
إسرائيل وحماس توقعان اتفاقا لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن

من نضال المغربي ومعيان لوبيل
واشنطن/القاهرة (رويترز) – وقعت إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) يوم الخميس اتفاقا لوقف إطلاق النار ومبادلة الرهائن الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين، وذلك في إطار المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الدائرة منذ عامين في غزة والتي قلبت الأوضاع في الشرق الأوسط.
وسادت حالة من الابتهاج بين الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء بعد الإعلان عن الاتفاق، في أكبر خطوة حتى الآن لإنهاء حرب استمرت عامين وأدت إلى مقتل ما يربو على 67 ألف فلسطيني، مما سيتيح المجال لإعادة آخر الرهائن الذين احتجزتهم حماس في الهجمات التي أشعلت فتيل الحرب.
وأكد مسؤولون من الجانبين توقيع الاتفاق عقب محادثات غير مباشرة في مدينة شرم الشيخ المصرية.
وينص الاتفاق على وقف القتال وانسحاب إسرائيل جزئيا من غزة وإفراج حركة حماس عن باقي الرهائن الذين احتجزتهم في الهجوم الذي اندلعت في أعقابه الحرب، مقابل إطلاق سراح مئات المعتقلين ممن تحتجزهم إسرائيل. وفي البيت الأبيض، عبر ترامب عن اعتقاده في أن يفضي هذا الاتفاق إلى إرساء “سلام دائم”.
وسيُسمح لأساطيل الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمساعدات الطبية بالدخول إلى غزة لإغاثة المدنيين، الذين يحتمي مئات الآلاف منهم في خيام بعد أن هدمت القوات الإسرائيلية منازلهم ودمرت مدنا على بكرة أبيها.
*عقبات لا تزال قائمة
ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مجلس الوزراء الأمني المصغر برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انعقد قبل اجتماع متوقع لحكومته بكامل هيئتها للتصديق على الاتفاق. وقال نتنياهو إن وقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ بعد التصديق.
ومن شأن الاتفاق، في حال تنفيذه، أن يقرب الطرفين أكثر من أي وقت مضى من إنهاء الحرب التي تحوّلت إلى صراع إقليمي استقطب دولا مثل إيران واليمن ولبنان، وزاد من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية.
لكن لا يزال هناك الكثير من العقبات. فحتى بعد توقيع الاتفاق، أشار مصدر فلسطيني إلى عدم الانتهاء من قائمة الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم حتى الآن. وتسعى الحركة إلى إطلاق سراح سجناء فلسطينيين بارزين تحتجزهم إسرائيل في سجونها، فضلا عن المئات الذين اعتقلوا خلال الهجوم الإسرائيلي.
ولم تتناول المناقشات حتى الآن الخطوات الإضافية في خطة ترامب المكونة من 20 نقطة، بما في ذلك كيفية إدارة قطاع غزة المدمر بعد انتهاء القتال ومصير حركة حماس التي لا تزال ترفض مطالب إسرائيل بنزع سلاحها.
لكن الإعلان عن انتهاء القتال وإعادة الرهائن قوبل بحالة من الابتهاج.
* “كل قطاع غزة فرحان”
قال عبد المجيد عبد ربه في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة “الحمد لله على وقف إطلاق النار ووقف شلال الدماء والقتل، وطبعا مش أنا لحالي بس فرحان، كل قطاع غزة فرحان، بل كل الشعب العربي وكل العالم فرحان بوقف إطلاق النار ووقف شلال الدماء”.
وفي المنطقة التي باتت تعرف “بساحة الرهائن” في تل أبيب، احتفلت إيناف زوجاوكر، التي لا يزال ابنها ماتان محتجزا في غزة. وتجتمع عائلات الرهائن، الذين جرى اقتيادهم إلى غزة في الهجوم الذي قادته حماس قبل عامين، في هذه المنطقة للمطالبة بعودة ذويهم.
وقالت، بينما ينعكس عليها الوهج الأحمر لشعلة احتفالية، “لا أستطيع أن أتنفس… لا أقدر أن أشرح ما أشعر به… إنه شيء خارج التصور”.
وفي غزة، واصلت إسرائيل إطلاق النار وشن غارات جوية يوم الخميس قبل بدء وقف إطلاق النار رسميا، ولكن بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في الأسابيع القليلة الماضية.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن مقتل ما لا يقل عن ثلاثة فلسطينيين بنيران إسرائيلية يوم الخميس، بعد أن أفادت بمقتل تسعة فلسطينيين خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وهو عدد أقل بكثير من عدد القتلى الذي كان يسقط يوميا في الأسابيع القليلة الماضية.
وبدأت تظهر بالفعل علامات على الأرض حول استعداد القوات الإسرائيلية للانسحاب. وقال شاهد قرب مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة لرويترز إنه رأى الجيش الإسرائيلي يفجر موقعا عسكريا مهجورا وينزل رافعة كان يستخدمها لمراقبة المنطقة.
وبالقرب من محور نتساريم، وهي منطقة تجمع رئيسية للقوات الإسرائيلية في وسط غزة، أطلق الجيش عشرات القنابل الدخانية، التي تستخدم عادة كغطاء أثناء تحرك القوات.
*إطلاق سراح الرهائن خلال 72 ساعة
ذكر متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أن وقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ خلال 24 ساعة من اجتماع مجلس الوزراء. وأضاف أنه بعد هذه الفترة سيجري إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة خلال 72 ساعة.
ويعتقد أن 20 رهينة ما زالوا على قيد الحياة في غزة، بينما يفترض أن 26 آخرين في عداد الأموات، فيما لا يزال مصير اثنين مجهولا. وأشارت حماس إلى أن استعادة رفاتهم قد تستغرق وقتا طويلا.
ومن المتوقع أن يتوجه ترامب إلى إسرائيل تزامنا مع عودة الرهائن إلى ديارهم، حيث وردت مذكرة من مكتب الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوج تفيد بأن جدول أعماله ليوم الأحد قد خلا من الفعاليات تحسبا لزيارة الرئيس الأمريكي. وفي البيت الأبيض، قال ترامب إنه يأمل في حضور حفل توقيع الاتفاق في مصر.
وحظي الاتفاق بدعم من دول عربية وغربية، ووصف بأنه إنجاز دبلوماسي كبير لترامب، الذي قال إنه أولى الخطوات نحو التوصل إلى تسوية في الشرق الأوسط برمته.
ومن شأن إتمام الصفقة أن تمثل إنجازا كبيرا للرئيس الجمهوري، الذي بذل جهودا مضنية للوفاء بوعوده بإرساء السلام في غزة ووقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وتعقد دول غربية وعربية اجتماعا في باريس يوم الخميس لمناقشة تشكيل قوة حفظ سلام دولية والمساعدة في إعادة إعمار غزة بعد توقف القتال.
وقال نتنياهو عن الاتفاق “هذا نجاح دبلوماسي وانتصار وطني وأخلاقي لدولة إسرائيل”.
لكن أعضاء اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم يعارضون منذ وقت طويل أي اتفاق مع حماس. وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ممثل أحد هذه الأحزاب، إنه يجب تدمير حماس فور إعادة الرهائن.
وقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني في الهجوم الإسرائيلي على غزة، الذي اندلع بعد اقتحام مسلحين بقيادة حماس بلدات إسرائيلية ومهرجان موسيقي في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، مما تسبب في مقتل 1200 شخص وخطف 251 رهينة.
(شارك في التغطية داوود أبو الكاس وطوان جمركجي ودارين باتلر من أنقرة وجنى شقير وتالا رمضان من دبي وألكسندر كورنويل من القدس وجون أيرش من باريس وأنجيلو أمانتي من روما وتريفور هونيكوت وستيف هولاند وديفيد مورجان من واشنطن – إعداد محمود رضا مراد ورحاب علاء وحاتم علي للنشرة العربية – تحرير محمد عطية)