بابا الفاتيكان يحث الشرق الأوسط على تغيير المسار بعيدا عن “أهوال الحرب”
بيروت 2 ديسمبر كانون الأول (رويترز) – ودّع بابا الفاتيكان لبنان اليوم الثلاثاء بمناشدة القادة في أنحاء الشرق الأوسط الاستماع إلى صرخات شعوبهم من أجل السلام وتغيير المسار بعيدا عن “أهوال الحرب”.
واختتم البابا ليو، وهو أول أمريكي يصبح بابا للفاتيكان، أول جولة خارجية له كزعيم للكنيسة الكاثوليكية بإلقاء عظة أمام 150 ألف شخص في قداس عند الواجهة البحرية التاريخية لبيروت ناشد فيها لبنان معالجة الصراعات والأزمات السياسية والبؤس الاقتصادي المستمرين منذ سنوات.
وقال بابا الفاتيكان إن المنطقة برمتها بحاجة إلى نهج جديد للتغلب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية.
وأضاف “تم السير في طريق العداء المتبادل والدمار في أهوال الحرب لفترة طويلة جدا، مع النتائج المؤسفة التي رآها الجميع… نحن بحاجة إلى تغيير المسار. نحن بحاجة إلى تثقيف قلوبنا من أجل السلام!”.
* “عسى أن تتوقف الهجمات”
استمرت زيارة البابا إلى لبنان، المحطة الثانية في جولته الخارجية التي بدأت بزيارة تركيا، ثلاثة أيام دعا خلالها إلى السلام في الشرق الأوسط وحذر من الخطر الذي يحيق بالبشرية جراء الصراعات المتفاقمة في العالم.
وحظيت جولة البابا، الذي لم يكن معروفا نسبيا على الساحة العالمية قبل أن يصبح بابا للفاتيكان في مايو أيار، بمراقبة عن كثب إذ ألقى خلالها أولى خطاباته في الخارج وتفاعل لأول مرة مع أفراد خارج إيطاليا ذات الأغلبية الكاثوليكية.
وفي لبنان حثّ البابا ليو قادة الطوائف الدينية على الاتحاد حتى تلتئم جراح البلاد، كما حث الزعماء السياسيين على مواصلة جهود السلام بعد الحرب المدمرة التي اندلعت العام الماضي بين إسرائيل وجماعة حزب الله المدعومة من إيران،وفي ظل استمرار الضربات الإسرائيلية.
وطلب أيضا من المجتمع الدولي “ألا يدخر جهدا في تعزيز عمليات الحوار والمصالحة”، وطلب من ذوي “السلطة السياسية والاجتماعية” أن “يصغوا إلى صرخة شعوبكم التي تنادي بالسلام”.
وفي تصريحات في مطار بيروت قبل لحظات من إقلاع طائرته عائدا إلى روما، أشار البابا ليو لأول مرة بوضوح إلى الغارات الإسرائيلية قائلا إنه لم يتمكن من زيارة جنوب لبنان لأنه “يشهد حاليا حالة من الصراع والضبابية”.
ودعا إلى “وقف الهجمات والأعمال العدائية”. وشدد على “ضرورة القناعة بأن النزاعات المسلحة لا تحمل منافع”.
وطلب الرئيس اللبناني جوزاف عون من البابا ليو أن يذكر لبنان في صلاته قائلا “سمعنا رسالتكم وسنستمر في تجسيدها وتظل لنا أمنية أن نكون دائما في صلواتكم”.
* “ألم بعد ألم”
تجمعت الحشود عند الواجهة البحرية لبيروت قبل ساعات من بدء القداس اليوم الثلاثاء، ولوحوا بعلمي الفاتيكان ولبنان بينما تجول البابا ليو في سيارة بابوية مغلقة.
ووصل مارون الملاح، طالب الهندسة البالغ من العمر 21 عاما، إلى موقع القداس قبل الفجر ضمن المتطوعين لتنظيم الحدث وقال إن الزيارة قد تكون فرصة لتعافي لبنان.
وأردف يقول لرويترز “من الجميل أن نعرف أن هناك بارقة أمل تعود إلى لبنان… حتى في الجامعة، نفكر فقط في ما قد يأتي بعد ذلك. إنه ألم بعد ألم بعد ألم… خاصة بعد وقوع ثالث أكبر انفجار” في المرفأ.
وفي وقت سابق من اليوم الثلاثاء، زار البابا ليو مستشفى للأمراض النفسية تديره راهبات من الفرنسيسكان وصلى قرب أكوام الأنقاض المتراكمة في موقع انفجار مواد كيماوية دمر أجزاء من بيروت في عام 2020.
وأودى انفجار عام 2020 في مرفأ بيروت بحياة 200 شخص وتسبب في أضرار بمليارات الدولارات، لكن التحقيق في أسبابه ما زال متعثرا ولم يحاسَب أحد حتى الآن.
وصلى البابا ليو في الموقع ووضع إكليلا من الزهور عند نصب تذكاري، والتقى بنحو 60 من الناجين من الانفجار وأقارب الضحايا من ديانات مختلفة الذين حملوا صور ذويهم الراحلين.
وقالت سيسيل روكوز، التي فقدت شقيقها في الانفجار، إن ليو سيرفع صوته من أجل العدالة لإعادة حقوق كل الضحايا.
ويعيش في لبنان أكبر نسبة من المسيحيين في الشرق الأوسط، وعانى من تداعيات الصراع في غزة مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله، والتي بلغت ذروتها بهجمات إسرائيلية مدمرة.
ويعاني البلد أيضا من أزمة اقتصادية خانقة نتيجة الإنفاق المفرط لعقود، مما أدى إلى انهيار الاقتصاد في أواخر عام 2019.
(شاركت في التغطية مايا الجبيلي – إعداد مروة غريب ورحاب علاء ونهى زكريا وأميرة زهران للنشرة العربية)