حماس تسلم رفات رهائن آخرين بعد تهديد إسرائيل بتقييد المساعدات
من نضال المغربي ومعيان لوبيل
القاهرة/القدس (رويترز) – سلمت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) رفات رهائن آخرين إلى إسرائيل يوم الثلاثاء، في مؤشر على إحراز بعض التقدم بعد سلسلة من الانتكاسات التي وقعت خلال اليوم بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته لإنهاء الحرب في غزة.
وجاء تسليم الرفات بعد أن أعلنت إسرائيل أنها لن تسمح سوى بدخول نصف عدد شاحنات المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها إلى غزة، في خطوة تهدف إلى معاقبة حماس على ما وصفته إسرائيل بأنه انتهاك من جانب الحركة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي نصّ على تسليم جثامين الرهائن.
وبدأ مقاتلو حماس يعودون إلى الواجهة من جديد في مسعى لتأكيد سيطرتهم في غزة من خلال نشر مئات من أفراد الأمن في الشوارع وإعدام عدة أشخاص متهمين بالتخابر مع إسرائيل.
وازدادت آفاق خطة ترامب لإنهاء حرب غزة قتامة بعد أن هدد الرئيس الأمريكي بشن ضربات عسكرية ما لم تتخل الحركة عن سلاحها.
وقال ترامب للصحفيين في واشنطن بعد عودته من زيارة إلى الشرق الأوسط مطلع هذا الأسبوع “إذا لم يلقوا سلاحهم، فسننزعه. وسيحدث ذلك سريعا وربما بعنف”.
ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستمرار أن الحرب لن تنتهي إلا بإلقاء حماس سلاحها وتخليها عن إدارة غزة، وهو مطلب ترفضه الحركة.
وتحدث ترامب عن “فجر تاريخي لشرق أوسط جديد” أمام الكنيست الإسرائيلي يوم الاثنين في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل وحماس تتبادلان آخر 20 رهينة إسرائيليا على قيد الحياة في غزة مقابل ما يقرب من ألفي معتقل وسجين فلسطيني.
غير أن إعادة رفات باقي الرهائن لا تزال من بين القضايا العالقة في الاتفاق الرامي إلى إنهاء القتال المستمر منذ أكثر من عامين والذي اندلع عقب هجمات حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023. وسلّمت حماس حتى الآن ثمانية توابيت من جثامين الرهائن، ليبقى ما لا يقل عن 19 رهينة يُفترض أنهم لقوا حتفهم ورهينة لم يتضح مصيره بعد في غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء إنه تسلم أربعة توابيت من الصليب الأحمر عند نقطة التقاء في شمال القطاع، مضيفا أنها نُقلت إلى داخل إسرائيل عند الساعة 2100 بتوقيت جرينتش لإجراء فحوص الطب الشرعي.
وأكدت حماس بدورها أن عملية التسليم جارية.
وقال حازم قاسم المتحدث باسم حركة حماس في منشور على فيسبوك “في هذه اللحظات يواصل الرجال متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في عمليات تسليم الجثامين ضمن اتفاق وقف الحرب على غزة”.
ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان تسليم الجثامين كافيا من أجل أن تستأنف إسرائيل إدخال المساعدات بالكامل.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن إسرائيل قررت تقييد المساعدات وتأجيل خطط فتح المعبر الحدودي مع مصر بسبب انتهاك حماس لاتفاق وقف إطلاق النار من خلال عدم تسليم جثث الرهائن.
وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ عامين إلى تدمير معظم مناطق القطاع، بينما تعاني مدينة غزة والمناطق المحيطة بها من مجاعة طالت أكثر من نصف مليون فلسطيني، مما دعا إلى ضرورة إدخال نحو 600 شاحنة مساعدات إلى غزة يوميا في أثناء وقف إطلاق النار.
ولم تُنفذ حتى الآن الخطط الخاصة بفتح معبر رفح الحدودي مع مصر، تمهيدا لإجلاء الجرحى من غزة لتلقي العلاج الطبي.
* حماس تؤكد سيطرتها
تمكنت الحركة، التي تدير غزة منذ عام 2007، من استعادة السيطرة على المناطق الحضرية في القطاع بسرعة بعد الانسحاب الجزئي للقوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي.
وقال سكان في غزة إنهم لاحظوا زيادة أعداد مقاتلي حماس يوم الثلاثاء وانتشارهم على الطرق المستخدمة في تسليم المساعدات.
وفي أحد المقاطع المصورة التي جرى تداولها في وقت متأخر من يوم الاثنين، ظهر مقاتلون من حماس وهم يجرون سبعة رجال في مدينة غزة ويجبرونهم على الجثو ثم أطلقوا النار عليهم من الخلف، على مرأى من عشرات الأشخاص.
وأكد مصدر من حماس أن المقطع صُور يوم الاثنين، وأن مقاتلي الحركة شاركوا في عمليات الإعدام. وتمكنت رويترز من تأكيد الموقع من خلال المعالم الجغرافية المرئية.
منح ترامب حماس الضوء الأخضر لاستعادة بعض سيطرتها على غزة مؤقتا على الأقل. وامتنع المسؤولون الإسرائيليون حتى الآن عن التعليق علنا على عودة ظهور مقاتلي الحركة.
وقال مسؤولون أمنيون فلسطينيون إن عشرات الأشخاص قُتلوا في اشتباكات بين مقاتلي حماس وخصوم للحركة في الأيام القليلة الماضية.
من ناحية أخرى، قالت سلطات الصحة في القطاع إن خمسة أشخاص قُتلوا في قصف بطائرات مسيرة في أثناء توجههم لتفقد منازلهم في أحد الأحياء شرقي مدينة غزة، فيما قُتل شخص وأصيب آخر أيضا في غارة جوية قرب خان يونس.
واتهمت حماس إسرائيل بانتهاك وقف إطلاق النار. وقال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار على أشخاص اجتازوا خطوط الهدنة واقتربوا من قواته متجاهلين نداءات بأن يعودوا أدراجهم.
وقالت مصادر في حماس لرويترز يوم الثلاثاء إن الحركة لن تتهاون مجددا مع الإخلال بالنظام في غزة وستستهدف المتواطئين واللصوص المسلحين وتجار المخدرات.
وأنهى وقف إطلاق النار حربا مدمرة استمرت عامين في غزة والتي اندلعت بعد هجوم قادته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 وتقول إسرائيل إنه تسبب في مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة.
أما السلطات الصحية في غزة فتقول إن الحرب الإسرائيلية على القطاع أدت إلى مقتل 67 ألف شخص على الأقل، ويُخشى أن يكون هناك آلاف آخرون لقوا حتفهم تحت الأنقاض. وقال الدفاع المدني الفلسطيني في غزة إنه تسنى انتشال 250 جثة منذ بدء وقف إطلاق النار.
(شاركت في التغطية إيما فارج في جنيف-إعداد نهى زكريا ومحمود رضا مراد وأميرة زهران ومحمد أيسم وعلي خفاجي وحاتم علي ومحمد عطية للنشرة العربية)
