مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ميثاق لمزاولي العمل الاجتماعي في الشوارع

المشاركون في التوقيع على الميثاق الجديد لتنسيق العمل الإجتماعي في الشوارع، في 7 يونيو 2005 في العاصمة برن swissinfo.ch

وقع عدد من المشتغلين في مجال العمل الاجتماعي المتجول على ميثاق، يضع الخطوط العريضة لأخلاقيات عملهم ويهدف إلى التنسيق فيما بينهم وتبادل الخبرة.

ولأن العمل الاجتماعي في الشوارع يختلط بالمتضررين والمعوزين بعيدا عن أروقة المكتب والبيروقراطية، فقد تم التوقيع على الميثاق ظهر الثلاثاء 7 يونيو في مكان عام أيضا.

ظهرت فكرة العمل الاجتماعي في الشوارع في سويسرا مع نهاية السبعينيات من القرن الماضي، لتقديم العون والمساعدة إلى المعوزين والمحتاجين الذين يلفظهم المجتمع، ولم يجدوا صدرا رحبا يستمع إلى مشكلاتهم أو يساعد في إنقاذهم.

وكلمة “الشوارع” ليست دليلا على أن العمل المنجز ذو طابع تطوعي، بل لأن من يمارسون هذه المهمة لا ينتظرون في مكاتبهم، بل ينزلون إلى الشارع ويبحثون أو يلتقون بأصحاب المشاكل الطارئة والحالات الحرجة، سواء كانوا في الطريق العام أو في مقهى أو حتى في المخابئ والأماكن البعيدة عن أنظار العامة.

ومن بين الفئات التي يهتم بها العمل الاجتماعي في الشوارع المدمنون على المخدرات والكحول وأرباب السوابق الإجرامية أو الأطفال المشردين نتيجة التفكك الأسري، والأجانب المقيمون بصفة غير شرعية الفارون من الترحيل القسري والسيدات اللائي يتم إجبارهن على ممارسة الدعارة وضحايا الممارسات العنصرية بسبب أصولهم العرقية أو لون بشرتهم.

وقد ارتفع عدد المشتغلين في هذا الصنف من العمل الاجتماعي مع زيادة تلك الحالات وانتشارها طيلة التسعينيات وفي مطلع القرن الحادي والعشرين، الذي تزامن مع تراجع دور الحكومة الفدرالية والسلطات عموما تدريجيا في تقديم الدعم المناسب لهم، على الرغم من ارتفاع عدد الأشخاص المعتمدين على الإعانات الاجتماعية بسبب ارتفاع معدلات البطالة (بالمقاييس السويسرية)، أو نظرا لقلة رواتب المحالين إلى التقاعد، بالإضافة إلى المنتمين إلى بقية الشرائح التي سبق ذكرها، والذين زاد عددهم أيضا.

أهداف الميثاق

ويقول نيكول بيتو من جمعية “لو باساج” Le Passage في لوزان بأن الهدف من وضع هذا الميثاق هو التنسيق الجيد بين مختلف الجمعيات والأفراد العاملين في هذا المجال في كل أنحاء سويسرا ووضع الأسس الأخلاقية المشتركة للعمل فيه مثل احترام خصوصيات واسرار المتعاملين معها، والاستفادة من الخبرات المختلفة التي راكموها، بالإضافة إلى المساعدة في العثور على حل للمشكلات ذات الطابع المشترك.

وأضاف بيتو في حديثه مع سويس انفو بأن هذا الميثاق “يضع جهود العاملين في العمل الاجتماعي في الشوارع أمام السلطات، ويمنع أن يتحول إلى أداة سياسية في يد الحكومة والكانتونات يمكن أن تستغلها فيما بعد في أهداف بعيدة عن المسعى الرئيس له إذ لا يقبل العاملون في الحقل الإجتماعي في الشوارع أن يتحولوا إلى مصدر معلومات للشرطة”.

وأضاف نيكول بيتو أن الميثاق المطروح “يهدف إلى توعية الرأي العام بحجم المشكلات الاجتماعية التي تعاني منها شرائح مختلفة تعيش بيننا، ولا يمكن إهمالها أو التغاضي عنها، لاسيما وأن عدد الضحايا والمعوزين في ارتفاع متواصل”، حسب قوله.

ومع أن حجم المشكلات التي يجب على المشتغلين في هذا المجال العمل على حلها والتنسيق فيها كبير ومعقد، إلا أن عدد العاملين في هذا النوع من العمل الاجتماعي في الشوارع لا زال محدودا للغاية، فهو يتراوح ما بين شخص واحد وأربعة أشخاص في المدن التي شارك ممثلون عنها في التوقيع على الميثاق الجديد، مثل برن وبازل وزيورخ وبيل/بيان وفوفي ولوزان وجنيف وفريبورغ وسان غالن وفينترتور، مع الإشارة إلى أن الأمر يتعلق بعمل مدفوع الأجر وليس بنشاط خيري أو تطوعي.

حالات حرجة

وفي سياق الندوة الصحفية، قدم بعض الموقعين على الميثاق عينات من الحالات الحرجة التي يتولون رعايتها، مثل مشكلة التعامل مع أسرة أدمن الأبوان فيها الكحوليات والمخدرات، والجهود الموزعة بين رعاية الكبار والعناية بالصغار، وما يرتبط بكل هذا من مسؤوليات سواء مع المدارس أو الأطباء أو المستشفيات ومصحات العلاج، إلى جانب التخاطب مع الدوائر الحكومية والرسمية المعنية.

وقالت مجموعة أخرى إنها تهتم برعاية أطفال من أسر ذات دخل “أقل من العادي”، وتحاول تقيم أنشطة ترفيهية اجتماعية وثقافية لهم تعويضا عن حرمانهم من المشاركة في الأنشطة العادية. وفي هذا السياق، يقوم الأخصائي الاجتماعي المتجول بالبحث عن الجهات التي يمكن أن توفر تلك الخدمات لمثل أولئك الأطفال، سواء مباشرة أو من خلال تبرعات عينية.

ويحصل العاملون في المجال الاجتماعي في الشوارع على رواتبهم من جهات مختلفة؛ مثل السلطات المحلية في المدن أو الكانتونات التي يعملون في نطاقها (مع دعم من السلطات المحلية المسئولة عن الاندماج أو المعنية بالشؤون الصحية مثلا)، كما يحصلون أحيانا على دعم مالي من بعض المؤسسات الكنسية والجمعيات الخيرية، التي عادة ما تحصل على أموالها من المتبرعين وفاعلي الخير.

أخيرا، أشار العاملون في هذا الحقل إلى أنه من المحتمل أن يرتفع عدد المحتاجين لهذه النوعية من الخدمات في الفترة القادمة، لاسيما مع تردي الحالة الاقتصادية في المدن الكبرى، وما يمكن أن تسفر عنه من مشكلات اجتماعية وامراض نفسية، قد لا تظهر آثارها على السطح بسرعة، ولكن أبعادها خطيرة على المدى البعيد.

تامر أبوالعينين – برن – سويس انفو

وقعت على الميثاق 21 جمعية تضم المشتغلين في الحقل الإحتماعي في الشوراع، وهي منتشرة في أغلب المدن السويسرية.
يتراوح عدد العاملين في كل جمعية ما بين شخص واحد و4أربعة أشخاص يتقاضون رواتبهم من مؤسسات مختلفة رسمية أو خاصة.
لا توجد احصائيات دقيقة حول عدد المستفيدين من خدمات العاملين الإجتماعيين في الشوارع.

المقصود بالعمل الإجتماعي في الشوراع هو التوجه إلى أصحاب المشكلات من مختلف الشرائح ومحاولة العمل على حلها بشكل عملي، ويستفيد من تلك الخدمات ضحايا المخدرات والإدمان والمشردون ومن شارفوا على حافة الفقر وبعض الأجانب المقيمين بشكل غير قانوني.
يحذر المشتغلون في هذا المجال من زيادة عدد الحالات الحرجة التي تحتاج إلى رعاية اجتماعية لا سيما مع ارتفاع معدلات البطالة في البلاد.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية