مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قصف أمريكي لمقاتلي الدولة الاسلامية بعد نداء أوباما بمنع ابادة جماعية في العراق

دبابة للقوات الكردية اثناء عملية ضد مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام يوم الجمعة. تصوير: رويترز. reuters_tickers

من رحيم سلمان وايزابيل كولز

بغداد/واشنطن (رويترز) – قصفت طائرتان حربيتان أمريكيتان مقاتلين اسلاميين يزحفون نحو عاصمة كردستان العراق يوم الجمعة بعد ان قال الرئيس باراك أوباما إن واشنطن يجب ان تتحرك لمنع “إبادة جماعية”.

وتقدم مقاتلو الدولة الاسلامية الى مسافة تبعد نصف ساعة بالسيارة من اربيل عاصمة اقليم كردستان شبه المستقل ومركز شركات نفط أمريكية.

كما أكدت السلطات الكردية يوم الجمعة أن مسلحي الدولة الاسلامية سيطروا على أكبر سد في العراق وهو ما يمكن ان يعطي للمسلحين السنة القدرة على اغراق مدن وقطع امدادات المياه والكهرباء الحيوية عنها.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) إن طائرتين إف/ايه-18 أقلعتا من حاملة طائرات في الخليج واسقطتا قنابل موجهة بالليزر على قطعة مدفعية متنقلة يستخدمها مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية في قصف القوات الكردية التي تتولى الدفاع عن اربيل.

وأمر أوباما بشن أول ضربات جوية أمريكية في العراق منذ ان سحب كل القوات في عام 2011 قائلا إن ثمة حاجة للقيام بعمل لوقف تقدم المسلحين الاسلاميين وحماية الامريكيين وتأمين مئات الآلاف من المسيحيين واعضاء اقليات دينية أخرى فروا من ديارهم للحفاظ على حياتهم.

وأسقطت الولايات المتحدة امدادات غذائية على اعضاء الطائفة اليزيدية وتقدر أعدادهم بعشرات الآلاف الذين احتشدوا على قمة جبل بحثا عن مأوى من مقاتيلن أمروهم باعتناق الاسلام أو مواجهة الموت.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن الجيش الأمريكي نفذ ضربتين جويتين أخريين ضد قوات الدولة الاسلامية قرب مدينة اربيل بشمال العراق يوم الجمعة.

وتابع البنتاجون في بيان أن الغارات الجوية -التي أعقبت قصف موقعين للدولة الاسلامية بقنبلتين زنة الواحدة 500 رطل- شملت ضربة باستخدام طائرة دون طيار على موقع لإطلاق قذائف المورتر وهجوما بأربع طائرات إف.إيه.18 على قافلة للدولة الاسلامية وموقع لإطلاق المورتر.

وقال أوباما في كلمة أذيعت تلفزيونيا على الامة مساء الخميس “في وقت سابق من الأسبوع صرخ عراقي في المنطقة (المحاصرة) للعالم قائلا (ما من أحد يساعدنا)… اليوم أمريكا جاءت للمساعدة.”

وأضاف “يمكننا ان نعمل بحرص ومسؤولية لمنع عمل محتمل للابادة الجماعية”.

لكن الدولة الاسلامية أبدت تحديا. وقال مقاتل لرويترز بالهاتف إن الضربات الجوية الامريكية “لن تؤثر علينا”.

واضاف “الطائرات هاجمت مواقع يعتقدون انها استراتيجية لكن ليست هذه هي الكيفية التي نعمل بها. نحن مدربون على حرب الشوارع والعصابات.”

وتابع “الله معنا ووعدنا هو الجنة. عندما يكون لدينا وعد بالجنة هل تعتقد ان الموت سيمنعنا؟”

وقرع تقدم مسلحي الدولة الاسلامية الذين يسيطرون أيضا على ثلث سوريا وحاربوا خلال الاسبوع المنصرم في لبنان جرس الانذار في أنحاء الشرق الاوسط ويهدد بتجزئة العراق وهو بلد منقسم بالفعل بين الشيعة والسنة والاكراد.

وأدت الضربات الجوية الامريكية الى تجدد نداءات الجهاديين على الانترنت للهجوم على المصالح الامريكية والمنشآت النفطية في الخليج. ونقل موقع سايت الذي يراقب مواقع الجهاديين على الانترنت إحدى هذه الرسائل التي حملها موقع شموخ الاسلام وجاء فيها انه يجب على المجاهدين ان يسعوا الى “تأديب أمريكا وجنودها المجرمين”.

ويجتاح مقاتلون سنة من الدولة الإسلامية -المنشقة عن تنظيم القاعدة والتي أعلنت قيام دولة خلافة- شمال العراق منذ يونيو حزيران. وأحرز المقاتلون تقدما سريعا خلال الأسبوع المنصرم مع انتصارهم على القوات الكردية قرب اقليم كردستان في الشمال.

وتركز الاهتمام على محنة اليزيديين والمسيحيين وجماعات الاقليات الاخرى في شمال العراق الذي كان من أكثر الاجزاء تنوعا في الشرق الاوسط.

وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الجمعة “لا يمكن أن تصبح المخاطر بشأن مستقبل العراق أكثر وضوحا.”

وأضاف في إشارة إلى مقاتلي الدولة الإسلامية “حملة ارهاب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على الأبرياء ومن بينهم الأقلية المسيحية وأعمال العنف الفظيعة تحمل كل نذر الإبادة الجماعية.”

وقال البنتاجون إن طائرات ألقت 72 حزمة من مواد الاغاثة بما في ذلك ثمانية آلاف وجبة طعام جاهزة وآلاف من جالونات مياه الشرب للمدنيين المهددين قرب سنجار في شمال العراق.

ويعيش اليزيديون وهم أكراد يعتنقون ديانة قديمة منبثقة عن الزرادشتية بين مجموعة أقليات تعود إلى ما قبل ظهور الإسلام في شمال العراق. ويعتقد أن عددهم مئات الآلاف ويعيش معظمهم في العراق بينما يعيش قليل منهم في القوقاز وأوروبا. ويصف مقاتلو الدولة الإسلامية اليزيديين بأنهم عبدة الشيطان.

وقال أكرم إيدو الذي هرب من اراض يسيطر عليها الاكراد مع سبعة أولاد “بعد ان هربنا الى الجبل عدت يوما لأخذ بعض المتعلقات وشاهدت جثث رجال مقعدين مسنين قتلهم مسلحو الدولة الاسلامية بالرصاص. كانوا في حالة من الضعف منعتهم من الفرار. لا يمكنني ان انسى هذا المشهد.”

وقال اخيه حميد ايدو الذي مازال على الجبل مع خمس اطفال لرويترز بالهاتف إن المياه تنفد ولم تصل مساعدات الى المدنيين المحتجزين في المنطقة.

وفي بغداد قال النائب اليزيدي محما خليل إن المساعدات غير كافية.

وقال خليل وهو على اتصال باليزيديين على جبل سنجار “سمعنا من وسائل الإعلام عن المساعدات الأمريكية لكن لا شيء على أرض الواقع.”

وقال عدة مرات “انقذونا! انقذونا! اغيثونا! اناسنا في الصحراء وهم معرضون لإبادة جماعية.”

وقال شهود في وقت لاحق ان مقاتلين أكرادا من حزب العمال الكردستاني في تركيا ساعدوا عددا غير محدد من الناس على الهبوط من الجبل. ولا يمكن تأكيد مشاركة حزب العمال الكردستاني لان ذلك يخاطر باستدراج تركيا الى الصراع.

وقال سكان في العاصمة الكردية بالقرب من خط الجبهة للمرة الاولى بعد عشر سنوات من الحرب بتحد انهم يقومون بتخزين الاسلحة ويستعدون للدفاع عن المدينة.

وقال أبو بلند (44 عاما) الذي يعمل في مقهى صغير في بازار اربيل “الناس الذين لديهم اطفال أخذوهم الى عائلاتهم (خارج اربيل) لكن الرجال بقوا.” واضاف “سيتعين عليهم ان يطأوا جثثنا للوصول الى اربيل.”

وفي بغداد حيث ينقسم السياسيون بينما تتمزق أوصال البلاد ضغط المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني على رئيس الوزراء نوري المالكي ليتنحى في تدخل جريء قد يؤدي إلى غياب المالكي عن المشهد.

ويجتاح مقاتلون سنة من الدولة الإسلامية شمال العراق منذ يونيو حزيران. وأحرز المقاتلون تقدما سريعا خلال الأسبوع المنصرم مع انتصارهم على القوات الكردية قرب اقليم كردستان في الشمال.

وقال شامل أبو مدين وهو مسيحي عمره 45 عاما لرويترز انه ترك مدينة الموصل اول مرة عندما سقطت في يونيو حزيران. ولجأ في البداية الى بلدة يحميها البشمركة لكنه أجبر على الفرار مرة اخرى في منتصف الليل عندما اختفت فجأة قوات البشمركة.

وقال “لم يكن بامكاننا أخذ اي شيء معنا باستثناء بعض الملابس في حقائب بلاستيكية… الناس يعيشون في الطرقات وفي الحدائق العامة.”

وقال متحدث باسم المساعدات الانسانية للامم المتحدة ان نحو 200 الف فروا من تقدم المسلحين الاسلاميين وصلوا الى بلدة دهوك على نهر دجلة في كردستان العراقية ومناطق قريبة من محافظة نينوى. وقال مسؤولون اتراك ان عشرات الآلاف فروا شمالا الى الحدود التركية.

وبينما يهدد تقدم مقاتلي الدولة الإسلامية بسقوط دولة العراق أخفق السياسيون في بغداد في الاتفاق على حكومة جديدة منذ انتخابات جرت في ابريل نيسان.

ويرفض المالكي الذي يتهمه خصومه باشعال ثورة سنية التنحي وافساح الطريق أمام شخصية أقل استقطابا ويواجه ضغوطا من واشنطن وطهران.

وحث السيستاني البالغ من العمر 84 عاما السياسيين مرارا على كسر الجمود وتوحيد البلاد.

وكانت خطبة الجمعة والتي تلاها أحد مساعديه أوضح دعوة يوجهها السيستاني تدعو لتنحي المالكي. ولم يذكر السيستاني المالكي بالاسم لكنه قال إن السياسيين الذين يتشبثون بالمناصب يرتكبون “خطأ جسيما” وإنه ينبغي على الزعماء اختيار رئيس وزراء قادر على انهاء الأزمة السياسية.

وأظهرت صور لرويترز يوم الخميس مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية وهم يرفعون أعلامهم السوداء فوق نقطة تفتيش على بعد 45 كيلومترا من أربيل ليقتربوا من المدينة التي يقطنها 1.5 مليون نسمة وهي العاصمة الاقتصادية للمنطقة أيضا.

وقال مصدر في قطاع النفط إن شركتي النفط الأمريكيتين إكسون موبيل وشيفرون قامتا بإجلاء عمالهما من إقليم كردستان أمس الخميس. وأجلت شركات نفط أصغر موظفيها أيضا وقلصت أعمالها وتراجعت أسهم شركات عديدة يومي الخميس والجمعة.

وأثيرت تساؤلات بسرعة في واشنطن حول ما إذا كانت الهجمات الأمريكية الانتقائية على مواقع المسلحين واسقاط المساعدات الإنسانية كافية لتغيير التوازن على أرض المعركة ضد قوات الدولة الإسلامية.

وقال السناتور الجمهوري لينزي جراهام في تغريدة على موقع تويتر عقب إعلان أوباما “أنا أؤيد تماما المساعدات الإنسانية فضلا عن استخدام القوة الجوية… ومع ذلك فإن الإجراءات التي أعلنت الليلة لا تغير دفة المعركة.”

(شارك في التغطية مايكل جورجي في بغداد – إعداد رفقي فخري للنشرة العربية – تحرير محمد هميمي)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية