The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

غزة: عندما يعرّض البحث عن المساعدات الإنسانية حياة الفلسطينيين للخطر 

حمل جنازة في خان يونس
فلسطينيون يحملون جثمان ريم الأخرس التي قُتلت وهي في طريقها إلى مركز إغاثة في غزة، خلال جنازتها في خان يونس، جنوب قطاع غزة، الثلاثاء 3 يونيو 2025. The Associated Press. All Rights Reserved.

هل يشكّك أحد في معاناة أكثر من مليوني شخص، نصفهم من الأطفال، في غزّة؟ لقد حذّر تقرير مستقلّ من أنّ سكّان القطاع بأكملهم معرّضون لخطر المجاعة. 

وتشير تقارير الواردة من عين المكان إلى أن عمل المستشفيات على حافة الانهيار، والمياه العذبة نادرة، والحصار الكامل المفروض على القطاع منذ شهر مارس حتى الآن لم يسمح بدخول الإمدادات الغذائية والصحية بالكامل. 

المزيد

 ومنذ الهجمات الوحشية التي شنّتها حركة حماس الفلسطينية المسلّحة على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، كان هناك خلاف حول نوع المساعدات الواجب دخولها إلى غزة، ومن الذي يجب أن يوصلها. وقد انتقدت إسرائيل الأمم المتّحدة، وخاصّة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين، الأونروا، مشيرة إلى تعاون الوكالة مع حماس، أو عدم استطاعة الأمم المتّحدة نفسها القيام بعملها، أو تسليم المساعدات الأممية مباشرة إلى حماس.  

في المقابل، تنفي الأمم المتحدة ذلك، مشيرة إلى أن إسرائيل لم تقدم دليلًا على تواطؤا الأونروا مع حماس، أو على استيلاء حماس على إمدادات المساعدات الأممية. وتوضح وكالات الإغاثة أن إسرائيل تسيطر على جميع المداخل إلى غزة، لذا يمكنها السماح بدخول الشاحنات المحملة بالإمدادات. كما يمكنها، بما أن قواتها العسكرية موجودة على الأرض في القطاع، تنسيق تسليم آمن مع الأمم المتحدة. وكقوة احتلال، بموجب القانون الدولي، لديها مسؤولية للقيام بذلك.  

 ووسط الادعاءات والادعاءات المضادّة، تنتظر إمدادات الأمم المتّحدة؛ من طعام، وحليب أطفال، وأدوية، ومواد تنظيف، وماء، أو وقود، وكذلك ينتظر سكان غزّة الذين يزدادون يأسًا. وليس من المستغرب أن تثير المشاهد التي تظهر أطفالًا صغارًا يُسحقون في الحشود أثناء محاولتهم الحصول على وعاء من الحساء، غضبًا عالميًا. ولتخفيف المعاناة، أعلنت الولايات المتّحدة فجأة عن خطّة مساعدات جديدة، ممثّلة في ما يُسمى “مؤسّسة غزّة الإنسانية  (GHF)”. التي تُدار من قبل الولايات المتّحدة وإسرائيل، بدعم من شركات أمنية خاصّة ومسلّحة، متجاوزة بذلك دور الأمم المتّحدة ووكالاتها. 

المزيد
تهافت على المساعدات

المزيد

“مؤسسة غزة الإنسانية”: “عرض ساخر” أم “حلّ حقيقي” لشبح المجاعة الذي يخيم على القطاع

تم نشر هذا المحتوى على ستقوم مؤسسة غزة الإنسانية، وهي منظمة غير حكومية مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، بخصخصة المساعدات إلى غزة. وقد عارضت الأمم المتحدة هذه الخطة بشدة.

طالع المزيد“مؤسسة غزة الإنسانية”: “عرض ساخر” أم “حلّ حقيقي” لشبح المجاعة الذي يخيم على القطاع

جدل وعنف 

 كما نعلم الآن، بدأت مؤسسة GHF العمل وسط جدل وعنف قاتل. فقد أهرقت دماء العشرات من الفلسطينيين.ات أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات. وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) أن أطباءها قد أُرهقوا بسبب عدد الجرحى المصابين بأعيرة نارية. وقد اقر الجيش الإسرائيلي، الذي كان على ما يبدو يتولى تأمين طرق الوصول إلى نقاط توزيع “مؤسسة غزة الإنسانية”، الآن بإطلاقه النار على أشخاص يشتبه بهم.”  

وإزاء عدم السماح للصحافيين والصحافيات الدوليين بدخول غزة، مما يجعل من الصعب تغطية ما يجري هناك، قررت زميلتنا إيموجين فوكس من سويس إنفو (SWI swissinfo.ch)، في بودكاست “من داخل جنيف”، هذا الأسبوع تسليط الضوء على تحديات تقديم المساعدات في منطقة نزاع، وقد سألت محاوريها أيْن أخطأت مؤسسة غزة الإنسانية في ضوء القانون الدولي الإنساني؟ 

لهذا السبب قررت التحدث أوّلا إلى شخص يوجد بانتظام في غزة، غير منحاز لأي طرف من أطراف النزاع، ولا رابط له  حتى بالأمم المتحدة، والمعني بالأمر هنا هو كريس لوكيير، أمين عام منظمة أطباء بلا حدود (MSF) التي تدعم مستشفيين في غزة، بالإضافة إلى ست عيادات ومستشفى ميداني هناك. 

 ويقول لوكيير: “نحن نقدم الدعم الجراحي، ورعاية المصابين والمصابات، والعلاج الطبيعي، ورعاية الأمومة والأطفال، والرعاية الصحية الأولية، والتطعيم، وخدمات الصحة النفسية، كما نوزّع المياه أيضا”.  

ونظريّا، هذا نطاق واسع من الخدمات. أما في الواقع، يقول لوكيير، فقد تعرّضت خدمات منظّمة أطباء بلا حدود، مثل الأمم المتحدة، للإعاقة بسبب الحصار “المحكم” الذي فرضته السلطات الإسرائيلية منذ 3 مارس، ما يعني تغير طرق رعاية المرضى؛ إذ تُضَمَّد الجروح بشكل أقل تكرارًا، مما يزيد خطر العدوى. وقال لوكيير، تسير المنظّمة على حبل مشدود للحفاظ على الإمدادات الأساسية فقط لهذه الخدمات.”  

المزيد
الجوع

المزيد

مؤسسة غزة الإنسانية تبدأ توزيع المساعدات وسط فوضى وسفك للدماء

تم نشر هذا المحتوى على تُتهم مؤسسة غزة الإنسانية الجديدة بعسكرة المساعدات. ويشير شهود عيان إلى حدوث فوضى وإطلاق نار في نقاط توزيع المساعدات.

طالع المزيدمؤسسة غزة الإنسانية تبدأ توزيع المساعدات وسط فوضى وسفك للدماء

 وتدّعي الحكومة الإسرائيلية أنّ المشكلة الحقيقية التي تعيق وصول المواد الإغاثية ليست الحصار، بل حقيقة ذهاب المساعدات إلى حماس. فيرد لوكيير بحذر؛ فهو ذو خبرة كافية ليعرف أنّ “تحويل المساعدات مصدر قلق شائع في مناطق النزاع”. لكنّه يصرّ: “يمكننا ضمان ذهاب الإمدادات الطبية والمساعدات التي تقدّمها منظّمة أطباء بلا حدود، مباشرة إلى السكان”. وإذا كانت إسرائيل لديها حقّا أدلّة على حدوث تحويل، فعليها تقديمها. 

مسيسة ومسلحة 

هذان الوصفان كررهما يان إيغلاند، المشارك أيضا في حوار بودكاست “من داخل جنيف”. وهو أحد أكثر الخبراء الإنسانيين خبرة وبراغماتية في العالم. وكان مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) من عام 2003 إلى 2007، ثم قاد لاحقا فريق العمل الإنساني للأمم المتحدة في سوريا، وهو الآن الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين. 

وبالنسبة إلى إيغلاند، “القول إن المساعدات في غزة يتم تحويل وجهتها هو مجرّد خرافة”. ويضيف خلال الحوار: “لم تقدّم إسرائيل إلى الأمم المتّحدة أيّ دليل يثبت ادّعاءها”. ويميّز إيغلاند ولوكيير بين النهب، وتحويل وجهة المساعدات. ففي العديد من مناطق الأزمات (في الصومال أو سوريا)، اختطفت الجماعات المسلّحة إمدادات المساعدات، واستخدمتها بشكل رئيسي لصالحها، هذا هو تحويل المساعدات 

اما النهب، فهو شيء مختلف: فقد اقتحمت حشود جائعة ويائسة مستودع برنامج الأغذية العالمي (WFP) في غزة قبل أسبوع أو نحو ذلك. وأخذت أكياس الدقيق. لكن وكالات الإغاثة تصر على أن هذا النوع من الأمور لا يحدث عندما تكون هناك مساعدات كافية. خلال وقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا العام، دخلت مئات الشاحنات إلى غزة كل يوم، وتقول الأمم المتحدة إنها قدمت المساعدات بنجاح عبر القطاع، بما في ذلك لأولئك الذين هم ضعفاء جدًا ولا يقدرون على التنقل للبحث عن الإمدادات الغذائية.  

 فضلا عن ذلك، يشير كل من لوكيير وإيغلاند إلى أن وكالات الإغاثة المعتادة لديها استراتيجيات دقيقة لتجنب كل من النهب وتحويل المساعدات. لكن ما أثار قلق إيغلاند أكثر، في اللحظة التي تم فيها الإعلان عن إنشاء “مؤسسة غزة الإنسانية”، هو عدم إيلاء أي اهتمام للمبادئ الإنسانية الأساسية للحياد وعدم التحيز.

المزيد

وقال إيغلاند لبودكاست “من داخل جنيف”: “يبدو أنّ العمل الإنسانيّ قد تمّ تسييسه، وعسكرته، والتلاعب به”. ويشرح قائلا: “كان يجب على السكان السير لمسافات طويلة عبر الأنقاض للحصول على المساعدات، ثم يكون هناك نوع من المخطّط العسكري الذي يقرّر من سيحصل عليها، وكيف سيحصلون عليها، وما إذا كانوا سيحصلون عليها”. 

النزوح القسري 

 في الوقت نفسه، أثارت منظّمة “ترايل إنترناشيونال” (TRIAL)، منظمة غير حكومية تراقب الجرائم المحتملة ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب، مخاوف أخرى. وحتى الآن، كانت نقاط توزيع “جي إتش إف” موجودة في الجنوب فقط؛ بينما يبقى الشمال محظورًا على جميع المساعدات. وقد اقترحت إسرائيل تخطيطها للاستيلاء على 75% من غزّة، ونقل سكانها إلى منطقة صغيرة خاضعة للإشراف في الجنوب. 

 وقال فيليب غرانت من “ترايل إنترناشيونال” لبرنامج “من داخل جنيف” إن إجبار الناس على النزوح للحصول على الطعام، يمكن أن يُفسر على أنه دعم لخطة إسرائيل، وبالتالي يمكن أن يجعل “مؤسسة جنيف الإنسانية” متواطئة.  

“تقديم المساعدة المادية للخطة الإسرائيلية يمكن أن يُفسر على أنه تواطؤ في جريمة الحرب المتمثلة في النزوح القسري للسكان المدنيين. وهذا سيترتب عليه أولاً وقبل كل شيء إمكانية استخدام الولاية القضائية من طرف أي دولة في العالم تقريبا ضدها”، كما يقول.  

 ولا ينبغي الاستهانة بكلمات غرانت: في الماضي، جمعت “ترايل” (TRIAL ) معلومات أدت إلى إدانات، بما في ذلك زعيم الحرب الليبيري السابق أليو كوسياه، الذي بعد طلبه اللجوء في سويسرا، حُكم عليه من قبل المحكمة الجنائية السويسرية بالسجن 20 عامًا لارتكابه جرائم حرب. وبينما يؤكد غرانت أن قضية “مؤسسة غزة الإنسانية” لا تزال في مرحلة “قد” حاليًا، فإن “ترايل” تقوم حاليا بمراقبة خطواتها عن كثب

العمل الإنساني “ليس لعب أطفال” 

عندما اندلعت أعمال العنف في اليوم الذي بدأت فيه “مؤسسة غزة” المدعومة إسرائيليا وأمريكيا العمل، شعر عمال الإغاثة ذوو الخبرة بالذعر، لكنهم لم يتفاجأوا. ويعتقد لوكيير من منظمة أطباء بلا حدود أن الكارثة تظهر نقصًا شديدًا في التجربة والخبرة. 

 ويقول عن عمليات الإغاثة الناجحة: “هذا ليس لعب أطفال، إنّها ليست عملية عسكرية، إنّها شيء مختلف يتطلّب عقودًا من الخبرة. لذا يؤلمني أن أقول ذلك، لكن لم تكن رؤية تلك الصور المروّعة من الأيام الأولى لعمليات المؤسّسة في غزة مفاجئة.” 

 في هذه الأثناء، أنشأت هذه المؤسّسة المثيرة للجدل، التي كان من الصعب على الصحفيين الوصول إليها، بريدا إلكترونيا إعلامي مجهول، الذي جاء في إحدى مراسلاته يوم الجمعة (6 يونيو) “تفخر GHF بتسليم ما يقرب من 8،5 مليون وجبة حتى الآن، دون حوادث”. وعندما طُلب منهم التوضيح، أرسلت لي المؤسسة بريدًا إلكترونيًا يفيد بأنه “لم يحدث أي عنف في موقعنا أو بالقرب منه، منذ بدء العمليات الأسبوع الماضي.”  

و من الصعب التوفيق بين هذا البيان، والتقارير العديدة التي تفيد بأن العشرات من الفلسطينيين قُتلوا على مدى ثلاثة أيام متتالية أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات في مواقع  مؤسسة غزة الإنسانية. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تدعم مستشفى قريبًا، إنها استقبلت مصابًا بأعيرة نارية في اليوم الأول من عمليات “مؤسسة غزة الإنسانية” وحده. 

 ومثلما سبقت الإشارة، لا يُسمح للصحفيين الدوليين بدخول غزة، لذا لا يمكننا نقل ما يجري مباشرة. لكن ليس هناك أي مبررللشك في كلام وكالات الإغاثة الموجودة هناك. وهناك حقيقة واحدة يمكن التمسك بها: المنظمات مثل الأمم المتحدة، أطباء بلا حدود أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر لديها عقود من الخبرة في مواقف صعبة للغاية.  

وكما أخبرني إيغلاند، في الماضي، قاومت فرقة العمل الإنسانية في سوريا محاولات كل من قوات المعارضة والحكومة للسيطرة على المساعدات. وفي أفريقيا، أو في اليمن، واصلت وكالات الإغاثة ذات الخبرة تمسكها بمبادئها أيضًا. 

فلماذا يُفترض أن تكون غزّة استثناءً؟ لماذا يجب أن يتم تسليم المساعدات لكيان خاصّ، وجديد تمامًا لمجرد قول طرف واحد في الصراع (إسرائيل)، إن نظام الأمم المتّحدة الحالي لا يعمل؟  

 يصر إيغلاند على أنّ وكالات الإغاثة ذات الخبرة دائمًا ما تكون مستعدّة للحديث عن كيفية تحسين أدائها. “نحن منفتحون على الحوار. هل يمكن أن نكون أكثر كفاءة؟ هل يمكننا الوصول إلى الناس بشكل أكثر مباشرة؟” لكن لا يمكن أن يكون هناك أي تنازل عن المبادئ الأساسية للحياد وعدم التحيّز، ولهذا السبب، هناك إجماع من الأمم المتّحدة ووكالات الإغاثة ذات الخبرة في العمل الإنساني، في الوقت الحالي على الأقلّ، على عدم التعاون مع مؤسّسة غزّة الإنسانية. 

تحرير: فيرجيني مانجان

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

مراجعة: مي المهدي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية