مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

برن تقترح إجراءات جذرية وعميقة لإصلاح نظام اللجوء في سويسرا

أدجومان، طالب لجوء سنغالي يحفظ أغراضة في أحد المباني المخصصة لإيواء طالبي اللجوء في "كوتو - فلوري" بكانتون فو يوم 4 فبراير 2011 Keystone

"على سويسرا تسريع إجراءات البت في مطالب اللجوء بشكل حاسم. وعلى طالبي اللجوء الإقامة في المستقبل في مراكز إيواء فدرالية إلى حين البت نهائيا في مطالبهم".

هذا هو فحوى المقترحات التي تقدمت بها سيمونيتا سوماروغا، وزيرة العدل والشرطة السويسرية لإصلاح نظام اللجوء، كشفت عنها خلال ندوة صحفية عقدتها ببرن يوم الإثنين 9 مايو 2011، من دون أن يثير ذلك اعتراضات داخل لجنة المؤسسات السياسية بمجلس الشيوخ، والتي سبق أن طالبت بتقديم مقترحات لإصلاح نظام اللجوء.

وإذا كانت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين قد باركت هذه الخطة ورأت أنها “لا تهدف إلى تشديد قوانين اللجوء، بل إلى تسريع الإجراءات، وتعزيز الضمانات الكفيلة باحترام حقوق طالبي اللجوء”. رأى فيها حزب الشعب (يمين شعبوي) “محاولة من لجنة المؤسسات السياسية لقطع الطريق على مطالبته بمراجعة شاملة لهذا النظام”.

مضاعفة القدرة على الإيواء أربع مرات

تقتضي هذه الإصلاحات المقترحة من الإدارة الفدرالية أخذ زمام الأمور في جزء كبير من العملية المتعلقة بهذا الملف، ويستوجب منها توفير المأوى والإحتياجات الضرورية لطالبي اللجوء في مراكز فدرالية. لكن هذه المراكز،  “لن تكون بمثابة معسكرات مغلقة، ولن يتم تكديس الجميع في مكان واحد” مثلما تؤكد وزيرة العدل والشرطة المنتمية إلى الحزب الإشتراكي.

كذلك أشارت الوزيرة إلى أن الهدف من الإجراءات المقترحة هو الإنتهاء من النظر في 80% من المطالب المقدمة خلال الأيام المائة والعشرين الأولى من إقامة المعني بالأمر في البلاد، في الوقت الذي تستغرق فيه هذا العملية حاليا 1400 يوما كمعدل عام في الحالات المعقّدة نسبيا. وأما بالنسبة للحالات المتبقية (20%)، والتي تستوجب الحصول على المزيد من التوضيحات قبل اتخاذ القرار، فلا يجب أن تستغرق أكثر من 12 شهرا. ويمكن بعدئذ تصوّر نقل بعض هذه الملفات إلى الكانتونات.

وبحسب وزيرة العدل والشرطة، سوف تقوم المراكز الفدرالية طبقا لهذه الإصلاحات “بمتابعة هذه الحالات إلى حين صدور القرار الابتدائي بشأنها. وتقديم المساعدة القانونية لمن يحتاجها، وتوفير الدعم أثناء الإعادة إلى البلد الأصلي، فضلا عن الرعاية الطبية”.

تسريع النظر في الاعتراضات

هذه الإصلاحات في نظام اللجوء لن تمس بأي حال طبقا لوزيرة العدل والشرطة، من حق الاعتراض على القرار في حالة الرفض. في المقابل، تتمنى الوزيرة الفدرالية أن تسرع المحاكم في معالجة الملفات المعروضة عليها. وبحسب رأيها: “لابد أن تظل هذه العملية بعيدة عن أي اعتبارات مالية”، وإن لم تستبعد في الوقت ذاته أن تؤدي في النهاية إلى تقليص التكاليف والنفقات، وذلك نتيجة لتسريع عمليات البت في المطالب المقدمة.

 في الأثناء، يحتفظ هذا النظام الجديد ببعض الصلاحيات للحكومات الكانتونية، مقارنة ببعض المقترحات الأخرى التي لم يؤخذ بها، ومن شأنه أن يسمح أثناء تفعيله بشيء من المرونة وفقا لمعدل تدفق طالبي اللجوء. كذلك سوف يظل بإمكان الكانتونات مثلا تنفيذ عمليات الطرد الإجباري.

ومن الصعب توقع الأثر الذي سيتركه هذا التغيير في الإستراتيجية على معدلات منح حق اللجوء بالنسبة لطالبيه. والهدف منذ البداية، بحسب سوماروغا، “لم يكن الحد من نسبة من يحق لهم التمتع باللجوء والحماية”.

مع ذلك ليس من المستبعد بحسب المصادر العليمة أن تتقلص فرص القبول بالنسبة للملفات الشائكة نتيجة تسريع إجراءات البت فيها، وسوف تصبح سويسرا أقل عرضة لتحوّل طالبي اللجوء إلى مقيمين غير شرعيين بعد أن يتأكّدوا من عدم حصولهم على حق اللجوء، لأن هؤلاء سوف يظلون تحت المراقبة والمتابعة في المراكز الفدرالية للإيواء.

إصلاحات كافية؟

في الوقت الذي أشادت بها المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين بهذه الإجراءات الجديدة، ورأت أنها “سوف تكون سريعة وعادلة عند تنفيذها، وتحقق المصلحة للجميع”، واعتبرها الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية “خطوة تصحيحية لإتجاه الجدل حول نظام اللجوء في سويسرا”، انتقدها حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي) ورأى فيها “محاولة أخرى للإلتفاف على دعوته لمراجعة نظام اللجوء من الأساس”.

وجاء في بيان أصدرته المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين بهذه المناسبة إلى أنه من شأن هذه الإجراءات “إشعار الأشخاص، الذين أجبروا على مغادرة بلدانهم هربا من الظروف القاسية وبحثا عن الحماية في سويسرا، بالأمن، وتمكينهم من الشروع في بناء حياتهم ومستقبلهم من جديد”.

أما الأشخاص الذين لن يتم قبول مطالبهم، ولا تتوفر فيهم الشروط القانونية فسوف “تتم إعادتهم إلى بلدانهم بيسر وسهولة، لأنه لم يتح لهم توثيق صلاتهم بالواقع السويسري”، دائما بحسب نفس البيان.

الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية، رفض على لسان رئيسته مانون شيك، خلال حديث إلى swissinfo.ch مقارنة “مراكز الإيواء الفدرالية” المقترحة ضمن الإصلاحات بـ “معسكرات الإعتقال”، وهي ترى أن ذلك “يتوقف ذلك على طول المدة التي سوف تستغرقها الإقامة فيها، وما إذا أتيح أم لا للمقيمين فيها الخروج منها كامل أيام الأسبوع، وإذا توفرت فيها مساكن خاصة بالعائلات، ولم يتم فيها الفصل بين الأطفال وذويهم،…في هذه الحالة لا وجه لمقارنتها بمعسكرات اعتقال”.

وحول المخاوف المثارة من امكانية مساس هذه الإصلاحات بالحقوق القانونية لطالبي اللجوء، ترد مانون شيك قائلة: “يتوقف الأمر على طبيعة المساعدات القانونية التي وعدت بها الحكومة، وإذا ما كانت هذه الحماية تشمل جميع مراحل البت في المطالب، أم في بعض المراحل المتأخرة فقط. بالنسبة لنا، نعتقد أن الضمانات التي قدمتها الوزيرة جيّدة وكافية”.

مقابل هذا الترحيب المشروط ، يرى حزب الشعب السويسري اليميني أن هذه الإصلاحات ليست سوى “عملية التفاف على مطالبته بمراجعة شاملة لنظام اللجوء، كان من المنتظر ان تتم في الدورة البرلمانية الخريفية المقبلة”، وبدلا من ذلك، يلاحظ الحزب أن وزيرة العدل والشرطة “إختارت تركيز الجهود على وضع هياكل ومؤسسات جديدة ومكلفة، بدلا من اعتماد وسائل أخرى بسيطة وسريعة الفعالية”. 

خمس سنوات على الأقل

مهما اختلفت المواقف من المقترحات الحكومية الجديدة، تتوقع سيمونيتا سوماروغا أن يستغرق المرور إلى تنفيذ هذه الإصلاحات، إذا سارت الأمور على أحسن ما يرام، ما بين خمس وست سنوات. وسوف يكون على الحكومة الفدرالية عرض النسخة الأولى من مشروعها لمراجعة نظام اللجوء وتقديمها لإستشارة الجهات المعنية مع موفى السنة القادمة.

في انتظار ذلك، قررت لجنة المؤسسات السياسية بمجلس الشيوخ تعليق دراسة ومراجعة قانون اللجوء المعمول به حاليا، وتقسيم المشروع إلى قسميْن، مع تكليف وزارة العدل والشرطة بإجراء مراجعة دقيقة للجوانب المتبقية من قانون اللجوء التي لا علاقة لها بالتغيرات الجوهرية التي اقترحتها، وذلك بموفى شهر سبتمبر المقبل.

ومن القضايا التي سوف تتطرق إليها عملية المراجعة المطلوبة اقتراح مرحلة انتقالية لتنفيذ هذه الإصلاحات، وإمكانية إخضاع طالبي اللجوء إلى فحص طبي في البداية، وتحسين وتعزيز الحماية القانونية لهم.

 لم يتجاوز عدد طالبي اللجوء 1495 طلبا في شهر أبريل الماضي، ما يمثل تراجعا بنسبة 20% عما سُجّل خلال شهر مارس (1874). وظلت  نسبة طالبي اللجوء من بلدان شمال إفريقيا ضئيلة على الرغم من التوقعات السابقة.

إذا كان عدد المتقدمين بطلبات لجوء خلال الشهر الماضي قد تجاوز بقليل المعدّل العام المسجّل خلال الثلاثي الأولى من العام الجاري (1457)، فإن العدد الأكبر من طالبي اللجوء  خلال تلك الفترة كان من الإريتريين (376 لاجئا). ويفسّر ارتفاع هذا العدد بالوضع السياسي السائد في هذا البلد، وكذلك التحاق العديد من الأفراد بعائلاتهم عملا بحق لم الشمل العائلي الذي يضمنه قانون اللجوء المعتمد في الكنفدرالية.
 
يأتي في المرتبة الثانية اللاجئون القادمون من تونس، والذين بلغ عددهم خلال شهر أبريل 165 شخصا، ويعتبر هذا الرقم مستقرا مقارنة بالشهر الذي سبقه (159). ونفس الشيء يمكن قوله بالنسبة لطالبي اللجوء من البلدان الأخرى الواقعة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، مثل مصر (12 في أبريل/ 15 في مارس)، والجزائر (26/ 49)، واليمن (1/18)، وليبيا (12/8)، والمملكة المغربية (15/45)، وسوريا (35/74).

يُشار إلى أن عدد طلبات اللجوء إلى سويسرا زاد في السنوات الأخيرة، من 10.844 حالة سنة 2007 مثلا إلى 16.000 في عام 2009. وقدم أغلب طالبي اللجوء في السنوات الأخيرة من البلدان الواقعة جنوب الصحراء، والشرق الأوسط وسريلانكا.

في 26 مايو 2010، تقدمت إيفلين فيدمر شلومبف، وزيرة العدل والشرطة السابقة بمشروع قانون يهدف إلى تسريع عملية الحسم في مطالب اللجوء من أبرز ما جاء فيه:

– عدم تطبيق قاعدة “رفض النظر في طلب اللجوء” إلا إذا كان بالإمكان ترحيل صاحب الطلب من دون أي مشكلة. وهذا الإجراء منصوص عليه في ما يُعرف بـ “نظام دبلن”.

– إخضاع الطلب إلى عملية دراسة وتمحيص كاملة ودقيقة، لكن في مدة زمنية أقصر مما كان عليه الحال من قبل. وستصبح الفترة المتاحة للإعتراض على القرار الذي تتخذه السلطات 15 يوما بدلا من 30 مثلما هو معمول به في الوقت الحاضر.

– إلغاء الحضور الإلزامي لممثلين عن الجمعيات المدافعة عن حقوق اللاجئين خلال عمليات استنطاق هؤلاء حول مبررات ودوافع مطالبهم. وبدلا عن ذلك يقترح المشروع الجديد توفير خدمة بديلة تتمثل في تقديم “نصائح وتوضيحات بشأن عملية البت في مطالبهم، وحظوظ حصولهم على رد إيجابي ” عند استدعائهم للاستنطاق.

– إلغاء إمكانية طلب اللجوء إلى سويسرا عبر إيداع مطلب في إحدى سفاراتها بالخارج، وعدم اعتبار “الإجبار على إتيان عمل مخالف للقناعات”، والهروب من صفوف القوات المسلحة، مبرريْن كافيين للحصول على حق اللجوء في سويسرا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية