مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كيف يمكن أن يتطور المزيج المهلك للصراعات في اليمن؟

دبي (رويترز) – تزيد الضغوط الامنية والاقتصادية من عمق عدم الاستقرار في اليمن مما يثير مخاوف لدى دول الجوار التي تمثل حيوية استراتيجية وتشمل المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وواحدا من أكثر ممرات الشحن ازحاما في العالم.
وجاء مزيج من تمرد للحوثيين في الشمال ونزعة انفصالية في الجنوب وهجمات من تنظيم القاعدة الى جانب نقص المياه وأزمة انسانية وفقر يزداد سوءا وتراجع عائدات النفط ليؤدي الى اضطرابات شديدة في هذا البلد العربي.
كما تركزت المخاوف أيضا على قرب اليمن من الصومال الواقع في منطقة القرن الافريقي على الجهة الاخرى من خليج عدن والذي تشيع فيه أنشطة القراصنة التي تستهدف السفن الدولية في تحد للاساطيل الدولية التي تسعى لوقف هذه الممارسات.
وتمر نحو 20 ألف سفينة عبر خليج عدن سنويا متجهة من والى قناة السويس.
وقال كريستوفر بوسيك وهو زميل في برنامج كارنيجي للشرق الاوسط في تصريح للصحفيين هذا الاسبوع “يواجه اليمن تحديات غير مسبوقة… اذا وصل أي من تلك التحديات الى نقطة التأزم فانه يمكن أن يربك الحكومة اليمنية.”
ومضى يقول انه اذا لم يتم اتخاذ خطوات “فان اليمن يتعرض لخطر التحول الى دولة فاشلة ومرتع تدريب للتطرف الاسلامي.”
وفيما يلي السيناريوهات المحتملة حول كيفية التطور المحتمل لمشكلات اليمن.
التحدي الامني
أصبح اليمن بصورة كبيرة محور تركيز جدول الاعمال الامنية بالمنطقة في أغسطس اب عندما شنت الحكومة عملية ضد المتمردين الحوثيين في الشمال مما أدى الى أسوأ حقبة دموية في الصراع المستمر منذ عام 2004 .
وزادت حدة الصراع أيضا هذا الشهر عندما سيطر المتمردون على بعض الارض السعودية وقتلوا اثنين من حرس الحدود واتهموا الرياض بالسماح للقوات اليمينة باستخدام الارض السعودية كنقطة انطلاق لهجماتها على الحوثيين.
وردت السعودية بشن هجوم عسكري على المتمردين وفرضت منطقة عازلة داخل اليمن بعمق عشرة كيلومترات لمنع المتمردين من دخول حدودها الجنوبية الغربية.
وسببت أحداث العنف نزوح أكثر من 170 ألف مدني تقول الامم المتحدة انهم يعانون من سوء التغذية والكوليرا.
ويقول الحوثيون المنتمون الى الزيدية الشيعية انهم يواجون تمييزا سياسيا واقتصاديا ودينيا من جانب الحكومة اليمنية التي يتهمونها بمناصرة التيار السلفي.
وربما تتوصل الحكومة اليمنية والحوثيون الى اتفاق يجددون فيه وقف اطلاق النار لكن هناك مخاوف من احتمال ألا يصمد هذا الاتفاق ما لم تبذل صنعاء الجهد الكافي لمعالجة الشكاوى السياسية للحوثيين.
وقال مصطفى العاني وهو محلل في مركز الخليج للابحاث ومقره دبي انه يعتقد أن أحدث قتال “سينتهي بوقف اخر لاطلاق النار لكن التجارب السابقة تظهر أننا سننعم بالهدوء لفترة ثم يبدأ مرة أخرى.”
وتوسطت قطر في وقف لاطلاق النار لم يدم طويلا في يونيو حزيران عام 2007 وتوسطت في اتفاقية سلام وقعت في فبراير شباط 2008 لكن سرعان ما عادت الاشتباكات. وأعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح انتهاء الحرب في يوليو تموز عام 2008 لكن قتالا مكثفا استؤنف بعد عام.
ومن النتائج الاخرى المحتملة للحرب هزيمة عسكرية للحوثيين لكن الطبيعة الجبلية الوعرة للشمال والاصرار الذي يتسم به المتمردون يجعل هذا الاحتمال غير مرجح.
وقال خالد الدخيل وهو استاذ سعودي للعلوم السياسية ان صنعاء والرياض ربما تسعيان بدلا من ذلك الى قطع مسارات الامداد عن الحوثيين وقال “أعتقد أن هذا ما سيحدث… انهم يحتاجون لعزلهم سياسيا وامداديا.. ويجعلون مواصلة تمردهم أمرا مكلفا للغاية بالنسبة لهم.”
وربما يمتد الصراع الى داخل السعودية وربما في منطقة نجران التي تضم سكانا من الشيعة من الطائفة الاسماعيلية والذين يشكون أيضا من بعض المتاعب والذين ربما يتعاطفون مع قضية الحوثيين.
وتضم السعودية عددا كبيرا من السكان الشيعة في المنطقة الشرقية على ساحل الخليج ويقولون انهم يواجهون تمييزا.
كما ساعد الصراع في اليمن في اطلاق حرب اعلامية بين السعودية وايران التي تتهمها المملكة بامداد المتمردين بالاسلحة. وتنفي ايران هذا الاتهام.
وقال مارك توماس نائب مدير المعهد الملكي للدراسات الامنية والدفاعية في قطر “من الصعب ايجاد دليل على طبيعة الانخراط الايراني داخل اليمن لكن نشر قوات اضافية من البحرية السعودية في خليج عدن ربما يشير الى احتمال وجود بعض من الحقيقة في تلك المزاعم.”
ولا توجد شخصية واضحة يمكن أن تخلف الرئيس صالح الذي تولى السلطة في اليمن الشمالي سابقا عام 1978 وظل رئيسا لليمن الموحد منذ اندماج الشطرين عام 1990 ويواجه مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
واندلع العنف في الجنوب هذا العام بعد تجمع حاشد للمعارضة لاحياء ذكرى الحرب الاهلية عام 1994 والتي هزمت فيها قوات صالح الجنوب الانفصالي الذي كان يعرف قبل اتفاق الوحدة بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
ويشكو سكان الجنوب الذي يضم أغلب منشات النفط اليمنية منذ فترة من أن الحكومة في الشمال أساءت استغلال اتفاق الوحدة للسيطرة على موارد الجنوب والتمييز ضد سكانه.
ويقول محللون انه اذا زادت حدة الاضطرابات في اليمن أو تحول حتى الى دولة فاشلة فان هذا ربما يوسع من فرص تمركز مقاتلي القاعدة في اليمن لشن هجمات في منطقة ترسل النفط الى دول يعتمد اقتصادها على البترول في أنحاء العالم.
ويمثل الفقر والفساد أرضا خصبة لتجنيد المقاتلين في صفوف القاعدة التي أرسلت في أغسطس اب مفجرا انتحاريا وقامت بمحاولة فاشلة لقتل قائد أمني سعودي.
كما يواجه اليمن أزمة مياه تعتبر واحدة من أسوأ مشكلات المياه في العالم والتي تزيد حدة بما أن عدد السكان البالغ حاليا 23 مليون نسمة ربما يتضاعف خلال 20 عاما.
وتجبر ندرة المياه الكثير من سكان القرى الذين يعانون من الفقر المدقع على بيع ممتلكاتهم والنزوح الى مدن يمنية حيث لا يملك أحد يذكر منهم المهارة الكافية لتحسين مستوى معيشتهم حتى على الرغم من أن ذويهم يتوقعون منهم ارسال الاموال.
وفي مؤشر الدول الفاشلة لعام 2009 الذي يمثل تعاونا بين معهد أبحاث صندوق السلام ومجلة (فورين بوليسي) احتل اليمن المرتبة الثامنة عشرة متقدما على كوريا الشمالية بدرجة واحدة.
من رئيسة كاسولوفسكي

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية