مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تنظيم الدولة الإسلامية يتقدم في شمال العراق باتجاه عاصمة كردستان

علم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام على نقطة تفتيش على حدود كردستان استولى عليها مقاتلو التنظيم يوم الخميس. تصوير: رويترز. reuters_tickers

من إيزابيل كولز

اربيل (العراق) (رويترز) – حقق متشددون مسلحون تقدما في شمال العراق باتجاه عاصمة إقليم كردستان يوم الخميس مما دفع عشرات الآلاف من المسيحيين إلى الفرار بحياتهم من هجوم أثار الحديث عن تدخل عسكري غربي.

وشاهد مصورون من رويترز مقاتلين في تنظيم الدولة الإسلامية فيما يبدو يسيطرون على نقطة تفتيش عند المنطقة الحدودية لكردستان على بعد 30 دقيقة بالسيارة من مدينة اربيل حيث يعيش 1.5 مليون شخص ويوجد مقر حكومة اقليم كردستان.

ورفع المقاتلون العلم الأسود لتنظيمهم فوق الموقع الحدودي لكن مسؤولا أمنيا كرديا نفى سيطرة المتشددين على نقطة خزر الحدودية وقالت حكومة الإقليم إن قواتها تحقق تقدما وستهزم “الارهابيين” وحثت السكان على الهدوء.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يبحث توجيه ضربات جوية أو اسقاط معونات انسانية لمساعدة أقليات دينية محاصرة في العراق.

وقال البيت الأبيض إن حكومة الولايات المتحدة وجيشها يدعمان القوات العراقية والكردية لحماية من يحاصرهم مقاتلو الدولة الإسلامية.

وقال المتحدث جوش ايرنست إن أي عمل عسكري أمريكي في العراق سيكون “محدودا للغاية” ومرتبطا باصلاحات سياسية عراقية وأضاف “لا توجد حلول عسكرية أمريكية للمشاكل في العراق.”

وسيطر المتشددون في وقت سابق على قرقوش أكبر بلدة مسيحية في العراق فهرب الكثير من سكانها خوفا من اجبارهم على الاذعان لمطالب المسلحين السنة التي أعلنوها في مناطق أخرى استولوا عليها وهي إما المغادرة واما اعتناق الاسلام واما الموت.

وترى الدولة الاسلامية التي تعتبر أكثر تطرفا من تنظيم القاعدة الغالبية الشيعية في العراق والاقليات مثل المسيحية واليزيدية كفارا.

ودعت فرنسا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي “لمواجهة التهديد الارهابي في العراق.”

وقال مكتب الرئيس الفرنسي فرانسوا اولوند بعدما تحدث عبر الهاتف مع رئيس كردستان مسعود برزاني إن باريس مستعدة لدعم القوات التي تدافع عن كردستان العراق لكنه لم يوضح كيفية الدعم.

وتراجعت أسهم شركات طاقة تعمل في كردستان بعد أنباء تقدم الدولة الإسلامية باتجاه حقول نفط في المنطقة.

وقالت شركة شيفرون يوم الخميس إنها تجلي عمالا من منطقة كردستان العراق مع تقدم مقاتلي الدولة الإسلامية بالمنطقة.

وذكر مصدر في قطاع النفط أن شركة إكسون موبيل تجلي عمالا من الإقليم شبه المستقل لكن الشركة قالت إنها لا تعلق على الأمور الأمنية.

وقالت الجماعة المتشددة في بيان عبر حسابها على تويتر ان مقاتليها استولوا على 15 بلدة وعلى سد الموصل الاستراتيجي المقام على نهر دجلة وقاعدة عسكرية في هجوم مستمر بدأته مطلع الاسبوع. ويقول مسؤولون أكراد ان قواتهم ما زالت تسيطر على السد.

وقال شاهدان لرويترز يوم الخميس عبر الهاتف إن مقاتلي الدولة الإسلامية رفعوا العلم الأسود للتنظيم فوق السد الذي قد يسمح لهم باغراق مدن رئيسية أو قطع امدادات الماء والكهرباء.

وألحق المسلحون السنة هزيمة مخزية بالقوات الكردية في مطلع الأسبوع مما اضطر الالاف من أبناء الطائفة اليزيدية الى الفرار من بلدة سنجار الى الجبال المحيطة.

وقال مستشار أمني لحكومة كردستان إن القوات الكردية نفذت انسحابا تكتيكيا.

* انفجارات في أنحاء العراق

وتم حجب موقعي فيسبوك وتويتر في كردستان يوم الخميس لمدة 24 ساعة مبدئيا. وقال مسؤول حكومي لرويترز إن سبب الحجب هو منع المتشددين من جمع معلومات بشأن تحركات القوات الكردية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ولمنع تداول الشائعات وإثارة الذعر.

وقالت وزارة الداخلية في حكومة كردستان في بيان إن “النصر قريب جدا.”

وذكر المستشار الأمني أن اربيل عاصمة اقليم كردستان تحظى بحماية قطاعات أمنية عديدة بالإضافة إلى خندق. وقال “اربيل بخير.”

وأدت سيطرة الدولة الإسلامية على بلدة سنجار موطن الأقلية اليزيدية مطلع الأسبوع إلى فرار عشرات الآلاف إلى الجبال المحيطة مما يجعلهم عرضة لخطر الموت جوعا.

قال متحدث باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ان بعضا من عدة الاف يحاصرهم مقاتلو الدولة الاسلامية في جبل سنجار تم انقاذهم في الساعات الاربع والعشرين الماضية مضيفا ان 200 ألف شخص فروا من القتال.

وقال المتحدث ديفيد سوانسون عبر الهاتف “هذه المأساة لها أبعاد هائلة تؤثر على حياة مئات الاف الاشخاص”.

وقال ان العديد من النازحين يحتاجون على وجه السرعة الى مياه وغذاء ودواء. وقال متحدث باسم منظمة الامم المتحدة للطفولة ان العديد من الاطفال في الجبل يعانون من الجفاف وان 40 طفلا على الاقل ماتوا.

ويواجه اليزيديون الذين تنظر الدولة الاسلامية اليهم على انهم “عبدة الشيطان” خطر الاعدام على أيدي المسلحين السنة الذين يسعون لاقامة دولة الخلافة ويعيدون رسم خريطة الشرق الاوسط.

وقال مسؤولون أتراك إن آلاف العراقيين ومعظمهم من اليزيديين يتدفقون على الحدود مع تركيا هربا من القتال.

ودفعت محنة المسيحيين الفارين البابا فرنسيس إلى توجيه نداء إلى زعماء العالم للمساعدة على انهاء ما وصفها بأنها “مأساة انسانية مستمرة” في شمال العراق.

وفي كركوك قالت الشرطة ومصادر طبية إن 11 شخصا قتلوا في انفجارين بسيارتين ملغومتين يوم الخميس قرب مسجد شيعي يؤوي نازحين في المدينة النفطية الاستراتيجية التي يسيطر عليها الأكراد.

وفي بغداد قالت الشرطة إن انتحاريا فجر نفسه في منطقة شيعية فقتل ستة أشخاص على الأقل. وكان 14 قتيلا قد سقطوا في انفجار سيارة ملغومة بمنطقة شيعية أخرى في العاصمة في وقت سابق اليوم.

وأثارت مكاسب الدولة الإسلامية المخاوف من أن يحذو متشددون مسلحون في مناطق أخرى بالعالم العربي حذوها.

وسيطر متشددون سنة على بلدة حدودية في لبنان مطلع الأسبوع لكنهم انسحبوا بالكامل منها فيما يبدو.

واشتبك مقاتلو الدولة الاسلامية – التي أعلنت الخلافة في مناطق من العراق وسوريا – مع القوات الكردية يوم الاربعاء في بلدة مخمور قرب أربيل عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل.

وقال شهود ان المسلحين استولوا على بلدة مخمور لكن مسؤولين أكرادا أبلغوا وسائل اعلام محلية ان قواتهم مازالت تسيطر على المنطقة وبثت قنوات تلفزيونية لقطات لمقاتلي البشمركة وهم يجوبون البلدة.

وقال شهود إن المسلحين اجتاحوا أيضا بلدة تلكيف التي يغلب على سكانها المسيحيون فضلا عن بلدة الكوير.

* وحدة أراضي العراق في خطر

ويشكل تنظيم الدولة الإسلامية أكبر تهديد لوحدة أراضي العراق منذ سقوط صدام حسين في 2003. ويسيطر مقاتلو التنظيم وحلفاؤهم من السنة على جزء كبير من غرب العراق.

وأجج التنظيم التوترات الطائفية وأعاد إلى الأذهان أيام الحرب الأهلية الدامية التي بلغت ذروتها في عامي 2006 و2007.

وأصبحت التفجيرات وعمليات الخطف والقتل مشهدا يوميا من جديد في العراق. وتواجه الأقليات الدينية والعرقية في سهول محافظة نينوى الشمالية الخطر على نحو خاص.

وينفذ المتشددون السنة عمليات تطهير للشيعة من الشبك وأقلية التركمان العرقية في بلدات وقرى محافظة نينوى وحددوا الشهر الماضي مهلة للمسيحيين للرحيل عن الموصل عاصمة المحافظة أو القتل.

ودفعت مكاسب الدولة الإسلامية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى إصدار أوامر للقوات الجوية العراقية بمساعدة الأكراد الذين اهتزت صورتهم كمقاتلين أشداء بعد هزيمتهم.

وشنت القوات الجوية عدة غارات يوم الاربعاء من بينها غارة قالت الحكومة إنها قتلت 60 “ارهابيا” في الموصل لكنها لم تكسر شوكة الدولة الإسلامية فيما يبدو.

ويرأس المالكي حكومة تسيير أعمال منذ انتخابات أجريت في ابريل نيسان. ويرفض دعوات الأكراد والسنة والشيعة وإيران للتخلي عن مسعاه لتولي رئاسة الوزراء لفترة ثالثة وإتاحة المجال أمام شخصية قادرة على توحيد العراقيين في مواجهة الدولة الإسلامية.

وقال متحدث باسم كتلة التحالف الوطني العراقي التي تضم كبرى الأحزاب الشيعية في العراق إنها اقتربت من ترشيح شخصية مقبولة وطنيا لمنصب رئيس الوزراء مما يشير إلى أن المالكي ربما لن يستطيع البقاء.

وقوض الجمود السياسي المحيط بتشكيل حكومة جديدة جهود مواجهة المتشددين السنة الذين هددوا بالزحف نحو بغداد.

(إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية – تحرير عماد عمر)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية