
المعاناة تشحذ الإيمان بالنسبة للزوار الشيعة في صحاري العراق

من علاء المرجاني
كربلاء (العراق) (رويترز) – لم يكن ماجد الكريم مجهزا بالكثير للرحلة التي تمتد لمسافة 500 كيلومتر سيرا على الأقدام عبر صحاري جنوب العراق القائظة، فهو يرتدي صندلا وملابس سوداء تمتص الحرارة ويمسك بيده عصا مكنسة خشبية لمساعدته في المشي.
لكن المعاناة هي جوهر الرحلة.
تهدف الرحلة إلى التعبير عن الحزن والثناء على الحسين حفيد النبي محمد الذي قتل في معركة قبل 1400 سنة.
يبدأ ماجد رحلته من أبعد نقطة انطلاق ممكنة وهي رأس البيشة بجنوب العراق. يقف على رمال الخليج قبل أن ينطلق شمالا نحو مقصده مدينة كربلاء حيث قُتل الحسين وحيث يوجد مرقده الآن. تستغرق الرحلة 22 يوما.
وشكلت هذه بداية مرهقة للرجل البالغ من العمر 58 عاما. فالرياح الحارة القوية التي تهب عبر صحاري وأهوار جنوب العراق، أو من مياه الخليج إلى الداخل، أرهقته بالفعل ومزقت راية سوداء كان يحملها في الجزء الأول من الرحلة.
ومع ذلك، يبدي تفاؤلا ويقول إن إيمانه وعزيمته أصبحا الآن أقوى من أي وقت مضى.
ويضيف “أنا بخير والحمد لله. طريق الإمام الحسين هو طريق الأحرار. أشعر وكأني ملِك على هذا الطريق”.
وشعائر الأربعينية من أهم الشعائر لدى الشيعة. وأصبحت أكبر تجمع سنوي ديني في العالم ويفوق عدد المشاركين فيها بكثير عدد الحجاج إلى مكة المكرمة.
وتلك الشعائر ترمز إلى مرور أربعين يوما على مقتل الحسين على يد جيش الخليفة يزيد بن معاوية.
* انقسام الشيعة والسنة
يحيي الشيعة ذكرى مقتل الحسين بمجالس عزاء في الشوارع. ويعتقد الشيعة أن الخلافة كان ينبغي أن تظل في نسل النبي محمد بينما يعتقد السنة أن اختيار الخليفة كان يتعين أن يتم بالإجماع.
وأدى الخلاف بين الشيعة والسنة إلى انقسام الشرق الأوسط بدرجات متفاوتة في مراحل تاريخية مختلفة. وأدى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 إلى تفاقم التوترات الطائفية التي أججت حربا أهلية في العراق ذي الأغلبية الشيعية والذي توجد به أيضا أعداد كبيرة من السنة.
لكن الإطاحة بصدام حسين خلال ذلك الغزو أتاح للشيعة ممارسة طقوسهم التي فرض صدام قيودا عليها.
وتمكن ماجد لأول مرة من زيارة كربلاء لإحياء الأربعينية بعد الإطاحة بصدام، ويفعل ذلك كل عام منذ ذلك الحين. ويقول بفخر “هذه هي زيارتي الثامنة عشرة”.
ومراسم الأربعينية فرصة لإظهار الكرم وحفاوة الاستقبال في العراق إذ يوزع متطوعون أكوابا من الشاي الأسود المُحلى على جوانب الطرق، ويقدمون الطعام للزوار المنهكين والجائعين في الخيام. وتفتح المساجد والحسينيات أبوابها للمسافرين للنوم والراحة.
ويعتمد ماجد على هذا الكرم خلال رحلته. كما يلتقي بأفراد عائلته على طول الطريق، وينضمون إليه في السير في أجزاء من الرحلة.
ومع اقتراب رحلته من نهايتها، تمنحه رؤية كربلاء ومرقد الحسين شعورا بالبهجة. ويزدحم المكان بالزوار الذين يتوافدون عليه. ويزوره أكثر من 20 مليونا كل عام ويقع داخل مسجد ضخم ذي قبة ذهبية مزين بمداخل مزخرفة وبوابات خشبية وأعمال زجاجية.
ويردد ماجد أدعية بينما يقترب.
ووصل إلى المدينة قبل يومين من انتهاء مراسم الأربعينية يوم الجمعة.
ويقول “كل عام يزداد حبنا وشوقنا للإمام الحسين”.
(إعداد مروة غريب للنشرة العربية – تحرير رحاب علاء وسها جادو)