The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

الذكاء الاصطناعي يُتَرجِم نظرية “الاستبدال العظيم” إلى مقاطع فيديو

afp_tickers

وسط كومة قمامة، يَظهر برج بيغ بن اللندني الشهير، مغطى بكتابات غرافيتي بالعربية، والدخان يتصاعد منه، محاطا بحشد من الناس يرتدون ملابس إسلامية، في مقطع فيديو مُولّد بالذكاء الاصطناعي، يقدّم مشهدا خياليا للعاصمة البريطانية سنة 2050.

وهذه المقاطع التي تتضمن مشاهد مستقبلية متخيّلة لمدن أوروبية، تبدو فيها وقد تغيّرت جذريا بفعل الهجرة الجماعية، تحظى بإعجاب كبير من قادة اليمين المتطرف الذين يروجون لها على وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز نظرية “الاستبدال العظيم”، وهي نظرية مؤامرة مفادها أن مهاجرين يحلّون مكان الأوروبيين البيض.

ويشرح خبراء لوكالة فرانس برس أن إنشاء مثل هذه المقاطع بسرعة كبيرة بات ممكنا باستخدام برامج الدردشة الآلية الشعبية، رغم وجود ضوابط يُفترض بها أن تحول دون نشر مواد مسيئة.

وينبّه عمران أحمد من مركز مكافحة الكراهية الرقمية في حديث لوكالة فرانس برس من أن “أدوات الذكاء الاصطناعي تُستغل لتحويل السرديات المتطرفة إلى صور ونشرها”. 

وأعاد الزعيم اليميني المتطرف البريطاني تومي روبنسون مثلا نشرَ مقطع الفيديو “لندن في 2050” على منصة “إكس” في حزيران/يونيو، وحصد أكثر من نصف مليون مُشاهَدَة. 

وفي أيلول/سبتمبر الفائت، نظّم روبنسون الذي نشر مقاطع فيديو مماثلة مُولّدة بالذكاء الاصطناعي لنيويورك وميلانو وبروكسل أكبر تظاهرة منذ سنوات لليمين المتطرف في وسط لندن، بمشاركة أكثر من 110 آلاف شخص، احتجاجا على الهجرة.

 ويُعرب الخبير من مركز مكافحة الكراهية الرقمية عن قلقه، إذ يلاحظ أن “أنظمة الإشراف تفشل بشكل منهجي على كل المنصات في منع إنشاء مواد من هذا النوع ونشرها”.

إلاّ أن “تيك توك” حظرت الحساب المُنشئ لمقاطع الفيديو التي نشرها روبنسون. وتؤكد المنصة أنها تمنع الحسابات التي تُروّج بشكل متكرر لتوجهات وعقائد قائمة على الكراهية، ومن بينها نظريات المؤامرة. 

– “صور نمطية مسيئة” –

لكنّ ذلك لم يَحُل دون مشاهدة الملايين على وسائل التواصل الاجتماعي هذه المقاطع  التي أعاد نشرها كل من القومي النمسوي الراديكالي مارتان سيلنر والبرلماني البلجيكي اليميني سام فان روي.

ونشرت النائبة الإيطالية في البرلمان الأوروبي سيلفيا ساردوني، من حزب “ليغا” اليميني الشعبوي، مقطع فيديو مماثلا عن ميلانو على “فيسبوك” في نيسان/أبريل، وعلّقت سائلة “هل نريد حقا مستقبلا كهذا؟”. 

ونشر زعيم “حزب الحرية” الهولندي غيرت فيلدرز مقطع فيديو مُولّدا بالذكاء الاصطناعي لنساء يرتدين الحجاب بعنوان “هولندا في 2050″، ضمن حملته لانتخابات تشرين الأول/أكتوبر. 

وتوقع المقطع أن يصبح الإسلام الديانة الرئيسية في هولندا بحلول هذا السنة، مع أن 6 في المئة فحسب من السكان يقولون إنهم مسلمون. 

ولاحظت الأكاديمية في كلية “لندن سكول أوف إيكونوميكس” للاقتصاد بياتريس لوبيز بواركيه التي تجري أبحاثا عن السياسة الرقمية ونظريات المؤامرة أن المقاطع من هذا النوع تُضخّم “الصور النمطية المسيئة التي قد تُؤجج العنف”. 

وأضافت في حديث لوكالة فرانس برس أن “عملية نشر التطرف الواسعة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي تتفاقم”.

– “كراهية مُربحة” –

ورأت بواركيه أن “المشكلة تكمن في أن الكراهية أصبحت مربحة جدا في مجتمع اليوم”.

ويستخدم مُنشئ المقاطع التي أعاد تومي روبنسون نشرها اسما مستعارا، ويقيم دورات مدفوعة الأجر لتعليم الناس كيفية إنشاء مقاطعهم الخاصة بواسطة الذكاء الاصطناعي، مُشيرا إلى أن “نظريات المؤامرة” موضوع “ممتاز” لجذب المستخدمين إلى صفحته وزيادة النقرات.

ويعود إلى الكاتب الفرنسي اليميني المتطرف رونو كامو الترويج لنظرية “الاستبدال العظيم” للسكان الأوروبيين بمهاجرين بتواطؤ من النخب. 

ولاختبار أدوات الذكاء الاصطناعي، طلبت وكالة فرانس برس من برامج “تشات جي بي تي” و”غروك” و”جيميناي” و”فيو 3″ عرض صور لندن ومدن أخرى في عام 2050، ووجدوا أنها تُنتج عموما صورا إيجابية إلى حد ما.

لكنّ الخبراء الذين قابلتهم وكالة فرانس برس أوضحوا أن من السهل توجيه برامج الدردشة الآلية لإنشاء صور عنصرية.

ويُحذّر رئيس قسم الأبحاث في “إيه آي فورنسيكس” سلفاتوري رومانو من أن أيًا من هذه البرامج لا يتمتع بدقة تامة.

ويرى أن ذلك “يمكن الجهات الخبيثة من استغلال برامج الدردشة الآلية لإنتاج صور تشبه تلك المتعلقة بالمهاجرين”.

وتدفع “تيك توك” ومجموعة “ميتا” التي تضم “فيسبوك” و”إنستغرام” لوكالة فرانس برس، ولنحو مئة جهة أخرى لتقصي الحقائق، وللتحقق من صحة مقاطع الفيديو التي قد تحتوي على معلومات مضللة.

 أم/ب ح/لين

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية