مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أربعة عشر عاما في خدمة اللاجئين الأفغان!

صورة لفصل في إحدى المدارس التي أنشأها الدكتور ثايو لوخر في مخيمات اللاجئين الأفغان في الباكستان swissinfo.ch

بعد سنوات طويلة من الجهود المتصلة والصامتة، تمكن متقاعد سويسري من إعداد آلاف الشبان الأفغان لعودة محترمة إلى بلادهم التي تستعد الآن لبدء مرحلة جديدة من تاريخها المضطرب

في عام سبعة وثمانين بلغ الدكتور ثايو لوخر سن الخامسة والستين وهو سن التقاعد الرسمي في سويسرا، لكن قناعة ترسخت لديه بأن من البلاهة الانسحاب من معترك الحياة في قمة الخبرة المهنية والانسانية، دفعه لاختيار مسار فريد لبقية حياته.

شاءت الصدف أن يزور السيد لوخر في منتصف الثمانينات معرضا في العاصمة الفرنسية كشف له عن الواقع المرير لمعاناة اللاجئين الأفغان في مخيماتهم في باكستان وأثر فيه أيما تأثير بل يبدو أن الفكرة التي سينجزها بعد إحالته على التقاعد اختمرت في ذهنه منذ ذلك الحين.

فهؤلاء اللاجئون سيعودون يوما ما إلى موطنهم لذا فلا بد من تمكينهم من الحصول على تكوين وتأهيل يساعدهم على المساهمة إيجابيا في إعادة إعمار بلادهم في المستقبل. ومن الفكرة المجردة والمشاعر الانسانية انطلق المتقاعد في إنجاز فكرته.

زاد السفر من مدينة بيل/بيان التي يقيم فيها إلى مجاهل وسط آسيا لم يتجاوز بعض العناوين في شمالي باكستان والخطوة الأولى تمثلت في إنشاء مدرسة احتضنت على الفور مائة تلميذ وتلميذة.

أمام توسع النشاط وتزايد الاحتياجات أسس السيد ثايو لوخر منظمة غير حكومية تحمل اسم “المساعدة السويسرية للاجئين الأفغان” التي تمكنت بفضل مساهمات مالية تلقتها من العديد من المتبرعين من تمويل مساعدات مباشرة وبرامج تعليم للمهجرين ونسج شبكات من مجموعات الدعم الذاتي من أجل إعادة بناء البلد المدمر جراء الغزو السوفياتي.

أربعة عشر عاما من العطاء

بعد أن وقّع السيد لوخر من التوقيع على عقد إنشاء أول مدرسة مع السلطات المحلية آقتيد إلى مكان قريب من مخيم للاجئين وأشار مرافقه إلى قطعة أرض صحراوية قائلا: هذا هو المكان المخصص لمدرستك حيث لا يساوي سعر المتر المربع الواحد شيئا… إنها الصحراء! واليوم، أي بعد أربعة عشر عاما من العمل الدؤوب تمكن المعلم المتقاعد القادم من مدينة صغيرة وسط سويسرا من إقامة سبعة عشر مدرسة من بينها مركز للتكوين في مجالي الإدارة والإقتصاد.

فصول هذه المدارس شهدت عبور عشرة آلاف طفل وشاب من الذكور والإناث يستعد معظمهم الآن للعودة إلى داخل أفغانستان بعد أن تلقوا تعليما أساسيا وحصلوا على العديد من المساعدات النقدية والغذائية طيلة السنوات العجاف.

من جهة أخرى، اهتمت المدارس التي أقامها المعلم السويسري المتقاعد بتعليم البنات بشكل خاص حيث لم تقتصر الدروس المقدمة فيها على تعليم مبادئ القراءة والكتابة بل شملت تعليم الخياطة والتطريز وبعض المهن اليدوية البسيطة بما يساعدهن على ضمان الحصول على حد أدنى من الدخل.

قد يتساءل المرء عن الدوافع التي أقنعت مدرس الإقتصاد والجغرافيا والرياضيات السابق وباعث المؤسسة السويسرية لعلم النفس الماورائي بالتحول على أفغانستان البعيدة من أجل الاستمرار في العطاء بعد بلوغه سن التقاعد؟

يجيب السيد ثايو لوخر بنفسه عن هذا التساؤل في حديث أجراه مع القسم الإسباني في سويس إنفو قائلا: إننا نعيش في سويسرا في بلد حرّ ونتمتع بالعديد من الحقوق وبالرفاهية كما أنه لا توجد فوق أراضينا قوات أجنبية لذا فلا بد لنا من تقديم المساعدة إلى أولئك الذين لا يتمتعون بكل هذه المزايا.

لا شك في أن هذه المبررات مقنعة تماما لكن لا بد كذلك من توافر عزيمة فولاذية وقدرة على تحمل المشاق والمصاعب في خريف العمر لمساعدة اللاجئين الأفغان على تحصيل المعارف الضرورية والإستعداد للمساهمة في إعادة إعمار البلاد. وهي صفات يبدو أنها توافرت لدى ثايو لوخر.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية