صحيفة سويسرية: حكومة الشرع تتزين بتعددية رمزية تٌخفي تمركز السلطة

تناولت الصحف السويسرية هذا الأسبوع تطورات الوضع في سوريا، مركّزةً على الأهداف الإسرائيلية بعد انهيار نظام الأسد، كما استعرضت التشكيلة الوزارية الجديدة التي لا تزال تحت هيمنة الدائرة المقربة من أحمد الشرع، رغم طابعها الرمزي، وفي ظل رفض كردي لها.
تناول موقع الإذاعة والتلفزة السويسري العمومي الناطق بالألمانية (SRF) في تقرير مفصل التحركات العسكرية الإسرائيلية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، مسلّطاً الضوء على الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل في المنطقة، وتداعيات هذه التحركات على المشهد الإقليمي.
وتحت عنوان “ما الذي تهدف إليه إسرائيل من عملياتها العسكرية في سوريا؟”، أشارت الصحفية آنا تريشسل إلى أن إسرائيل سارعت إلى التحرك عسكريًا في سوريا بعد أيام قليلة من سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي. وأوضحت أنه بعد تسعة أيام فقط من سقوط النظام، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة جبل الشيخ (المعروف أيضًا بجبل الحرمون) في مرتفعات الجولان، مؤكدًا على أهميته لأمن إسرائيل.
إذا أردت إضعاف عدوك، ففرّقه. فرّق تسد – إنها استراتيجية قديمة تتبعها إسرائيل.
موقع الإذاعة والتلفزة السويسري العمومي
وأفادت الصحفية بأن الجيش الإسرائيلي قد استولى على المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان، حيث أنشأ نقاط تفتيش ونشر قوات برية. كما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي مئات الغارات في مختلف أنحاء سوريا، مما أسفر عن تدمير أجزاء كبيرة من الترسانة العسكرية السورية. وفي شهر فبراير، أكد نتنياهو أن إسرائيل ترفض وجود قوات سورية في جنوب العاصمة دمشق، مشددًا على أهمية نزع السلاح من جنوب سوريا.
وفي مقابلة مع الموقع أوضح يوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، أن “الحكومة السورية الجديدة لا تُشكّل حاليًا خطرًا على إسرائيل، لأن إسرائيل حرصت على أن تكون دمشق غير قادرة عسكريًا على ذلك، ولأن هذه الحكومة لم تُثبّت سلطتها بعد”.
وأضاف هيلترمان أن إسرائيل تسعى إلى ضمان عدم تعرضها لهجمات من الأراضي السورية، مشيرًا إلى أن سوريا قدمت احتجاجًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد ما وصفته بـ”الغزو الإسرائيلي وانتهاك السيادة السورية”. ومع ذلك، أضاف هيلترمان أنه لا يعتقد أن أنشطة إسرائيل هي الشغل الشاغل للحكومة في دمشق حاليًا، حيث ينصب تركيزها على تثبيت حكمها.
وحول الوضع الداخلي في البلاد، أشارت الصحيفة إلى أن نجاح الحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع في تحقيق الاستقرار ليس مضمونًا بأي حال. فبعد ما يقرب من 14 عامًا من الحرب الأهلية، أصبح التوازن العرقي والديني في البلاد هشًا للغاية. وهذا وضع قد تستغله إسرائيل، ربما من خلال دعم أقليات سورية معينة بشكل انتقائي، وفقًا لهيلترمان. وحول استراتيجية إسرائيل في التعامل مع سوريا الجديدة، قال هيلترمان: “إذا أردت إضعاف عدوك، ففرّقه. فرّق تسد – إنها استراتيجية قديمة تتبعها إسرائيل، وإن لم تكن حكرًا عليها. الفكرة تقوم على ضمان ألا يتمكن عدوك من بناء دولة مركزية قوية قد تُشكّل تهديدًا حقيقيًا لك.”
ولفت الخبير إلى أن هذا النهج قد يكون محفوفًا بالمخاطر، موضحًا: “إذا سعت إسرائيل إلى فرض إرادتها بالقوة العسكرية، وأضعفت الدولة السورية عمدًا، فقد تستفيد من هذا الوضع جهات غير حكومية تحظى بدعم من دول تناصب إسرائيل العداء.”
وختم هيلترمان بانتقاد الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه سوريا الجديدة، مشيرًا إلى افتقار إسرائيل، إلى “قيادة سياسية حكيمة” تركز على الأمن طويل الأجل للبلاد.
(المصدر: موقع الإذاعة والتلفزة السويسري العمومي الناطق بالألمانية رابط خارجي ، 29 مارس 2025، بالألمانية)
حكومة الشرع: تمثيل رمزي وصلاحيات بيد الدائرة الضيقة

في تحليلها لتشكيلة الحكومة السورية الجديدة، أكدت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ أن تعيين شخصيات تعكس تنوعًا دينيًا وعرقيًا، بما في ذلك وزيرة مسيحية، يحمل معاني رمزية تهدف إلى تهدئة الأوضاع الداخلية وكسب ثقة المجتمع الدولي. ومع ذلك، فإن هذا التغيير لا يؤثر على حقيقة أن السلطة ما زالت مركّزة في أيدي مقاتلين سابقين من ميلشيا هيئة تحرير الشام.
وتحت عنوان “حكومة سوريا الجديدة: أحمد الشرع يعزز التنوع – ويركز السلطة بيد المقربين منه”، أوضح الكاتب ريفيرت هوفر أن الشرع، الذي أزاح الديكتاتور بشار الأسد في ديسمبر الماضي، أصبح رسميًا رئيسًا لسوريا منذ يوم السبت، بعد أن شغل المنصب بشكل مؤقت. ومن خلال صلاحياته الجديدة، عيّن الشرع 23 وزيرًا لتشكيل حكومة من المتوقع أن تقود البلاد في مرحلة ما بعد الحرب.
الشرع وقّع دستورًا انتقاليًا يمنحه صلاحيات واسعة، تشمل الحق في تعيين ثلث أعضاء البرلمان، وجميع قضاة المحكمة الدستورية.
صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ
ومن أبرز ملامح التشكيلة الحكومية الجديدة تعيين امرأة في منصب وزاري للمرة الأولى. فقد أسندت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى هند قبوات، الناشطة المسيحية في مجال السلام. كما تضمنت التشكيلة وزراء يمثلون الأكراد، والطائفة الدروزية والعلوية، مما يعتبر خطوة رمزية تعكس التنوع على عدة أصعدة.
وبالنسبة للكاتب: ” “هذه التعيينات تشير إلى الضغوط التي تمارسها الدول الغربية التي تصر على حماية الأقليات كشرط لتخفيف العقوبات. وفي الوقت نفسه، تضمين الجماعات الدينية والعرقية السورية يعد رسالة موجهة للشعب السوري الذي فقد جزءًا من ثقته.”
ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن مشاركة مختلف الجماعات الدينية والعرقية في الحكومة الجديدة لا تخفي حقيقة أن المناصب الوزارية الحساسة، كحقيبة الخارجية والدفاع والداخلية، قد أُسندت إلى مقربين من الشرع. هؤلاء الرجال، وفق التقرير، ينتمون إلى ميليشيا “هيئة تحرير الشام” الإسلامية، التي كان يقودها الشرع خلال الثورة ضد نظام الأسد.
كما أفادت الصحيفة بأن الشرع وقّع في شهر مارس دستورًا انتقاليًا يمنحه صلاحيات واسعة، تشمل الحق في تعيين ثلث أعضاء البرلمان وجميع قضاة المحكمة الدستورية. وبحسب الصحيفة، فإن هذا الدستور سيكون نافذًا لمدة خمس سنوات، وهي فترة طويلة يستطيع الشرع خلالها الحكم دون رقابة مؤسسية حقيقية.
وعن الوضع الأمني في البلاد، أوضحت الصحيفة أن الحكومة السورية الجديدة لا تسيطر بعد على كامل الأراضي السورية، ولا يمكنها ضمان الأمن في جميع المناطق. وأشارت إلى أن إسرائيل أعلنت نفسها حامية للأقلية الدرزية وتنفذ غارات جوية منتظمة داخل سوريا، لا تملك حكومة الشرع القدرة على التصدي لها.
ونوّهت الصحيفة إلى أن الشرع، عقب أداء الحكومة الجديدة اليمين يوم السبت الماضي، لم يذكر صراحةً التحديات الأمنية أو مسألة السيادة الإقليمية. بل ركّز خطابه على القضايا المعيشية والاقتصادية، مؤكدًا أن الحكومة ستنصرف إلى تحسين نظام الرعاية الصحية، وتوفير الكهرباء، وجذب الاستثمارات، إلى جانب بناء البنية التحتية الرقمية وتوظيف الذكاء الاصطناعي في الإدارة.
ورغم التصريحات، يُرجّح أن تحتاج الحكومة السورية الجديدة إلى وقت طويل قبل الانخراط الجاد في هذه الملفات.
وخلصت الصحيفة إلى تشكيل حكومة أحمد الشرع الجديدة هي محاولة لتقديم صورة إصلاحية وتعددية، إلا أن الواقع السياسي يشير إلى تركيز فعلي للسلطة في أيدي حلفاء الرئيس، وسط تحديات أمنية واقتصادية كبيرة، وضعف في السيادة الوطنية.
(المصدر: صحيفة نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 30 مارس 2024، باللغة الألمانية)
الأكراد يعارضون الحكومة السورية الجديدة: تحدٍ إضافي للرئيس الشرع

وفي السياق ذاته كشف موقع الإذاعة والتلفزة السويسري العمومي الناطق بالألمانية (SRF) عن معارضة القوى الكردية للحكومة الجديدة التي شكلها الرئيس السوري أحمد الشرع، مما يشكل تحديًا إضافيًا للنظام الجديد في دمشق. وأعلنت الإدارة الكردية المستقلة في شمال شرق سوريا أن الحكومة الجديدة لا تعكس تنوع البلاد بشكل كافٍ.
وعلقت نينا أمين، مراسلة التلفزيون الألماني العمومي في الشرق الأوسط، قائلة:
“الأكراد يسيطرون على ما يقرب من ثلث الأراضي في سوريا – لذا فإن منصب واحد فقط في الحكومة الجديدة غير كافٍ لهم ببساطة .”
وأكدت أمين على الدور المحوري للأكراد في تحقيق الاستقرار في سوريا، مضيفة: “بدونهم لن يكون هناك استقرار في سوريا – وهذا سيضمن أيضا البقاء السياسي للشرع.”
وأشار الموقع إلى أن الشرع قد توصل إلى اتفاق مبدئي مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حول دمج الأكراد في مؤسسات الدولة، لكن التنفيذ العملي لا يزال معلقًا. وختمت أمين بالقول : ” سيحتاج الشرع إلى مد يده إلى المناطق الكردية. وإلا فلن يتمكن من تحقيق الاستقرار والهدوء في البلاد.”
(المصدر: موقع الإذاعة والتلفزة السويسري العمومي الناطق بالألمانيةرابط خارجي، 31 مارس)
للمشاركة في النقاش الأسبوعي:
المزيد
يمكنكم.ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم.ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 11 ابريل مع عرض صحفي جديد.
مراجعة: فريق سويس إنفو
للاشتراك في النشرة الإخبارية:

المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.