مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

رشيد حمداني يغادر ليبيا واقتيادُ ماكس غولدي إلى السجن

ماكس غولدي يغادر مقر السفارة السويسرية في طرابلس بعد ظهر الإثنين 22 فبراير 2010 باتجاه السجن Keystone

أكدت وزارة الخارجية السويسرية في بيان أصدرته صبيحة الثلاثاء 23 فبراير الجاري في برن أن رشيد حمداني، أحد رجلي الأعمال السويسريين العالقين بطرابلس منذ 19 شهرا، غادر بالفعل ليبيا، لكن دون تحديد مكان وجوده. أما السويسري الثاني، ماكس غولدي (المحكوم عليه بالسجن اربعة اشهر) فقد سلم نفسه للسلطات الليبية التي اقتادته إلى السجن، بحسب محاميهما.

وأضافت وزارة الخارجية السويسرية في بيانها أن جهودها باتت تتركز على عودة غولدي.

ويذكر أن المحامي الفرنسي لرشيد حمداني، إيمانويل ألتيت، كان قد صرح لوكالة الأنباء السويسرية في حدود الساعة السابعة صباحا من يوم الثلاثاء أن موكله قد عبر الحدود الليبية التونسية أثناء الليل وأنه أصبح الآن يتواجد في مكان “آمن”.

كما أن زوجة السيد حمداني، الحامل للجنسيتين السويسرية والتونسية، أكدت في تصريح للإذاعة السويسرية الروماندية (الناطقة بالفرنسية) صباح الثلاثاء أيضا أن زوجها غادر ليبيا، لكن دون المزيد من الإضاحات حول مكان تواجده. في المقابل، قالت إنها تحدثت مع زوجها عبر الهاتف في منتصف ليلة الإثنين إلى الثلاثاء وأنه بالفعل في مكان آمن.

وحسب صحفي يعمل بوكالة الصحافة الفرنسية، غادر رشيد حمداني العاصمة الليبية في حدود الساعة الحادية عشر مساءا من ليلة الإثنين على متن سيارة تابعة للسفارة السويسرية، وكان في توديعه دبلوماسيون نمساويون وسويسريون وإسبان وألمان، تمنوا له جميعا “رحلة طيبة إلى تونس”، التي توجد حدودها على بعد 170 كلمترا من طرابلس.

وكان المحامي صلاح الزحاف قد قال لوكالة الصحافة الفرنسية يوم الإثنين إن رشيد حمداني الذي يحمل جوازي سفر (سويسري وتونسي) “حصل على تأشيرة خروج وتوجه برا إلى تونس”. وأضاف الزحاف أن السويسري الثاني ماكس غولدي سلم نفسه للشرطة القضائية الليبية التي اقتادته إلى سجن عين زارا القريب من طرابلس.

وقد غادر غولدي السفارة السويسرية في حوالى الساعة 14,15 (12,15 توقيت غرينيتش)، اي بعد ساعتين من انتهاء فترة إنذار وجهته إليه طرابلس ليسلم نفسه، كما ذكر مراسل وكالة فرانس برس. وسرعان ما وُضع في سيارة مدنية حيث كبل يديه احد عناصر الشرطة. وغادرت السيارة المكان ترافقها الشرطة وسيارة تابعة للسفارة الاسبانية.

وقال الزحاف لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت لاحق “إننا نقوم الآن بإجراء تسجيل” غولدي في السجن، مؤكدا أنه ينوي تقديم طلب عفو يوم الثلاثاء 23 فبراير 2010 الى المجلس الأعلى للهيئات القضائية. وكانت ليبيا امهلت السفارة السويسرية في طرابلس حتى ظهر الاثنين (10,00 ت غ) لتسليم غولدي اللاجىء لديها للقضاء الليبي، والمحكوم عليه بالسجن أربعة اشهر بعد إدانته بتهمة “الإقامة في ليبيا بشكل غير مشروع”، بحسب وكالة الأنباء الليبية الحكومية. وطوق السفارة الليبية الاثنين عشرات من عناصر الشرطة وسيارات لقوى الأمن.

ورشيد حمداني وماكس غولدي كانا ملاحقين في ليبيا بتهمتي “الاقامة بشكل غير مشروع” و”ممارسة انشطة اقتصادية غير مشروعة”. وتمت تبرئة حمداني في الآونة الاخيرة من كافة التهم الموجهة إليه في حين حكمت محكمة استئناف ليبية على غولدي بالسجن أربعة اشهر بعد أن أدانته بتهمة “الإقامة بشكل غير مشروع” وبغرامة قيمتها 800 دولار عن التهمة الثانية. بيد انه لم يُسجن حيث كان لجأ وحمداني إلى السفارة السويسرية في طرابلس منذ موفى شهر يوليو 2008.

وكان تم توقيف الرجلين في 19 تموز/يوليو 2008 في ليبيا وذلك بعد توقيف هانيبال نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، وزوجته في جنيف اثر شكوى تقدم بها اثنان من خدمهما بتهمة سوء المعاملة. وهددت السلطات الليبية الاثنين باتخاذ “إجراءات” ضد السفارة السويسرية اذا لم تسلم غولدي إلى الشرطة القضائية، بحسب وكالة الأنباء الليبية.

تهديد ليبي وتضامن أوروبي

قضية المحتجزيْن السّويسريّين في ليبيا كادت أن تأخذ أبعادا أخرى قبيل انفراجها بتسليم ماكس غولدي نفسه طواعية للسلطات الليبية، وسفر رشيد حمداني برا الى تونس التي يحمل جنسيتها أيضا.

فقد أوضح وزير الخارجية النمساوي ميخائيل سبيندلإيغر على هامش اجتماع لوزراء خارجية الدول الأوروبية، حسبما أوردت وكالة الأنباء السويسرية بأن “السلطات الليبية هددت باقتحام السفارة السويسرية الأحد ليلا”. وهذا ما يفسر تواجُد عدد من السفراء الأوروبيين بداخل مبنى السفارة السويسرية حيث يرى وزير الخارجية النمساوي أن “ذلك كان بمثابة إشارة تضامن مهمة مع سويسرا”.

وأضاف الوزير النمساوي بأن “اتصالات عديدة تمت من قبل عدد من الدول من ضمنها ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا لتفادي التصعيد”.

وفي بروكسل أيضا، أكد وزير الخارجية الإيطالي قيام رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني بالإتصال هاتفيا بالزعيم الليبي مساء الأحد 21 فبراير.

وأوردت وكالة الأنباء السويسرية بأن “عددا من الوزراء أشاروا إلى احتمال وجود حل في متناول اليد في غضون يومين”، ويذهب البعض إلى حد الحديث عن وجود “وثيقة تفاهم” مطروحة على الطاولة ولكن يبدو أن الزعيم الليبي معمر القذافي لم يوافق عليها بعد.

وكانت الوكالة الرسمية الليبية أن الخارجية الليبية “استدعت ليلة البارحة (الأحد) سفراء دول الاتحاد الاوروبي المعتمدين لدى الجماهيرية العظمى وأبلغتهم إمهال السفارة السويسرية حتى منتصف نهار اليوم (الاثنين 22 فبراير) لإخراج السويسري الذي تمت تبرئته لتمكينه من المغادرة فورا وتسليم السويسري المدان للشرطة القضائية لتنفيذ العقوبة”.

واتهم وزير الخارجية الليبي موسى كوسا بحسب ما أوردت الوكالة الحكومية الرسمية، سويسرا بانها “أساءت استخدام حصانة مقرها ووظفت هذه الحصانة في غير أغراضها المتعارف عليها في العرف والقانون الدولي منتهكة بذلك الاتفاقية الدولية للعلاقات الدبلوماسية”. كما اتهمها بأنها تمنع خروج بريء وتسليم مدان “عمدا (..) لتصعيد الأزمة وإثارة المزيد من المشاكل مع الجانب الليبي”.

واضاف كوسا “ازاء هذا الموقف نرى ان الواجب يحتم علينا إخراج البريء لتمكينه من مغادرة البلاد فورا وتسليم المحكوم عليه للشرطة القضائية لتنفيذ العقوبة”، مشيرا الى انه “في حالة عدم التجاوب مع هذين المطلبين حتى منتصف نهار الاثنين فسنقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة”.

وكانت ليبيا وسويسرا استأنفتا الخميس 19 فبراير 2010 الاتصالات على مستوى عال بفضل تدخل الاتحاد الأوروبي. والتقت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي-ري الخميس في مدريد نظيرها الليبي، وتواصلت المباحثات في نهاية الأسبوع في برلين.

سجن ماكس غولدي قرار سياسي!

وكانت منظمة العفو الدولية قد عبرت عن ارتياحها لمغادرة رشيد حمداني للجماهيرية بعد تبرئته من قبل العدالة الليبية من تهمة انتهاك قوانين الهجرة ومزاولة نشاط تجاري بدون ترخيص، ولكنها عبرت عن الأسف لأن “ماكس غولدي سيدفع ثمن قضية هانيبال القذافي”.

وفي رد على سؤال لوكالة الأنباء السويسرية، أوضح دانيال غراف، الناطق باسمها في برن أن “التهمة الموجهة لماكس غولدي لها دوافع سياسية”، كما أن “إجراءات المحاكمة التي تعرض لها لم تكن عادلة”. وأضاف غراف أنه “من المؤسف بالنسبة لماكس غولدي أن طريق العودة الى سويسرا يبدو أنه يمر عبر سجن ليبي”. وانتهت منظمة العفو الدولية إلى “المطالبة بإفراج فوري عن ماكس غولدي”.

في سياق متصل، تواصل سويسرا مفاوضاتها بخصوص الأزمة مع ليبيا على مسارين: من خلال المحادثات المستمرة منذ موفى الأسبوع الماضي في برلين بوساطة ألمانية، ومن خلال إثارة السيدة دوريس ليوتهارد رئيسة الكنفدرالية لهذه القضية مع الرئاسة الإسبانية للإتحاد الأوروبي في الزيارة التي تؤديها يوم الاثنين إلى مدريد.

وفي هذه الاثناء ينتظر أن يتطرق اجتماع يعقده يوم الإثنين القادم وزراء خارجية بلدان الاتحاد الأوروبي لنفس الموضوع من منظور تعليق ليبيا لتسليم تأشيرات دخول لرعايا البلدان الأوروبية ردا على قرار سويسرا بوضع حوالي 280 من المسؤولين الليبيين على قائمة لمنع تسليمهم تأشيرات دخول إلى البلدان الأعضاء في فضاء شنغن.

swissinfo.ch مع الوكالات

15 يوليو 2008: توقيف هانيبال القذّافي أحد أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي وزوجته الحامل في شهرها التاسع بفندق فخم بجنيف على إثر اتهامهما من قبل اثنين من الخدم الخاص بسوء المعاملة والضرب.

17 يوليو 2008: إطلاق سراح الزوجين بعد يومين من الاعتقال.

19 يوليو 2008: السلطات الليبية توقف رجلي أعمال سويسريين بتهم مزعومة تتعلق بعدم احترامهما قوانين الإقامة والهجرة وغيرها.‏

‏23 يوليو 2008: ليبيا تهدد بوقف الإمدادات النفطية إلى سويسرا.

26 يوليو 2008: ليبيا تطالب سويسرا بالاعتذار ووقف الملاحقة الجنائية لنجل القذافي وزوجته.

29 يوليو 2008: الإفراج عن السويسريين المعتقلين، مقابل دفع كفالة مالية لكن السلطات رفضت السماح لهما بمغادرة الأراضي الليبية.

5 أغسطس 2008: المتحدث باسم الخارجية السويسرية يعلن أن “طرابلس تشترط تقديم اعتذارات عن الطريقة التي تمت بها معاملة هانيبال القذافي وزوجته لدى اعتقالهما يوم 15 يوليو الماضي في جنيف”.

20 أغسطس 2009: رئيس الكنفدرالية هانس – رودولف ميرتس يقدم اعتذاره للسلطات الليبية في ندوة صحفية في طرابلس ويوقع على مذكرة اتفاق مع رئيس الوزراء الليبي البغدادي علي المحمودي لحل الأزمة.

25 أغسطس 2009: توجهت طائرة تابعة لسلاح الجو السويسري إلى ليبيا بعد الحصول على موافقة السلطات من أجل إعادة المواطنين السويسريين المحتجزين، لكنها عادت يوم 31 أغسطس بدونهما.

22 أكتوبر 2009: بعد يومـين من انقضاء مهلة الستين يوما لتطبيع العلاقات بين برن وطرابلس، رئيس الكنفدرالية هانس – رودولف ميرتس ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري يعبران في مؤتمر صحفي عن غضبهما إزاء “رفض (ليببا) المنهجي” للتعاون لتسوية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.

2 نوفمبر 2009: لجنة السياسة الخارجية في مجلس النواب السويسري تُـطالب بمنع الرعايا الليبيين من دخول سويسرا.

4 نوفمبر 2009: الحكومة السويسرية تقرر تعليق العمل باتفاق 20 أغسطس وتعلن عن مزيد من التشدد في منح تأشيرات الدخول إلى المواطنين الليبيين.

7 فبراير 2010: القضاء الليبي يبرئ رشيد حمداني من تهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها” بعد أن برأه في محاكمة سابقة من تهمة “انتهاك قوانين الهجرة والإقامة” في ليبيا.

11 فبراير 2010: خفضت محكمة استئناف ليبية الحكم الصادر على ماكس غولدي بتهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها” من 16 إلى 4 أشهر سجنا، بعد ان حكم عليه سابقا بغرامة تبلغ قيمتها 800 دولار في تهمة “انتهاك قوانين الإقامة والهجرة”.

14 فبراير 2010: ليبيا تباشر تنفيذ قرارها بمنع دخول رعايا الدول الأوروبية الأعضاء في فضاء شنغن، باستثناء بريطانيا.

18 فبراير 2010: وزيرة خارجية سويسرا تلتقي نظيرها الليبي بحضور وزير خارجية إسبانيا في مدريد الذي يُشير إلى تحقيق “بعض التقدّم” في المفاوضات بين البلدين.

19، 20، 21 فبراير 2010: تكتم شديد يحيط بمحادثات تحتضنها ألمانيا في برلين بين وفدين من المفاوضين الليبيين والسويسريين.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية