مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الدوحة ليست سياتل

مؤتمر الدوحة بجولة جديدة من المفاوضات أو بدونها؟ swissinfo.ch

هل يكفي الوقت المتبقي للتوصل إلى إجماع لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات التجارية أثناء المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في الدوحة في شهر نوفمبر القادم ؟ تساؤل تصعب الإجابة عنه بدقة في الوقت الحالي بالرغم من اقتناع الجميع بضرورة تجنب تكرار أسباب فشل مؤتمر سياتل في عام 1999.

لم تسمح جولة يومي الاثنين والثلاثاء من هذا الأسبوع التي خصصها المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية في جنيف، بالتوفيق بين وجهات نظر الدول الأعضاء المائة وواحد وأربعين بخصوص إطلاق جولة جديدة من المفاوضات التجارية في المؤتمر الوزاري الذي ستحتضنه قطر في شهر نوفمبر تشرين الثاني.

إذ بالرغم من حصول إجماع واسع على ضرورة العمل على مواصلة إلغاء الحواجز الجمركية التي تقف في وجه الواردات الصناعية وفي وجه القطاعات الجديدة من التجارة الإلكترونية، فإن الدول النامية لازالت متحفظة بخصوص إطلاق جولة جديدة من المفاوضات ما لم تحصل على مطالبها الأولية التي تقدمت بها أثناء مؤتمر سياتل.

وتتمثل هذه المطالب في تطبيق الدول المتقدمة لتعهداتها تجاه اقتصاديات الدول النامية التي قطعتها على نفسها في اتفاق الجات عام أربعة وتسعين والمتمثلة في مراجعة الإجراءات الحمائية التي تلتجئ إليها الدول المتقدمة، وفتح الأسواق أمام منتجات الدول النامية وبالأخص في القطاع الفلاحي، وتخفيف الإجراءات المفروضة على القطاع الصحي. كما تعارض الدول النامية فتح مفاوضات في ميادين الاستثمار والمنافسة وهي خطوات تصر عليها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي.

ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي بدأ يدركان أن الوقت المتبقي لمؤتمر الدوحة لا يسمح بإطالة الجدل وهو ما دفعهما إلى إظهار شبه إجماع بينهما عندما عبر ممثلاهما في ندوة صحفية مشتركة في جنيف، عن النية في تفادي أن تؤدي خلافاتهما إلى عرقلة جولة جديدة من المفاوضات.

وهو ما عبر عنه المدير العام للتجارة بدول الاتحاد الأوربي بيتر كارل ” بمواصلة الإدارة الحسنة للخلافات بين الطرفيين بشكل يحول دون تأثير ذلك على الأهداف العامة”. أما نظيره الأمريكي ونائب كبير المفاوضين الأمريكيين بيتر آلغير فقد بالغ في التفاؤل بتصريحه أن الأوربيين والأمريكيين “يرغبان في تعزيز التعاون بينهما لكي تكون الجولة القادمة من المفاوضات أكثر طموحا على حد تعبيره.

دروس سياتل تفرض أحد الخيارين

لكن هذا التفاؤل المعرب عنه ليس بإمكانه إخفاء الخلافات العالقة منذ مؤتمر سياتل بين واشنطن وبروكسل، مثل الخلاف حول القطاع الفلاحي والطيران. واللذان أضيف إليهما منذ وصول جورج بوش الابن للحكم، قطاع الحديد والصلب وإعفاء المصدرين الأمريكيين من بعض الرسوم.

لتفادي تكرار سناريو سياتل، أي التوجه إلى القمة بدون جدول أعمال، حددت الدول الأعضاء نهاية شهر يوليو تموز من أجل إجراء ” اختبار واقعي” لمواقفها وتحديد إمكانية التوصل إلى إجماع حول جدول أعمال لمؤتمر الدوحة، أو على الأقل تحديد بعض النقاط التي تحظى بالإجماع والتي يمكن طرحها للنقاش، وهو الخيار الأول.

ومن أجل تسهيل النقاش حول مختلف هذه القضايا، ستحاول رئاسة المجلس العام تحضير ورقة عمل، تناقش في جلسة نهاية يوليو. اما الخيار الثاني فيتمثل في حل بديل قد يلجا إليه المدير العام لمنظمة التجارة العالمية السيد مايك مور في نهاية المطاف والمتمثل في عقد جلسة وزارية بدون طموحات إطلاق جولة جديدة من المفاوضات.

وسطاء بالجملة لتفادي الفشل

تقوم سويسرا وزيلاندا الجديدة بمجهودات وساطة لمحاولة تقريب المواقف . فقد اعد البلدان بالاشتراك مع المغرب والنوريج وتيلندا ويورغواي والارجنتين، وثيقة يمكن استعمالها كقاعدة للتفاوض بخصوص تطبيق التعهدات المقدمة في جولة أورغواي والتي تطالب بها الدول النامية.

كما نظمت سويسرا وزيلاندا الجديدة اجتماعا مع ثلاثة عشر بلدا في محاولة لتقريب وجهات النظر بخصوص قضايا معقدة مثل التجارة والبيئة وكيفية صياغة مهمة التفاوض حول قواعد وقوانين منظمة التجارة العالمية.

وقد اعترف مبعوث الحكومة السويسرية للمفاوضات التجارية السيد لوسيوس فاسيشا بأن “الأسابيع القادمة تتطلب من الجميع بذل مجهود كبير”. ولكنه أضاف في نفس الوقت بأن “التاريخ لا يعيد نفسه”. موضحا “أن الدوحة ليست سياتل ، وأن رئاسة الدورة الحالية غير تلك التي قادت أشغال سياتل، وأن المفاوضات بخصوص قطاعات الزراعة والخدمات عرفت على كل بعض التقدم منذ سياتل.”

محمد شريف – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية