مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

متى تلتحق سويسرا بالركب؟

لم تُصادق إلى حد الآن جميع الدول الصناعية ومن ضمنها سويسرا على اتفاقية الأمم المتحدة لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم Keystone

بدأ العمل رسميا يوم غرة تموز بمعاهدة الأمم المتحدة المتعلقة بحماية حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم.

ونظرا لعدم قيام سويسرا بالتوقيع على المعاهدة إلى حد الآن، يُحاول ممثلون عن المجتمع المدني وضع برن أمام مسؤولياتها.

عشية بدء العمل بمعاهدة الأمم المتحدة المتعلقة بحماية حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم، قرر ممثلون عن النقابات والكنائس والعديد من المنظمات غير الحكومية في سويسرا تصعيد الضغط على الحكومة الفدرالية من أجل إقناعها بالتوقيع عليها.

وفي ندوة صحفية عُقدت يوم الإثنين في برن، أشار برونو كليمنت الأمين الإقليمي لنقابة كوماديا (التي تضم معظم العاملين في مجالات الإعلام والإتصال) إلى أن هذه المعاهدة ستُصبح يوم الثلاثاء “مقياسا دوليا جديدا لا يُمكن لسويسرا أن تُفلت منه”.

وتشمل المعاهدة التي آعتمدت من طرف الأمم المتحدة منذ يوم 18 ديسمبر 1990، جميع المهاجرين سواء كانوا شرعيين أم لا. كما حددت للمرة الأولى تعريف العامل المهاجر وعملت على توفير الحماية لضحايا التجاوزات بشكل ملموس.

ظرف “غير ملائم”

ونظرا لأن المعاهدة تدعو إلى تطبيق مبدإ التجميع العائلي وتسعى للقضاء نهائيا على مختلف أشكال استغلال المهاجرين، فإنها تأتي في وقت غير مُلائم بالنسبة لسويسرا التي “تمر بلحظة توجس” على حد تعبير دانيال بولوماي المسؤول في الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية.

إذ تشهد الكنفدرالية في الفترة الحالية – وهي بالمناسبة لحظة دقيقة سياسيا حيث أنه لم يعد يفصلنا عن موعد الإنتخابات العامة إلا ثلاثة أشهر – نقاشات حامية حول مراجعة قانونين فدراليين مرتبطين بشكل مباشر بملف المهاجرين وهما قانوني اللجوء والأجانب.

وفي هذا السياق، تُذكّـر فانيا أليفا رئيسة لجنة شؤون الهجرة في اتحاد النقابات السويسرية بأن مسودة القانون الفدرالي الجديد حول الأجانب يتضمن معاملة “تمييزية” بين المهاجرين القادمين من أوربا (وأمريكا الشمالية) وغيرهم الوافدين من شتى أنحاء العالم الأوروبيين.

ونوهت المسؤولة النقابية إلى أن بنود القانون الجديد للأجانب سوف تشمل الوافدين حديثا والمهاجرين المقيمين منذ فترة في سويسرا على حد السواء. ويقدر عدد الأجانب في سويسرا حاليا ببمليون ونصف مليون شخص يقدم أكثر من 40 في المائة منهم من خارج بلدان الإتحاد الأوروبي.

“مصدر إزعاج”

ولا تبدو الأمور أفضل حالا في مجال اللجوء حيث تستعد الحكومة الفدرالية في إطار الإجراءات التقشفية الجديدة لإلغاء الموارد المالية التي كانت مخصصة لإعانة طالبي اللجوء الذين تُرفض طلباتهم. ومن المنتظر أن يؤدي هذا الإجراء إلى “مزيد من العمل السري وإلى مزيد من التسول” على حد قول النائب يولي لوينبرغر (من حزب الخضر).

ويبدو أن الإتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم أصبحت “مصدر إزعاج لسويسرا الرسمية” على حد قول دانيال بولوماي لأن مصادقة الكنفدرالية عليها سيفرض على السلطات التقيد جملة من الإلتزامات القانونية تجاه المهاجرين وأفراد عائلاتهم لا زالت مثار جدل بل رفض في عدة أوساط سياسية واقتصادية وشعبية.

وفيما دعا النائب الإشتراكي بول ريشستاينر يوم 18 يونيو الماضي الحكومة الفدرالية إلى الإنكباب على دراسة الإتفاقية تمهيدا للمصادقة عليها، قررت العديد من منظمات وهيئات المجتمع المدني إنشاء شبكة تضامنية واسعة داخل سويسرا من أجل التعريف ببنود الإتفاقية وتحسيس السلطات والأحزاب السياسية بأهمية احترام حقوق العمال المهاجرين.

تعتيم وتجاهل

وفي انتظار تغير الموقف من الإتفاقية ومن الملفات المرتبطة بالمهاجرين عموما، يبدو ملفتا أن سويسرا وجميع البلدان الصناعية والمتقدمة الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية لم تُصادق بعدُ عليها على الرغم من مرور ثلاثة عشر عاما كاملة على اعتمادها من طرف الأمم المتحدة.

فمنذ عام 1990 لم تنجح الحملات الواسعة التي نظمتها الأطراف المدافعة عن حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم في إقناع حكومات دول الشمال بالإنضمام إلى البلدان الموقعة على الإتفاقية التي لم يتجاوز عددها يوم بدء العمل بها (أي في غرة تموز 2003) اثنين وعشرين بلدا تنتمي كلها إلى الجنوب، بل إن معظمها دول مُصدّرة لليد العاملة.

ولئن لُقبت الإتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بـ “الشيء الأكثر سرية في الأمم المتحدة” نظرا لما صاحبها من تعتيم وتجاهل من طرف الدول الغربية أو البلدان الثرية المستوردة للعمالة الأجنبية (في منطقة الخليج مثلا)، إلا أن بدء العمل بها رسميا قد يدفع بعضها إلى مراجعة مواقفها.

وقد وجهت 275 منظمة غير حكومية من شتى أنحاء العالم من بينها منظمة “سويسرا للتضامن بلا حدود” نداء إلى جميع الحكومات تناشدها فيه التصديق على الإتفاقية التي أصبحت حاجة إنسانية وضرورة اجتماعية لحماية حقوق ما يزيد عن 175 مليون شخص اضطروا للهجرة رفقة أسرهم من بلدانهم من أجل العمل يتعرضون لشتى أنواع التمييز والإجحاف والإنتهاكات.

كمال الضيف – سويس إنفو

اعتمدت الأمم المتحدة الإتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم يوم 18 ديسمبر 1990

البلدان التي صادقت على المعاهدة (22) وهي: آذربيجان وبوليفيا والبوسنة والهرسك وجزر الرأس الأخضر وكولومبيا والإيكوادور ومصر والسلفادور وغانا وغينيا وغواتيمالا ومالي والمكسيك والمغرب والفيليبين والسنغال وسيشال وسريلانكا وطاجيكستان ويوغندا واليوروغواي وبليز

الدول التي وقعت على المعاهدة ولم تُصادق عليها بعد (10): وهي بنغلاديش و الشيلي وجزر القمور وغينيا بيساو والباراغواي وساو تومي وبرنسيب وسيراليون وتركيا والطوغو وبوركينا فاسو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية