
رغم حظرها في جنيف … مؤسسة غزة الإنسانية تواصل نشاطها كالمعتاد

قررت الهيئة المشرفة على رقابة المؤسسات في سويسرا حل ّفرع جنيف لمؤسسة غزّة الإنسانية التي تدير آلية مساعدات مثيرة للجدل في القطاع الفلسطيني؛ قرارٌ رمزي ولكن مهم في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى عودة النظام الأممي للإشراف على توزيع المساعدات.

المزيد
الاشتراك في النشرة الإخبارية
يوم الأربعاء الماضي، أعلنت الهيئة الفدرالية للرقابة على المؤسسات (ASF)، حلّ فرع جنيف لمؤسسة غزة الإنسانية (GHF). وقد اُتّخذ هذا القرار لأن هذه الأخيرة “لم تمتثل لمختلف الالتزامات القانونية”، حسبما أفادت هيئة الرقابة، التابعة لوزارة الداخلية الفدرالية (DFI)، نقلا عن وكالة الأنباء السويسرية (Keystone-ATS).
وقد كانت المؤسسة التي يوجد مقرها الرئيسي في ولاية ديلاوير بالولايات المتحدة، قد قيّدت في سجّلها في بداية العام فرعًا غير مُشغّل في جنيف، لأسباب مالية. ولقد رصدت الهيئة المكلفة بالرقابة على المؤسسات عدة نقائص، منها عدم وجود أيّ عضو من أعضاء مجلس المؤسسة، مقيمٍ أو مخوّلٍ، بالتوقيع في سويسرا، وأنها لا تملك حساباً بنكياً في البلد، ولا عنوانًا معلنا.
جوهر الموضوع:
* لماذا قررت سويسرا غلق مقر مؤسسة غزة الإنسانية؟
* ما هي الانتقادات الدولية ضد هذه المؤسسة؟
* لماذا فقدت ثقة المجتمع الدولي؟
ومع ذلك، لن يكون لهذا القرار أيّ تأثير على عمليات المنظمة في غزة. هذا ما أكدّه مدير مؤسسة غزة، جوني مور، رجل الدين الإنجيلي المقرّب من الرئيس دونالد ترامب، كان في زيارة إلى بروكسل يوم الأربعاء. وأضاف أن المؤسسة “سوف لن تغلق أبوابها”، رغم الانتقادات الموجهّة إليها.
قرارٌ رمزي عديم التأثير
يرى فيليب غرانت، مدير منظمة “ترايل إنترناشيونال” (TRIAL) غير الحكومية التي يوجد مقرها في جنيف، أن حلّ الفرع السويسري كان “حتمياً” نظراً لعدم امتثاله لالتزاماته.
وتقدمت منظمة “ترايل إنترناشيونال” بشكويين إلى السلطات السويسرية، في أوائل شهر، تدعو فيهما إلى التحقيق في نشاطات مؤسسة غزة الإنسانية، والتأكد ما إذا كانت لا تخالف القانون السويسري، والقانون الدولي الإنساني، ما زاد من الضغط على الحكومة.
وكشف فيليب غرانت أن “الإجراءات المتخّذة في الولايات المتحدة هي وحدها الممكن أن يكون لها تأثيرٌ ملموس على عمليات المؤسسة في غزة”. وإلى حد الآن، لم تُنفّذ أيٌّ من تلك الإجراءات هناك، ولكن هناك جهود قانونية جارية حالياً في البلد للضغط على المنظمة.
ويقول ستيفن كورنيش، المدير العام لمنظمة أطباء بلا حدود (MSF) في سويسرا، إنه “يرحّب بقرار السلطات السويسرية” حل مؤسسة غزة الإنسانية، مضيفاً أن ذلك يعدّ “إشارة سياسية مهمّة تتفق مع المبادئ الإنسانية التي تدافع عنها سويسرا منذ القدم”.
ويعتبر أن نقاط التوزيع التي تشرف عليها المؤسسة هي “مصائد قاتلة متنكّرة في زيّ مساعدات إنسانية”، ما يفرض على “المدنيين والمدنيات الاختيار بين أمرين، أحلاهما مرٌّ: المخاطرة بالموت جوعاً، أو المخاطرة بالموت رمياً بالرصاص”.
+ إقرأ.ي أيضا مقالنا التوضيحي: التالي:

المزيد
“مؤسسة غزة الإنسانية”: “عرض ساخر” أم “حلّ حقيقي” لشبح المجاعة الذي يخيم على القطاع
نظام جديد مثير للجدل
منذ نهاية شهر مايو، وبدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل، بدأت مؤسّسة غزة الإنسانية تشغيل نظام جديد لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، بدلا عن النظام الذي كانت تتولى إدارته وكالات الأمم المتحدة، ولا سيّما الأونروا منها، والمنظمات غير الحكومية الأخرى. ويشغّل هذا النظام أربعة مراكز لتوزيع المواد الغذائية، تقع في مناطق عسكرية، ويديرها متعاقدون أمريكيون مسلّحون.
وقوبلت هذه الآلية بانتقادات واسعة من قبل المجتمع الإنساني الذي ترفض الأطراف الفاعلة الرئيسية فيه التعاون مع المؤسسة المذكورة. فيما تهدف إسرائيل، بحسب ما أعلنته، منع تحويل المساعدات الإنسانية من قبل الجماعات المسلحة مثل حماس.
ومن المهم الإشارة إلى فرض إسرائيل حصارًا إنسانيًا على القطاع الفلسطيني منذ بداية شهر مارس، إذ منعت دخول قوافل المواد الغذائية والأدوية وغيرها من الضروريات. ونتيجة لذلك، أصبح سكان غزة مهددين بالمجاعة، ويواجه النظام الصحي خطر الانهيار. ومنذ إطلاق مراكز التوزيع التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، لم يتم رفع الحصار إلا بشكل جزئي.
وفي الأسابيع الأخيرة، قُتل أكثر من 500 شخص من الباحثين والباحثات عن الطعام بالقرب من مواقع التوزيع التابعة لهذه المؤسسة المثيرة للجدل، بينما أصيب حوالي أربعة آلاف شخص آخر بجروح، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة. من جهتها، أفادت المؤسسة بعدم وقوع حوادث دامية في مواقع التوزيع أو بالقرب منها.

انتقادات دولية
وفي الأثناء، دعت أكثر من 170 منظمة غير حكومية دولية، يوم الثلاثاء الماضي، إلى تفكيك نظام المساعدات الذي تسيطر عليه مؤسسة غزة الإنسانية، واستبداله بآلية التنسيق القديمة التابعة للأمم المتحدة.
كما وقّعت حوالي عشرين دولة أوروبية، من بينها فرنسا وألمانيا، على رسالة في منتصف شهر مايو، تدعو إلى رجوع الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية إلى تولي تنظيم المساعدات. ولم توقّع سويسرا على الرسالة بدعوى وجود إجحاف في حق المؤسسة.
وقال وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس، في أعقاب زيارته للشرق الأوسط يومي 10 و11 يونيو الجاري، إن المؤسسة “أصبحت غير موثوق فيها لأنها لا تحترم المبادئ الإنسانية”، لكنها “بدأت تتعلّمها”.
موجة من الاستقالات
وأشار تحقيق بثته قناة البث الإذاعي والتلفزيوني السويسريرابط خارجي الناطقة بالفرنسية (RTS) يوم الأربعاء، إلى تعرّض الممثّل السويسري لمؤسسة غزة، للتضليل من قبل شركاء أعمال أجانب، تواصلوا معه دون تزويده بجميع المعلومات الخاصة بحيثيات خطة المؤسسة. وعلى إثر ذلك، انسحب المحامي السويسري في شهر مايو الماضي، ما أدى إلى حلّ الممثلية السويسرية.
وفي الولايات المتحدة أيضًا، أدّت المخاوف من عدم الالتزام بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد وعدم التحيّز والاستقلالية إلى انسحاب عديد من الأشخاص على رأس المؤسسة، من ضمنهم مديرها جيك وود، وهو عسكري سابق شعر بالخيانة. كما سحب المكتب الاستشاري “بوسطن كونسلتينغ غروب” (Boston Consulting Group) تفويضه لدعم العمليات، على خلفية تزايد الانتقادات.
تحرير: فيرجيني مانجان
ترجمة: موسى آشرشور
مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي
التدقيق اللغوي: لمياء الواد

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.