مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرية باليونيسف في نجدة الأطفال الفلسطينيين

يعاني الأطفال بوجه خاص من عمليات القصف الإسرائيلي التي تتعرض لها الأراضي الفلسطينية (الصورة: آثار هجوم إسرائيلي على مخيم رفح جنوب قطاع غزة يوم 27 سبتمبر 2006) Keystone

حوّلت آن غرانجان، رئيسة فرع بمنظمة اليونيسف في القدس الشرقية، حماية حقوق الطفل إلى شيء شِـبه مقدّس في حياتها.

في حديث مع سويس انفو، ترسم الشابة القادمة من جنيف صورة كارثية عن الوضع في صفوف السكان الفلسطينيين.

منذ 3 أعوام، تتحمّـل آن غرانجان مسؤوليات رئيسة فرع بمقر منظمة الأمم المتحدة للطفولة في القدس الشرقية، فهي تُـشرف تحديدا على فرع “حماية الطفولة” الذي يغطّـي الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والأردن وسوريا.

هذه السيدة، التي لا يزيد عمرها عن 34 عاما، تُـعطي الانطباع بالاستغراق تماما في مهمّـتها وتعترف بصوت خافت: “لقد رغبت دائما في تعزيز حقوق الطفل.. لقد حرصت بشكل خاص على القدوم إلى هنا لأنه كان لدي انطباع بأن هذه الحقوق منتهكة فيها بشكل خاص”.

البطالة والفقر

في الإطار الحالي، يشكّـل الأطفال الفلسطينيون الضحايا الأولى للوضع الاقتصادي الكارثي، وخاصة في غزة ولأعمال العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين وفي صفوف الفلسطينيين.

وطِـبقا لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية نُـشر في جنيف، تشهد الأراضي الفلسطينية “انهيارا اجتماعيا واقتصاديا شبه كامل”. كما تشدّد دراسة أخرى للبنك الدولي على أن “نصف اليد العاملة الفلسطينية تعاني من البطالة وأن الفقر (دخل يومي بدولارين للفرد) يمسّ 66% من السكان”. ويتشكّـل الفقراء بالخصوص من العائلات التي لديها العديد من الأطفال.

إفقار مأساوي

من خلال تنقّـلاتها الميدانية، اكتشفت آن غرانجان حصول “تفقير مأساوي فعلا للسكان خلال الأشهر التسعة الأولى من العام”، وتضيف بنبرة يعلوها توتّـر واضح “70% من سكان قطاع غزة يتوقّـفون على المساعدة الخارجية لكي يتمكّـنوا من الأكل فقط ويمكن تصوّر انعكاسات مثل هذا الوضع على الأطفال فيما يتعلق بالصحة أو بالتعليم…”.

وتضيف لآن غرانجان “في الحياة اليومية لهؤلاء الأطفال، يُـصبح الذهاب إلى المدرسة إشكالا، نظرا لأن الآباء ليس لديهم ما يكفي من المال ليشتروا لهم المعدّات المدرسية أو لدفع تكلفة النقل إلى مكان دراستهم. وبالإضافة إلى هذا الفقر المتزايد، هناك العنف اليومي”.

وفي معرض التوضيح، تقدِّم غرانجان المثال التالي: “منذ بداية هذا العام، قُـتل 91 طفل في حين لم يتجاوز العدد 47 طفل لنفس الفترة في عام 2005. إذن، تضاعف تقريبا عدد الضحايا الصغار. في شهر يوليو الماضي لوحده، لقي 39 طفلا حتفهم، إن في هذا مؤشر على ارتفاع لولبي للعنف”.

صورة قاتمة

لدى الحديث عن عطلة الصيف لأطفال قطاع غزة، ترسم آن غرانجان صورة قاتمة، حيث تشير إلى أن أغلب هؤلاء الأطفال ظلوا في بيوتهم لأسباب أمنية معزولين بدون اتصال مع أطفال آخرين وفي بيوت مكتظة في أغلب الحالات، ينام فيها كثيرون في الغرفة الواحدة، وبسبب توقّـف المساعدة المالية من البلدان المانحة، لم يتم تنظيم أي مخيم صيفي في غزة، في حين أنه نُـظم منها المئات في عام 2005.

من جهة أخرى، يعاني النظام التعليمي من الشلل بسبب الإضراب، الذي يشنه العديد من المدرسين، الذين لم يحصل البعض منهم على مرتبه منذ عدة أشهر. هذا الخلل لا يتوقّـف عند النظام التعليمي، بل يشمل أنظمة توزيع المياه والكهرباء، التي لا تشتغل بشكل عادي.

وتوضّـح المسؤولة في فرع اليونيسف بالقدس الشرقية أن معظم مراكز الصحة لا يمكن أن تستغني عن مولّـد كهربائي، ولا زالت تعاني من نقص الأدوية. وفي إطار المساعدة التي تقدمها اليونيسف، توفّـر لها مُـجمل التلاقيح المخصصة للأطفال الفلسطينيين.

علامات الخوف

في هذا السياق، تقول آن غرانجان “إن العمال الاجتماعيين والعاملين في قطاع الصحة لاحظوا وجود مؤشرات خوف لدى العديد من هؤلاء الأطفال وسجّـلوا تراجعا في النتائج المدرسية وعدوانية وتكرر الكوابيس لديهم”، وهنا، تضع يدها على ظاهرة تتوسّـع يوما بعد يوم وتقول “العنف الخارجي يؤجِّـج أعمال العنف داخل العائلات. اليونيسف يتوفر في قطاع غزة على 3 مراكز للدفاع الاجتماعي والقانوني. وفي كل شهر، تزداد مطالب المساعدة ارتفاعا. فعلى سبيل المثال، كنا نعالج في شهر يونيو 60 حالة أما في شهر أغسطس فقد ارتفعت إلى 200. في المحصّـلة، فإن أطفال غزة لم يعد لهم أي مكان يشعرون فيه بالأمن لا في بيوتهم ولا في المدرسة”.

أخيرا، تقول آن غرنجان، المنفعلة لِـما تقول ولِـما تفعل، “إن ما يدهشني، هو أن هؤلاء الأطفال لا زالت لديهم أحلام في رؤوسهم، وإذا كان البعض منهم يحلُـم بالهجرة، فإن البقية – وهم الأغلبية – يتحدثون في المقابل عن بناء الدولة الفلسطينية”.

سويس انفو – سيرج رونين – القدس

(ترجمه وعالجه كمال الضيف)

ولدت آن غرنجان في جنيف عام 1972.
تابعت دراستها الجامعية في معهد الدراسات العليا الدولية في جنيف.
تعمل منذ 10 أعوام في مجال حماية حقوق الطفل، من بينها 7 أعوام في اليونيسف.
عملت في منطقة البلقان وفي إيران وفي لبنان قبل أن تقع تسميتها في منصبها الحالي في القدس الشرقية.

تلتزم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بالعمل في شتى أنحاء العالم لفائدة رفاهية الأطفال والنساء.

اليونيسف ممثلة في سويسرا باللجنة السويسرية لليونيسف.

اليونيسف هيكل مستقل من الناحية السياسية والدينية، ويستند إلى خبرة 60 عاما في مجال التعاون من أجل التنمية والمساعدات الطارئة.

تأسست اللجنة السويسرية لليونيسف في عام 1959 باعتبارها جمعية تهدف إلى جمع الأموال والعمل لفائدة قضايا الأطفال.

على غرار اللجان الوطنية الموجودة في 38 بلدا مصنعا، تساهم اللجنة السويسرية في تمويل برامج لليونيسف في البلدان السائرة في طريق النمو.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية