مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إردوغان يشارك في أول صلاة في آيا صوفيا عقب إعادتها مسجداً

صورة وزعتها خدمة الصحافة في الرئاسة التركية تظهر الرئيس رجب طيب إردوغان إلى جانب زوجه أمينة في آيا صوفيا، 23 تموز/يوليو 2020 afp_tickers

شارك آلاف المسلمين ظهر الجمعة في أول صلاة تقام في آيا صوفيا عقب تحويلها المثير للجدل إلى مسجد، في مناسبة تلا خلالها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان آيات من القرآن.

وعلا الآذان من مآذن آيا صوفيا الأربع عقب تلاوة إردوغان الذي اعتمر قلنسوة، سورة الفاتحة في أحداث نقلت مباشرة عبر الهواء.

وقال رئيس الشؤون الدينية في تركيا علي أرباش الذي تقلّد سيفاً فوق المنبر رمزاً إلى “فتح القسطنطينية” على يد العثمانيين عام 1453، “نشهد لحظة تاريخية (…) انفصال طال أمده يصل إلى خاتمته”.

وقال الرئيس التركي عقب الصلاة إن أيا صوفيا “عادت مسجدا. وبمشيئة الله، ستبقى أبد الدهر مسجداً يؤمه المؤمنون كافة”.

وهذه أول صلاة جماعة تقام منذ 86 عاماً في آيا صوفيا، الصرح المعماري المشيّد في القرن السادس الميلادي. وهي كانت كنيسة ثم مسجداً عثمانياً فمتحفاً.

وكان إردوغان أقرّ تحويل المكان إلى مسجد، مستنداً إلى حكم قضائي يبطل قرار تحويلها متحفاً في 1934.

من جهته، قال المفوض الأوروبي، اليوناني الجنسية، مارغاريتيس سكيناس الجمعة إنه “غاضب” لإعادة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، واعتبر أن القرار “نقطة انطلاق سيئة” للعلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.

وأثار قرار تحويل المعلم إلى مسجد انتقادات في الخارج خصوصا من روسيا واليونان، واعرب البابا فرنسيس عن “حزنه العميق” لهذا القرار.

وبرغم أزمة تفشي وباء كوفيد-19، فإنّ حشوداً تراصت منذ الصباح في محيط آيا صوفيا، وفق مراسلي فرانس برس. وأمضى البعض ليلتهم في المكان.

وقالت آية نور ساعاتجي، 49 عاماً وهي ربة منزل قطعت عطلتها الصيفية للمشاركة في المناسبة، “إنّه حدث تاريخي. ليبارك الله رجب طيب إردوغان الذي يقوم بكل هذه الأشياء الرائعة. أنا متأثرة للغاية”.

وأكد إردوغان أن نحو 350 ألف شخص صلوا في آيا صوفيا ومحيطها، وهو رقم يتعذر التحقق من صحته لكنه يبدو مبالغا فيه.

– “تحطيم القيود” –

يرى عدد من المراقبين أن إردوغان يهدف من تحويل آيا صوفيا إلى مسجد مجددا، إلى تقوية قاعدته المحافظة القومية في أجواء من الصعوبات الاقتصادية التي تفاقمت مع انتشار وباء كوفيد-19.

وباتخاذه هذا القرار، يمس الرئيس التركي أيضا بإرث مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك الذي حوّل المسجد متحفاً ليصير رمز تركيا العلمانية.

وفي خطوة رمزية، اختار اردوغان إقامة أول صلاة في الذكرى السابعة والتسعين لاتفاقية لوزان التي رسمت حدود تركيا الحديثة. ويطالب الرئيس التركي الذي يحن إلى الامبراطورية العثمانية، في أغلب الأحيان بتعديلها.

ولا تزال آيا صوفيا مرتبطة ارتباطا وثيقاً في تركيا بدخول العثمانيين القسطنطينية بقيادة السلطان محمد الثاني “الفاتح”.

عقب الصلاة، زار إردوغان مصلى السلطان برفقة حليفه زعيم اليمين القومي المتطرف دولت بهتشلي. ولم يشارك أي من قادة المعارضة في الصلاة.

وقال التاجر صلاح الدين ارداش الذي حضر للمشاركة في الصلاة “إنّها اللحظة التي تحطم فيها تركيا القيود. سيكون بمقدورها القيام بما تشاء من الآن فصاعداً، من دون الخضوع للغرب”.

وأضاف “لا أحد يقدر على إعادتها مسجداً سوى رئيسنا”.

وتأتي صلاة الجمعة هذه في أجواء من التوتر الشديد بين أنقرة واثينا مرتبطة خصوصا بعمليات التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط.

ودانت اليونان بشدة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد معتبرة أنه “استفزاز للعالم المتحضر”.

– “استعراض سياسي” –

وعلى سبيل الاحتجاج، كان من المتوقع أن تقرع أجراس الكنائس في اليونان الجمعة. “فهذا يوم حداد لكل (…) المسيحية”، وفق رئيس أساقفة أثينا وكل اليونان إيرونيمس الثاني.

بدوره، أعرب اسرافيل، بائع السجاد بالقرب من آيا صوفيا، عن خشيته من “أثر سلبي للقرار على السياحة” المتضررة جراء أزمة فيروس كورونا المستجد.

واعتبر أن “كل هذا الاستعراض لأغراض سياسية”.

ورفضت أنقرة الانتقادات باسم “السيادة”، مشددة على أن السياح ما زالوا يستطيعون زيارة هذا الصرح الذي أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) على لائحة التراث العالمي.

لكن تسرّع السلطات في إقامة أول صلاة فيه يثير قلقا.

وقالت الباحثة في جامعة بيتسبرغ طوبا تانييري اردمير إنه لم يكن هناك “وقت كاف لمشاورة الخبراء كما ينبغي وإجراء مشاورات ومناقشات (…) والتوصل إلى استراتيجية دائمة”.

وأضافت لوكالة فرانس برس أن “الإجراءات التي تتخذ على عجل (…) يمكن أن تكون عواقبها كارثية وأن تسبب أضرارا لا يمكن إصلاحها”.

ويثير مصير لوحات الفسيفساء البيزنطية الموجودة داخل آيا صوفيا وكانت مغطاة بالجص في العهد العثماني، قلق المؤرخين.

وقالت رئاسة الشؤون الدينية أنه سيتم تغطيتها بستائر خلال الصلاة فقط.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية