مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مكانة أكبر للبحث العلمي والتعاون التكنولوجي في العلاقات بين برن وأبوظبي

الرئيسان الفخريان لمجلس الصداقة السويسري الإماراتي ، من اليمين ، الشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان، والرئيس الأسبق لسويسرا باسكال كوشبان اثناء افتتاح اليومين الدراسيين في لوزان يوم 22 يونيو 2011 swissinfo.ch

وفر الملتقى الدراسي الإماراتي الذي احتضنه المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان مؤخرا فرصة أولى لتقييم حصيلة نشاط مجلس الصداقة السويسري الإماراتي في مناسبة مرور عام على إنشائه.

وكان المجلس قد أبصر النور عام 2010 في خطوة هدفت لتعزيز العلاقات بين برن وأبوظبي ووضع تحت الرعاية الشرفية لرئيس الكنفدرالية الأسبق باسكال كوشبان والشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان.

لم يعد خافيا أن العلاقات السويسرية الإماراتية تتميز بجهود حثيثة تبذل لدعم التعاون في مجال البحث العلمي. وبعد إطلاق المشروع الرامي إلى تشييد أول فرع للمعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان في إمارة رأس الخيمة، والمشاركة الكبرى لسويسرا بقطاعاتها العمومية والخاصة في مشروع “مدينة مصدر” في أبو ظبي، احتضنت مدينة لوزان يومي 22 و  23 يونيو 2011 يومين دراسيين للإمارات بالتزامن مع مرور سنة تقريبا على تأسيس مجلس الصداقة السويسري الإماراتي.

وفي كلمة الإفتتاح، اعتبر الشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان أن مجلس الصداقة “حقق أغلب الأهداف التي تم تحديدها في الدورة الأولى التي عقدت في أبو ظبي في 7 اكتوبر 2010”. ونوّه الشيخ سلطان – الذي يشغل منصب مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للقضايا العلمية – إلى أن تأسيس المجلس “يعكس رغبة الإمارات في الإنفتاح على الآخر وتعريفه بحضارتها وثقافتها ومعالم نهضتها الشاملة… وخاصة  المجتمعات التي وصلت إلى مراحل متقدمة من التطور التكنولوجي والعلمي والإقتصادي، لتبادل الخبرات والمصالح والإستفادة من التجارب وتحقيق متطلبات التنمية وخدمة المجتمع”.

أما باسكال كوشبان، الرئيس الفخري عن الجانب السويسري فصرح لـ swissinfo.ch بأن “المجلس حقق نجاحا فعليا لأنه استطاع تنظيم لقاء أولي العام الماضي في الإمارات كما كان متوقعا. وها هو اليوم ينظم إجتماعا في سويسرا. وقد كانا اجتماعين هامين من خلال نوعية المشاركين فيهما. وبالنظر إلى المشاركة الكبيرة للشباب في هذه اللقاءات، فهذا يعني أن بناء المستقبل يتم وفقا لما طمحنا له”.

وشدد الرئيس السويسري الأسبق على أن “أواصر الصداقة والتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة تتم عبر التعاون العلمي وهي الطريقة المثلى للتعاون بين فئات الجيل الصاعد”. ولدى تقييمه لعمل مجلس الصداقة السويسري – الإماراتي أوضح أن “مجلس إدارته استطاع إنجاز كل الأهداف التي تم تحديدها في الإجتماع الأول”، مُضيفا بروح الدعابة التي لا تفارقه “فإما أنه لم يكن مُبالغا في رفع سقف الطموحات، او أن أعضاء مجلس إدارته يشتغلون بشكل خارق للعادة”.

رؤيا واسعة لمجالات التعاون

لا يُنكر المراقبون أن “مجلس الأعمال السويسري” في دولة الإمارات بفرعيه في دبي وأبوظبي لعب دورا كبيرا في تعزيز العلاقات بين البلدين منذ عقود، وكان له دور هام في تأسيس “مجلس الصداقة السويسري الإماراتي” في السنة الماضية، وفي تنظيم لقاء لوزان يومي 22 و 23 يونيو 2011.

السيدة بدرية المُلا، نائبة رئيس المجلس، ذكّرت بأن السنة الأولى شهدت الإهتمام بتشكيل بنية المجلس وهياكله واختيار أعضاء الفريق الذين يسهرون على تسييره، وأوضحت في تصريحات لـ swissinfo.ch أن الطرف الإماراتي “حاول بعد ذلك التركيز على التعاون في المجال الثقافي، لأنك إذا كنت ترغب في تقوية العلاقات بين بلدين، فلن تستطيع تحقيق ذلك بدون فهم ثقافة هذا المجتمع (الذي تسعى إلى التعاون مع أبنائه)”.

إلى جانب التركيز على التعاون العلمي، تقول السيدة بدرية “إننا نرغب في تعزيز العلاقات الإقتصادية والسياسية أيضا بين البلدين، وهناك مشروع يرمي إلى التوصل إلى اتفاق حول منع الإزدواج الضريبي”، لكنها تعترف بأن “تحقيق تقدم في المجال السياسي يتطلب الكثير من الوقت والإجتماعات والإتفاقيات”.

وعبرت السيدة بدرية المُلاّ عن الأمل في أن يشهد “الإجتماع القادم للمجلس الذي سيعقد في أبو ظبي في عام 2012 الكثير من التقدم ليس فقط في مجال الأبحاث العلمية بل أيضا في المجالين الإقتصادي والسياسي”.

قطاعات للتعزيز ونقائص للتدارك

عندما يُسأل رجال السياسة عن القطاعات التي لا زالت تشكو من بعض النقائص والتي قد يسعى مجلس الصداقة السويسري الإماراتي لمزيد التركيز عليها في نشاطاته، تأتي الأجوبة مقترنة بالحرص على التقليل من أهمية العراقيل أو حجم النقائص.

 الرئيس السويسري الأسبق باسكال كوشبان قال: “أعتقد بأن العلاقات السويسرية الإماراتية ممتازة للغاية، ويجب الحفاظ على هذه الجودة وعلى وتيرة تنمية المبادلات بين البلدين سواء تبادل الأشخاص أو تبادل المعارف. ولسنا في حاجة إلى قفزات كبرى من حيث الكمية بل يجب تعزيز الجودة في هذه العلاقات وهذا ما يتم عبر اللقاءات الشخصية وعبر التفاهم المتبادل وعبر الحوار والنقاش الذي تقيمه أوساط الأعمال الخاصة لأن  مجلس الصداقة لن يستطيع القيام بذلك”.

وفي هذا السياق، استشهد السيد كوشبان بمقتطفات من حديث دار بينه في لقاء لوزان مع أحد أرباب الصناعة السويسريين الناشطين في دبي منذ عام ونصف، حيث أكد له أن “التواجد على عين المكان أمر ضروري بالنسبة للشركات السويسرية”، لذلك لم يتردد الرئيس الأسبق للكنفدرالية في الإعراب عن الأمل في “رؤية شركات سويسرية أخرى تقتدي بهذا المثل”.

من أجل تحقيق فوائد.. للجانبين

السيد عبد الرحيم، الأمين العام لغرف التجارة بمجلس التعاون الخليجي الذي حضر بدوره اجتماع لوزان، ينظر الى الموضوع من زاوية تعديل العجز في الميزان التجاري (المائل حاليا بشدة لصالح سويسرا) سواء في مبادلاتها مع الإمارات، أو مع دول الخليج عموما والذي يقدر بحوالي 6،2 مليار فرنك.

وفي معرض شرحه للمسألة، يقول السيد عبد الرحيم نقي “تمحورت مشاركتنا في هذا اللقاء حول التركيز على الدور الذي يمكن أن تلعبه سويسرا في تشييد البنية التحتية في دول الخليج التي تستعد لتطويرها وخاصة فيما يتعلق بالنقل والسكك الحديدية وكل أشكال الطاقة بالإضافة الى المواد الإستهلاكية. وبما أن سويسرا تعرف تقدما في مجال الخدمات والسياحة، نسعى الى زيادة حجم التبادل التجاري معها وإلى تعديل الميزان التجاري وتحسيس الجانب السويسري بما لدينا من إمكانيات، خصوصا وأن الأزمة المالية العالمية تمر بمراحلها النهائية”. ولم يتردد السيد نقي عن الإعراب عن اقتناعه بأن “السويسريين يحتاجون للخليج”، مضيفا “لقد جئنا إلى أصدقائنا السويسريين برسالة مفادها أننا اليوم في عصر التكتلات الإقتصادية وبالتالي فنحن نتطلع إلى أن تكون هناك فائدة للجانبين”.

إذا كانت السيدة بدرية المُلاّ قد أشارت في البداية إلى ترقب الأوساط الإقتصادية لإبرام اتفاقية تحول دون الإزدواج الضريبي بين برن وأبوظبي، فقد لاحظ السيد أورس شتيرنيمان، نائب رئيس مجلس الأعمال السويسري، أن دولة الإمارات تعرف نفس المشاكل التي تشهدها سويسرا بحكم الآليات المعتمدة في النظام الفدرالي، من ذلك أن “التعامل مع الشركات الأجنبية في قطاعات متطورة مثل التي تحتاجها مشاريع (مدينة مصدر) يتطلب إيجاد إطار قانوني لذلك. وبما أن دولة الإمارات تتركب من سبع إمارات فإنها تعرف – شأنها في ذلك شأن سويسرا – مشاكل التوفيق بين كافة القوانين الصادرة عن  جميع الإمارات، يضاف الى ذلك وجود منافسة صحية فيما بينها من أجل اجتذاب الإستثمارات (الخارجية) وهذا ما نعرفه أيضا بين الكانتونات السويسرية، ولكنها تسير في الإتجاه الصحيح لتسوية كل ذلك”، على حد قوله.         

قفز حجم المبادلات التجارية بين الطرفين من 3،5 مليار فرنك في عام 2005 الى 6،2 مليار فرنك في عام 2010، بمعدل نمو سنوي يقدر بـ16%.

في 2010، بلغت قيمة العجز المسجل في الميزان التجاري لصالح سويسرا 5،2 مليار فرنك من الصادرات السويسرية، و 989 مليون فرنك فقط من الواردات.

تتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الشركاء الخليجيين لسويسرا حيث استوردت بضائع ومنتجات تبلغ قيمتها 2،2 مليار فرنك، وصدرت إليها ما قيمته 756 مليون فرنك.

وراء الإمارات، تأتي المملكة العربية السعودية بحوالي 1،6 مليار من الواردات و 100 مليون فرنك من الصادرات.

سجلت مبادلات سويسرا مع باقي دول الخليج في عام 2010 (صادرات – واردات) الأرقام التالية: 273-123 مليون فرنك مع البحرين، و454-75  مليون فرنك مع الكويت، و 209- 2 مليون فرنك مع سلطنة عمان، و 392-166 مليون فرنك مع قطر.

بعد عشرة أعوام من المفاوضات، وقعت دول مجلس التعاون الخليجي سنة 2009 مع دول الرابطة الأوربية للتبادل التجاري الحر EFTA (التي تنتمي إليها سويسرا) على اتفاقية للتبادل التجاري الحر بين المجموعتين تُعقد عليها آمال كبرى لرفع العراقيل القائمة بوجه المبادلات بشتى أنواعها بين الطرفين.

(المصدر: الغرفة التجارية العربية السويسرية)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية