مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أوباما يدين مقتل الصحفي وأمريكا تقصف المتشددين في العراق

الصحفي الأمريكي جميس فولي في طرابلس يوم 18 مايو ايار 2011- أرشيف رويترز reuters_tickers

من الكسندر جاديش وستيف هولاند

بغداد/إدجارتاون (ماساتشوستس) (رويترز) – عبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن اشمئزازه يوم الأربعاء من قيام متشددين إسلاميين بذبح صحفي أمريكي وتوعد بأن الولايات المتحدة ستقوم بما يتعين عليها لحماية مواطنيها مع تزايد الادانة الدولية للمتمردين.

وبعد قليل من وصف أوباما للدولة الاسلامية بأنها “سرطان” بفكر فاسد قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن الطائرات الأمريكية شنت 14 غارة في محيط سد الموصل بالعراق ودمرت أو أعطبت عربات همفي وشاحنات وذخائر تابعة للمتشددين.

ونشرت الدولة الاسلامية مقطع فيديو يوم الثلاثاء يظهر فيما يبدو ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي ردا على الغارات الجوية الأمريكية على التنظيم في العراق. وأثار الفيديو حالة من الرعب واسعة النطاق قد تدفع القوى الغربية الى مزيد من التحرك ضد التنظيم.

وقطع رئيس الوزراء البريطاني عطلته في حين تحاول المخابرات البريطانية تحديد هوية قاتل فولي ودعت فرنسا إلى عقد مؤتمر دولي لتنسيق الجهود ضد متشددي الدولة الاسلامية الذين يقاتلون في سوريا والعراق.

وقال مسؤولون أمريكيون يوم الأربعاء إن محللي المخابرات خلصوا إلى أن التسجيل المصور الذي نشرته الدولة الاسلامية بعنوان “رسالة إلى أمريكا” حقيقي. وعرض الفيديو أيضا صورا لصحفي أمريكي آخر يدعى ستيفن سوتلوف قال المقاتلون إن حياته تتوقف على مسلك الولايات المتحدة في العراق.

ووضعت اللقطات البشعة الرئيس أوباما أمام خيارات قاتمة قد تعيد صياغة الدور الأمريكي في العراق ورد فعل الأمريكيين على ذلك وربما تدفعه للتورط بشكل أكبر في صراع بنى حملته الانتخابية الرئاسية على انهائه.

ووصف أوباما ضرب عنق الصحفي الأمريكي فولي بأنه “عمل من أعمال العنف التي هزت ضمير العالم أجمع” وقال إن المتشددين قتلوا مدنيين أبرياء وجعلوا النساء والأطفال عرضة للتعذيب والاغتصاب والرق واستهدفوا المسلمين والمسيحيين والأقليات الدينية.

واضاف أوباما في تصريحات مقتضبة للصحفيين في إدجارتاون بولاية ماساتشوسيتس حيث يقضي عطلته “الدولة الاسلامية.. لا تمثل اي دين. الغالبية العظمى من ضحاياها مسلمون ولا يوجد دين يدعوا الناس لذبح الأبرياء. لا إله عادلا سيرضى بما فعلوه بالأمس وبما يفعلونه في كل يوم”. وتابع أوباما انه اتصل بأسرة فولي للمواساة.

ومضى يقول “عقيدتهم فاسدة. قد يزعمون بأنهم في حرب مع الولايات المتحدة والغرب لكن الحقيقة هي انهم يروعون جيرانهم ولا يقدمون لهم سوى عبودية لا تنتهي لرؤيتهم الخاوية وانهيار أي تعريف للسلوك المتحضر.”

وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الولايات المتحدة “لن تتخاذل في مواجهة هذا الشر.”

وأضاف في بيان “يجب تدمير الدولة الاسلامية … والشر الذي تمثله. المسؤولون عن هذا العمل الفظيع والجريمة الشنعاء سيحاسبون.”

* أجهزة المخابرات

وبدأت شرطة مكافحة الارهاب البريطانية تحقيقا في الفيديو الذي تحدث فيه قاتل فولي بلكنة لندنية.

والقاتل الذي يبدو أنه مواطن بريطاني هو مجرد واحد من مئات المسلمين الأوروبيين الذين اجتذبوا للانضمام الى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا وتقول السلطات انهم يمثلون تهديدا أمنيا للمصالح الأمريكية والأوروبية إذا عادوا من الشرق الأوسط.

ويظهر الفيديو درجة عالية من الحرفية التقنية وربما كان استخدام صوت بريطاني مقصودا لجعل مضمونه واضحا للجمهور في الولايات المتحدة العدو المعلن للدولة الاسلامية.

وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إنه لم يدهش حين سمع اللكنة البريطانية لأن عددا كبيرا من المواطنين البريطانيين يحاربون في العراق وسوريا.

وقال هاموند لتلفزيون سكاي نيوز “أجهزة مخابراتنا على جانبي المحيط الأطلسي ستنظر عن كثب الى هذا الفيديو للتأكد من صحته ومحاولة معرفة هوية الشخص المعني وحينها سنعمل معا في محاولة لتحديد مكانه.”

وقالت فرنسا إنها تريد أن تنسق الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول الاقليمية بما فيها الدول العربية وايران التحرك ضد الدولة الاسلامية.

وقالت الأمم المتحدة إن الأمين العام للمنظمة بان جي مون أدان قتل فولي وقال إن تنظيم الدولة الاسلامية يرهب الناس في انحاء سوريا والعراق.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريتش “يدين الأمين العام بأقوى العبارات القتل المروع للصحفي جيمس فولي وهي جريمة شائنة تؤكد حملة الارهاب التي يواصل تنظيم الدولة الإسلامية.. شنها ضد شعبي العراق وسوريا.”

وحث وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري العالم يوم الاربعاء على دعم بلاده في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي وصفه بأنه تهديد عالمي وليس مجرد تهديد لافراد الأقليات العرقية الذين قتلهم في العراق.

وأعلنت ألمانيا وإيطاليا استعدادهما لارسال أسلحة لتعزيز القدرات العسكرية للأكراد العراقيين الذين يحاربون الدولة الإسلامية في شمال البلاد.

ويمثل ارسال أسلحة تحولا كبيرا بالنسبة لألمانيا التي غالبا ما تبتعد عن التورط المباشر في الصراعات العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية بسبب ماضيها النازي.

ولم يكن في رسالة الفيديو أي مواربة إذ حذرت من انتقام أكبر يستهدف الأمريكيين بعد حوالي اسبوعين من الضربات الجوية الأمريكية التي دكت مواقع الجهاديين وأوقفت تقدم الدولة الاسلامية التي استولت منذ يونيو حزيران على ثلث العراق دون مقاومة تذكر.

وكان مسلحون خطفوا فولي (40 عاما) في 22 نوفمبر تشرين الثاني عام 2012 في شمال سوريا بينما كان في طريقه إلى الحدود التركية وفقا لما ذكرته جلوبل بوست.

وعمل فولي في منطقة الشرق الأوسط لمدة خمس سنوات وسبق أن تعرض للخطف في ليبيا وأطلق سراحه.

أما سوتلوف الذي ظهر في نهاية الفيديو فقد اختفى في شمال سوريا اثناء تغطيته الاحداث في يوليو تموز عام 2013. وكان يعمل لحساب مجلة تايم ومؤسسات صحفية أخرى.

وفي صفحة على فيسبوك مخصصة لفولي تقول رسالة من والدته دايان فولي “نحن أشد ما نكون فخرا بابننا جيم. فقد بذل حياته محاولا أن يكشف للعالم معاناة الشعب السوري.”

وأضافت “ونحن نتوسل للخاطفين أن يبقوا على حياة الرهائن الباقين. فهم أبرياء مثل جيم. وليس لهم أي قدرة على التحكم في سياسة الحكومة الامريكية في العراق أو سوريا أو أي مكان آخر في العالم.”

وجاء نشر الفيديو على الانترنت بعد أن استأنفت الولايات المتحدة الضربات الجوية في العراق هذا الشهر للمرة الأولى منذ انتهاء الاحتلال الأمريكي في عام 2011.

وقال السناتور الجمهوري جون مكين إن ذبح فولي يجب ان يكون نقطة تحول في مداولات الرئيس باراك اوباما بخصوص كيفية التعامل مع الجماعة.

وأضاف مكين في مقابلة عبر الهاتف “قبل كل شيء يجب ان تزيد بصورة كبيرة الضربات الجوية. ويجب ان تكرس تلك الضربات لسوريا ايضا.”

* الدولة الإسلامية

استهل التنظيم -الذي أعلن قيام الخلافة في أجزاء من سوريا والعراق- مقطع الفيديو بلقطات لأوباما يقول فيها إنه أمر بتوجيه ضربات في العراق.

وكتب على الشاشة باللغتين العربية والانجليزية “أوباما يأمر بعمليات عسكرية ضد الدولة الإسلامية لتنزلق أمريكا عمليا نحو جبهة حرب جديدة ضد المسلمين.”

وعرض الفيديو لقطات بالابيض والأسود من الجو للضربات الجوية وكتب على الشاشة “العدوان الأمريكي على الدولة الاسلامية.”

ويشاهد رجل قيل إنه فولي حليق الرأس مرتديا زيا برتقاليا يشبه زي السجناء في معسكر جوانتانامو راكعا في الصحراء بجوار رجل واقف يغطيه السواد من قمة رأسه إلى اخمص قدميه ويحمل سكينا.

ويقول فولي “أطالب أصدقائي وعائلتي وأحبائي أن يقوموا علي الحكومة الامريكية التي قتلتني حقا فمصيري هو نتيجة رضاهم بالجرائم.”

ويقول الرجل الملثم بلكنة بريطانية “هذا جيمس رايت فولي رجل أمريكي من بلدكم. كنتم كحكومة في مقدمة العدوان على الدولة الإسلامية مكرتم ضدنا وبحثتم عن أي سبب لتتدخلوا في أمورنا.”

*الجيش الاسلامي

واضاف الرجل الواقف “الآن قواتكم الجوية العسكرية تقصفنا يوميا في العراق. لقد سبب قصفكم خسارات في المسلمين. أنتم الآن لا تقاتلون عصابات. نحن جيش إسلامي ودولة رضي بها عدد كبير من المسلمين في العالم.”

وتابع “فأي عدوان علي الدولة الإسلامية في الحقيقة هو عدوان علي المسلمين الذين رضوا بأن تقودهم الخلافة الإسلامية بكل ألوانهم وألسنتهم. فأي محاولة من قبلك يا أوباما لمنع المسلمين من حقهم في العيش بأمان تحت ظل الخلافة الإسلامية سيكون سببا في سفك دماء شعبك.”

وعقب ذلك يحز رقبة الرجل الراكع ثم تظلم الشاشة وتظهر جثة بلا رأس على الارض ترتدي زيا برتقاليا ووضع فوقها الرأس المقطوع لفولي فيما يبدو. وفي نهاية الفيديو يظهر على الشاشة سجين آخر في زي برتقالي وتظهر عبارة تقول “حياة هذا الأمريكي (ستيفن جويل سوتلوف) يا أوباما تعتمد علي قرارك القادم.”

وقال لاري ساباتو أستاذ العلوم السياسية بجامعة فرجينيا إن عملية القتل تشبه عملية ذبح الصحفي الأمريكي دانييل بيرل في باكستان عام 2002. وأضاف إنها قد تعزز ما يبدو أنه ادراك متزايد لدى الامريكيين بضرورة أن يكون الدور الأمريكي أقوى في التعامل مع مقاتلي الدولة الاسلامية.

وعلى مدى أكثر من عامين كانت سوريا أخطر بلد لعمل الصحفيين إذ قتل فيها 69 صحفيا على الاقل وهم يغطون الحرب الدائرة فيها بعضهم قتل على حدود لبنان وتركيا. وتم اختطاف أكثر من 80 صحفيا في سوريا وربما يكون العدد أكبر إذ أن بعض حوادث الاختطاف لا تحظى بتغطية اعلامية.

وتقدر لجنة حماية الصحفيين التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها أن نحو 20 صحفيا محليا ودوليا مفقودون في سوريا الان. ويعتقد أن كثيرين منهم تحتجزهم الدولة الاسلامية.

وإلى جانب السيطرة على الأراضي سيطرت الدولة الاسلامية على عدد من آبار النفط في شمال العراق. وأعربت الحكومة العراقية عن قلقها إزاء تقارير بأن مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية يهربون النفط إلى الأسواق الخارجية وحذرت من أن شراء مثل تلك الإمدادات قد يساعد التنظيم في تمويل عملياته.

(إعداد أحمد حسن للنشرة العربية – تحرير سيف الدين حمدان)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية