
الاستياء من الفوارق الاجتماعية يوحد شباب حركة “جيل زد 212” في المغرب

ينتمي شبان حركة “جيل زد212” التي تهز احتجاجاتها المغرب منذ نهاية أيلول/سبتمبر الماضي لفئات اجتماعية مختلفة، لكن يوحدهم الاستياء من الفروقات الاجتماعية العميقة وانعدام المساواة.
منذ 27 أيلول/سبتمبر، تنظّم هذه الحركة التي تضمّ أكثر من 200 ألف عضو على منصة ديسكورد الرقمية لخدمات المراسلة، احتجاجات شبه يومية في مدن مغربية عدّة، يشارك فيها من عشرات إلى مئات الأشخاص للمطالبة بإصلاحات في قطاعي التعليم والصحة.
ويحرص أعضاء الحركة على الحفاظ على سرّيتهم مؤكدين أنها بلا قيادة مركزية، وأن القرارات تُتخذ عبر النقاش والتصويت الجماعي.
جددت الحركة الدعوة إلى التظاهر الخميس بقوة أكبر، عشية الخطاب السنوي الذي يلقيه الملك محمد السادس في افتتاح البرلمان.
في ما يلي شهادات بعض أعضاء هذه الحركة لوكالة فرانس برس حول أسباب انضمامهم إليها.
– “معاناة” –
يتذكر أيمن (21 عاما) بأسى عميق رحيل عمته بعد معاناة مع المرض، حيث كان يقال لها في المستشفى إنها “لا تعاني شيئا”. ولم تحصل على موعد لإجراء فحص بالأشعة سوى بعد عام كامل، لكنها كانت قد توفيت.
تكررت المعاناة مع والده المصاب بشلل جزئي حيث تنقل بين المستشفيات العامة دون أن يلقى رعاية فعلية، كما يقول هذا الطالب في اختصاص التصميم الغرافيكي. ويضيف “اضطررنا في النهاية إلى نقله لمصحّة خاصة”.
وهو ما كلف العائلة “80 ألف درهم (7360 يورو) ما اضطرنا للاقتراض”، في حين لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور 300 يورو، كما يضيف.
ويؤكد “أثارت هذه المعاناة غضبي”. ويشير إلى حادثة وفاة ثماني حوامل خلال عمليات قيصرية في مستشفى عام بمدينة أكادير (جنوب)، باعتبارها “القشة التي قصمت ظهر البعير” وأطلقت شرارة احتجاجات حركة “جيل زد 212”.
– “لا صيدلية في القرية” –
تؤكد فاطمة (23 عاما) أن “التعليم والصحة حقان من حقوقنا وليسا امتيازين”.
وتوضح أن قريتها الواقعة قرب مدينة تارودانت (جنوب غرب) “لا يتوفر فيها مستشفى ولا صيدلية”.
وتضيف الشابة التي تعمل في محل لتصفيف الشعر “لسنا بحاجة إلى مزيد من الملاعب”، في إشارة إلى المشاريع الرياضية التي تشهدها البلاد استعدادا لكأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030 في كرة القدم.
وتشير أيضا إلى ضحايا الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز في العام 2023، مؤكدة أن بعضهم “لم يتلقَّ بعد أي مساعدة لإعادة بناء منزله”، بينما “الملاعب تُبنى وتُنجز بسرعة”.
– “فشل الحكومة” –
يخفي محمد (30 عاما) عينيه خلف نظارات سوداء سميكة، ويشير بخجل إلى أنه “يعاني مشكلة في البصر”.
ويؤكد الشاب الذي يعمل طباخا “تعرضت للإهمال في المستفيات العمومية طوال عامين حتى أصبحت حالتي حرجة”.
وكي ينتقل لمتابعة العلاج في مصحة خاصة “اضطرت والدته إلى بيع مجوهراتها، لكن ذلك لم يكف لتغطية التكاليف”.
كان محمد مشاركا في إحدى تظاهرات الحركة بالدار البيضاء مطالبا “بالصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية”، معتبرا أن “كل المغربيين لاحظوا فشل الحكومة بعد أربعة أعوام من توليها السلطة”.
– “أنا فقير” –
يأسف عبد الرحمن (28 عاما) لاضطراره الانقطاع عن الدراسة “لأنني فقير” منذ المرحلة الابتدائية.
ويوضح أن كل دخول مدرسي كان يشكل عبئا ماليا على الأسرة، “فوالدي لم يكن يستطيع تحمل مصاريف أربعة أبناء”.
لذلك، يعمل عبد الرحمن منذ العام 2018 نادلا أو في مهن أخرى هشة دون عقد عمل، ويقول “بعض أرباب العمل استغلوا وضعي”، منددا بمنظومة “تستغل الناس”.
– “الغالبية تُقرر”-
إضافة إلى المطالب الاجتماعية تطالب الحركة بإقالة الحكومة، بينما تدعوها الأخيرة إلى الحوار.
ويقول يونس (27 عاما) إنه “لا معنى لتغيير الحكومة دون محاسبة، يجب استرجاع الأموال المنهوبة ومحاكمة المسؤولين لوضع حد للإفلات من العقاب”.
ويشرح خريج كلية الحقوق طريقة عمل الحركة قائلا إن المسؤولين عن صفحة الحركة على ديسكورد يقتصر دورهم على التنظيم وحذف الرسائل التي تتضمن إهانات أو خطابات عنصرية أو محاولات للاختراق.
ويرى أن “غياب القيادة يحول دون استقطاب الحركة من طرف الدولة أو الأحزاب” السياسية، مضيفا أن “السلطات لا تستطيع تحديد وجوه قيادية للتفاوض معها أو الضغط عليها أو ملاحقتها”.
أما عن علاقة الحركة بالملكية، فيوضح أن “الشبّان غير مسيسين” ويفضلون توجيه مطالبهم إلى الملك مباشرة.
ويختتم بالقول إن “الأنظار تتجه نحو خطاب الجمعة، هل سيتطرق الملك إلى مطالبنا أم يفعل كأن شيئا لم يكن؟”.
أنر/إسب/ع ش