مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لماذا أثارت خطة فياض للدولة الفلسطينية قلق الاسرائيليين ؟

القدس (رويترز) – يرى بعض الاستراتيجيين الاسرائيليين ان اسرائيل يجب ان تطوق اي دولة فلسطينية مستقبلية من كل الجهات وان تخضع مناطق كبيرة في وسطها لسيطرة اسرائيلية.
كما يرون ضرورة ان تحصل اسرائيل على وادي الاردن وجزء من مرتفعات وسط الضفة الغربية التي تعلوه فضلا عن المرتفعات الى الغرب التي تطل على القدس والمدن الاسرائيلية في السهل الساحلي.
ويثير احتمال أن تصبح هذه الخطة المبدئية سياسة اسرائيلية قلقا عميقا في نفس رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض.
وقال فياض هذا الاسبوع انه في مواجهة عرض باجراء محادثات على هذا الاساس ستكون اجابته “انسوا.” وحذر فياض من أن الفلسطينيين لا يسعون الى الحصول على دولة “ميكي ماوس” مستخدما اسم شخصية والت ديزني كتعبير دارج للاشارة الى شيء غير مهم أو تافه.
ومن الواضح أن فياض المدعوم من الغرب استقطب اهتمام المحافظين الاسرائيليين بمركز القدس للشؤون العامة الذي يرأسه دوري جولد وهو مستشار لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وفي وقت سابق هذا الشهر نشر المركز مقالا تحليليا امتدح ما وصفه بالخطة الايجابية والطموحة التي كشف عنها فياض في اغسطس اب لبناء اطار العمل المؤسسي والاداري والمادي اللازم لاقامة الدولة الفلسطينية على مدار العامين القادمين.
وأشار المقال الى ان فياض الاقتصادي الذي تلقى تعليمه بالولايات المتحدة والمسؤول البارز السابق بالبنك الدولي تحدى بشجاعة السياسة الفلسطينية التي تقضي بتحرير الارض من خلال الكفاح المسلح وذلك باقتراح اجراء تنمية سلمية واستباقية.
وأضاف أن الخطة حصلت بالفعل على دعم امريكي واوروبي ووعود بمساعدات بمليارات الدولارات. كما تدعم اسرائيل التنمية والاصلاح الاقتصادي الفلسطيني من القاع الى القمة لاقامة دولة منزوعة السلاح.
ويتحدى فياض متشددين فلسطينيين من حركة فتح تساورهم شكوك عميقة في رؤيته للحاجة الى فعل ما هو أكثر من مجرد معارضة الاحتلال الاسرائيلي.
الى هنا ولا توجد مشكلة. لكن المقال أشار الى أنه خلافا للاشكال المألوفة للمقاومة الفلسطينية التي تعاملت معها اسرائيل تؤدي خطة فياض الى أرض خطرة وغير محددة.
وأضاف “نية فياض هي خلق حقائق على الارض تكسب تأييدا دوليا كبيرا وتؤدي الى الضغط لتحويل الاعتراف بدولة امر واقع فلسطينية عام 2011 الى اعتراف بدولة قانونية في حالة فشل السلطة الفلسطينية واسرائيل في التوصل الى حل عن طريق المفاوضات.”
ويتوقع الزعماء الفلسطينيون الذين يريدون سلاما مع اسرائيل مثل فياض اقامة دولة لها حدود والقيام بمبادلات أخذ أو عطاء للاراضي بما يتلاءم مع المستوطنات الاسرائيلية الكبيرة على ان تقع الحدود حيث كانت قبل حرب عام 1967 حين احتلت اسرائيل الضفة الغربية.
وستحد الدولة التي يريدونها اسرائيل من الشمال والغرب والجنوب لكن حدودها الشرقية ستكون مع المملكة الاردنية وستكون أراضيها متكاملة ومتجاورة وتتصل بطريق بري مع قطاع غزة على ساحل البحر المتوسط.
هذا هو الافتراض الذي تقدمه خطة فياض لكن تحليلا كتبه دان ديكر وبنحاس عنبري خلص الى انها تشكل خطرا على امن اسرائيل. وأثني رئيس الوزراء الفلسطيني على التقرير لحرفيته مضيفا “على الرغم من أنني بالطبع لا أتفق معه.”
وقال المقال انه بناء على أسباب قانونية وأمنية لا تستطيع اسرائيل تأييد تطور كهذا ويجب أن تعارضه من الان.
وقال المحللان “اعلان دولة من جانب واحد تطالب بأن تكون حدودها هي حدود ما قبل عام 1967 يمكن أن ينتهي الى اقحام اسرائيل والسلطة الفلسطينية ولاعبين اقليميين اخرين في دوامة من عدم الاستقرار وربما صراع مسلح.”
ويزعمان أن مشروع فياض “أحادي الجانب” لخلق حقائق على الارض سينتهك اتفاقات اوسلو الموقعة عام 1993 بعدم تغيير وضع الضفة الغربية الى أن تنتهي مفاوضات السلام.
ويقول فياض ان اوسلو وقعت قبل 16 عاما وان المفاوضات لم تنه الاحتلال الاسرائيلي بعد. وفي اشارة الى نحو 100 مستوطنة اسرائيلية بالضفة الغربية تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي يتساءل رئيس الوزراء الفلسطيني متهكما عن الطرف الذي يتحدث عن الاجراءات الاحادية.
لكن التحليل الاسرائيلي يقول ان نتنياهو سيصر على أن تكون لاسرائيل “حدود قابلة للدفاع عنها” في اي حل قائم على دولتين مع الفلسطينيين.
وقال المقال “مطلب اسرائيل (بحدود قابلة للدفاع عنها) ينطوي على استمرار سيطرتها على ما يسمى المنطقة (ج) بما في ذلك وادي الاردن ذو الاهمية الاستراتيجية والمرتفعات المحيطة بالقدس والتي تطل على مدن اسرائيل المعرضة للخطر على امتداد ساحل البحر المتوسط.”
وأضاف “وادي الاردن حاجز ضروري ضد اي غزو محتمل من الشرق (و) حاجز طبيعي امام سقوط الصواريخ المحتمل على قمم تلال الضفة الغربية التي تطل على ساحل اسرائيل” ومطارها ومدنها الرئيسية.
وبموجب اتفاقات اوسلو قسمت الضفة الغربية الى ثلاث مناطق (أ) و(ب) و(ج) الى أن يتم التوصل لاتفاق دائم للسلام.
وتمثل المنطقة (ج) حيث تحتفظ اسرائيل بالسيطرة الامنية والمدنية اكثر من 60 في المئة من أراضي الضفة الغربية. وتضم وادي الاردن حيث حولت اسرائيل مسطحات صحراوية الى مستوطنات تقوم على أنشطة زراعية مربحة تقع الى الغرب من المنطقة العسكرية المحظورة التي تجوبها دوريات حدودية وتحيطها أسوار الكترونية على الحدود مع الاردن.
هذا هو المكان الذي يتصور فياض ان يقام فيه مطار دولي يخدم الدولة الفلسطينية الجديدة.
من دوجلاس هاملتون

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية