مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

محافظ معقل سني بالعراق يقول إن امريكا ستقدم مساعدة ضد متشددين

مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام يحتفلون فيما يجلسون على حافلات بالموصل يوم 23 يونيو حزيران 2014 - رويترز reuters_tickers

من رحيم سلمان

بغداد (رويترز) – قال محافظ الانبار وهي محافظة تمثل معقلا سنيا في العراق يوم الخميس إنه تلقى وعدا بدعم أمريكي في معركة ضد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية مما يعيد تحالفا ساعد في احباط تهديد سني متشدد سابق من تنظيم القاعدة.

وقال أحمد خلف الدليمي إن طلبه الذي قدم في اجتماعات مع دبلوماسيين أمريكيين وضابط عسكري كبير تضمن دعما جويا ضد المقاتلين الذين شددوا قبضتهم على مساحات واسعة في محافظته الصحراوية وفي شمال غرب العراق.

وقال الدليمي إن الأمريكيين وعدوا بتقديم المساعدة.

وقال في مقابلة عبر الهاتف “هدفنا الرئيسي هو الاسناد الجوي.. التكنولوجيا التي يمتلكونها ستوفر لنا معلومات استخبارية ومراقبة للصحراء وأمورا أخرى نحن بحاجة إليها.

“لم يحدد تاريخا لذلك ولكن قريبا جدا سيكون هنالك وجود للأمريكان في الصحراء الغربية.”

ولم يصدر تعليق فوري من المسؤولين الأمريكيين.

وسيطر تنظيم الدولة الاسلامية على مدينة الموصل الشمالية في يونيو حزيران وتقدم سريعا إلى حدود منطقة كردستان شبه المستقلة مما أثار قلق بغداد ودفع الولايات المتحدة قبل أيام إلى تنفيذ ضربات جوية في العراق لأول مرة منذ سحب القوات الأمريكية في 2011 .

والتدخل الأمريكي في محافظة الأنبار مسألة أكثر حساسية.

وكانت المنطقة ذات الكثافة السكانية المنخفضة والتي تمثل جانبا كبيرا من حدود العراق مع سوريا معادية للأمريكيين بشدة أثناء الاحتلال الأمريكي. واعتبر زعماء العشائر والسكان العاديون تولي قيادة مدعومة من الولايات المتحدة وتسيطر عليها الأغلبية الشيعية خلفا لصدام حسين السني تهديدا لهم وحملوا السلاح. وتدفق مقاتلو القاعدة للانضمام اليهم.

وشنت الولايات المتحدة أكبر هجوم إبان احتلالها للعراق ضد تشكيلة من المقاتلين الإسلاميين في مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار حيث واجه جنودها واحدة من أشرس المعارك منذ حرب فيتنام.

وتمكن الجيش الأمريكي في نهاية الأمر من اقناع بعض أشد خصومه السنة بالانقلاب على القاعدة التي تعد أقل تشددا من تنظيم الدولة الإسلامية.

وحققت الاستراتيحية فترة من الهدوء. لكن السياسة الطائفية لرئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي أدت إلى نفور كثير من السنة.

واستغل تنظيم الدولة الإسلامية سيطرته على اجزاء كبيرة من سوريا والتوترات الطائفية في العراق للسيطرة على مدن سنية رئيسية مثل الفلوجة والرمادي عاصمة الأنبار في مطلع هذا العام.

*وعدونا أخيرا

وكلف الرئيس العراقي فؤاد معصوم رئيس وزراء جديدا هو حيدر العبادي الذي يعد شيعيا معتدلا لديه فرصة جيدة لتحسين العلاقات مع السنة الذين كانوا يسيطرون على البلاد طيلة العقود التي حكم خلالها صدام حسين بيد من حديد.

وكانت ميليشيا الصحوة التي مولتها الولايات المتحدة وشكلت من العشائر السنية في البلاد قوة مؤثرة في قتال القاعدة منذ عام 2007 . وأدى قرار أمريكي بتسليم المسؤولية عن الصحوة الى الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة في 2009 إلى نفورهم ودفع بعضهم الى الانضمام لتنظيم الدولة الاسلامية.

ويواجه العبادي مهمة حساسة لمحاولة تشكيل حكومة جديدة في دولة تتزايد فيها التوترات الطائفية وتمثل التفجيرات وعمليات الخطف والاعدام جزءا من الحياة اليومية.

وعادت اراقة الدماء الى مستويات 2006-2007 ذروة الحرب الاهلية الطائفية.

ويواجه العبادي ايضا تحديا آخر لمحاولة كبح ميليشيا شيعية متهمة بخطف سنة وقتلهم. وعليه ايضا اقناع الأقلية السنية التي كانت لها الهيمنة في وقت ما أنهم سيحصلون على حصة أكبر من السلطة.

وما زال المالكي يرفض التنحي رغم شهور من الضغوط لحمله على ذلك من جانب السنة والأكراد وبعض ابناء الشيعة ومن ايران القوة الاقليمية الشيعية والولايات المتحدة.

ولم يتضح ما إن كان ما يزال يحظى بولاء القوات الخاصة او الميليشيا الشيعية وهي نقاط القوة الوحيدة التي ربما ما زالت لديه.

وكان الدليمي قلقا بصورة خاصة من تصميم المتشددين السنة على السيطرة على سد حديثة في الانبار بعدما سيطروا في الآونة الأخيرة على أكبر سد في العراق وحقل نفط خامس ومزيد من البلدات والمناطق التي يزرع بها محصول القمح الحيوي في الشمال.

وقال الدليمي “الموقف في سد حديثة مسيطر عليه من قبل القوات المسلحة وأبناء العشائر ولكن المشكلة بطول النفس والضغط.”

واستطرد قائلا “عقدت عدة اجتماعات بالفترة الأخيرة مع السفارة الأمريكية وقائد القوات الوسطى بهذا الشأن ونأمل ان يكون هناك مركز تنسيق مشترك وعمليات في الأنبار قريبا جدا وقد وعدونا خيرا.”

والى جانب قوة الدفع الكبيرة التي حققها تنظيم الدولة الاسلامية في الشمال وسيطرته على مناطق واسعة في الغرب يهدد التنظيم أيضا بالزحف على بغداد.

*تسليح الأكراد

وقال مسؤولو مخابرات عراقيون لرويترز إن الجماعة التي تريد إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط تستخدم الأنفاق التي حفرها صدام حسين في التسعينات لنقل مقاتليها والأسلحة والذخيرة والإمدادات إلى بلدات تقع إلى الجنوب من بغداد مباشرة.

وعلى عكس تنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن الذي وضع عينه على تدمير الغرب فتنظيم الدولة الاسلامية له أهداف تتعلق بالأراضي ويرمي الى اقامة خلافة اسلامية ويستشيط غضبا من اتفاقية سايكس بيكو لعام 1916 بين بريطانيا وفرنسا التي قسمت الامبراطورية العثمانية ورسمت الحدود الحالية بين الدول العربية.

وأتاحت التضاريس الوعرة للمتشددين نوعا من الحماية من الجيش وقوات الأمن. وسيكون الاستيلاء على بغداد صعبا بسبب وجود قوات خاصة وآلاف من افراد الميليشيات الشيعية الذين أبطأوا تقدم الدولة الاسلامية في أماكن أخرى.

لكن الحصول على موطئ قدم على مقربة من العاصمة قد يسهل للتنظيم تنفيذ تفجيرات انتحارية ويزيد التوترات الطائفية ويزعزع استقرار العراق.

وقالت مصادر أمنية ومسؤول محلي إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية احتشدوا اليوم قرب بلدة قرة تبة العراقية الواقعة على بعد 120 كيلومترا إلى الشمال من بغداد في محاولة فيما يبدو لتوسيع جبهة القتال مع قوات البشمركة الكردية.

ويشير تحرك مقاتلي الدولة الإسلامية حول بلدة قرة تبة إلى أنهم اكتسبوا مزيدا من الثقة ويسعون للسيطرة على المزيد من الأراضي القريبة من العاصمة بعدما توقفوا في تلك المنطقة.

وقال أحد المصادر الأمنية “تحشد الدولة الإسلامية مقاتليها بالقرب من قرة تبة ويبدو أنهم سيوسعون جبهة قتالهم مع المقاتلين الأكراد.”

وفي حين يسعى التنظيم للسيطرة على مزيد من الاراضي يستخدم مقاتلوه الخوف والترويع لاحكام قبضتهم على بلدات ومدن يسيطرون عليها ويفرضون تفسيرهم المتشدد للاسلام.

وبعدما دفع تنظيم الدولة الاسلامية مقاتلي البشمركة الكردية الى التراجع هذا الشهر انضمت فرنسا الى الولايات المتحدة في توريد ما تقول إنه “أسلحة متطورة” إلى البشمركة وسيقطع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عطلاتهم الصيفية لبحث الازمة يوم الجمعة.

*الطبيبات واليزيديين

وفي الموصل ثاني أكبر مركز حضري في العراق فجر المتشددون مساجد ومزارات شيعية او هدموها ودمروا تماثيل لشعراء اعتبروهم غير اسلاميين وأرغموا النساء على ارتداء الحجاب.

وقالت طبيبات في الموصل يوم الخميس انهن واجهن غضب الدولة الاسلامية.

وقالت طبيية “احدهم يضرب أي فتاة (طبيبة او ممرضة او زائرة) على رأسها كتحذير لها خاصة بعد الفترة التي اعطوها لبدء ارتداء الحجاب.”

وأضافت “انهم يروعوننا ويهددوننا بالقتل ويدمرون منازلنا. بسبب هذه المعاملة السيئة قررت أن اجلس في بيتي وألا أذهب للمستشفى لكنني ما زلت خائفة إذ لا أعرف ما سيفعلونه.”

وقالت مصادر أمنية وشهود في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد ان مقاتلي الدولة الاسلامية قتلوا بالرصاص اربعة من رجال الشرطة في منطقة عامة وهم رجال كانوا ضمن قائمة اغتيالات تضم 150 شخصا.

وأضافوا انهم صادروا ايضا 20 منزلا كان يسكنها افراد أمن في وقت ما وكتبوا على الجدران “ممتلكات الدولة الاسلامية”.

وبالاضافة الى تسليح البشمركة وكذلك قصف مواقع المتشددين مثلما تفعل واشنطن تحاول القوى الغربية مساعدة وكالات الاغاثة في اسقاط امدادات وتوفير الملجأ لعشرات الالاف من الناس وكثير منهم ينتمون لطوائف غير سنية وقد فروا من هجمات الدولة الاسلامية.

وقال البيت الابيض ان الولايات المتحدة وحلفاءها ينظرون في اقامة جسور جوية وانشاء ممرات برية آمنة لانقاذ الناس وبينهم كثيرون من طائفة اليزيديين الذين تقطعت بهم السبل على مرتفعات قاحلة لجبل سنجار قرب الحدود السورية.

لكن فريق تقييم امريكيا أرسل الى جبل سنجار يوم الاربعاء وجد ان الوضع افضل مما كان متوقعا وقالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) إن ارسال بعثة اجلاء صار امرا اقل احتمالا.

وقال البنتاجون إن الفريق الأمريكي وجد مدنيين اقل من المتوقع وكانت ظروفهم افضل مما كان معتقدا في السابق وارجعوا السبب الى اسقاط المساعدات الانسانية والضربات الجوية الامريكية على اهداف تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية وقدرة اليزيديين على مغادرة الجبل خلال الليالي القليلة الماضية.

(إعداد عماد عمر للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية