الفقر يتراجع .. وأهداف الألفية لا زالت بعيدة
أشار تقرير أممي حول تحقيق أهداف الألفية إلى أن مساعي الحد من الفقر في العالم تتجه إلى انخفاض معدلات الفقر إلى النصف بحلول عام 2015.
لكن التقرير الصادر بمناسبة انعقاد أشغال المجلس الاجتماعي والاقتصادي للأمم المتحدة بجنيف، أقر بأن مناطق افريقيا ما وراء الصحراء تظل متأخرة عن باقي مناطق العالم.
يقدم تقرير الأمم المتحدة لعام 2006 الخاص بكيفية تطبيق الدول الأعضاء في المنتظم الأممي لأهداف الألفية (الصادر بعد ست سنوات من انعقاد قمة الألفية في نيويورك)، صورة متباينة عن مستوى تحقيق دول العالم لتلك الأهداف المتمثلة في التخفيض من الآن وحتى عام 2015 الى النصف من المستوى الذي عرفته دول العالم في عام 1990 في القطاعات التالية: محو الأوجه القصوى للفقر والمجاعة، وتمكين الجميع من الحصول على تعليم أساسي، وتحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز دور المرأة في المجتمع، وتخفيض نسبة وفيات الأطفال، وتحسين الأوضاع الصحية للنساء الحوامل، ومحاربة امراض نقص المناعة المكتسبة (إيدز أو سيدا) والملاريا وباقي الأمراض الأخرى، وتحقيق تنمية مستدامة محافظة على البيئة، وأخيرا تطوير سبل التعاون والشراكة من أجل التنمية في العالم.
التقرير سجل تفاوتا في إنجاز هذه الأهداف تبعل للمناطق المختلفة لكنه نوه إلى أن التعليم هو القطاع الذي عرف تحسنا أكثر من غيره بشكل عام.
تفاؤل .. ومنحنيات
نائب الأمين العام للامم المتحدة مارك مالوخ براون الذي حضر الى جنيف لتقديم التقرير أمام المجلس الاجتماعي والاقتصادي لمنظمة المتحدة، أبدى في الندوة الصحفية التي عقدها بالمناسبة عن التفاؤل بـ “حصول تقدم ملموس”. وأعرب عن اعتقاده بان هدف تخفيض نسبة الفقراء الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم إلى النصف قد يتحقق بحلول عام 2015، مستندا في ذلك إلى الإحصائيات التي تشير الى أن هذه النسبة قد انخفضت من 28% في عام 1990 الى 19% في الوقت الحالي.
لكن هذا التفاؤل سرعان ما يأخذ منحنيات متباينة وفقا للمناطق. فإذا كانت نسبة تخفيض مستوى الفقر قد شهدت قفزة حقيقية في الصين من 33% الى 14%، وفي الهند وباكستان من 39،4 الى 31،2%، فإنها ظلت راكدة في القارة السمراء حيث لم تنخفض نسبة الفقر التي قدرت بـ 44،6% في عام 1990 إلا بشكل طفيف جدا لتستقر في حدود 44% في عام 2002.
وبالنظر الى نسبة الزيادة السكانية في القارة، فإن عدد الأفارقة الجدد الذين انضموا الى فئة الفقراء بأقل من دولار واحد في اليوم تجاوز 140 مليون شخص.
أما في المنطقة العربية، فقد سجل تعداد الفقراء الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم ارتفاعا من 2،2% في عام 1990 الى 2،4% في عام 2002 .
تحسن في ميدان التعليم الأساسي..
من القطاعات التي عرفت تحسنا ملموسا، يشير تقرير الأمم المتحدة حول أهداف الألفية الى قطاع التعليم الأساسي الذي تمكن من استقطاب حوالي 86% من سكان العالم بالتعليم الابتدائي. وهي نسبة وسط بين 95% في دول أمريكا اللاتينية و 64% في الدول الإفريقية الواقعة جنوبي الصحراء.
وفيما يتعلق بالنسب التي سجلها العالم العربي في مجال تمكين السكان من التعليم الابتدائي، يشير التقرير الى ان الدول العربية الواقعة في غرب آسيا (أي لبنان وسوريا والأردن وفلسطين والسعودية واليمن والعراق والكويت وعُمان والإمارات وقطر والبحرين) قد رفعت المستوى من 80 الى 83 % بينما سجلت الدول العربية الواقعة في إفريقيا (وهي مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا) ارتفاعا في نفس المجال من 81% في عام 1990 الى 94% في عام 2002.
أما بخصوص الهوة القائمة في العالم العربي بين تعليم الفتيات والذكور، اشار التقرير الى أن 22% من الفتيات و %16 من الذكور لا زالوا محرومين إلى اليوم من التعليم، مع ملاحظة أن النسبة تكاد تكون متساوية في بلدان شمال افريقيا، أي بحدود 14% للفتيات و12% للذكور.
أما الفرق القائم في نسب التمدرس بين سكان المدن وسكان الأرياف المحرومين من التعليم الأساسي، فيقدر في العالم بحوالي 18% من سكان المدن و 82% من سكان الأرياف.
.. وتأخر كبير في قطاعات أخرى
أما القطاعات التي يشير تقرير الأمم المتحدة حول أهداف الألفية إلى أنها لا زلت تواجه عراقيل شتى في العديد من مناطق العالم، فهي نسبة وفيات الأطفال ما دون سن الخامسة حيث توفي عام 2004 أكثر من 10،5 مليون طفل في العالم، وهي النسبة التي تصل في بلدان افريقيا الواقعة ما وراء الصحراء إلى 168 حالة من ضمن كل 1000 ولادة. أما في العالم العربي فتصل نسبة وفيات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الخامسة إلى 58 حالة من كل 1000 مولود جديد (في بلدان غرب آسيا)، وإلى 37 حالة من كل ألف مولود جديد (في بلدان شمال إفريقيا).
خبراء الأمم المتحدة الذين أعدوا التقرير أشاروا أيضا إلى أن نسبة سكان العالم القادرين على الوصول الى مياه صالحة للشرب قد انخفض من 30% في العام 1990 إلى 20% في الوقت الحالي، لكنهم يذكرون بأن الوقت المتبقي لتخفيض النسبة الى 15% (أي إنجاز هدف الألفية) لا يتجاوز العشرة أعوام.
وفي مجال محاربة أمراض مثل السل، سجل التقرير أن النسبة ارتفعت بدل ان تنخفض، وأفاد بأن مرض الحصباء مازال يقضي سنويا على حوالي 500 ألف طفل في العالم. وفي مجال محاربة انتشار مرض نقص المناعة المكتسب (إيدز أو سيدا)، يقول التقرير إنه بالرغم من تمكن عدة دول من وضع حد لهذا الانتشار إلا ان نسبة الإصابات الجديدة في ارتفاع مستمر في العديد من مناطق العالم.
الاعتماد على النفس
تقرير الأمم المتحدة حول أهداف الألفية لعام 2006، أشار إلى أن مستوى الدعم العمومي المقدم في مجال التنمية قد فاق للمرة الأولى 100 مليار دولار (أي ضعف ما كان عليه في عام 1990)، لكنه أوضح بأن ذلك تم بفضل عمليات محو الديون التي استفادت منها العديد من الدول الفقيرة أو السائرة في طريق النمو في العالم.
وحذر التقرير من المخاطر التي قد تترتب عن تراجع عمليات محو الديون وتأثير ذلك على برامج المساعدة على التنمية. وفي هذا الصدد، ذكر خبراء الأمم المتحدة أن خمس دول فقط وفت بتعهداتها بخصوص التوصية الداعية إلى رفع مستوى الدعم العمومي المقدم لعملية التنمية بتخصيص 0،7% من إجمالي الدخل القومي للدول المتقدمة، وهي الدنمارك والسويد واللوكسمبورغ وهولندا والنرويج.
وفي نفس السياق، أشار نائب الأمين العام مارك مالوخ براون إلى أن “الدول التي أدخلت إصلاحات على اقتصادها مثلما وقع في تنزانيا وموزمبيق، استطاعت أن تحقق نموا اقتصاديا قويا”.
أخيرا، ذكّـر التقرير بأن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعهدت برفع مستوى مساعداتها المقدمة لدعم التنمية الى حدود 130 مليار دولار بحلول عام 2020، وهو هدف يبدو أن الطريق لا زال طويلا أمام تحقيقه فعليا.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.