The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

رحلة دابو أكاندي: من طفل مجادل إلى قاضٍ محتمل في محكمة العدل الدولية  

إيموجين فولكس

هل يحتاج العالم لوجود محاكم دولية؟ أم أنّها هيئات صمّمت لانتهاك سيادة الدول الوطنية؟ وهل تحاسب الدول والقادة الأفراد، أم أنّها تلاحق بلا داع أولئك الذين يحاولون فقط أداء واجباتهم، سواء في المجال العسكري، أو على رأس الحكومات؟ 

بشكل متزايد، يسود ميل لدى بعض الحكومات للنظر إلى المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية على أنّهما هيئتان بيروقراطيتان، منحازتان، ولا عمل لهما سوى عرقلة القادة الوطنيين. 

وتوجد بعض القُوَى الكبرى في العالم، مثل الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وكذلك إسرائيل والهند، لم تنضمَّ إطلاقا إلى المحكمة الجنائية الدولية؛ ربما لخشية مسبقة لديها من تسليطها الضوء غير المرغوب فيه، على بعض أفعالها وأنشطتها. 

جوهر الموضوع

* ما هو دور المحاكم الدولية؟ وما الجدوى منها؟

* ما علاقة قصة دابو اكاندي بهذا الموضوع؟

* كيف يمكن ضمان احترام القانون الدولي؟

 اليوم، أصدر بودكاست “من داخل جنيف” (Inside Geneva) الجزء الثاني من سلسلة شخصياتنا الصيفية، وفيه نحاول تمييز الحقائق عن المخاوف، من خلال مقابلة المحامي الدُّوَليّ دابو أكاندي، الذي ساعد في معالجة بعض القضايا بمحكمة العدل الدولية، وهو الآن مرشح ليكون أحد قضاتها. 

طفل مجادل  

وُلد أكاندي، الحامل لجنسية مزدوجة، نيجيرية وبريطانية، في نيجيريا، ويقول إنه أراد أن يصبح محاميًا منذ الطفولة. لماذا؟ ليس متيقِّنًا تمامًا، لكنه يتذكر أنّه “كان طفلا مجادلًا جدًا، وكان الناس يقولون: ‘يجب أن تكون محاميًا في المستقبل”.  

كان لديه شغف كبير بالشؤون العالمية؛ إذ كانت الأخبار تُبث باستمرار عبر الراديو في المنزل. وكان يخصّص وقتًا يوميًا لقراءة الصحيفة، فيبدأ من الصفحات الأخيرة المحتوِية على أخبار الرياضة، ثم ينتقل إلى الصفحات الوسطى ليتعرّف على الأخبار الدولية. 

لم يكن يدرك أنّ هناك فرعًا من القانون يُعنى بالشؤون الدولية، حتى بدأ دراسة القانون. وقد أدرك مبكرًا أنّ هذا المجال هو ما يثير اهتمامه؛ لذا، رغم إمكانية توجّس العديدين من القانون الدولي، أبدى أكاندي ميْلا إليه. فقد اعتبره إطارًا يسمح للدول، وبالتالي للأفراد داخلها، بالعيش معًا؛ لأنه يوفر اليقين، والاستقرار، والعدالة. 

عند التفكير في هذا الموضوع بعمق، ندرك أنّ هذا هو السبب الرئيسي وراء ظهور القانون الدولي. وقد تمّ اعتماد العديد من مواده بعد الحرب العالمية الثانية، وتلك اللحظة “لن تتكرّر أبدًا”، ولكن، للأسف، يبدو أنّ الكثيرين قد نسوها في الوقت الحالي. 

المزيد

المزيد

تمَّام العودات: طبيب وصحافي وناشط في المجال الإنساني  

تم نشر هذا المحتوى على انتقل تمَّام العودات، الطبيب السوري والناشط في العمل الإنساني، من ساحات الإغاثة إلى فضاء الصحافة، ويطرح أسئلة جوهرية حول دور وكالات الإغاثة وحدود الحياد في مناطق النزاع.

طالع المزيدتمَّام العودات: طبيب وصحافي وناشط في المجال الإنساني  

حل النزاعات سلميًا  

 تأسّست محكمة العدل الدولية، المعروفة أحيانًا باسم محكمة العالم، عام 1945، وتحدّدت وظيفتها في تسوية النزاعات بين الدول، وكان المتأمّل منها منع الدول من اللجوء إلى الحرب.  

وتمكّن أكندي من فهم كيفية عمل هذه الهيئة بسرعة. فبعد أن أصبح محاميًا، شارك في معالجة قضية أمام محكمة العدل الدولية تتعلّق ببلده الأصلي نيجيريا، وجارتها الكاميرون. وتعلقت القضية بالنزاع على الأراضي وحقوق ملكيتها، وتدور حول منطقة غنية بالموارد الطبيعية، تُعرف باسم شبه جزيرة باكاسي. 

 ادّعى كلا البلدين ملكيتها، وتوتّرت الأوضاع بينهما، وحدثت مناوشات. وبعد الاستماع إلى مطالب البلدين بالتفصيل، حكم قضاة محكمة العدل الدولية لمصلحة الكاميرون، وقبلت نيجيريا الحكم. ورغم أنّ القرار لم يرضِ الجميع بالطبع، حُلّت المسألة دون حرب شاملة، ما يراه أكندي أمرًا حاسمًا.  

أرى أنّ هذا إنجاز رائع، ويكتسب مزيدًا من الإثارة؛ لأننا فعليًّا، لا نعرف الكثير عنه. ولو كان هناك صراع، لكنا على دراية بكل تفاصيله. 

ما الذي لا يعجبك؟  

يبدو أن الجميع متفقون على أنّ تجنّب الحرب أمر إيجابي. لكن، ما الذي يجعلك غير راضٍ عن محكمة العدل الدولية؟ في الحقيقة، لا تقتصر قضايا هذه المحكمة على النزاعات الإقليمية فقط. وحتى لو كانت كذلك، لنفترض مثلًا أنّ كندا تقدّمت بدعوى إلى محكمة العدل الدولية، مدعية أن جزءًا من الأراضي (مثل ألاسكا) يجب أن يكون من حقهّا بدلا من الولايات المتحدة، أعتقد أننا جميعًا نستطيع تخيل رد فعل واشنطن في هذه الحالة. 

 لقد لجأت جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، كما يحقّ لها، للحصول على حكم بشأن ما إذا كانت أفعال إسرائيل في غزة تشكّل إبادة جماعية. وتطلب الاتفاقية ضد الإبادة الجماعية، وهي عنصر رئيسي آخر من عناصر القانون الدولي، والتي تتمتّع محكمة العدل الدولية بالاختصاص فيها ، من الدول منع الإبادة الجماعية، حتى لو لم تكن الجريمة المزعومة تحدث على أراضيها.  

ولكن، بينما رأى الكثيرون مزايا رفع جنوب أفريقيا لهذه الدعوى، عبّرت إسرائيل عن غضبها الشديد، مشيرة إلى حقها في الدفاع عن نفسها بعد هجوم السابع من أكتوبر.  ورفضت حليفتها الرئيسية، الولايات المتحدة، الدعوى، ووصفتها بأنها “لا أساس لها من الصحة”.  

وفي الوقت نفسه، يتسم الوضع في المحكمة الجنائية الدولية بالتوتر غالبًا. فهذه المحكمة تتعامل مع الأفراد بدلًا من الدول، وقد أصدرت مذكرات اعتقال بحق شخصيات بارزة مثل فلاديمير بوتين، وبنيامين نتنياهو، وزعيم حماس، محمد ضيف (الذي قُتل لاحقًا في غزة). ولا يفضّل القادة الكبار توجيه الاتهامات لهم، وقد أعربت إسرائيل عن احتجاجها الشديد على هذه المذكرات. كما اتخذت الولايات المتحدة خطوة غير مسبوقة لدعم إسرائيل، إذ فرضت عقوبات مالية على قضاة المحكمة الجنائية الدولية. 

محكّم دولي مستقل  

لن يتحدث  أكاندي، الذي أصبح الآن مرشحًا ليكون قاضيًا في محكمة العدل الدولية، عن مزايا هذه القضايا، على الوجه المناسب؛ لأن هذا الأمر من اختصاص القضاة الحاليين.  

لكن يُلاحظ إظهار الدول المالكة لقوة أقل، تقديرًا أكبر للقانون الدولي مقارنةً بالدول الأقوى؛ فهي تدرك أهمية المحكّم الدولي المستقل، في الأوقات التي تُظهر فيها القوى العظمى قوتها على حساب الدول الأخرى. 

 ويذكّر أكاندي القوى الكبرى بأنّ احترام القانون الدَّوْليّ، قد يكون في مصلحتها الخاصة، في حين قد يعود تجاهله عليها بالضرر.  

 ”كل ما تفعله تلك الدول هو أنها تعطي للآخرين عذرا في حالات أخرى لعدم الامتثال، بطرق قد تكون في الواقع ضارة بمصالح حتى اللاعبين الكبار” . 

 ما كان أكاندي ليرشّح نفسه لشغل وظيفة قاض في محكمة العدل الدولية، لو لم يكن يعتقد عمل النظام. ومع ذلك، فهو يعلم أن هناك تحديات، ويقول: “في العديد من الحالات يتم تجاهل القانون الدولي”.  

ويقول لبودكاست “من داخل جنيف”: “هناك العديد من الحالات التي لا يتم فيها احترام القانون، وكل ما عليك فعله هو الإنصات للأخبار لإدراك ذلك”. 

ويضيف أنه يستمد الأمل من شعوره بأننا أصبحنا أكثر وعيًا بالقانون الدولي، مقارنة بالماضي. وفي بداية حديثنا، يذكرني بأنه محامٍ دولي، ولكنه لم يشعر، كما كان يحدث في السابق، بالحاجة إلى توضيح مفصّل لمعنى هذا المسمى الوظيفي. 

 ”ما أعرفه هو أنّ القانون الدولي يُعتبر بشكل متزايد ذا صلة. والأفعال تُحكّم الآن بالاستناد إلى القانون الدولي، بشكل أكبر مما كان عليه الحال من قبل”. 

يعترف بأن القانون الدولي ليس دائمًا محلّ احترام، وعندما يُطبق، لا نكون دائمًا على علم بذلك. فلا يحظى غياب الحروب، ومنع العنف باهتمام كبير؛ فنحن لا نلاحظ الأشياء التي لم تحدث. ولكن المحاكم الدولية موجودة لحل النزاعات بطرق سلمية، وللحفاظ على اتفاقياتنا القيمة ضد الإبادة الجماعية والتعذيب، ولمحاسبة القادة الذين يسيئون استخدام السلطة. 

 في نهاية الأمر، ما الذي لا يعجبك؟ استمع.ي إلى المحادثة المثيرة كاملة، على بودكاست “من داخل جنيف”(باللغة الإنجليزية ):

محتويات خارجية

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية