مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل يُوقد فتح سفارة سويسرية لدى الفاتيكان جذوة التوترات الدينية في البلاد؟

لقاء بين رئيس سويسرا وبابا الفاتيكان
خلال لقائه مع البابا فرنسيس يوم 6 مايو 2021، طالب رئيس الكنفدرالية غي بارمولان بشكل خاص بإنشاء سفارة سويسرية لدى حاضرة الفاتيكان في روما. Keystone / Vatican Media Handout

منذ فترة طويلة، انطفأت جذوة المنافسة بين الكاثوليك والبروتستانت في سويسرا ، إلا أن هناك قضايا تُذَكّرنا من حين لآخر بوجود جَمْر لا يزال يتّقد تحت الرماد ، كما هو الحال في مشروع افتتاح سفارة سويسرية في الفاتيكان.

في 6 مايو 2021، زار غي بارمُولان حاضرة الفاتيكان بمناسبة مراسم أداء اليمين لأعضاء الحرس البابوي السويسري الجدد، وعقب لقائه البابا فرانسيس، أعلن رئيس الكنفدرالية أن الحكومة الفدرالية تدرس إمكانية اعتماد ائتمان قدره خمسة ملايين فرنك لإنشاء ثكنة جديدة للحرس، وفتح سفارة سويسرية لدى الكرسي الرسولي.

قطع العلاقات الدبلوماسية

تجدر الإشارة هنا، دون رغبة في فتح سيرة حقبة الحروب الدينية، إلى أن الدولة الفدرالية الحديثة نشأت في عام 1848 إثر انتصار الكانتونات الليبرالية ومعظمها بروتستانتية، على الكانتونات الكاثوليكية المحافظة، في ما عُرب بـ  “حرب سوندربوند”، ونتج عن ذلك توتّر في العلاقات بين الكاثوليك المحافظين والدولة الفدرالية الجديدة طيلة النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

بلغت تلك الأزمة ذروتها في عام 1873 وأدت إلى انهيار العلاقات الدبلوماسية بين سويسرا والكرسي الرسولي، ولكن فيما بعد أدى تطور الاشتراكية إلى تقارب بين الخصمين، تمخّض عنه انتخاب أول كاثوليكي محافظ لعضوية الحكومة الفدرالية في عام 1891.

بعد الحرب العالمية الأولى، شرعت الدولتان في تطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما. وفي عام 1920، افتتح الكرسي الرسولي سفارة في برن، وأقامت الحكومة الفدرالية، من جانبها، في عام 1991 علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان.

خطر “اختلال طائفي”

بيد أن سويسرا لم تفتح سفارة لدى الكرسي الرسولي في روما، وبقي تمثيل المصالح السويسرية مُناطا بعهدة السفير السويسري في سلوفينيا. وبناء عليه، سيمثل افتتاح سفارة في الفاتيكان خطوة أخرى نحو تعزيز العلاقات الثنائية “المتألقة والوطيدة”، وفق التعبير الذي استخدمته رابط خارجيوزارة الخارجية السويسرية.

غير أنّ افتتاح سفارة لدى الفاتيكان لا يروق للجميع، حيث عبّرت رئيسة الكنيسة الإنجيلية الإصلاحية في سويسرا، القسّ ريتا فاموس، صراحة عن خشيتها من أن يؤدي المشروع إلى “اختلال طائفي”.

إذ من شأن وجود سفارة أن يتيح للكنيسة الكاثوليكية الرومانية إمكانية الوصول المباشر إلى السلطات السويسرية، وهي ميزة لا يتمتع بها البروتستانت، ولذلك اقترحت ريتا فاموس، من خلال صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ”، تعيين شخص يمثل العلاقات بين الكنيسة الإنجيلية الإصلاحية والدوائر السويسرية الرسمية.

وبررت موقفها قائلة: “بطبيعة الحال، لسنا في مستوى الكرسي الرسولي بالنسبة للقانون الدولي، ولكننا ثاني تجمّع ديني في البلاد، وحمضنا النووي سويسري بلا أدنى شك”.

المزيد

رفض الإعفاء

ومع أن مسألتي فتح السفارة في روما والمساهمة في إنشاء ثكنة جديدة للحرس البابوي لم يتم بحثهما بعدُ من قبل اللجان البرلمانية المعنية، ومن قبل البرلمان الفدرالي إجمالا، إلا أنّ النقاش الذي دار خلال الدورة الصيفية الأخيرة أظهر بأن الحساسيات الدينية لا تزال ذات وزن مؤثر في القرارات السياسية.

بدوره، تقدّم جان لوك أدور ، النائب عن حزب الشعب السويسري (يمين محافظ)، بمبادرة برلمانية تطالب بإعفاء أفراد الحرس البابوي من دفع الضريبة العسكرية السويسرية، أثناء فترة خدمتهم في الفاتيكان، امتنانًا لهم على تقديم صورة إيجابية عن سويسرا، وهو بذلك “يتجاوز البُعد الديني إلى حد كبير” باعتباره من الطائفة البروتستانتية.

إلا أنّ المُعارضين لا يرغبون في إعطاء امتيازات استثنائية لعدد قليل من الكاثوليك ويقولون إن “هذا الإعفاء الضريبي يشجع طائفة دينية بعينها، ليس فقط على الممارسة الدينية، بل وأيضًا على تأدية خدمة لدين في بلد آخر.. وأريد أن أذكركم بأن أبناء البلد ليسوا كلهم كاثوليك، وأنه قد يكون لدى شبابنا أحلام أخرى غير توشّح المِطْرَد”، على حدّ قول لينور بورشيه، النائبة عن حزب الخضر.

فيما أكدت بريسكا سيلر غراف، المتحدثة باسم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي بأن الانتماء الديني لعب دورًا في النقاش قائلة: “لسنا متفقين، فالكاثوليك يؤيّدون، والبروتستانت يُعارضون، وأؤكد لكم أننا لسنا في حرب سوندربوند”.

وفي نهاية المطاف، تم رفض المشروع المقترح من قبل مجلس النواب (الغرفة السفلى للبرلمان) بأغلبية 89 صوتا مقابل 86 وامتناع 5 أعضاء عن التصويت.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية