مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أمريكا على استعداد لمساعدة العبادي وإيران ترحب باختياره

حيدر العبادي يتحدث في مؤتمر صحفي في بغداد يوم 15 يوليو تموز 2014. رويترز reuters_tickers

من مايكل جورجي وأحمد رشيد

بغداد (رويترز) – حصل رئيس الوزراء العراقي المكلف على دعم سريع من الولايات المتحدة وإيران يوم الثلاثاء في حين دعا الساسة العراقيين لإنهاء خلافاتهم التي سمحت لمسلحين بالسيطرة على ثلث البلاد.

ولكن حيدر العبادي لا يزال مهددا من الداخل حيث رفض نوري المالكي التخلي عن منصب رئيس الوزراء الذي شغله على مدى ثمانية اعوام شهدت تهميشا للأقلية السنية واغضب خلالها واشنطن وطهران.

غير ان ميليشيات شيعية وقادة في الجيش ظلوا لفترة طويلة موالين للمالكي عبروا عن دعمهم للتغيير كما عبر عن ذلك كثير من الناس في شوارع بغداد وسط رغبة قوية في إنهاء المخاوف من انزلاق جديد إلى اقتتال طائفي وعرقي.

ورحبت الجارتان السنيتان تركيا والسعودية أيضا بتعيين العبادي.

وقال بيان من مكتب المالكي إنه اجتمع مع مسؤولين امنيين كبار وقادة الجيش والشرطة لحثهم على عدم التدخل في الأزمة السياسية.

وقالت وسائل الإعلام المحلية ومصدران بالشرطة إن انتحاريا هاجم نقطة تفتيش قرب منزل رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي في بغداد يوم الثلاثاء. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات.

وقتل 17 شخصا على الأقل في انفجار سيارتين ملغومتين في منطقتين شيعيتين في بغداد وهي هجمات من النوع الذي اصبح معتادا بصورة متزايدة في الشهور القليلة الماضية.

وفي حين تدرس قوى غربية ووكالات إغاثة دولية تقديم المزيد من المساعدات لعشرات الآلاف من المواطنين الذين فروا من ديارهم جراء تهديد تنظيم الدولة الإسلامية قرب الحدود السورية قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن بلاده ستدرس تقديم مساعدات عسكرية وغيرها حين يشكل العبادي حكومة توحد الصفوف في البلاد.

وقال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل إن إدارة الرئيس باراك أوباما ارسلت حوالي 130 جنديا إضافيا إلى العراق يوم الثلاثاء.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في بيان إن الجنود الذين أرسلوا إلى شمال العراق سيطورون خيارات لمساعدة المدنيين العراقيين الذين يحاصرهم تنظيم الدولة الإسلامية على جبل سنجار.

ومنذ يونيو حزيران ارسلت الولايات المتحدة حوالي 700 جندي إلى العراق لحماية الدبلوماسيين الأمريكيين هناك ولتقييم قدرات الجيش العراقي.

واعطى الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء الضوء الأخضر للدول الأعضاء منفردة لارسال الأسلحة للقوات الكردية بالتنسيق مع بغداد.

وقال دبلوماسيون إن فرنسا وإيطاليا وجمهورية التشيك من بين الدول التي تؤيد توريد الأسلحة. ومع ذلك لا يوجد أي مؤشر فوري على أنهم على وشك القيام بذلك.

وفيما يعكس التقاء مصالح واشنطن وطهران في العراق رغم عدائهما هنأ مسؤولون إيرانيون كبار العبادي على تعيينه بعد ثلاثة شهور من انتخابات برلمانية خرجت منها كتلة المالكي كأكبر كتلة في البرلمان.

ونقل عن ممثل الزعيم الإيراني الاعلى آية الله علي خامنئي في مجلس الأمن القومي الأعلى قوله “جمهورية إيران الإسلامية تدعم العملية القانونية التي مضت في طريقها فيما يتعلق باختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد.”

وأضاف “إيران تدعم عراقا آمنا متكاملا متماسكا.”

وينظر للعبادي الذي قضى عقودا في المنفى في بريطانيا على أنه شخصية أقل استقطابا وميلا للطائفية مقارنة بالمالكي الذي ينتمي مثله لحزب الدعوة الإسلامية الشيعي. ويبدو ان العبادي يحظى بدعم من رجال الدين الشيعة وهم قوة كبيرة في البلاد منذ اطاحت القوات الأمريكية بصدام حسين في 2003.

وقال التلفزيون العراقي الحكومي إن العبادي دعا جميع القوى السياسية التي تؤمن بالدستور والديمقراطية لتوحيد جهودها وصفوفها للتصدي التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق.

* عرض أمريكي

وقال سياسي مقرب من العبادي لرويترز إن رئيس الورزاء المكلف بدأ الاتصال بقادة جماعات رئيسية لاستطلاع رأيهم بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم أعرب عن أمله يوم الإثنين في ان ينجح العبادي في تشكيل الحكومة في غضون شهر.

ودعا بيان لميليشيا عصائب الحق الشيعية المهمة التي أيدت المالكي وعززت الجيش العراقي حين انسحب من الشمال في يونيو حزيران الى وضع حد للجدل القانوني من النوع الذي يستخدمه المالكي لتبرير بقائه في السلطة وحث كل الأطراف على ضبط النفس.

وقال إن الزعماء يجب ان يعطوا اولوية للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة وان يحترموا ارشادات الزعماء الدينيين في اشارة ما أوضحه آية الله العظمى علي السيستاني من أنه يؤيد ابعاد المالكي لعلاج الأزمة الوطنية.

وفي حين حرص المسؤولون الأمريكيون على ألا يبدوا كمن يفرض قيادة جديدة على العراق بعد ثلاثة اعوام من رحيل القوات الأمريكية سارع الرئيس الأمريكي بالترحيب بترشيح العبادي. واستغل تنظيم الدولة الإسلامية التشاحن بشأن الحكومة الجديدة منذ انتخب العراقيون برلمانا جديدا في أبريل نيسان ليستولي على مساحات شاسعة في الشمال والغرب.

وأمر أوباما بشن غارات جوية الأسبوع الماضي بعد ان حقق المسلحون انتصارات مهمة أمام قوات البشمركة التابعة لمنطقة كردستان شبه المستقلة الحليفة لسلطات بغداد.

وقال البيت الأبيض إن رئيس منطقة كردستان مسعود البرزاني أبلغ نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه سيعمل مع العبادي.

وقال مسؤولون أمريكيون إن الأكراد يتلقون مساعدات عسكرية مباشرة وإن الطائرات الأمريكية والبريطانية اسقطت المواد الغذائية وإمدادات أخرى على مدنيين فارين بما في ذلك اليزيديون الذين لجأوا لجبال نائية. وقالت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن ما بين 20 ألفا و30 ألفا من اليزيديين ربما ما زالوا يلوذون بمنطقة قاحلة على جبل سنجار.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون دول العالم إلى عمل المزيد من أجل اليزيديين وغيرهم من المدنيين الفارين من عنف المتشددين في العراق وقال إن وضعهم “مروع”.

وحذر كيري المالكي يوم الإثنين من اللجوء للقوة للتشبث بالسلطة وصرح يوم الثلاثاء بأن العبادي قد يحصل على المزيد من المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية.

وقال في مؤتمر صحفي في أستراليا “نحن على استعداد لدراسة اختيارات سياسية واقتصادية وأمنية إضافية فيما يبدأ العراق تشكيل حكومة جديدة” مؤكدا أن واشنطن لن ترسل قوات قتالية للعراق.

وأضاف كيري “أفضل سبيل لتحقيق الاستقرار في العراق تشكيل حكومة تضم جميع الطوائف وتجمع الاطراف الساخطة على نفس المائدة والعمل معها من أجل ضمان الوصول لقدر من المشاركة في السلطة وأخذ القرار بما يمنح المواطنين الثقة بأن الحكومة تمثل جميع مصالحهم.”

* تراجع مخاوف المواجهة

ولم يتضح مدى الدعم الذي يحظى به المالكي الذي لا يزال يرأس حكومة لتسيير الاعمال ما يساعده على عرقلة تشكيل حكومة جديدة. وقال مسؤول حكومي كبير لرويترز إن المخاوف من حدوث مواجهة عسكرية في العاصمة خفت مع تقليص قوات الجيش والشرطة لوجودها في الشوارع.

وتابع “ساد بغداد توتر شديد أمس. ولكن القادة العسكريين الكبار اتصلوا فيما بعد بالرئيس وابدوا دعمهم له وليس للمالكي.”

وفي الاحياء الشيعية والسنية على السواء في بغداد تحدث كثير من الناس عن احساس بالارتياح والأمل الحذر في حدوث تغيير.

وقالت أم عقيل (68 عاما) وهي تسير في حي كرادة التجاري “انا سعيدة أن المالكي لن يكون رئيسا للوزراء مرة أخرى. أنا اكرهه.. لقد قتل اولادي وكسر قلبي.”

وقالت إن اثنين من ابنائها قتلا في العنف على مدى العام المنصرم كان احدهما جنديا في الشمال وقتل في مايو آيار. وأضافت “المالكي لا يعرف سوى لغة الحرب ولا يؤمن أبدا بالسلام.. تماما مثل صدام. حين سمعت امس أنه خرج احسست أن الله اقام العدل.. وأن ولدي الحبيبين اللذين قتلا بسببه سيرقدان في سلام.”

لكن في حين كانت ام عقيل توزع الحلوى على المارة في الحي الذي يغلب عليه الشيعة للتعبير عن فرحتها نهرها مرتضى الوالي وهو أحد السكان قائلا ان من الخطأ ان تحتفل.

وقال “قريبا ستندمون جميعا على رحيل المالكي.” واضاف “هو الذي بنى جيشا قويا. سيتمزق العراق بعد المالكي وسنخسر المعركة مع الإرهابيين. سيدفع الشيعة ثمنا غاليا لفقدان المالكي. فقط انتظروا وسترون.”

وفي حي الاعظمية الذي يغلب عليه السنة حيث عبر كثير من الناس طويلا عن استيائهم مما يرونه تصميما من المالكي على ابعاد السنة عن مراكز النفوذ قال خالد سعد وهو صاحب مقهى إنه يأمل ان يتعلم العبادي الدرس من الماضي بأن يحافظ على مسافة بينه وبين إيران وان يدع السنة يعيشون في سلام.

وقال “المالكي عاملنا نحن السنة كغرباء.” واضاف “نأمل ان يتعلم العبادي من أخطاء المالكي القاتلة وان ينتشل البلاد من بحر مشاكلها.”

(إعداد وتحرير محمد اليماني للنشرة العربية)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية