“الميتادون” ليس بديلا مثاليا للهيروين
تطلق السلطات الصحية في الولايات المتحدة صفارات الإنذار من مجازفات استخدام الميتادون (Methadone) كبديل للهيروين أو كمهدئ للآلام المزمنة.
يثير التحذير من سوء استخدام الميتادون علامات الاستفهام على البرامج الحكومية لمعالجة الإدمان على الهيروين في سويسرا
في إطار برامج مواجهة انتشار المخدرات الشديدة، اعتمدت السلطات السويسرية قبل بضع سنوات عدة برامج لمكافحة هذه الظاهرة، ومن ضمنها تلك البرامج التي تعتمد على توزيع الهيروين أو الميتادون كبديل، تحت الرقابة الصحية.
وقد انطلقت هذه البرامج بصفة رسمية بعد الاستفتاء الوطني الذي أعرب خلاله الناخبون السويسريون عن الثقة في البرامج التجريبية المؤقتة حينذاك، والتي استهدفت مد يد العون والمساعدة للمدمنين على الهيروين لحمايتهم وحماية المجتمع من مشاكل الإدمان، خاصة مشكلة انتشار مرض الإيدز نتيجة تبادل الحقن الملوثة لتعاطي المخدرات.
لكن استخدام الميتادون لا يقتصر على مواجهة مشاكل الإدمان على الهيروين وغيره من المخدرات الشديدة، وإنما يلجأ إليه الأطباء بصفة متزايدة منذ بضع سنوات كوسيلة لتخفيف الألم، خاصة في الحالات المستعصية.
اللعب بالمُسكنات كاللعب بالنار
يُعتبر الأفيون من أقدم المخدرات ومن أقدم المُسكنات المعروفة للألم، حتى نجح أحد العلماء الألمان في اشتقاق المورفين من نفس هذا الأفيون عام 1811 وأطلق عليه اسم مورفين نسبة لمورفيوس، إلى الأحلام في اليونان القديمة.
وسرعان ما شاع استخدام المورفين، خاصة في الأوساط الطبية، حتى انتبه البعض لعواقبه الصحية والاجتماعية الوخيمة في حالة تعاطيه دون رقابة طبيّة، كالإدمان بعد تناوله زمنا قصيرا نسبيا، سواء لمكافحة الألم أو فرارا من الواقع إلى عالم الخيال والأحلام.
ومرة أخرى، وجد عالم ألماني “الحل” لهذه المشكلة باشتقاق مخدّر أو مُسكن جديد من المورفين بالذات بحدود عام 1874، هو الهيروين الذي يعتبر أشد من المورفين بأضعاف وأضعاف.
وعلى نحو الأفيون والمورفين من قبله، أخذ الهيروين بالانتشار كالوباء الشنيع، خاصة بين الأحداث، حتى بات من المشاكل المستعصية في العديد من البلدان خاصة البلدان الصناعية الثرية، ومن ضمنها سويسرا، لاستحالة التخلص من الإدمان عليه بسهولة.
وعلى ضوء الأعداد المتزايدة لضحايا الأفيون والمورفين والهيروين على التوالي، تواصل البحث عن حلول بديلة لهذه المسكنات ذات الفضائل التي لا تُنكر في المجالات الطبية خاصة الجراحية، وذات العواقب الوخيمة التي لا تغفر في حالة تعاطيها لأسباب أخرى ودون أية رقابة طبية.
السُم سُمّا ولو كان أحيانا مفيدا
الوصفة الجديدة تعرف باسم “بولاميدون” عند البعض و”ميتادون” عند البعض الآخر، وهما من نفس الجيل للمخدرات أو المُسكنات التي تم تطويرها في ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية، والتي استولى الحلفاء على براءات اختراعها إثر الهزيمة الألمانية.
وكان الاعتقاد السائد حتى الآن أن البولاميدون والميتادون هما من المستحضرات الكيميائية التي تراوغ الجسم الإنساني بتقلد مؤثرات المورفين أو الهيروين على الإنسان دون مجازفة الوقوع في فخ الإدمان على تلك المخدرات الفتاكة الشديدة.
وفي هذا، فان التقارير الصادرة مؤخرا عن السلطات الصحية الأمريكية تبدّد هذه الآمال، وتضع الميتادون وشقيقه البولاميدون على نفس الدرجة من الخطورة كالمورفين أو الهيروين، وهما من السموم التي تفتك إن عاجلا أم آجلا بمتعاطيها دون الرقابة الطبية
الرصينة الواعية لمجازفات هذه المسكنات أو المخدرات.
جورج انضوني – سويس إنفو
تفيد التقارير الصادرة عن السلطات الصحية الأمريكية، خاصة في ولاية فلوريدا، بأن عدد الوفيات نتيجة سوء استخدام الميتادون، قد تصاعد بانتظام خلال السنوات الخمس الماضية. وليس من شك في أن السلطات الصحية السويسرية تأخذ هذه التقارير مأخذ الجد بعد اعتماد الميتادون لمواجهة مشاكل الإدمان على الهيروين.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.