مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بعد تغيير برن لطريقة تعاطيها مع الأزمة.. طرابلس تخرج عن صمتها

خالد كعيم نائب وزير الخارجية الليبي خلال حديث له لوسائل الإعلام يوم الخميس 12 نوفمبر 2009 في طرابلس وفي يده نسخة من الإتفاق المبرم بين ليبيا وسويسرا في 20 أغسطس 2009 Keystone

تتوالى فصول الأزمة الدبلوماسية بين سويسرا وليبيا تباعا. فقد أعلن خالد كعيم، نائب وزير الخارجية الليبي أمام وسائل الإعلام يوم الخميس 12 نوفمبر 2009، عن نية بلاده محاكمة السويسرييْن المحتجزيْن لديها قبل موفى العام، وحدد بالمناسبة طبيعة التهم الموجهة إليهما.

وأوضح المسؤول الليبي أن الرجلين “متهمان بالتهرب الضريبي، ومخالفة قوانين الإقامة، وانتهاك قواعد ممارسة الأعمال التجارية في ليبيا”.

ولاستكمال الإجراءات القضائية، طالب كعيم المواطنين السويسريين بمغادرة مبنى سفارة بلادهم بطرابلس والمثول أمام المدعي العام، قبل أن يضيف “طالما ان الشخصيْن داخل مبنى السفارة، فإن القضاء الليبي لا يستطيع الوصول إليهما”.

لكن المعنييْن بالأمر يخشيان على سلامتهما الشخصية إذا ما غادرا مبنى السفارة، وبحسب برونا حمداني، زوجة أحد المحتجزيْن فإنهما “يخشيان أن يتم اختطافهما من جديد، ولا يشعران بالأمان” خصوصا وأنه سبق أن تم احتجازهما في مكان سري، ومُنعا من الإتصال بأقاربهما لمدة 53 يوما (من 18 سبتمبر إلى 9 نوفمبر)، ولذلك فهما يخشيان الخروج للمثول امام المدعي العام الليبي”، بحسب ما نقلته وسائل إعلام سويسرية عن أقارب لهما.

وفي معرض تعليقه على التطورات الأخيرة، يرى حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط في تصريحات نقلتها عنه وكالة الانباء السويسرية يوم الجمعة 13 نوفمبر 2009 أن السلطات الليبية “تريد حفظ ماء الوجه، ومحو الإهانة التي تعرض لها هانيبال القذافي بجنيف في يوليو 2008، وذلك باتباع مجريات الأحداث نفسها”، لكن عبيدي لا يستبعد أن “تسير الأحداث بسرعة، وأن يصدر القضاء الليبي على السويسرييْن حكما بالسجن يتراوح بين بضعة أيام إلى عدة أشهر”. وإما في حالة مطالبتها بتعويض مالي، فيخشى هذا الأخير “أن يكون المبلغ المطلوب عاليا جدا”.

وأمام استمرار الأزمة، دعت السيدة برونا حمداني المسؤولين الليبيين إلى “إعمال الجانب الإنساني لديهم للإفراج عن المحتجزيْن”. وهو النداء الذي ردت عليه السلطات الليبية بدعوة العائلتيْن للتدخل لدى حكومة بلدهما “من أجل التوقّف عن تسييس القضية، لانها تلحق الضرر بملف المعنيين بالأمر” حسب طرابلس.

كما اتهم المسؤول الليبي خلال حديث أدلى به مساء الخميس 12 نوفمبر إلى التلفزيون السويسري الناطق بالفرنسية TSR1، برن بتعطيل مسار تطبيع العلاقات بين البلديْن من “خلال إصرارها على ربط قضية المواطنين السويسريين بقضية احتجاز هانيبال القذافي بجنيف في يوليو 2008”.

رفض الحديث عن “إختطاف”

وفي الحديث إلى تلفزيون سويسرا الروماندية TSR1 نفي خالد كعيم، المسؤول بوزارة الخارجية الليبية نفيا قاطعا ان تكون بلاده قد اختطفت أو احتجزت رجلي الأعمال السويسريين في 18 سبتمبر 2009. قبل ان يضيف بأن “نقلهما إلى مكان آمن جاء بعد نشر معلومات في الإعلام السويسري يدعو فيها نائب بالبرلمان (ديديي بوركالتر، والذي أصبح لاحقا وزير الشؤون الداخلية بالحكومة الفدرالية – التحرير) إلى إرسال كوماندوس لتحريرهما”.

ونقلا عن صحيفة “لا ليبرتي” السويسرية الصادرة بمدينة فريبورغ يبدو أن السلطات الليبية “حاولت جاهدة الحصول على إدانة سويسرية لدعوة بوركالتر، لكنها لم تفلح”، بل صعّدت في المقابل من لهجتها تجاه ليبيا، وجمّدت العمل بالإتفاق الثنائي الذي ابرم بين البلدين عقب زيارة رئيس الكنفدرالية هانس رودولف ميرتس إلى طرابلس يوم 20 أغسطس الماضي، وهو الإتفاق الذي كان يهدف إلى تطبيع العلاقات بين البلديْن (وضمنا) وضع حد لأزمة رجلي الأعمال السويسرييْن المحتجزين.

ويرجع المراقبون، ومنهم حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط في حديث أدلى به إلى swissinfo.ch إقدام ليبيا على إرجاع المواطنين السويسريين إلى سفارة بلادهم في طرابلس يوم الإثنين 9 نوفمبر الجاري على “أنه دليل واضح على أن سياسة التشدد التي بدأت تنتهجها برن تجاه طرابلس قد بدأت تأتي أكلها”، وأضاف السيد عبيدي: “لقد أدرك الليبيون أن الإحتفاظ برجليْ الأعمال السويسريين في مكان سرّي قد عاد عليهم بنتائج عكسية”.

خطوات سويسرية فعالة

ليس هذا فحسب، فحسني عبيدي يرى أيضا أن تشديد الجانب السويسري لخطابه تجاه طرابلس “جعل الليبيين لأوّل مرة في موقع الدفاع، وأجبرهم على الخروج من صمتهم”.

وفعلا عبّرت السلطات الليبية يوم الخميس 12 نوفمبر الجاري عن امتعاضها من القيود التي فرضت أخيرا على الليبيين الراغبين في الحصول على تأشيرة دخول إلى فضاء شنغن. وبحسب صحيفة “لوتون” الصادرة بالفرنسية بجنيف يبدو أن وزارة خارجية الجماهيرية أبلغت السفراء الأوروبيين في طرابلس “انزعاج ليبيا من خضوع بلدانهم للسياسة التقييدية في مجال منح التأشيرات التي تمليها عليهم سويسرا”.

وهدّد خالد كعيم البلدان الأوروبية – إذا لم تتوقف عن ذلك – بالمعاملة بالمثل، ونقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية قوله: “نحن ننتظر ردهم، لكن إذا ما استمرت هذه الإجراءات، فسوف نعاملهم بالمثل”.

وتسمح القواعد المعمول بها في فضاء شنغن لسويسرا فرض فيتو على الرعايا الليبيين الذين يرغبون في الدخول إلى البلدان الأعضاء في اتفاقية شنغن، وهو ما يجبرهم بالتالي على تقديم طلب تأشيرة لكل دولة يريدون زيارتها على حدة.

وفي تطوّر آخر، انتقد جون زيغلر، المقرر الأممي الخاص السابق حول الحق في الغذاء، ومستشار مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة “صمت الإتحاد الاوروبي عن اختطاف ليبيا واحتجازها للمواطنيْن السويسرييْن”، و”تغليب دول الإتحاد للإعتبارات الإقتصادية التي تربطها بليبيا، وإغفالها لإنتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد”.

ويعتقد زيغلر، وهو عالم اجتماع مرموق وبرلماني سابق أنه “لو أعلن الإتحاد الأوروبي أنه سيعلّق مفاوضاته مع طرابلس (حول اتفاقية الشراكة المرتقبة) إلى حين إطلاقها سراح الرهينتيْن السويسريتين، فإن المشكلة سوف تحل بسرعة” مثلما جاء في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة سويسرية تصدر في مدينة خور (جنوب شرق).

swissinfo.ch مع الوكالات

15 يوليو 2008: توقيف هانيبال القذّافي أحد أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي وزوجته الحامل في شهرها التاسع بفندق فخم بجنيف على إثر اتهامهما من قبل اثنين من الخدم الخاص بسوء المعاملة والضرب.

17 يوليو 2008: إطلاق سراح الزوجين بعد يومين من الاعتقال.

19 يوليو 2008: السلطات الليبية توقف شخصين سويسريين بتهم مزعومة تتعلق بعدم احترامهما قوانين الإقامة والهجرة وغيرها.‏

‏23 يوليو 2008: ليبيا تهدد بوقف الإمدادات النفطية إلى سويسرا.

26 يوليو 2008: ليبيا تطالب سويسرا بالاعتذار ووقف الملاحقة الجنائية لنجل القذافي وزوجته.

29 يوليو 2008: الإفراج عن السويسريين المعتقلين، مقابل دفع كفالة مالية لكن السلطات رفضت السماح لهما بمغادرة الأراضي الليبية.

5 أغسطس 2008: المتحدث باسم الخارجية السويسرية يعلن أن “طرابلس تشترط تقديم اعتذارات عن الطريقة التي تمت بها معاملة هانيبال القذافي وزوجته لدى اعتقالهما يوم 15 يوليو الماضي في جنيف”.

20 أغسطس 2009: رئيس الكنفدرالية هانس -رودولف ميرتس يقدم اعتذاره للسلطات الليبية في ندوة صحفية في طرابلس ويوقع على اتفاق مع رئيس الوزراء الليبي البغدادي علي المحمودي لحل الأزمة.

25 أغسطس 2009: توجهت طائرة تابعة لسلاح الجو السويسري إلى ليبيا بعد الحصول على موافقة السلطات من أجل إعادة المواطنين السويسريين المحتجزين، لكنها عادت يوم 31 أغسطس بدونهما.

18 سبتمبر 2009: رجلا الأعمال المحتجزين يُغادران مقر السفارة السويسرية “لإجراء فحوصات طبية” لكنهما يختفيان عن الأنظار “في مكان آمن” حسب السلطات الليبية وبرن تندد بما وصفتها “عملية اختطاف”.

22 أكتوبر 2009: بعد يومـين من انقضاء مهلة الستين يوما لتطبيع العلاقات بين برن وطرابلس، رئيس الكنفدرالية هانس-رودولف ميرتس ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي-ري يعبران في مؤتمر صحفي عن غضبهما إزاء “رفض (ليببا) المنهجي” للتعاون لتسوية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.

2 نوفمبر 2009: لجنة السياسة الخارجية في مجلس النواب السويسري تُـطالب بمنع الليبيين من دخول سويسرا.

4 نوفمبر 2009: الحكومة السويسرية تقرر تعليق اتفاق 320 أغسطس وممارسة سياسة تضييقية في مجال منح التأشيرات للمواطنين الليبيين.

9 نوفمبر 2009: السلطات الليبية تُعيد رجلي الأعمال المختطفين إلى مقر السفارة السويسرية في طرابلس دون تقديم أي شرح لسبب اختفائهما طول هذه المدة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية