مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اللجنة الفرعية : “العقل المفكر للجنة حقوق الإنسان”

swissinfo.ch

تتعدد المواضيع المطروحة للنقاش في الدورة السادسة والخمسين للجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان.

ومع أن عملها يتسم بطابع تحضيري، إلا أن تركيبتها المقتصرة على الاخصائيين والخبراء، تسمح لها باعتماد أسلوب عمل أكثر شفافية وصراحة بعيدا عن جو التسييس المهيمن على أشغال لجنة حقوق الإنسان.

عادة ما يتم تعريف اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، التي تعقد دورتها السادسة والخمسين في قصر الأمم بجنيف طيلة ثلاثة أسابيع، بأنها “الهيئة الفرعية الرئيسية التابعة للجنة حقوق الإنسان”. وتُسمى، بحكم عملها التخصصي، “هيئة التفكير والبحث” التابعة للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

وتتمثل مهمتها الرئيسية في مساعدة لجنة حقوق الإنسان على إجراء دراسات حول قضايا حقوق الإنسان، ووضع توصيات تقدم إلى لجنة حقوق الإنسان فيما يخص حظر التمييز أيا كان نوعه في مجالات الحقوق والحريات وحماية الاقليات العرقية والقومية والدينية واللغوية، والقيام بوظائف اخرى قد تسندها لها اللجنة.

وتتألف اللجنة الفرعية من 26 خبيرا يمثلون القارات الخمس. ويوجد من بين ممثلي القارة الافريقية ثلاثة خبراء عرب هم السيدة حليمة مبارك الورزازي من المغرب الأقصى التي ترأست اللجنة العام الماضي، والخبير التونسي محمد الحبيب الشريف ، والخبير المصري إبراهيم سلامات.

إنجازات… وسـؤال

وكانت السيدة حليمة مبارك الورزازي الخبيرة المغربية قد ذكرت في مداخلتها الإفتتاحية وفي معرض تقييمها لحصيلة السنة الماضية التي تولت فيها رئاسة اللجنة الفرعية، بأن “من بين ما يمكن أن تفخر به اللجنة الفرعية، اتخاذها العام الماضي لقرارات تحدد مسؤوليات الشركات المتعددة الجنسيات”، وأشارت إلى أن النقاش الذي أثير بشأنها في نيويورك، وبالأخص حول مسؤولية هذه الشركات عند نشوب صراعات مسلحة في المناطق التي توجد بها، سواء فيما يتعلق بتهريب الأسلحة أو المعادن الثمينة مثل الألماس أو توظيف المرتزقة، “يبرز جليا أهمية اتخاذ هذه المعايير”، على حد قولها.

من جهة أخرى، ذكرت الخبيرة المغربية بالتحديات التي تواجه خبراء حقوق الإنسان اليوم خصوصا بعد “تدهور أوضاع حقوق الإنسان، ومشاهدة صور لمناظر تثير تأنيب الضمير بالنسبة لكل الذين تجندوا للدفاع عن حقوق الإنسان”، في إشارة إلى صور تعذيب الأسرى العراقيين في سجن أبو غريب على أيدي الجنود الأمريكيين.

كما تساءلت الرئيسة السابقة للجنة الفرعية حول حالات القتل التي يتعرض لها الفلسطينيون على أيدي دولة “تمارس سياسة الأرض المحروقة” على حد تعبيرها، وأوردت شهادة وزير في الحكومة الإسرائيلية قال عند مشاهدة صورة سيدة عجوز وهي تقلب بقايا بيتها الذي دمرته قوات الاحتلال في رفح أن “هذه الصورة ذكرته بصورة جدته التي عانت كبقية اليهود من ويلات النازيين”.

واختتمت السيدة حليمة الورزازي كلمتها بالتوجه إلى الجميع بمن فيهم المفوضة السامية لحقوق الإنسان الجديدة الكندية لويز آربور متساءلة: “ما الذي شعرنا به نحن جميعا عند رؤية هذه الصورة؟” مضيفة: “هذا هو السؤال الذي علينا أن نجيب عليه بشجاعة وبدون غموض”.

ملفات وتحديات

في مداخلتها أمام اللجنة الفرعية، تطرقت السيدة لويز أربور، المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة لويز، إلى جملة من التحديات التي تواجه المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم مثل “تحدي محاربة الإرهاب، والصراعات المسلحة، ومحاربة الفقر، وعدم المساواة، والتمييز، والعنف ضد المرأة، والتهريب والمتاجرة بالأشخاص، ومشاكل المرحلين، وانعدام العدالة والإفلات من العقاب”.

وأمام جسامة هذه التحديات، أوصت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بضرورة “البحث عن حلول عملية وبناءة لمشاكل العصر” على حد قولها.

على صعيد آخر، وفيما يتعلق بتطبيق العدالة وإقامة دولة القانون واعتماد النظام الديمقراطي في البلدان الأعضاء، ينتظر المتابعون لأشغال اللجنة الفرعية بشيء من الترقب محتوى التقرير الأولي الذي سيعرضه المقرر الخاص إيمانويل ديكو حول تطبيق المعاهدات والاتفاقيات الدولية في العالم.

كما ينتظر أن يعرض نفس الخبير تقريرا منقحا حول “تطبيق العدالة من قبل المحاكم العسكرية” فيما يقدم خبير اللجنة الفرعية السيد مانويل رودريغاس كوادوس تقريرا خاصا حول “كيفية تعزيز النظم الديموقراطية”.

وفي سياق هذه الدورة سوف تعرض عدة تقارير متعلقة بـ “الاعتداءات الجنسية أثناء الصراعات المسلحة”، كما ستقدم الخبيرة الجزائرية السيدة ليلى زروقي تقريرها الثاني حول “التمييز في النظام القضائي الجنائي”.

وعلى عكس ما يجري في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تحرص اللجنة الفرعية على تخصيص حيز هام من النقاشات التي تدور فيها للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث ستتطرق هذه المرة لموضوع محاربة الفقر، وانعكاسات المشاكل الناجمة عن الديون الخارجية على أوضاع حقوق الإنسان، إضافة إلى ملف الحق في التنمية، وهو توجه يعزز ما شهدته أشغال الدورة الأخيرة للمجلس الاجتماعي والاقتصادي لمنظمة الأمم المتحدة من تركيز على قضية محاربة الفقر في المناطق الريفية.

وإذا كانت اللجنة الفرعية قد توصلت في العام الماضي إلى وضع جملة من المعايير تتعلق بتحديد بمسؤوليات الشركات المتعددة الجنسيات، فمن المتوقع أن تعمل هذه السنة على وضع آليات عملية تسمح بتطبيق تلك المعايير النظرية.

ومن المسائل التي ستناقش بشكل او بآخر من قبل خبراء اللجنة الفرعية في هذه الدورة موضوع التمييز بمختلف أشكاله، وحقوق الشعوب الأصلية والأقليات، والتمييز ضد المرأة، إضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان في عمليات محاربة الإرهاب التي ستكون محط اهتمام خاص من قبل الخبراء، خصوصا “عندما يحاول بعض القانونيين تبرير اللجوء إلى ممارسات مخالفة” على حد تعبير السيدة الورزازي،الرئيسة السابقة للجنة الفرعية.

“الإجـراء 1503”

وإذا كانت الإصلاحات التي أدخلت على أسلوب عمل اللجنة الفرعية في الفترة الأخيرة قد حدت من فعالية تطرقها إلى وضع الدول بشكل منفرد وأجبرتها على الاكتفاء بدراسة المواضيع المطروحة من منظور عام، فإن ما يعرف بـ”الإجراء 1503″، يظل من بين أهم النقاط التي يتم خلالها التطرق لحالات انتهاك محددة في بلد محدد، على الرغم من أن ذلك يتم في جلسات مغلقة.

فهذا “الإجراء 1503” يسمح لخبراء اللجنة بالتعرف على “آلاف حالات الانتهاكات” في مجالات حقوق الإنسان سنويا، ولكنه لا يسمح بالاطلاع على حالات الانتهاكات التي يتعرض لها الأفراد بل على الانتهاكات التي تمس عددا كبيرا من الناس ولفترة زمنية طويلة، وذلك بعد استنفاذ قنوات التظلم المحلية أو بعد التأكد من انعدام جدواها.

وطبقا للإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالة، تحول القضية – عند التأكد من جدية الحالة المعروضة – إلى فريق العمل المعني بالحالات التابع للجنة الفرعية التي تعمق البحث والدراسة بشأنها قبل أن تقرر عرضها على لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي تنظر في أفضل الطرق لمعالجة الموضوع ويكون ذلك إما باستصدار قرار بشأنه أو بتعيين مقرر خاص لمتابعته.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية