مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأبارتايد.. سويسرا مسؤولة أيضا

لا زالت إفريقيا الجنوبية تعاني إلى اليوم من مخلفات نظام الميز العنصري، الذي استمر 46 عاما. Keystone

"يجب على سويسرا أن تتحمّـل مسؤولياتها تجاه ضحايا الميز العنصري في جنوب إفريقيا بسبب دعمها لبريتوريا".

هذا المطلب ورد في رسالة مفتوحة وجّـهتها عشرات الشخصيات والمنظمات السويسرية إلى الحكومة الفدرالية في الذكرى الأولى لإصدار التقرير الذي سلّـط الأضواء على العلاقات بين البلدين.

تـُعتبر هذه الرسالة، التي جاءت بمبادرة من “الحملة من أجل محو الديون والتعويضات في جنوب إفريقيا” (CSRA)، محاولة جديدة للضغط على الحكومة الفدرالية التي لم تتّـخذ إلى حد الآن موقفا من التقرير النهائي لحصيلة الأبحاث التي قام بها الصندوق الوطني للبحث العلمي حول العلاقات بين سويسرا وجنوب إفريقيا، والذي صدر يوم 26 أكتوبر 2005.

وفي البيان الصحفي المصاحب للرسالة، تمّ التّـذكير بأن “السياسة والاقتصاد السويسريين ساهما في دعم نظام الميز العنصري”، وهو ما قد يكون ساعد على إطالة أمد الاغتيالات وعمليات الاختطاف والانتهاكات الجنسية وعمليات الترحيل والتعذيب والقمع وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان المبررة من طرف الدولة.

كما انتقد الموقعون، وهم 268 شخصية (من بينهم نواب في غرفتي البرلمان الفدرالي عن الحزب الاشتراكي السويسري) و17 منظمة، عدم انضمام سويسرا إلى العقوبات الدولية التي سُـلِّـطت على جنوب إفريقيا، وقالوا “إنهم ينتظرون من الحكومة أن تقوم بالاعتذار والتعويض للضحايا”.

وتأتي هذه الخطوة، في إطار الحملة الرامية لإلغاء الديون وتقديم التعويضات في جنوب إفريقيا، وهي تضم فاعلين نشطين في مجالات السياسة والثقافة والتعاون من أجل التنمية، إضافة إلى عدد من الكنائس.

فصل مُـظلم

وكان التقرير، الذي أُنجِـز تحت إشراف المؤرّخ غيورغ كرايس، قد تحدّت عن “فصل مُـظلم من التاريخ السويسري”، حيث بدا أن التعاون السياسي والاقتصادي، الذي كان قائما بين سويسرا ونظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا، كان أقوى مما كان يُـعتقد في السابق.

وقد كشفت الأبحاث، التي تضمنها التقرير النهائي، أن الاتصالات بين القطاعات الاقتصادية والجيشين وأجهزة الاستخبارات في البلدين قد تكون تكثّـفت بشكل خاص خلال ثمانينات القرن الماضي، في الوقت الذي بلغت فيه انتهاكات حقوق الإنسان من طرف حكومة الأقلية البيضاء في بريتوريا ذروتها. كما أن رفض سويسرا للمشاركة في العقوبات الدولية، قد يكون ساهم في تقوية نظام الأبارتايد.

وكانت هذه النتائج قد أدّت، عند نشرها، إلى انقسام في صفوف الطبقة السياسية تُـجاهها، كما برّرت الحكومة في شهر مارس الماضي عدم اتّـخاذها موقفا رسميا من الخُـلاصات، التي توصّـلت إليها الأبحاث، بانتظارها لما ستُـسفر عنه الشكوى الجماعية التي لا زالت مرفوعة أمام المحاكم في الولايات المتحدة.

وتقول “الحملة من أجل محو الديون والتعويضات في جنوب إفريقيا” في بيانها، إن الحكومة الفدرالية لم تتّـخذ بعدُ موقفا بخصوص نتائج البحث، الذي نُـشر قبل عام من الآن، ودعتها إلى الاعتراف بأخطائها وباشتراكها في المسؤولية وبالاعتذار عن العذابات، التي تسبّـب فيها نظام جنوب إفريقيا.

خُـطوات باتجاه التعويضات

من جهة أخرى، تعتقد الحملة أنه يجب أن يحصُـل ضحايا الأبارتايد على تعويضات معتبرة، مثلما أقرّت ذلك محاكم دولية في حالات مشابهة تتعلّـق بانتهاكات حقوق الإنسان، وترى أن ذلك سيمثل خُـطوة أولى باتّـجاه التعويض عن الأضرار التي لحِـقت بالسكان الأصليين، والمساهمة في الكفاح ضدّ الفقر والبطالة، التي تسبّـب فيهما نظام الميز العنصري.

وكانت مجموعة من ضحايا الميز العنصري قد رفعت قبل أربعة أعوام قضية جماعية في الولايات المتحدة ضد 23 مؤسسة وشركة أجنبية، متهمة إياها “بتقديم الدعم عن معرفة لنظام الأبارتايد”، ومن بين الشركات التي استهدفتها الشكوى، التي لا زالت معروضة على إحدى محاكم الاستئناف في نيويورك، مصرفا “يو بي إيس” و”كريدي سويس” السوسيريين.

يشار إلى أن المحامي الأمريكي ميكائيل هاوسفيلد، الذي سبق له أن اشتكى البنوك السويسرية باسم ضحايا الهولوكست، حاضر في هذه القضية أيضا، حيث يتّـهم هذه الشركات بأنها موّلت أو باعت معدّات إلى الجيش وإلى قوات الأمن في جنوب إفريقيا، الأمر الذي عزّز ومدّد في عُـمُـر نظام الأبارتايد.

سويس انفو مع الوكالات

كانت سويسرا من بين البلدان القلائل التي لم تقطع علاقاتها مع جنوب إفريقيا في حقبة الميز العنصري. ففي الثمانينات، عندما بلغت انتهاكات حقوق الإنسان ذروتها، تكثفت العلاقات بين البلدين بشكل خاص.

انكبّ البرنامج الوطني للبحث العلمي، المعروف باسم PNR 42+ على دراسة هذه العلاقات، مستندا بالخصوص على وثائق تم العثور عليها في جنوب إفريقيا.

كان من المفترض أن يتم نشر التقرير النهائي للأبحاث في ربيع 2004، لكن الموعد تأخر بسبب قرار اتّـخذته الحكومة الفدرالية في أبريل 2003، يحظر عن الباحثين الوصول إلى بعض الوثائق الموجودة في الأرشيف، خوفا من استهداف مؤسسات صناعية سويسرية في إطار القضايا الجماعية المرفوعة من طرف ضحايا نظام الميز العنصري أمام المحاكم في الولايات المتحدة.

كان الهدف من إعداد تقرير حول العلاقات بين سويسرا وجنوب إفريقيا، يتمثل في بلورة الأسس العلمية للحكم على السياسة السويسرية تجاه نظام بريتوريا خلال فترة الأبارتايد (1948 – 1994).
موّلت الحكومة الفدرالية مشروع الأبحاث، الذي انطلق في عام 2000، بمليوني فرنك، وشمل 10 دراسات حول مسائل اقتصادية وقانونية وسياسية وتاريخية.
شارك في إعداد التقرير، 40 باحثا تحت إشراف المؤرخ السويسري غيورغ كرايس.

إيفي ألّـيمان، عضوة في مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي.
بوريس بانغا، عضو في مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي.
كريستيان برونر، عضوة في مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي.
فرانكو كافالّـي، عضو في مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي.
أندري داغي، عضو في مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي.
هانس يورغ فهر، عضو في مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي.
جاكلين فهر، عضوة في مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي.
أنيتا فيتس، عضوة في مجلس الشيوخ.
كريستين غول، عضوة في مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي.
جون زيغلر، مقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق في الغذاء.
جوزيف زيزياديس، عضو في مجلس النواب عن حزب العمل.

منظمة إعلان برن.
فرع منظمة أرض البشر بسويسرا، بازل
مركز أوروبا – العالم الثالث، جنيف
لجنة إفرقيا – بازل

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية