مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في جنين.. أسرة تنعى ابنها بعد إعلان الجهاد الإسلامي “استشهاده”

فلسطيني يحمل علمًا أثناء مشاركته في احتجاج على غارة للجيش الإسرائيلي في جنين على الحدود بين غزة وإسرائيل يوم الاثنين. تصوير: محمد سالم - رويترز. reuters_tickers

من محمد تركمان ورنين صوافطة

جنين (الضفة الغربية) (رويترز) – ذرفت أسرة نور الدين مرشود (16 عاما) دموعا حارة فوق جثمانه المسجى في مشرحة بمدينة جنين يوم الثلاثاء بعدما قُتل خلال عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.

وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أن مرشود واحد من أربعة أعضاء بها قُتلوا يوم الاثنين خلال هجوم إسرائيلي على مخيم جنين للاجئين.

وتحسس أقارب نور الدين المنتحبون وجهه الظاهر من الكفن في أحد المستشفيات القريبة.

وقال حسام مرشود، والد نور الدين، إن آخر مرة رأى فيها ابنه كانت وهو يهرع إلى المستشفى بعدما سمع أن أحد أصدقائه أُصيب. وأضاف حسام “كان (نور الدين) يقول ‘أريد الذهاب إلى المستشفى …‘ وخالطني إحساس بأن شيئا ما سيحدث”.

وقُتل ما لا يقل عن 12 فلسطينيا خلال العملية الإسرائيلية التي بدأت يوم الاثنين، وهي إحدى أكبر العمليات في الضفة الغربية منذ سنوات. ووردت تقارير تفيد بأن العديد من القتلى كانوا في سن المراهقة، إذ قالت حركة الجهاد الإسلامي المدعومة من إيران، إنه بالإضافة إلى مرشود، قُتل ثلاثة آخرون من أعضائها أعمارهم 17 و18 و19 عاما.

وتُبرز أعمار القتلى صغر سن كثيرين من المنخرطين في العنف المتفشي في مناطق بالضفة الغربية، مثل جنين، حيث يصعب إيجاد وظائف ويتبدد أي أمل في المستقبل في ظل الآفاق القاتمة لعملية السلام المتوقفة.

وتقول إسرائيل إن الهدف من العملية هو تدمير البنية التحتية والأسلحة الخاصة بجماعات مسلحة في المخيم الذي يعيش فيه 14 ألف شخص في أزقة مكتظة دائما ما كانت معقلا للجماعات المسلحة الفلسطينية.

وتقول إسرائيل أيضا إن أشخاصا من منطقة جنين نفذوا نحو 50 حادث إطلاق نار استهدفت إسرائيليين منذ بداية العام. وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته أكدت قتلها تسعة فلسطينيين، قائلا إن التسعة جميعا كانوا مسلحين.

وتقول حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تحكم قطاع غزة إن أحد أعضائها قُتل. ولم تؤكد مصادر فلسطينية ما إذا كان القتلى السبعة الآخرون، الذين من بينهم ذكور تتراوح أعمارهم بين 17 و23 عاما، من المسلحين أو العُزل.

ويزيد ضحايا العملية من حصيلة القتلى خلال موجة عنف منذ بداية العام أودت بحياة أكثر من 190 فلسطينيا، من بينهم مسلحون وعُزل، و25 إسرائيليا ومواطنون من دول أخرى.

– محاصرون في بؤرة العنف

مثل مخيم جنين للاجئين بؤرة صراع خلال موجة من العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إذ تحدث مواجهات مميتة بشكل متكرر.

وكان المخيم أيضا مسرحا لأسوأ موجات العنف خلال الانتفاضة الثانية التي بدأت بعد فشل محادثات السلام المدعومة من الولايات المتحدة عام 2000 وتفاقمت لتتحول إلى صراع مسلح بين إسرائيل وجماعات مسلحة فلسطينية.

وفي 2002، شنت إسرائيل هجوما ضخما على المخيم في إطار عملية أشمل في الضفة الغربية قالت عنها إسرائيل إنها تهدف إلى إيقاف هجمات المسلحين، بما فيها التفجيرات الانتحارية التي تسببت في مقتل مئات الإسرائيليين.

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إنها أجلت 500 أسرة، أو نحو ثلاثة آلاف شخص، من المخيم بعد أحدث هجوم عليه، وهو هجوم اشتركت فيه مئات القوات الإسرائيلية والطائرات المسيرة.

وقبض جمال حمدان على يد أخته وهما يسرعان مبتعدين عن المخيم صباح يوم الثلاثاء خلال فترة هدوء في العنف. وقال حمدان “أتيت مساء أمس لأخذ أختي إلى منزلي، لكننا حوصرنا”.

وتفقد اللاجئون بالمخيم الأضرار التي وقعت، ومن بينها الأضرار الجسيمة التي ألحقتها الجرافات بالطرق.

وعبرت منظمات بالأمم المتحدة عن قلقها إزاء نطاق العملية الإسرائيلية. وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية جراء الضربات الجوية تسببت في انقطاع أغلب إمدادات المياه والكهرباء في المخيم.

وقال جهاد حسان، الذي يساوره القلق على سلامة أسرته، إنه فر من منزله بعدما قُصف منزل جاره، مما تسبب في إصابة نجل حسان في ساقه.

وأضاف حسان (63 عاما) متحدثا من المستشفى التي يتلقى فيها نجله الرعاية الصحية “ننتظر حتى نعود إلى بيتنا. أصعب شيء على الإنسان أنه يضطر يغادر بيته”.

(شارك في التغطية علي صوافطة من جنين ونضال المغربي من غزة ومصطفى أبو غنية وجيمس ماكينزي من القدس – إعداد محمد أيسم للنشرة العربية – تحرير علي خفاجي)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية