مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قمة بيروت: “دعوا بوش ينتصر”؟؟

إلى جانب الرئيس الفلسطيني، يظل الرئيس المصري محمد حسني مبارك أبرز المتغيبين عن حضور اشغال القمة العربية في بيروت Keystone

بإعلان العاهل الأردني عدم التحول إلى بيروت، تجاوز عدد القادة العرب المتغيبين عن القمة العشرة لكن أبرزهم يظل الرئيس المصري زعيم أكبر بلد عربي. فهل كان الرئيس حسني مبارك يخطط منذ البداية للتغيب عن مؤتمر القمة العربية في بيروت؟

” سويس انفو ” طرحت هذا السؤال على وزير خارجية عربي “غير متحمس كثيرا” للمبادرة السعودية الداعية لمبادلة التطبيع الشامل بالانسحاب الاسرائيلي الشامل ، فرد باسما:”أنتم تقولون ذلك لا انا. لكني اعتقد ان الرئيس مبارك أوصل رسالته الى من يهمهم الامر “.

ومن هم هؤلاء؟. الوزير رفض الاجابة. كما ان الاطراف العربية التي توجهنا اليها بالسؤال، أنقسمت في اجاباتها.

ففي حين قال المصريون أن أسباب تغيب مبارك تعود الى “تطورات داخلية”، قال اللبنانيون القريبون من الأطراف السعودية (أساسا رئيس الوزراء رفيق الحريري )، أن الرسالة موجّهة الى الاميركيين بسبب عدم ممارستهم ضغوطا اكبر على شارون، لحمله على اطلاق الرئيس الفلسطيني عرفات من ” معتقله ” في رام الله.

بيد أن مراقبين عرب محايدين يتابعون عن كثب حيثيات قمة بيروت التي بدأت اعمالها ظهر الأربعاء، قالوا أن السبب الحقيقي لغياب الرئيس المصري هو إمتعاضه الشديد من رقصة “التانغو المنفردة”التي لعبتها السعودية بأطلاقها مبادرة السلام من دون استشارته، ومن دون أن تأخذ بعين الاعتبار موقع مصر كزعيمة للعالم العربي وكراعية لكل عملية السلام العربي-الاسرائيلي، خاصة في شقها الفلسطيني.

ويدعم المراقبون المحايدون وجهة نظرهم هذه بالقول انه كان ملفتا للغاية ان يعلن مبارك في حديث صحافي له (نشر يوم الثلاثاء في صحيفة “النهار” اللبنانية) دعمه للمبادرة السعودية، فيما هو ينصح عرفات بعدم المجيء. وهم اعتبروا ذلك “لعبة دبلوماسية ماهرة” تمكّن مبارك من عدم اغضاب الاميركيين من خلال تجنّب الظهور بمظهر من يعرقل المبادرة، وفي الوقت ذاته تضعف موقع السعوديين العام في القمة، ومن ثم في المنطقة العربية.

مصير المبادرة

كيف يمكن ان يؤثر غياب مبارك، ومعه الرئيس عرفات، على “قمة مبادرة عبد الله” ، كما وصفها بعض المسؤولين العرب المشاركين في القمة؟ وهل ثمة احتمال بأرجاء طرح المبادرة علىالمؤتمر؟

حتى مساء الثلاثاء، كانت أوساط الوفد السعودي في ردهات فندق فينيسيا المطل على البحر المتوسط والذي تعقد فيه القمة، تؤكد ان الأمير عبد الله سيطرح مبادرته، وان غياب نصف الملوك والرؤساء “لا يمنع بالضرورة تبنّي القمة لمواقف مهمة”.

وتقول هذه الاوساط أن مضمون المبادرة كما تبلورت اخيرا، ينص على :

أ- الانسحاب الاسرائيلي الشامل من كل الاراضي العربية المتحدة حتى حدود 4 حزيران-يونية 1967.

ب- ايجاد حل عاجل لمشكلة اللاجئين “التي سيجري التفاوض عليها مع الاطراف المعنية على قاعدة القرار 194”.

ج – اقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 4 حزيران-يونية مع القدس عاصمة لها.

د- في المقابل تلتزم الدول العربية باعتبار النزاع العربي-الاسرائيلي منتهيا، وتقيم علاقات سلام طبيعة وأعتراف كامل بأسرائيل، وتبرم معاهدة سلام جماعية معها.

بيد انه يتوقع ان تتعرض هذه “الصيغة المتبلورة” الى مزيد من “البلورة” اليوم الأربعاء وغدا، بحيث يتم تعديل العديد من بنودها. إذ هناك الان، اضافة الى الصيغة السعودية، “ست وثائق” قدمتها دول عربية أخرى.

وكما قالت مصادر في المؤتمر ل “سويس انفو”، فأن كل كلمة في الصيغة السعودية “يراق حولها الان الكثير من الدماء” ، خاصة منها ما يتعلق بمسألتي التطبيع واللاجئين.

وتضيف المصادر ان معارضي المبادرة أو منتقديها، يركزون كثيرا في اجتماعات لجنة الصياغة على نقطتين: الاولى، التفاصيل الدقيقة للمبادرة بصفتها خطة عربية مشتركة وليس مجرد خطة سعودية. والثانية، “آلية التنفيذ”.

وتتابع ان السعوديين يحاولون الالتفاف على “فخ التفاصيل” (على حد تعبير المصادر ) بالتشديد على ان المبادرة ” لا يجب بالضرورة ان تكون خطة. انها مجرد فكرة ورسالة. فكرة تشرح شروط العرب للسلام. ورسالة الى المجتمع الدولي بان الامة العربية تريد السلام وان اسرائيل هي التي ترفضه “.

كما ان السعوديين يبذلون جهودا لتجاوز مسألة التطبيع المعقدة، عبر محاولة تمرير بند يقول أنه “على كل دولة على حدة ان تناقش بشكل ثنائي مع اسرائيل طبيعة العلاقة التي أقامتها معها”.

“حرب على العراق.. فسلام أمريكي”!؟

على اي حال، الصيغة النهائية للمبادرة السعودية في حلتها العربية، لن تر النور (في حال رأته) الا في نهاية المؤتمر، بعد أن فشل وزراء الخارجية الذين اجتمعوا يوم الإثنين الماضي في العاصمة اللبنانية في الاتفاق عليها. هذا علما ان العديد من الاطراف يتمنى ” سرا ” ألا ترى المبادرة أي نور، خاصة السوريين واللبنانيين والعراقيين والايرانيين والعديد من الفلسطينيين؟

والمثير هنا ان السعوديين لا يبدون ممتعضين كثيرا من غياب اهم طرفين عن القمة، وهما حسني مبارك رئيس أكير دولة عربية، وياسر عرفات رئيس “القضية” التي من اجلها(نظريا) اطلق الأمير عبد الله مبادرته.

فمصادرهم تقول ان غياب مبارك “كان أمرا مؤسفا بالطبع. لكن طالما ان عاطف عبيد (رئيس الوزراء) سيّوقع بأسم مصر على المبادرة، فهذا سيكون كافيا”. وتضيف ان غياب عرفات “ربما كان أفضل، لأن السعودية كانت تخشى لو حضر أن يفاجئها بواحدة من الالعاب المسرحية التي يعشقها رئيس السلطة الفلسطينية”.

بيد ان مصادر أخرى، غربية هذه المرة، ترى ان السعودية غير مهتمة في الواقع سوى ب “تبييض صفحتها” لدى واشنطن بعد احداث 11الحادي عشر من سبتمبر-أيلول، وان خروج القمة بأية صيغة سيكون كافيا لتعزيز حملة العلاقات العامة التي تشنها الان، وبقوة، في الغرب.

لا بل ذهب مسؤول فلسطيني معارض بشدة لمبادرة عبد الله الى ما هو اخطر من ذلك بكثير، حين قال لـ “سويس أنفو” انه يصّدق ما قاله مؤخرا المّعلق الاسرائيلي في صحيفة “هآرتس” أمير أورين من “ان شجاعة الامير عبد الله المفاجئة، هي دليل على أنه يعتقد ان اميركا ستشن حربا في وقت قريب على العراق وستنتصر فيها. وسيلي ذلك سلام أميركي بين اسرائيل والعرب، وفي الخليج. والامير يقول الان: دعوا بوش ينتصر” على حد تعبير المعلق الإسرائيلي.

سعد محيو – بيروت

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية