مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

فلسطينيون يستفيدون من السلام الهش في زراعة محاصيل جديدة

قباطية (الضفة الغربية) (رويترز) – يرمز غصن الزيتون الى السلام في الشرق الاوسط لكن بالنسبة ليوسف سباعنة فان الاف شتلات الزيتون التي زرعها لتوه تمثل صورة اكثر واقعية لحلمه من أجل مستقبل ابنائه.
غير أنه على غرار المزارعين الفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية يعلم سباعنة أن مشتل الاشجار الذي يملكه لا يعتمد على مهاراته وتقلبات الطقس فحسب وانما ايضا على السلام الهش مع اسرائيل الذي لم يصمد الا في الاونة الاخيرة ويبدو الان مهددا بسبب بوادر على أعمال عنف جديدة يذكيها الغضب من وتيرة المفاوضات.
وقال سباعنة (48 عاما) مبديا فخره وسعادته بصوبة بلاستيكية جديدة بها 30 الف شتلة زيتون خارج مدينة جنين التي كانت مضطربة ذات يوم “تحسن الوضع على مدار العامين الاخيرين. اثناء الانتفاضة كان الوضع قاسيا.”
وأضاف سباعنة الاب لثمانية ابناء فيما كان يتجول بمزرعته الصغيرة في قرية قباطية المترامية الاطراف “امل أن نرى استثمارات اكثر كثيرا بسبب الاستقرار الذي نتمتع به الان… نؤيد السلام بين الفلسطينيين واسرائيل.
“المفاوضات مهمة.”
وسيعود جورج ميتشل مبعوث الرئيس الامريكي باراك اوباما الى المنطقة هذا الاسبوع في محاولة لحث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس على العودة الى مائدة المفاوضات لابرام اتفاق نهائي للسلام.
لكن سباعنة حذر في أسبوع شهد اشتباكات في أنحاء القدس أثارت حديثا عن انتفاضة ثالثة “من استفادوا من الانتفاضة الاخيرة يضغطون مجددا.” مشيرا الى متشددين سابقين يعتقد أنهم يقفون وراء هذه الاحداث.
ومضى يقول “العودة الى المربع واحد ستدمر كل شيء.”
وسباعنة الذي يريد توسيع نطاق صادراته من أشجار الزيتون ذات الانتاجية العالية المنتجة للزيت الى السعودية ليس الوحيد الذي عقد العزم على الاستفادة من مساعدات وقروض أجنبية. وقد ترافقت هذه المساعدات مع مسعى السلطة الفلسطينية التي يتزعمها عباس للاستعانة بقوة الشرطة التابعة لها والمدعومة من الغرب لكبح جماح خليط من الجماعات المسلحة.
في اخر الطريق يفحص نمر نزال رئيس جمعية قباطية التعاونية اطارات الصوبات الجديدة وستة كيلومترات من المواسير والتي ستضم وتروي مشروع القرية الجديد لزراعة الفراولة.
وقال “قبل ثلاث او اربع سنوات ما كنا نستطيع أن نخرج الى هنا” مشيرا الى منزل على الحدود بين الحقل والبلدة. وكان المنزل قد دمر بنيران دبابة في الانتفاضة الثانية وهي سنوات التفجيرات الانتحارية والمعارك بالنيران التي بدأت عام 2000.
واضاف نزال “41 عاما” فيما كان يشرح خطط الجمعية التعاونية التي أنشئت منذ عامين ويبلغ عدد أعضائها 168 للتوسع الى زارعة محاصيل كمالية مربحة لتصديرها مثل الفراولة للتنويع بعيدا عن السلع الرئيسية مثل الطماطم (البندورة).
وقال “كانت هناك نقاط تفتيش على الطرق في كل مكان. منعونا من الذهاب الى السوق. كان من الممكن أن نستغرق اليوم بكامله لمجرد الدخول الى جنين والتي هي الان على بعد بضع دقائق فقط.
“لكن كل شيء لا يزال يعتمد على الوضع الامني. اذا تعكر صفو الجو كل شيء سينهار بين عشية وضحاها.”
وربما يكون التقدير الذي يظهره مزارعو قباطية للشعور بالامن وتوفر التمويل في العام او العامين الاخيرين مرضيا لسلام فياض رئيس وزراء عباس وداعميه الاوروبيين والامريكيين.
وقد اتبعوا استراتيجية تهدف الى انهاء حالة اليأس الشديد التي سيطرت على الفلسطينيين في الاعوام الاولى من هذا العقد حين كانت شوارع جنين والحقول المحيطة بها ساحة قتال للمقاتلين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية.
وهناك اعتراف ايضا بأن الزعيم الاسرائيلي نتنياهو أجرى تغييرات. فقد أمر القوات المحتلة بتسهيل التحركات للانشطة التجارية والافراد في أنحاء الضفة الغربية من خلال ازالة حواجز الطرق وهي استراتيجية لتعزيز الرخاء قبل التفاوض مع السلطة الفلسطينية التي يقول نتنياهو انها أضعف من أن توفر لاسرائيل الامن في مواجهة المتشددين الاسلاميين.
لكن فيما يرعون بذور ما يأملون أنه قد يكون اقتصادا جديدا للجيل القادم يقول سباعنة ونزال وغيرهم ان على نتنياهو الان أن يظهر رغبة اكبر في التفاوض مع عباس على اقامة دولة فلسطينية والا يجازف باشتعال الاحباطات من الاحتلال مجددا على حساب الجميع.
وقال سباعنة وهو يشرح كيف يأمل استغلال قرضه الذي تبلغ قيمته ثلاثة الاف دولار من وكالة صغيرة مدعومة من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية انه مشغول باكثر من موارد المياه الاخذة في الجفاف بالضفة الغربية وأضاف “المستقبل سيكون سيئا اذا لم يعط الاسرائيليون فرصة للسلام.”
وتابع قائلا “ما دمت أفكر تفكيرا منطقيا فانني أؤيد السلام. لكن اذا لم يعطنا الاسرائيليون السلام فسيغضبني هذا وسيكون رد فعلنا طائشا. الفلسطينيون ادميون مثل بقية الناس.”
ونزال رئيس الجمعية التعاونية الذي يشرف على 125 الف دولار معظمها مساعدات وقروض اوروبية موجهة لفدان من الارض المروية بكم كبير من المياه يشعر بالقلق على هذه السلعة الثمينة كما يشعر بالقلق من نزوات اسرائيل في السيطرة على المخارج التجارية التي يجب أن يمر محصوله من الفراولة التي تفسد بسرعة والمنتجات ذات هامش الربح المرتفع عبرها.
وقال “نحلم بأن نتحول من الزراعة التقليدية. انها تجربة. نخوض مجازفة من أجل المستقبل.
“نود أن يكون لنا مزيد من السيطرة على حدودنا.”
ويرى نزال أن في الوقت الحالي تحسن الوضع الاقتصادي في أنحاء جنين بعيدا عن المناطق التي توغلت فيها المستوطنات اليهودية بعمق داخل نظام الاراضي والطرق والذين يدافع عنهم نتنياهو.
غير أنه يعتقد أن التطلعات للمستقبل تتوقف على الرئيس الامريكي اوباما وقال “نريد السلام لكننا لا نثق بهذه الحكومة الاسرائيلية. يريدون السلام لكنهم يريدون الارض ايضا.”
(شارك في التغطية وائل الاحمد)
من الستير مكدونالد

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية