مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا.. هل هي مهددة بهجوم إلكتروني افتراضي؟

في معظم الأحيان، يعسر تحديد هوية مرتكبي الهجمات والمجرمين المتحركين في المجال الإفتراضي imagepoint

سلط هجوم رقمي، تعرّضت له إستونيا في الآونة الأخيرة، الضوء على المخاطر التي يُـشكِّـلها ما يُـسمى بـ "الهجمات الافتراضية" على البلدان المتقدمة تكنولوجيا مثل سويسرا.

هذا التهديد، الذي أدمجته سويسرا في خططها الدفاعية، كان محلّ نقاش مستفيض، في أول دورة عقدها منتدى جنيف للأمن مؤخرا.

مثّـلت سلسلة الهجمات الرقمية، التي تعرّضت لها منشآت عمومية وخاصة في جمهورية إستونيا في منطقة البلطيق، في شهر مايو الماضي من طرف بعض الروس، (والتي نجم عنها تعطيل أجهزتها المعلوماتية)، منعرجا لم يتردد بعض الخبراء في إطلاق تسمية أول حرب افتراضية عليه.

ويقول الفنلدي ميكو هيبونن، وهو خبير مشهود له في مجال الأمن المعلوماتي، حلّ ضيفا على منتدى جنيف للأمن “إن معظم وزارات الدفاع تقوم بدراسة الطريقة التي يمكن بفضلها التوقي من هذا النوع من الهجمات”

في نفس الوقت، أشار تقرير حديث صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية، أن بعض الجيوش في العالم، مثلما هو الحال في الصين، تقوم بإنشاء وحدات متخصصة في تنفيذ الهجمات الافتراضية (تُـسمى أيضا السيبرنطيقية).

من جهته، يشير جورج جوفّـي، الذي كان حاضرا في المنتدى في جنيف، إلى أن “هذه القضية مهمة جدا، وهي لم تؤخذ بعدُ على محمل الجدّ بما يكفي”، ويذكر هذا الخبير، الذي كان مسؤولا سابقا في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن، مثال الحرب التي جرت بين إسرائيل ولبنان في صيف 2006، والتي ترافقت مع معركة افتراضية بين نشطاء من الطرفين.

سلاح سياسي اقتصادي

من جهتها، تعتقد أليسون بايلز، مديرة المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، أن السلاح المعلوماتي قد يتحول إلى سلاح البلدان الفقيرة أو المجموعات المسلحة غير الحكومية، وقالت “إنه سلاح من أسلحة الحرب اللامتماثلة ضد البلدان الغنية والمتقدمة تكنولوجيا”.

مع ذلك، لا يؤيد كثيرا ميكو هيبونن مسألة ظهور الإرهاب الافتراضي، ويقول “هذه المجموعات تريد إحداث دمار مادي وسقوط قتلى من أجل إثارة الخوف والهلع. فالهجوم الافتراضي، الذي يشل موفري الخدمات، لا يُـحدث نتيجة من هذا القبيل”.

في المقابل، توفِّـر الأزمات والنزاعات، ذات الطابع الثقافي أو الأيديولوجي، أجواء ملائمة جدا للهجمات الافتراضية. ويذكر الخبير الفنلندي أن قضية الصور الكاريكاتورية قد ترافقت مع شنّ هجمات افتراضية ضد مواقع عدد من وسائل الإعلام الدنمركية على شبكة الإنترنت.

المؤكّـد في هذه اللحظة، هو أن الظاهرة لا زالت في بداياتها وأن المجتمعات، التي تتميز بالانفتاح وارتباطها المتزايد بالشبكة العنكبوتية العالمية واعتمادها المتنامي على أنظمتها المعلوماتية، أضحت قابلة للاختراق أكثر من غيرها.

من جهته، يقول كارلوس موريرا، مؤسس ورئيس شركة WISeKey السويسرية المتخصصة في الأمن المعلوماتي وصاحب فكرة تأسيس منتدى جنيف للأمن “إننا نشهد سباقا لامتلاك الأسلحة المعلوماتية، التي يمكن أن تُـحدث أضرارا اقتصادية هائلة”.

الرد السويسري

في هذا السياق، هل يمكن لسويسرا أن تتصدى لهجوم افتراضي من النوع الذي تعرضت له إستونيا في الشهر الماضي؟ سويس انفو طرحت السؤال على رودي ريتز، المسؤول عن “مركزية التسجيل والتحليل لأمن المعلومات” MELANI ، التي تُـنسِّـق إجراءات الحماية المعلوماتية في سويسرا، فأجاب “في الوقت الحاضر، ليس بالإمكان الحيلولة دون هذا النوع من الهجمات، التي تهدف إلى تعطيل موفِّـري الخدمات لشركة أو مؤسسة، لأنه لا يُـمكن التمييز بين زيارة مشروعة وأخرى معادية”.

ويؤكّـد المسؤول السويسري أن الطريقة الوحيدة للحيلولة دون إصابة النظام المعلوماتي بالشلل، يتمثل في الترفيع في عدد موفري الخدمات (السّـرفر) وزيادة القدرات التقنية والاتصال بسلطات البلد، الذي يمكن أن يكون مصدرا للهجوم. فالتعاون الدولي يسمح أيضا بتسهيل عملية التعرف على أجهزة الكمبيوتر، التي تم قرصنتها لشنّ هجمات من هذا القبيل.

سويس انفو – فريديريك بورنان – جنيف

(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)

انعقدت الدورة الأولى لمنتدى جنيف للأمن يومي 20 و21 يونيو 2007 في قصر المعارض Palexpo.

يهدف المنتدى إلى تحديد وتحليل التهديدات الجديدة للأمن بأوسع معانيه وبلورة حلول لمواجهتها من خلال مقاربة متعدية، تشمل السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا.

يومي المنتدى أيضا إلى تحفيز المؤسسات النشيطة في قطاع الأمن في جنيف والمنطقة المجاورة لها.

يدير المنتدى دانييل شتاوفاخر، وهو سفير سويسري سابق وأحد المنظمين السويسريين للقمة العالمية لمجتمع المعلومات، الذي انعقد في جنيف في ديسمبر 2003.

انخرطت الحكومة الفدرالية في سلسلة من الإجراءات، ترمي إلى حماية المنشآت العاملة في قطاع الإعلام والاتصال في سويسرا، بما في ذلك شبكة الإنترنت، ضد محاولات الاستعمال الإجرامية (مثل القرصنة) والأعطاب والهجمات.

هذه الجهود تجسّـدت في إنشاء الخدمة الوطنية لتنسيق مكافحة الجريمة على شبكة الإنترنت.

في 29 أكتوبر 2003، كلّـفت الحكومة وزارة المالية بالتعاون مع شركائها في المكتب الفدرالي للشرطة وفي الشبكة السويسرية للتعليم والأبحاث، بإنشاء مركزية للتسجيل والتحليل للأمن المعلوماتي تحمل اسم MELANI.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية