مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل الحرب وشيكة؟

ترقب حذر بين الهند وباكستان ومخاوف من اندلاع حرب شاملة بين البلدين Keystone

تلقي غيوم سوداء بظلالها على جنوب آسيا، حيث تخيم أجواء حرب محتملة بين الهند وباكستان. ويبدو أن قادة البلدين توصلوا الى قناعة بأن الحرب هي الطريق الأسهل لحسم الخلافات.

أطلقت الهند الرصاصة الأولى في الحرب المحتملة من خلال قيامها بطرد المفوض السامي الباكستاني المعتمد لديها كأول رد فعل رسمي على الهجوم المسلح الذي شنه مقاتلون كشميريون على ثكنة عسكرية بالقرب من مدينة جامو، العاصمة الشتوية لاقليم جامو وكشمير. هذا الهجوم أسفر عن مقتل 34 شخصا من بينهم نساء وأطفال، مما أشعل غضب الشارع والسياسيين الهنود، وحملت نيو دلهي باكستان مسؤولية العملية العسكرية، قائلة إن منفذيها الثلاثة باكستانيو الجنسية، رغم نفي اسلام اباد ذلك.

وبدأت نيو دلهي في اتخاذ الاجراءات للرد على الهجوم، وتعالت أصوات الأحزاب اليمينية مطالبة بالانتقام من باكستان بعد أن فشلت المحاولات السابقة والخيارات الأخرى في وقف الحملة “العدائية الباكستانية” ضد الهند منذ الانفصال عام 1947 ووضعت القوات البرية والجوية والبحرية تحت أمرة الجيش وهي خطوة عادة تتخذ في التحضير لشن الحرب.

وتوجه رئيس الوزراء الهندي الى ولاية جامو وكشمير في زيارة ميدانية للاطلاع عن كثب على التطورات العسكرية والأمنية. ومن المرتقب أن تعقد اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية اجتماعا يوم الاربعاء في سيريناغار، العاصمة الصيفية للاقليم لتقييم الأوضاع العسكرية.

كما توجه وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الى ولاية راجستان لتفقد القوات الهندية المرابطة على طول الحدود مع باكستان ورفع معنويات الجنود المنهارة بعد التمركز على الحدود منذ قرابة ستة أشهر خاصة وأن درجة الحرارة في الولاية تتجاوز الثمانية وأربعين درجة مئوية وداخل الدبابة مابين 55-60 درجة مئوية. والأهم في هذه الزيارة تفقد مواقع الصواريخ الباليستية متوسطة المدى والقادرة على حمل رؤوس نووية.

تعبئة هندية كاملة

وفي خطوة تصعيدية أخرى، قررت نيو دلهي سحب وحدات من الجيش الهندي من ولاية غوجرات الغربية الى مواقع أمامية هجومية. يذكر في هذا الشأن أن قوات الجيش كانت قد أرسلت الى الولاية لبسط سيادة الأمن والقانون فيها بعد ان شهدت اضطرابات طائفية ومجازر ضد الأقلية المسلمة. وقد تفاقمت أعمال العنف وفقد المسلمون الثقة بالحكومة المحلية برئاسة حزب البهارتيا جاناتا (الشعب الهندي) القومي الهندوسي، المدعوم من المنظمات الهندوسية المتطرفة،المسؤولة عن موجة العنف الطائفي التي تجتاح الولاية.

وبدأ القادة العسكريون في البحث عن الأوراق القديمة لاستخلاص العبر من الحروب السابقة والاستفادة منها في حال شن “حرب محدودة” على باكستان. لكن العديد من الخبراء يستخفون بهذا التعبير الغامض عن حرب محدودة بين دولتين نوويتين والذي خطر على بال العديد من القادة العسكريين الهنود الذين اعتقدوا أن بالامكان نشوب حرب محدودة بينهما على غرار حرب كارغيل عام 1999، والتي كادت أن توشك بنشوب حرب رابعة بينهما.

فقد تغيرت التوازنات العسكرية، وهنالك معطيات جديدة، حيث لا يمكن تجاهل امتلاك البلدين قدرات نووية كبيرة. وقامت دلهي واسلام اباد بنصب الصواريخ الباليستية المتوسطة والطويلة المدى، كما تسربت أنباء في الآونة الأخيرة من واشنطن مفادها أن الادارة الأمريكية كانت على دراية باحتمال قيام باكستان باستخدام السلاح النووي ضد جارتها في حرب كارغيل.

وبعد حادث الاعتداء على البرلمان الهندي في الثالث عشر من ديسمبر الماضي، حشد البلدان ما لا يقل عن مليون جندي على طول الحدود الدولية بينهما والتي تبلغ قرابة 1600 كم وعلى طول خط التماس في اقليم جامو وكاشمير المتنازع عليه.

استمرار التوتر: الى اين؟

ومن المؤكد ان أي مغامرة عسكرية هندية سوف تقابل برد باكستاني مماثل، والهند تدرك جيدا أنها تتفوق عسكريا على باكستان. لكن القادة العسكريين الباكستانيين لم يخفوا وجهة نظرهم بأن السلاح النووي الباكستاني هو لمضاهاة التفوق الهندي في الأسلحة التقليدية وليس كقوة ردع فقط.

ويقول بعض المراقبين، إن التحركات العسكرية من الجانبين جاءت للاستهلاك المحلي، وان التلويح بالخيار العسكري لحل خلافاتهما ليس بالجدي، ولكن لا توجد أي ضمانات بعدم نشوب الحرب.

غير ان الأوضاع العسكرية لا تزال متوترة جدا، كما ان المناوشات الحدودية متواصلة منذ أسبوع في قطاع جامو من الاقليم المتنازع عليه وقد اشتدت حدتها خلال اليومين الماضيين، مما ادى الى وقوع خسائر بشرية ومادية جسيمة ونزوح الألاف من سكان القرى المتاخمة الى مناطق أكثر أمنا وزيادة الضغوط الداخلية على قادة البلدين.

وائل عواد – نيو دلهي

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية