
في مدينة السويداء.. حرق منازل ونهب وتوعد السكان بالقتل بعيد وقف إطلاق النار

في غرب مدينة السويداء المنكوبة في جنوب سوريا، يتوعّد مقاتل من العشائر بـ”ذبح” السكان، فيما ترتفع ألسنة نيران من عشرات المنازل والمحال التجارية، على وقع اشتباكات مع مسلحين دروز أوقعت نحو ألف قتيل خلال أسبوع.
في الحي الذي تصاعدت منه أعمدة الدخان وبدت شوارعه مقفرة إلا من مسلحين غاضبين، وقف المقاتل أبو جاسم يخاطب رفاقه “الى الأمام يا عشائر الى الأمام”، رغم إعلان الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقفا لإطلاق النار ودعوته جميع الأطراف بما فيهم مقاتلي العشائر الى وقف العمليات القتالية.
ويقول أبو جاسم متوعدا “اليوم يومك يا هجري”، في إشارة الى شيخ العقل حكمت الهجري، أحد ثلاثة مراجع دينية بارزة في السويداء، معقل الأقلية الدرزية. وتتهم دمشق الهجري بتحريك مقاتلين محليين ضد القوات الحكومية وعشائر البدو و”الاستقواء بالخارج”، بعدما شنّت اسرائيل سلسلة ضربات على مقار حكومية في دمشق وأهداف عسكرية في السويداء.
وينعت أتباع الهجري بتعابير نابية مرددا بحزم “نحن اليوم بين بيوتهم، سنذبح الناس في عقر منازلها”.
على مقرية من أبو جاسم، ترتفع ألسنة النيران من منازل ومتاجر بعد نهبها.
وشاهد مصور لفرانس برس في غرب مدينة السويداء عشرات المنازل والسيارات تحترق وسط اشتباكات يخوضها مقاتلو العشائر ضد مسلحين دروز. وقال إن مسلحين أضرموا النيران في متاجر بعد نهب محتوياتها.
ورغم إعلان الشرع وقف إطلاق نار فوري وتحذيره أي طرف من مغبّة خرقه، تزامنا مع بدء قوات الأمن الانتشار في محافظة السويداء، وفق ما شاهد مراسلو فرانس برس، إلا أن اشتباكات دارت في غرب المدينة وفي ريفها الشمالي.
وقرب قرية شمال مدينة السويداء، شاهد مراسل لفرانس برس قوات حكومية تنتشر عند حاجز، وتحاول عبثا ثني مسلحين من العشائر عن التقدم الى المنطقة.
– “ضمان أمن المدنيين” –
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا لفرانس برس في ريف السويداء الشمالي إن قوات الامن تنتشر داخل المحافظة من “أجل تامين الممتلكات العامة والخاصة وتأمين سلامة المدنيين والإشراف على انسحاب جميع العشائر التي كانت على اشتباك مع فصائل خارجة عن القانون”، وهي تسمية تستخدمها السلطات لوصف المقاتلين الدروز.
وكانت وزارة الداخلية أعلنت أن نشر قوات الأمن يأتي في سياق “وقف الفوضى وحماية المدنيين” الذين دفعوا ثمنا باهظا للاشتباكات التي أوقعت منذ اندلاعها الاحد 940 قتيلا على الأقل، وفق اخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان.
وبين القتلى 262 مدنيا في السويداء، ضمنهم 182 “أُعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية”، وفق المرصد، الذي رجح ارتفاع حصيلة القتلى مع وجود جثث في الشوارع وداخل المنازل.
قرب المستشفي المركزي الذي أصبح بمثابة “مقبرة جماعية” بعد تكدّس الجثث فيه من دون إمكانية التعرف الى هويات القتلى، أفاد مصور لفرانس برس عن توجه لدفن الجثث المنتفخة في حفرة مجاورة خارج المستشفى بشكل موقت لاستحالة ابقائها في المستشفى الذي لم تعد براداته تتسع للمزيد.
ولا تزال مدينة السويداء، حيث كان يقيم 150 ألف نسمة، مقطعة الأوصال يلازم من بقوا فيها منازلهم خائفين، وسط انقطاع خدمات المياه والكهرباء وعدم توفر الوقود والمواد الغذائية رغم مناشدات لإدخال المساعدات الانسانية اليها.
وأفاد مراسل فرانس برس أن القوات المهاجمة أخلت وسط المدينة بعد ظهر السبت، موضحا أنه شاهد مسلحين يسحبون جثثا من أحد الشوارع.
على مواقع التواصل الاجتماعي، تداول مستخدمون على نطاق واسع في الأيام الأخيرة مقاطع مصورة التقطها المسلحون الذين يخوضون معارك ضد المقاتلين الدروز، يظهر بعضها تصفية اشخاص بلباس مدني وإهانة رجال دين مسنين وكيل الشتائم والإهانات.
ونشر العشرات شهادات نعي صادمة توثق ملابسات مقتل أقربائهم وأصدقائهم.
وأحصت الأمم المتحدة السبت نزوح ما لا يقل عن 87 ألف شخص داخل محافظة السويداء بشكل رئيسي، وباتجاه محافظة درعا المجاورة.
وقال أحد سكان المدينة الذين نزحوا منها قبل أيام، من دون الكشف عن هويته، لفرانس برس “لم يبق لنا شيء. ماتت غالبية الناس الذين نعرفهم، أقرباؤنا وأصدقاؤنا”.
وأضاف بحسرة “السويداء دُمرت ونحاول ابعاد عائلاتنا ريثما تنتهي حفلة الجنون”.
سترز-لار/دص