مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

فلسطينيون يفرون من شمال قطاع غزة وإسرائيل تواصل الحشد لهجوم بري

دبابات إسرائيلية تتخذ مواقعها في جنوب إسرائيل قرب الحدود مع قطاع غزة يوم السبت . تصوير: بيوليتا سانتوس مورا - رويترز. reuters_tickers

من نضال المغربي وآري رابينوفيتش

غزة/القدس (رويترز) – فر عشرات الآلاف من شمال قطاع غزة يوم السبت من مسار اجتياح بري إسرائيلي متوقع بينما تدك إسرائيل المنطقة بمزيد من الضربات الجوية وقالت إنها ستبقي طريقين مفتوحين للسماح للأفراد بالفرار.

وأمهلت إسرائيل جميع سكان النصف الشمالي من قطاع غزة حتى صباح يوم السبت ليتوجهوا صوب الجنوب. وأعلنت خلال ليل السبت أنها ستضمن سلامة الفلسطينيين الفارين من المنطقة عبر طريقين رئيسيين حتى الرابعة من مساء يوم السبت.

وقال اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في إفادة مصورة في وقت مبكر من يوم السبت “في محيط قطاع غزة، يستعد جنود الاحتياط الإسرائيليون في التشكيلات العسكرية للمرحلة المقبلة من العمليات”.

وأضاف “كلهم حول قطاع غزة، في الجنوب وفي الوسط وفي الشمال، ويعدون أنفسهم لأي هدف أمامهم ولأي مهمة”.

وتحدث سكان نشروا مناشدات على منصات التواصل الاجتماعي عن أن الطائرات الحربية قصفت منطقة سكنية واستهدفت عدة منازل ليل السبت في حي تل الهوى بمدينة غزة، وهو جزء من المنطقة التي أمرت إسرائيل بإخلائها.

ولاذ مئات من سكان المنطقة إلى مستشفى القدس القريب واعتزموا الانضمام إلى الفارين صوب الجنوب في الصباح.

وقال أب لثلاثة أبناء لرويترز عبر الهاتف من المستشفى طالبا عدم ذكر اسمه مخافة الثأر منه “قضينا ليلة مرعبة، إسرائيل تعاقبنا لأننا لم نرد أن نترك بيوتنا، هل هناك وحشية أكثر من ذلك؟”.

وأضاف “ماكنت أبدا بدي أغادر وبفضل الموت على أني أترك بيتي ولكن ما بقدر أشوف مرتي وأولادي بيموتوا قدامي، إحنا لا حول لنا ولا قوة”.

وقصفت الطائرات الإسرائيلية مبنى من أربعة طوابق في خان يونس بجنوب قطاع غزة مما أسفر عن مقتل عدة أشخاص وإصابة آخرين. وسارع عشرات الفلسطينيين إلى هناك للمساعدة في إنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض.

وقال محمد صادق أحد سكان خان يونس “هذه مش حرب، هاي إبادة جماعية وهذه محاولة تهجير لكل السكان إلى خارج القطاع وهذا لا يمكن أن يحصل”. وأضاف “الشهداء تحت الركام ولا الإسعاف ولا الدفاع المدني يطلعوهم”.

* “هذا ليس سوى بداية”

تعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس بسبب الهجوم الذي وقع قبل أسبوع وقتل خلاله مقاتلوها 1300 إسرائيلي معظمهم من المدنيين واحتجزوا عشرات الأشخاص.

ومنذ ذلك الحين، فرضت إسرائيل حصارا كاملا على قطاع غزة الذي تديره حماس، والذي يسكنه 2.3 مليون فلسطيني، وقصفته بضربات جوية غير مسبوقة. وتقول سلطات غزة إن 1900 شخص قتلوا.

وقطاع غزة أحد أكثر الأماكن ازدحاما على وجه الأرض، وأمرت إسرائيل بإخلاء النصف الشمالي من القطاع مما يعني أن الفارين صوب الجنوب مجبرون على الاحتماء مع الأقارب والأصدقاء في مدارس أو المسارعة إلى الاحتماء في شقق بالإيجار.

وتقول إسرائيل إن الأمر بالإجلاء مؤقت وإنه لفتة إنسانية لحماية السكان من الأذى بينما تقضي على مقاتلي حماس المتحصنين في مدينة غزة. وتقول الأمم المتحدة إنه لا يمكن تحرك هذا العدد الكبير من الأشخاص بأمان داخل القطاع المحاصر من دون التسبب في كارثة إنسانية.

وتعهدت حماس بالقتال حتى آخر قطرة دم وتقول إن الأمر بالإجلاء خدعة لإجبار السكان على التخلي عن منازلهم. وأطلقت مساجد مدينة غزة نداءات تطالب الأفراد بالبقاء.

وقالت سلطات غزة إن 70 شخصا قُتلوا و200 أصيبوا حينما هاجمت إسرائيل سيارات وشاحنات تقل أشخاصا فارين من شمال القطاع صوب الجنوب يوم الجمعة. ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من صحة ذلك.

وذكر نتنياهو في بيان مقتضب بثه التلفزيون على غير العادة بعد دخول عطلة السبت المقدسة لدى اليهود “نهاجم أعداءنا بقوة غير مسبوقة.. أؤكد أن هذا ليس سوى بداية”.

وذكر المتحدث كونريكوس “النتيجة النهائية لهذه الحرب هي أننا سنفكك حماس وقدرتها العسكرية وسنغير الموقف تغييرا جذريا كي لا يتسنى لحماس مجددا إلحاق أي أذى بالمدنيين أو الجنود الإسرائيليين”.

وقال الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة إن القوات المدعومة بالدبابات نفذت ضربات لقصف أطقم الصواريخ الفلسطينية وجمع معلومات عن موقع الرهائن، وهو أول تقرير رسمي للقوات البرية في غزة منذ بدء الأزمة.

* “حتى الحرب لها قواعد”

تشير التقديرات إلى أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين توجهوا جنوبا من شمال غزة في أعقاب الأمر الإسرائيلي، وذلك وفقا للأمم المتحدة التي قالت إن أكثر من 400 ألف فلسطيني نزحوا داخليا بسبب الأعمال القتالية قبل هذا التوجيه.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تحديث “لم تُوفَّر ممرات آمنة في بادئ الأمر ليمتثل الأفراد بصورة آمنة للأوامر بالتحرك جنوبا. تعين على المئات، ومن بينهم أسر، الفرار سيرا على الأقدام. ثمة مخاوف إزاء الأمن الغذائي والوصول إلى المياه والملاجئ والرعاية الصحية فيما يخص أحدث النازحين داخليا”.

وذكر المكتب أنه لم يعد يعتبر أن مقر الأمم المتحدة في النصف الشمالي من غزة يتمتع بالحماية.

وناشدت الأمم المتحدة ومنظمات أخرى إسرائيل رفع حصارها الكامل للسماح بدخول المساعدات.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يوم الجمعة “نحن بحاجة إلى وصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري إلى جميع أنحاء غزة حتى نتمكن من إيصال الوقود والغذاء والماء إلى كل من يحتاج إليه. حتى الحروب لها قواعد”.

وتدعم الولايات المتحدة حليفتها إسرائيل دعما راسخا، لكن ناشدتها تجنب إيقاع قتلى أو مصابين من المدنيين.

وقال بايدن إن معالجة الأزمة الإنسانية تمثل أولوية قصوى. وأضاف أن الفرق الأمريكية في المنطقة تعمل مع إسرائيل ومصر والأردن وحكومات عربية أخرى والأمم المتحدة.

وأضاف “الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين لا علاقة لها بحماس وهجمات حماس المروعة، وهم يعانون نتيجة لذلك أيضا”.

(شارك في التغطية دان وليامز وهنريت شقر وديدي هيون ومعيان لوبيل وإيملي روز وجيمس ماكنزي من القدس وميشيل نيكولز من نيويورك وإيما فارج من جنيف وجيف ميسون ورامي أيوب وإريك بيتش من واشنطن وحميرة باموق من عمّان وستيف جورمان ودان ويتكوم من لوس انجليس – إعداد مروة سلام ومحمد أيسم للنشرة العربية – تحرير محمود ضا مراد)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية