The Swiss voice in the world since 1935

يوميات أسرة من غزة تتجه نحو المجاعة

reuters_tickers

من نضال المغربي ومحمود عيسى

القاهرة/مدينة غزة (رويترز) – لم تتناول ميرفت حجازي وأطفالها التسعة أي طعام على الإطلاق يوم الخميس، باستثناء طفلتها الرضيعة التي تعاني من نقص الوزن والتي تناولت كيسا من معجون الفول السوداني.

وقالت ميرفت لرويترز من خيمتهم المنصوبة وسط أنقاض مدينة غزة “أنا كتير بكون خجلانة من حالي إني مش قادرة اطعمي أولادي… أنا بكون بعيط (ببكي) في الليل لما طفلتي لمى بتصير تبكي وبطنها توجعها من الجوع”.

ولا تستطيع ابنتها زهاء البالغة من العمر ست سنوات النوم بسبب القصف الإسرائيلي.

وقالت ميرفت “”زهاء بتصحي من النوم خايفة وبترتعد وبعدين بتتذكر إنها جوعانة لأنها ما أكلت، بروح أنا برجعها تنام تاني وبوعدها انه الصبح راح أدبر لها أكل، وطبعا بكذب لانه من أسابيع واحنا معتمدين بس على وجبة واحدة هي الغدا، لا في فطور ولا عشا”.

وروت ميرفت (38 عاما) أحداث أسبوع رهيب.

قالت إن أسرتها حصلت يوم الأحد على نصف كيلوجرام تقريبا من العدس المطبوخ من مطبخ خيري (تكية) تديره مؤسسة خيرية، وهي نصف الكمية التي تستخدمها عادة لإعداد وجبة واحدة.

وأضافت أن إحدى منظمات الإغاثة المحلية وزعت يوم الاثنين بعض الخضراوات في المخيم، لكن الكمية لم تكن كافية، ولم تحصل أسرة ميرفت على أي منها. وذهبت ابنتها مِنَّى (14 عاما)، إلى التكية وعادت بكمية ضئيلة من البطاطس المطبوخة.

كان الجميع جائعين، لذا ملأوا بطونهم بشرب الماء.

وحصلت الأسرة يوم الثلاثاء على نحو نصف كيلوجرام من المعكرونة المطبوخة من التكية، كما حصلت إحدى بناتها على بعض الفلافل من قريب يسكن في الجوار.

وقالت ميرفت إن يوم الأربعاء كان جيدا نسبيا إذ تلقت الأسرة طبق أرز مع عدس من التكية. وأضافت أن ذلك لم يكن كافيا إطلاقا، لكن مِنَّى عادت إليهم وتوسلت، فأعطوها في النهاية طبقين صغيرين آخرين.

وقالت ميرفت “هي قوية وشاطرة وبتظلها تجادل فيهم وتصرخ لحد ما يعطوها”.

وأضافت أن التكية كانت مغلقة يوم الخميس، ولم تتمكن العائلة من معرفة السبب. لم يكن لديهم ما يأكلونه سوى كيس الفول السوداني للطفلة لمى (11 شهرا)، والذي حصلوا عليه من إحدى العيادات كمكمل غذائي لأن حليب الأطفال الصناعي اختفى تقريبا.

وقالت ميرفت، التي قُتل زوجها في بداية الحرب بينما كان ذاهبا على دراجة للحصول على الطعام من مطبخ خيري، “أنا ما عندي حليب كفاية في صدري لأطعمها لأني أنا نفسي ما قادرة ألاقي حاجة أكلها”.

تتيح محنة عائلة ميرفت إلقاء نظرة خاطفة على البؤس الذي يعاني منه قطاع غزة. وحذر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، هذا الشهر من أن نصف مليون شخص يواجهون الجوع فيما تلوح المجاعة في الأفق.

تقصف إسرائيل غزة وتحاصرها منذ أن شنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تدير القطاع هجوما مفاجئا على بلدات حدودية إسرائيلية في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023. وتقول إسرائيل إن هجوم حماس أسفر عن مقتل 1200 شخص بينما تقول السلطات في غزة إن الهجوم الإسرائيلي الذي أعقب ذلك أسفر عن مقتل أكثر من 53 ألفا حتى الآن.

وقالت السلطات الإسرائيلية مرارا إن هناك ما يكفي من الغذاء في غزة لإطعام السكان، وتتهم حماس بسرقة المساعدات من أجل إطعام مقاتليها والإبقاء على سيطرتها على القطاع، وهو ما تنفيه الحركة.

وبدأت إسرائيل الأسبوع الماضي السماح بدخول بعض المواد الغذائية إلى القطاع لأول مرة منذ الثاني من مارس آذار، بما شمل الطحين (الدقيق) وغذاء الأطفال، لكنها أعلنت عن بدء العمل قريبا بنظام جديد برعاية أمريكية يديره متعاقدون من القطاع الخاص.

ستشمل الخطة مراكز توزيع في مناطق تحت سيطرة القوات الإسرائيلية، وهي خطة عارضتها الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة قائلة إنها ستؤدي إلى مزيد من نزوح السكان، وإن المساعدات يجب أن تتدفق عبر الشبكات القائمة.

وقالت ميرفت إن أسرتها لم تر أي أثر للمساعدات الجديدة حتى الآن، ويمزقها القلق على طفلتها لمى، التي كان وزنها خمسة كيلوجرامات عند وزنِها الأسبوع الماضي. ووفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، يعادل هذا حوالي نصف متوسط وزن طفلة سليمة عمرها عام واحد.

وأضافت الأم أن الأسرة لم تحصل هذا الأسبوع إلا على وجبة واحدة يوميا لتتقاسمها، وذلك في أحسن الظروف.

وقال توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية هذا الأسبوع إن حجم المساعدات الذي تقترح إسرائيل السماح بدخوله إلى غزة “قطرة في محيط” مما هو مطلوب.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية