون متشددون فيما أعلن وسطاء تحقيق تقدم في المفاوضات الرامية إلى إنهاء أسوأ إمتداد للحرب الاهلية السورية إلى الأراضي اللبنانية.

وإعتقل جنود الجيش رجالا وأجلوا لاجئين من بلدة عرسال وقالت لاجئة سورية إنها شاهدت جثث المتشددين ملقاة في الشوارع.

وأضافت اللاجئة مريم سيف الدين (35 عاما) وهي ام لتسعة أولاد “لقد رأينا الموت بأعيننا” مشيرة إلى أنها لجأت مع خمسين شخصا آخرين إلى غرفة واحدة دون طعام أو ماء ثلاثة أيام وسط قتال عنيف.

ومنح العاهل السعودي الملك عبد الله مليار دولار للجيش اللبناني لتعزيز الأمن وهو يخوض معركة مع مسلحين سيطروا على عرسال.

وقال رجال دين سنة يحاولون التوسط لانهاء القتال إن وقف إطلاق النار الذي انتهك مرارا منذ الاتفاق عليه يوم الثلاثاء تم تمديده ليوم آخر. وقالت مصادر أمنية إن القتال اندلع بعد ساعة واحدة فقط من التمديد حيث أطلق الجيش قذائف المدفعية ردا على تعرض جنوده لإطلاق نار.

وقالت مصادر سياسية إن الجيش لم يكن يعتزم استعادة عرسال على الفور ولكن إجلاء المدنيين. وقال مسؤول أمني وطبيب في عرسال إن اعدادا كبيرة من المتشددين فرت الى الجبال المحيطة في اعقاب القصف الذي قام به الجيش.

وتمثل عرسال الاختراق الاول في لبنان من قبل المسلحين الاسلاميين المتشددين -وهم لاعبون رئيسيون في أعمال العنف بين الشيعة والسنة في أرجاء المنطقة- مما يهدد بالخطر استقرار لبنان من خلال تأجيج التوترات الطائفية داخله.

وحاول لبنان رسميا أن ينأى بنفسه عن الصراع السوري الذي دخل عامه الرابع لكن حزب الله الشيعي دفع بمقاتلين لدعم الرئيس السوري بشار الأسد العلوي المدعوم من إيران الشيعية.

وشوهدت العشرات من ناقلات الجند المدرعة والدبابات وهي تتحرك على الطريق المؤدي الى المنطقة وجري أيضا نشر قوات خاصة لبنانية بعد أن وصلت إلى بلدة اللبوة قرب عرسال حيث يتمركز مئات الجنود.

ونقلت شاحنة عسكرية نحو 30 أسيرا وقد أوثقت ايديهم خلف ظهورهم من البلدة ومعظمهم شبان كانوا يستخدمون الكوفية.

وقال أعضاء هيئة كبار علماء المسلمين إنه تم الإفراج عن ثلاثة جنود لبنانيين كان المسلحون يحتجزونهم وبدأ المتشددون في الانسحاب وتم مد أجل الهدنة 24 ساعة أخرى.

وقال الشيخ حسام الغالي في مؤتمر صحفي نقله التلفزيون إن المسلحين تعهدوا بالانسحاب من عرسال وانه تم تلقي أنباء بانهم بدأوا الانسحاب.

وقال رجال الدين إنهم سيشرعون في مفاوضات للافراج عن 27 من أفراد قوى الأمن لايزالون رهن الاحتجاز في البلدة يشملون عشرة جنود و17 من الشرطة.

* معاناة المدنيين

وقتل 17 جنديا على الأقل في القتال وتشير التقارير الأولية من داخل البلدة إلى مقتل عشرات الأشخاص.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتابع أحداث العنف في سوريا إنه تأكد مقتل 41 شخصا على الأقل في عرسال منهم 14 مدنيا على الأقل.

وقال مسؤولون إن المتشددين أعضاء في جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا ومن تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على أراض في العراق وسوريا.

وقالت مصادر من المتشددين لرويترز إن كثيرين من أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية قتلوا في معركة عرسال بينهم أحد قادتهم وهو أبو حسن الحمصي.

وقال مسؤولون محليون في عرسال إن البلدة محاصرة كليا بالجيش فيما عدا ممر ترك على ما يبدو للمسلحين الذين يريدون التقهقر.

وعرسال هي المحطة الأولى لكثير من المدنيين الفارين من إراقة الدماء في سوريا. وقال نشطاء سوريون في المنطقة إن مخيمات اللاجئين في عرسال التي توفر المأوى لعشرات الآلاف من السوريين الذين فروا من الحرب تضررت بشدة مما اضطرهم للبحث عن ملجأ في البلدة نفسها.

وقال الطبيب السوري قاسم الزين في المستشفى الميداني في عرسال إن مسلحين أرادوا المغادرة أمس لكنهم لم يتمكنوا بسبب القصف.

وأضاف أن أهم شيء هو وقف القصف مشيرا إلى أن المصابين والقتلى ما زالوا يتدفقون على المستشفى الميداني. وقال إنه منذ هذا الصباح استقبل المستشفى 30 مصابا كلهم جراء القصف والقنص وكلهم من المدنيين.

وتابع أن المستشفى أحصى 36 قتيلا مدنيا منذ بدء القتال. ويستخدم الجيش المدفعية لقصف عرسال التي تكتظ بمخيمات اللاجئين.

واليوم كان الجيش يصطحب النساء والأطفال إلى خارج منطقة عرسال. وتوقفت قافلة تحمل الطعام بالقرب من اللبوة وهي تحمل المياه والخبز والجبن لإطعامهم. والتهم الطعام أطفال حفاة جوعى وقد اتسخت ثيابهم.

وقالت اللاجئة مريم سيف الدين إنه منذ تفجر القتال لم يذق احدهم الطعام او الشراب ولم يروا النوم مشيرة الى ان المسلحين كانوا يطلقون النار طول الوقت وان الناس تزاحموا في غرفة واحدة ثم جاء الجيش لاجلاء الجميع.

وقالت إن الجيش استبعد الرجال لاستجوابهم مؤكدة انهم مزارعون وليسوا مقاتلين. وقال بعض المراهقين إن الجيش استجوبهم ثم أخلى سبيلهم.

وقالت صباح عمر (40 عاما) وهي أم سورية لثلاثة أولاد إن القذائف والرصاص كانت تتساقط بغزارة من حولهم وقد حوصروا في أماكن إقامتهم ثلاثة أيام.

وتفجرت الاشتباكات في عرسال يوم السبت بعد أن اعتقلت قوات الأمن قائدا إسلاميا يحظى بشعبية بين معارضين محليين يتنقلون باستمرار عبر الحدود مع سوريا غير محكمة الحراسة.

وافرج الاسلاميون عن ثلاثة من افراد الشرطة يوم الثلاثاء فيما وصفه احد المسلحين بانه “لفتة حسن نوايا” ردا على وساطة رجال الدين. وقال المسلحون لرجال الدين إنهم مستعدون للانسحاب اذا وافق الجيش على ان يحرس نقاط التفتيش خارج عرسال فقط وألا يدخل المدينة نفسها.

وقال مصدر سياسي تحدث شريطة عدم الافصاح عن اسمه إن هدف الجيش هو استعادة التلال المحيطة بعرسال.

وفي بلدة اللبوة الشيعية التي تقع إلى جنوب عرسال انتشر في الشوارع مسلحون يرتدون قمصانا سوداء وسراويل كاكية وبأيديهم أجهزة ارسال بينما يضعون مسدسات في أحزمتهم.

وقال احد عناصر حزب الله الذي رفض ذكر اسمه إن الكثير من المسلحين في عرسال اجانب.

وقال إن المسلحين سيقتلون أي شخص ليس مثلهم وحتى السنة الذين ليسوا منهم. وأضاف “سيقطعون رؤوسهم.”

(إعداد محمد هميمي للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية