مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

برن تتصدى للمُتاجرة بالنساء الأجنبيات

Keystone

أنشأ المكتب الفدرالي للشرطة جهازا جديدا كُلف بمهام التنسيق مع الكانتونات والخارج بهدف بلورة استراتيجية ضد المتاجرة بالبشر وخاصة النساء الأجنبيات.

ومن بين 100 من هؤلاء السيدات اللاتي “يُستوردن” في إطار صناعة الجنس، لا تتعرف العدالة السويسرية إلا على واحدة فقط منهن.

محاربةُ الإتجار بالبشر هي المهمةُ الجسيمة التي ألقِيتْ على عاتق جهاز جديد في المكتب الفدرالي للشرطة. ففي ظل العولمة وانعكاساتها الحتمية – من فقرٍ وبطالة في دُول الجنوب وارتفاعِ الطلب على اليد العاملة الرخيصة في دول الشمال -، تتفاقم الانتهاكاتُ في أوساط من يحلُمُون بالهروب من واقع أليم فيجدون أنفسهم يعيشون واقعا أتعس.

ومن بين ضحايا الإفلات من الفقر عددٌ كبير من النساء وخاصة أولئك اللاتي يُجلبن إلى دول الشمال في إطار ما يُصطلح على تسميته بصناعة الجنس. وتظل سويسرا وجهة جذابة للشبكات التي تروج لهذا النوع من المتاجرة بالبشر، حيث لا يقل عدد النساء القادمات من بلدان أوروبا الشرقية عن 3000. في المقابل لا تتعرف العدالة السويسرية سوى على 1% من هذه الحالات.

مركز لتوزيع المعلومات

ويضم الجهازُ الجديد الذي يحمل اسم “مكتب التنسيق في مجال مكافحة الإتجار بالبشر والمهاجرين” ممثلين فدراليين عن وزارة العدل والشرطة ووزارة الخارجية ومكتب المساواة بين النساء والرجال. وسيعمل كمركز توزيع للمعلومات والتحليل وللتعاون على المستويين السويسري والدولي.

ويريد هذا المكتب أن يكون جهازا استراتيجيا بالدرجة الأولى حيث يشدد المكتب الفدرالي للشرطة على أن الجهاز الجديد لن يقوم بإصدار أي نوع من الأوامر بل سيتقدم بمقترحات وأفكار في مجال محاربة الإتجار بالبشر.

وستؤخذ الإجراءات المُناسبة بعد ذلك من قبل السلطات المعنية سواء تعلق الأمر بالتحقيقات أو الإجراءات الجنائية أو تأشيرات الدخول إلى سويسرا وغيرها من الإجراءات القانونية والقضائية. وسيسهر الجهاز الجديد على تطبيق البروتوكولات الملحقة بمعاهدة الأمم المتحدة حول الجريمة المنظمة التي وقعت عليها سويسرا.

معضلة العقود الفنية

وقد أنشئ هذا الجهاز بفضل المذكرة التي اقترحتها النائبة البرلمانية روث غابي فيرموت من الحزب الاشتراكي في العاصمة الفدرالية برن. وفيما يستعد مجلس الشيوخ لمناقشة هذا المقترح في جلسة قادمة، كلفت الحكومة الفدرالية مجموعة عمل بجرد حصيلة المتاجرة بالبشر في سويسرا.

وتظل العقود الموصوفة بالفنية التي تُرتبها شبكات الدعارة لنساء أجنبيات من أمريكا اللاتينية ودول أوروبا الشرقية من أخطر الممارسات وأكبر الفضائح التي يتوعد المكتب الجديد بالتصدي لها. فغالبا ما تحصل الضحايا، بعد تصديقها لوعود جوفاء، على تأشيرة الدخول إلى سويسرا بسهولة تامة. بينما تنجح نساء أخريات في التسلل إلى تراب الكنفدرالية عبر الهجرة السرية.

وغالبا ما يتم استغلال هؤلاء النساء بطرق فاحشة ويتم إرغامهن على ممارسة الدعارة. ورغم إدانة السلطات السويسرية لهذه المتاجرة واتخاذها لإجراءات متشددة، مازالت شبكات الدعارة تفلت من العقاب وتستفيد من التسهيلات التي تقدمها لها، بشكل مباشر أو غير مباشر، الأطراف المستفيدة من هذه السوق، أي أصحاب النوادي الليلة وقاعات التمسيد والزبائن يصفة عامة.

ويذكر أن أغلب دول أوروبا الغربية مثل سويسرا وايطاليا وألمانيا والنمسا لا تمنح تأشيرات عمل لهؤلاء النساء القادمات من بلدان أوروبا الشرقية أو إفريقيا أو أمريكا اللاتينية أو آسيا، إلا في حال حصولهن على عقود للعمل كراقصات في النوادي الليلية .. فقط!

وبموجب هذه العقود التي لا يجب أن تقل مدتها عن ثلاثة أشهر، تمنح السفارة السويسرية صاحبتها إقامة محددة لا تزيد عن 8 أشهر، وتتابع السلطات السويسرية عمل الراقصة، إذ يجب عليها أن تتنقل كل شهر من كانتون إلى آخر وإذا لم تجد عملا لمدة تزيد عن الشهر فيجب عليها مغادرة سويسرا لان تصريح إقامتها يُعتبر منتهيا.

دعوة إلى عدم تجريم الضحايا

وقد حددت مجموعة العمل التابعة للحكومة السويسرية مشكلا أساسيا في هذا الصدد حيث استنتجت أنه غالبا ما يتم طرد الضحايا بسبب وضعيتهم غير القانونية قبل أي إجراء قضائي. وتقترح مجموعة العمل ألا تعتبر ضحايا المتاجرة بالبشر شريكة في الجريمة وأن تحصل على ترخيص بالإقامة وفقا لبعض الشروط. وهذا ما يقترحه أيضا مشروع تعديل القانون الخاص بالأجانب.

وفي زيوريخ، أشاد مركز المعلومات الخاص بنساء إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية بإنشاء المكتب الجديد لكنه انتقد في المقابل الخلط بين سياسة الهجرة والجهود الرامية لمكافحة الإتجار بالبشر.

وأعرب مركز زيوريخ عن أمله في أن يقدم المكتب الجديد دعما ماديا ومعنويا للضحايا، وأعلن بالمناسبة أنه سينشئ مكتبا متخصصا في تقديم النصائح القانونية والمساعدات النفسانية لضحايا هذا النوع الخسيس من التجارة.

سويس انفو مع صحيفة “لا ليبرتي”

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية