مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حرب جزائرية ضد الرشوة

أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية Hams Website

اندلعت حرب شعواء لا ضد الرشوة، وإنما حول موضوع الرشوة في الجزائر، ووجد أبوجرّة سلطاني، زعيم حركة مجتمع السلم نفسه وسط كابوس سياسي فريد من نوعه.

فأبوجرة عندما يريد فضح المرتشين، يهاجمه الرئيس بوتفليقة ويهاجمه أيضا من يُتّـهمون بالرشوة، وهم أعداء بوتفليقة في الوقت نفسه.

بدأت هذه الملهاة السياسية – إن صحّ تسميتها كذلك – بإعلان أبو جرة سلطاني أمام ثلّـة من أنصاره، بأنه قد حان الوقت لفضح الفاسدين والمرتشين واللصوص داخل أجهزة الحكم، وأن على القضاء متابعتهم، وأضاف أبو جرة أنه يملك قائمة اسمية، لسياسيين ومدنيين وعسكريين، مُـرتشين إلى النّـخاع.

ثم ازداد اهتمام وسائل الإعلام بتصرحيات أبي جرة، واعتبرها البعض مجرد تعليمات نفّـذها رئيس حركة مجتمع السلم ضد الرئيس بوتفليقة، الذي فقد بريقه وأضحى برأي مراقبين “يشكّـل ثقلا وعائقا كبيرا” لمؤسسات الدولة وشخصياتها التقليدية.

أما القضاء، فقد بدأ حملة مضادّة على زعيم حركة مجتمع السلم، لأنه لا يملك دليلا على ما يقول، وردّت يومية “الخبر” على القضاء الجزائري بمقال لمحررها عبد الحكيم بلبطي جاء فيه: “ولا يجب التحجج بالدفاع عن سمعة الجزائر دوليا، لأن ما يُـكتب عنّـا من تقارير من منظمات حكومية وغير حكومية في مجال الشفافية الاقتصادية مُـخجل، ومن هذه التقارير، أحدها وضع الجزائر في المرتبة ما قبل الأخيرة وراء مصر في تمرير الاستثمارات مقابل دفع رشاوى”.

ثم جاء ردّ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي رفض اتِّـهامات سلطاني ودعاه إلى تقديم الدليل على ما يقول أو مغادرة الحكومة، مما أثار استغراب الكثيرين الذين لم يفهموا تصرّف الرئيس، على أن شخصية سامية في الدولة وعلى علاقة ببوتفليقة، أكّـدت لسويس انفو أن الرئيس الجزائري “قد لا يُـعارض سلطاني فيما يقول، إلا أنه يريد أن يكون هو وحده من يقول ذلك”.

إعلان حرب على المرتشين

أمر قد يفسّـر رد بوتفليقة على سلطاني، عِـلما أن أقرب المقربين إليه، وهو وزير الطاقة شكيب خليل، متّـهم بالرشوة والفساد عن طريق منحه عقودا غريبة ومُـغرية لشركات أمريكية، مثل “براون روث أند كوندور” بقيمة أربع مائة مليون دولار أو أزيد، وجدير بالذكر أن شكيب خليل مواطن أمريكي، لأنه يحمل جواز سفر هذا البلد، بالإضافة إلى جواز السفر الجزائري.

ومواصلة لهذه الملهاة السياسية، أقحم بوتفليقة نفسه في كيس اتهامات سلطاني للرُّشاة من المدنيين والعسكريين عبر قرار اتخذه ونُشر مؤخرا في الجريدة الرسمية، يؤكد على “ضرورة إعلان كل موظفي الدولة ومنتخبيها لممتلكاتهم الثابتة والمنقولة داخل وخارج الجزائر”، سواء تعلّـق الأمر بقِـطعة أرض أو قصر أو سيارة أو قِـلادة زوجة.

هذا القرار الرئاسي شكّـل – برأي كثيرين – تحديا للرُّشاة وإعلان حرب حقيقية عليهم دون حساب دقيق للعواقب أو النتائج، لذلك لم يتردد البعض في الربط بينه وبين قيام مجموعة مجهولة الهوية، وبعد يوم واحد فقط من إقرار قانون بوتفليقة، برشّ حافلة تابعة لشركة “براون روث أند كوندور” بوابل من الرصاص، ما أدى إلى قُـتل اثنين وجرح ثمانية.

القتلى هم سائق جزائري ومواطن لبناني حامل للجنسية الأمريكية، أما الجرحى فهم أجانب يعملون في الشركة، التي طالما حني عليها شكيب خليل، وهي الآن متابعة من طرف القضاء الجزائري بتُـهمة الرشوة وتبديد المال العام.

شرخ بين الرئيس وحمس

لا بد من التوقف هُـنيهة في مثل هذا الحال، لأنه وعلى فرض أن تكون الجماعة السلفية للدعوة والقتال هي الجهة التي نفّـذت العملية المسلحة، على حد تأكيد صُـحف جزائرية كثيرة، يكون التنظيم المُـرتبط بتنظيم القاعدة “محاربا للفساد ومدافعا عن القضاء الجزائري بالقوة المسلحة”؟؟.

ثم إن ضرب حافلة تابعة “لبراون روث أند كوندور”، قد يحمل في طياته هجوما على بوتفليقة، الذي يصر على رفض مُـحاسبة شكيب خليل (وهذه صِـفة معروفة لدى بوتفليقة، الذي من مبادئه حماية أصدقائه المقرّبين)، مما قد يعني، حسب الكثير من الأقلام الصحفية التي أيدت الفكرة المتسرّعة لاتهام الجماعة السلفية، أن هذا التنظيم “يُـساعد بشكل غريب قوى داخل أجهزة الحكم، تغار من النفوذ الذي يملكه شكيب خليل عبر بوتفليقة، وضربت حافلة الشركة الأمريكية دفاعا عن أهداف تنظيم القاعدة في المغرب العربي”؟؟.

تصديق هذا التسلسل، صعب على العقول المنطقية، غير يبدو أنه حدث في الجزائر، بل وأدى إلى حدوث شرخ بين بوتفليقة وحركة مجتمع السلم، التي دافعت عن رئيسها سلطاني وطالبت في المقابل الرئيس الجزائري بالكشف عن هوية مَـن قال عنهم بأنهم “15 مستوردا يتحكّـمون في السِّـلع الداخلة للبلاد”.

صراع اللوبيات

لم يكن موضوع محاربة الرشوة أكثر ظهورا منه اليوم، إلا أنه حرّك صراعا داخل اللّـوبيات المختلفة، التي تَـحالف بعضها مع بوتفيلقة وبعضها الآخر قد ضاق ذِرعا بتصرّفاته، ولم يعد يُخفي رغبته في التخلّـص منه على عجل.

في هذا السياق، صرّح لسويس إنفو موظف سام في الدولة، معيّـن بمرسوم رئاسي، فضل عدم الكشف عن هويته قائلا: “ليس من حق عبد العزيز بوتفليقة أن يعلم ما لدي من أملاك خاصة بدعوى محاربة الرشوة، إنما من حقه تتبُّـع ما إذا قُـمت بسرقة أموال الدولة في المؤسسة التي أديرها وكيف يحِـق له معرفة ما أملك، وهو لا يعطي إطارات الدولة إلا ما يسد الرمق ويفعل المستحيل كي يُـهيننا، لا أعتقد أن بوتفليقة يكِـن الاحترام لكوادر الدولة”.

ليس من المؤكد أن عبد العزيز بوتفليقة يملك في الوقت الحالي كل الأوراق الرابحة في يده، وهو نفس الموقف الذي يعيشه مُـعارضوه الذين تسلّـحوا في الوقت الحالي بسخط هائل لآلاف الكوادر العُـليا داخل الدولة، ممّـن يرفضون القانون الجديد الذي أصدره بوتفليقة حول التصريح عن الممتلكات.

وليس غريبا أن يتناقض القضاء في الأيام القليلة القادمة على خلفية مواقف وأوامر متناقضة، خاصة وأن أعمال العُـنف قد دخلت على الخط وأصبحت الجماعة السلفية للدعوة والقتال (التي تربطها علاقات عضوية بتنظيم القاعدة) وبفعل فاعل، “طرفا” في الصراعات الهائلة القائمة بين أجهزة الحكم.

تحليل يُـغري أجهزة الاستخبارات الأمريكية، التي تراجع الكثير منها عن آراءه حول الوضع الأمني في الجزائر، بعد أن ثبت أن عسكريين ومدنيين داخل الدولة تاجروا عبر استعمال نفوذهم بالمخدرات، وموّلوا الجماعات الإرهابية، فيما عُـرف منذ الصيف الماضي بقضية أحمد زنجبيل.

صراع الأجنحة

ونظرة أخرى على التناقض بين أجهزة الحكم والصحف المقرّبة من هذه الجهة أو تلك. فعندما تتّـهم صحيفة “الخبر” الجماعة السلفية للدعوة والقتال بالهجوم على حافلة الشركة الأمريكية، تؤكّـد صحيفة “الوطن” على العكس من ذلك أن الفاعل “هي مافيا المال والسياسة”!!.

كل هذه المؤشِّـرات والحوادث تؤكّـد بما لا يدَع مجالا للشك، أن صراع الأجنِـحة في البلاد قد بلغ مدى حسَّـاسا لأسباب اقتصادية، تتعلّـق حسبما يتردد بعدم تطبيق نفس السياسة على الجميع. وهنا يذهب البعض – اعتمادا على المُـعطيات الجزائرية البحتة – إلى أنه كان بالإمكان تجنيب حافلة الشركة الأمريكية مُـصيبة الرش بالرّصاص، لو أن شكيب خليل استقال من منصبه بعد الفضائح التي طالته.

ومن الضروري، والوضع على ما هو عليه، انتظار الأيام القادمة التي ستكون على الأرجح، حُبلى بأحداث أمنية وسياسية بالغة التعقيد، بالنظر إلى التعامل السريالي – بالمعايير غير الجزائرية- حيال موضوع قَـذِر كموضوع الرشوة، التي نخرت ولا زالت أوصال الدولة والمجتمع.

هيثم رباني – الجزائر

1. إشراك الجميع في التصدي لهذه الظاهرة قبل أن تتهيكل.
2. التذكير بدور البرلمان، الإعلام، الصحافة، المنتخبين المحليين، الحكومة، الأحزاب، النقابات، المجتمع المدني، ومنظومة التشريعات والقوانين بما في ذلك الاتفاقيات الدولية والإقليمية والجهوية.
3. تعزيز استقلالية القضاء وسيادة القانون.
4. إشراك المجتمع وتحسيسه بمخاطر الفساد وتداعياته على الشعب.
5. تعزيز الأدوار الرقابية وأجهزة التفتيش والمحاسبة.
6. التذكير بالعوامل الأخلاقية وردّ الاعتبار للضمير المهني
7. الدعوة إلى تطبيق معايير الشفافية في كل تعاملاتنا.
8. فتح المجال أكثر لحرية التعبير وكشف الحقائق حول ملفات الفساد.
9. تعزيز قدرات المنظمات والجمعيات والنقابات.. وتسهيل مهامها.
10. وضع جهاز لتبادل المعلومات والإحصائيات وتدقيقها والتحقق من صحّتها.
11. تحسيس الدولة ( والحكومة كجهة تنفيذية) بمخاطر الفساد على التنمية والاستقرار.
12. اقتراح جملة من التشريعات والقوانين والمراسيم التنفيذية للوقاية من الفساد أو مكافحته (الرقابة، التصريح بالممتلكات، المحاسبة، العقوبات… إلخ).
13. استحداث آلية مستقلّة تقصّي الحقائق، طلب الإحاطة.


(المصدر: الموقع الرسمي لحركة مجتمع السلم الجزائرية)

دبي (اف ب)- تبنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال في بيان على شبكة الانترنت الثلاثاء الهجوم الذي اسفر عن مقتل شخص وجرح تسعة آخرين بينهم ثمانية اجانب في منطقة بوشاوي غرب العاصمة الجزائرية.

واكد البيان الذي وضع على الموقع الرئيسي للاسلاميين ولا يمكن التحقق من صحته ان “زمرة من المجاهدين نفذت +غزوة بوشاوي+ استهدفت الصليبيين العاملين في الشركة الاميركية +براون روت اند كوندور+” وعادوا الى “قواعدهم سالمين.

واضاف ان “المجاهدين” قاموا “بتفجير قنبلة على حافلة تنقل ما لا يقل عن عشرين صليبيا وكانت الحصيلة بحمد الله اصابة عدد مجهول بين قتيل وجريح”.

واكد البيان ان “هذه العملية هدية متواضعة نقدمها لاخواننا المسلمين الذين يذوقون ويلات الحملة الصليبية الجديدة التي تستهدف الاسلام ومقدساته”.

ودعت الجماعة “كل المسلمين في الجزائر ان يبتعدوا عن مصالح الكفار حتى يجتنبوا الاذى الذي قد يلحق بهم في حال مخالطتهم للعلوج اثناء الاستهداف”. واكد البيان ان “اخوانكم من احفاد طارق بن زياد لن يهنأ لهم قرار ما لم يندحر عباد الصليب وعملاؤهم”.

واعلنت وزارة الداخلية الجزائرية ان اعتداء استهدف الاحد حافلتين تقلان موظفين تابعين لشركة اميركية في بوشاوي غرب الجزائر العاصمة واسفر عن مقتل جزائري واصابة تسعة اشخاص آخرين بجروح.

(المصدر: برقية لوكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 12 ديسمبر 2006)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية