
حماس توافق على مقترح لهدنة طويلة وإسرائيل تتمسك بتنفيذ عملية برية في رفح

أبلغت حركة حماس الإثنين الوسيطين القطري والمصري موافقتها على مقترحهما للهدنة في الحرب المتواصلة منذ أكثر من سبعة أشهر مع إسرائيل التي قالت إنّ ردّ حماس لا يلبّي مطالبها.
وقالت إسرائيل بعد إعلان حماس، إنها ماضية في عمليتها البرية المقرّرة على مدينة رفح في جنوب قطاع غزة والتي تتعرض لقصف عنيف منذ ساعات، وذلك بعد أن طلب الجيش من سكان أحيائها الشرقية إخلاءها، رغم تحذيرات دولية من خطورة ذلك.
وفور إعلان حماس، عمَّت مظاهر الارتياح رفح ومناطق أخرى من القطاع الفلسطيني المدمر. وصفّق الناس ورقصوا، بينما أطلق البعض النار في الهواء ابتهاجاً.
وقالت حماس في بيان إنّ رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية أجرى الإثنين “اتصالاً هاتفيا مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومع وزير المخابرات المصرية السيد عباس كامل، وأبلغهما موافقة حركة حماس على مقترحهما بشأن اتفاق وقف إطلاق النار”.
وقال القيادي في الحركة خليل الحية لقناة “الجزيرة” القطرية إنّ المقترح الذي وافقت عليه حماس يتضمّن ثلاث مراحل، مدة كلّ منها من 42 يوماً، “بهدف الوصول الى وقف دائم لإطلاق النار”.
وأضاف أنّ الصيغة تشمل “انسحاباً كاملاً من غزة وعودة النازحين وتبادلاً للأسرى”.
وقال مسؤول في حماس لوكالة فرانس برس طالباً عدم الكشف عن اسمه، إنّ “الكرة باتت الآن في ملعب الاحتلال الإسرائيلي”، بعد موافقة حماس على اقتراح الوسطاء، لمعرفة “ما إذا كان سيوافق على اتفاق وقف النار أم أنه سيعطله”.
في المقابل، قال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في بيان عقب اجتماع لحكومة الحرب إنه “على الرغم من أنّ مقترح حماس لا يلبّي مطالب إسرائيل الأساسية، فإنّ إسرائيل سترسل وفداً للقاء الوسطاء”.
– ضغط عسكري –
ومع ذلك جدّدت إسرائيل تصميمها على اجتياح رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة.
وقال بيان مكتب رئيس الوزراء إنّ “حكومة الحرب قررت بالإجماع أن تواصل إسرائيل العملية في رفح لممارسة ضغط عسكري على حماس من أجل المضي قدما في الإفراج عن رهائننا وتحقيق بقية أهداف الحرب”.
واندلعت الحرب في قطاع غزة بعد هجوم غير مسبوق لحركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وخُطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة توفّي 35 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليّين.
وتعهدت إسرائيل، ردّا على الهجوم، “القضاء” على حماس، وتنفذ منذ ذلك الوقت، حملة قصف مدمّرة وعمليات برية في قطاع غزة، تسبّبت بسقوط 34735 قتيلا غالبيتهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وكرّر الجيش الإسرائيلي مساء الاثنين دعوة سكان الأحياء الشرقية الى المغادرة بعد دعوة أولى وجّهها صباحاً. وقال المتحدث باسمه دانيال هاغاري خلال مؤتمر صحافي مقتضب “نطلب من السكان مساء هذا اليوم إخلاء المناطق التي حددناها”، موضحاً أن “بداية إخلاء السكان من الأحياء الشرقية لرفح” جزء “من التحضير لعملية برية في المنطقة”.
وأضاف أن الطائرات الإسرائيلية قصفت الاثنين أكثر من 50 هدفاً في منطقة رفح، مؤكداً أنّها أهداف “إرهابية”.
وأفادت مراسلة لوكالة فرانس برس عن وقوع قصف عنيف مساء الإثنين على رفح.
وأعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إطلاق صواريخ من قطاع غزة على بلدات في جنوب إسرائيل.
– ابتهاج… وقصف –
في واشنطن، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر لصحافيين إنّ بلاده “تدرس هذا الردّ حاليا ونبحثه مع شركائنا في المنطقة”.
وفور شيوع خبر موافقة حماس على اقتراح الهدنة، احتفلت حشود وأطلقت النار في الهواء في شوارع مدينة رفح. وقالت مراسلة لفرانس برس إن البعض بكوا من الفرح وهتفوا بآيات التكبير وأطلق البعض النار في الهواء ابتهاجا.
وقالت نور الفارة (56 عاما) لفرانس برس “شعرت بالفرح وسجدت لله”.
وأعربت عن ارتياح كبير لأنّ عائلتها “في حال من القلق منذ صباح اليوم، نحزم أمتعتنا استعداداً للمغادرة”، بعد أن أصدرت القوات الإسرائيلية تحذيرات للسكان في أجزاء من رفح بوجوب الإخلاء.
وكانت حالة من الذعر عمّت صباح الإثنين مدينة رفح ومحيطها بعد إلقاء الجيش الإسرائيلي مناشير دعت سكان المناطق الشرقية من المدينة الى إخلائها والتوجه الى المواصي، شمال غرب رفح.
وأكد الجيش أنه قام بتوسيع “المنطقة الإنسانية في المواصي التي تشمل مستشفيات ميدانية وخيماً وكميات كبيرة من الأغذية والمياه والأدوية وغيرها من الإمدادات”.
وردّاً على سؤال بشأن عدد من سيتمّ إخلاؤهم، قال متحدث عسكري إسرائيلي “التقديرات هي نحو 100 ألف”.
وأثار الإعلان عن بدء عملية إخلاء رفح ردود فعل دولية دعت إلى الامتناع عن رفح، لا سيما من الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل.
وقال ماثيو ميلر “نعتقد أنّ من شأن عملية عسكرية في رفح حاليا أن تفاقم بشكل كبير معاناة الشعب الفلسطيني وتؤدي إلى خسارة حياة مزيد من المدنيين”، مشيرا الى أن واشنطن لم تلمس “خطة إنسانية ذات مصداقية وقابلة للتطبيق” من جانب إسرائيل لحماية المدنيين في رفح.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن الإخلاء “إنه أمر غير إنساني”، و”يتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
واضاف “ما زال سكان غزة يتعرضون للقصف والأمراض وحتى المجاعة. واليوم قيل لهم إن عليهم النزوح مرة أخرى (مع) تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الإثنين إسرائيل وحماس إلى “بذل جهد إضافي” للتوصل إلى هدنة و”وضع حد للمعاناة الحالية” في الحرب المدمرة الدائرة بينهما في قطاع غزة.
وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك في بيان إنّ الامين العام أعرب ايضاً عن “قلق بالغ” إزاء مؤشرات تفيد بأنّ عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في مدينة رفح المكتظة في جنوب غزة قد تكون “وشيكة”.
وحذرت المملكة العربية السعودية “من مخاطر استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفح ضمن حملتها الدمويّة الممنهجة لاقتحام كافة مناطق قطاع غزة وتهجير سكانه نحو المجهول، في ظلّ انعدام الملاذات الآمنة بعد الدمار الهائل الذي تسبّبت به آلة الحرب الإسرائيلية”.
كذلك حذرت مصر من مخاطر عملية عسكرية في رفح. وحضّ العاهل الأردني الملك عبدالله الرئيس الأميركي جو بايدن على منع وقوع “مجزرة جديدة” في رفح.
وكان بايدن اتصل هاتفيا بنتانياهو وكرّ موقفه الرافض لشنّ هجوم على رفح.
وحضّت الرئاسة الفلسطينية الولايات المتحدة على منع إسرائيل من تنفيذ هجوم بري واسع النطاق على رفح في جنوب القطاع تجنبا لوقوع “مجزرة”.
بور/رض/بم