
مسلحون دروز يستعيدون السيطرة على مدينة السويداء (المرصد وفصيل مسلح)

تمكن مقاتلون دروز مساء السبت من دحر فصائل منافسة من مدينة السويداء السورية بعد وقوع معارك في وقت سابق من اليوم رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار، حسبما ذكر فصيل درزي مسلح والمرصد السوري لحقوق الإنسان مشيرا إلى مقتل 940 شخصا خلال سبعة أيام من العنف.
وأفاد المرصد باستمرار الاشتباكات في مناطق أخرى من المحافظة بين مقاتلين من العشائر والبدو من ناحية ومقاتلين دروز من ناحية أخرى.
وأعلن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في وقت سابق السبت وقفا لإطلاق النار والتزامه “حماية الأقليات” ومحاسبة “المنتهكين” من أي طرف، وبدء نشر قوات الأمن في السويداء.
وجاء الإعلان عن وقف لإطلاق النار بعد ساعات من إعلان واشنطن اتفاق سوريا واسرائيل على وقف لإطلاق النار بينهما.
وقال المرصد الذي يتخذ مقرا في بريطانيا ويعتمد على شبكة من المصادر داخل سوريا، السبت إن مقاتلين من الأقلية الدرزية “استعادوا… السيطرة على كافة أحياء مدينة السويداء” بعد ساعات من الاشتباكات.
وأضاف أن مقاتلي العشائر شنوا قصفا على المدينة بعد انسحابهم، وأن الاشتباكات مستمرة في أماكن أخرى من المحافظة.
وقال باسم أبو فخر المتحدث باسم “حركة رجال الكرامة”، إحدى أكبر مجموعتين مسلحتين درزيتين، لوكالة فرانس برس إنه “لا وجود للبدو في المدينة”.
– “محاسبة جميع المنتهكين” –
رغم دعوة الشرع “جميع الأطراف بدون استثناء” الى وقف “كافة الأعمال القتالية”، تواصل القتال خلال نهار السبت.
وتركزت الاشتباكات خصوصا في القسم الغربي من مدينة السويداء، حيث أحرق مسلحون منازل ومتاجر بعد نهبها. كما دارت اشتباكات في ريف السويداء الشمالي، وفق المرصد.
وفي كلمة متلفزة الى السوريين، أكد الشرع التزام “الدولة السورية بحماية الأقليات والطوائف كافة في البلاد، وأنها ماضية في محاسبة جميع المنتهكين من أي طرف كان”.
أضاف “لن يفلت أي شخص من المحاسبة ونتبرأ من جميع الجرائم والتجاوزات التي جرت… ونؤكد على أهمية تحقيق العدالة وفرض القانون على الجميع”.
وثمّن الشرع “الدور الكبير الذي قامت به الولايات المتحدة الأميركية في تأكيدها الوقوف إلى جانب سوريا في هذه الظروف الصعبة وحرصها على استقرار البلاد”، مشيدا بجهود دول عربية وداعمته تركيا وأطراف أخرى.
واعتبر أن الضربات الإسرائيلية في خضم الاشتباكات في السويداء دفعت سوريا “إلى مرحلة خطيرة تهدد استقرارها، نتيجة القصف السافر للجنوب ولمؤسسات الحكومة في دمشق”.
وحضّت باريس السبت “الأطراف كافة” على “احترام كامل” لوقف إطلاق النار الذي أعلنته السلطات السورية في السويداء، و”الإحجام عن أيّ فعل أحادي”.
ورحّب الاتحاد الأوروبي السبت الإعلان عن وقف إطلاق النار، معربا عن الصدمة من حصيلة الاشتباكات الطائفية الدائرة في جنوب سوريا.
وأشار المبعوث الأميركي توم برّاك في رسالة على منصة اكس إلى أنه اتفق مع وزيري الخارجية الأردني والسوري خلال اجتماع في عمان السبت “على خطوات ملموسة لمساعدة سوريا في تنفيذ اتفاق” وقف إطلاق النار.
وسبق لإسرائيل أن أكدت أنها لن تسمح بالتعرض للأقلية الدرزية أو أن تنشر الحكومة السورية قوات عسكرية في جنوب البلاد قرب هضبة الجولان التي تحتلها.
اندلعت الاشتباكات الأحد في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنّة، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان. ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية الإثنين تدخّلها لفضّ الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.
وتخلل انتشار القوات في السويداء إعدامات ميدانية طالت عشرات المدنيين وانتهاكات عدة ونهب ممتلكات، وفق المرصد السوري وشهادات سكان ومقاطع فيديو وثقها المرتكبون أنفسهم.
– “استقواء بالخارج” –
إثر ذلك، شنّت اسرائيل ضربات على مقر هيئة الأركان وبجوار القصر الرئاسي في دمشق، وعلى أهداف “عسكرية” في السويداء، مطالبة الشرع بسحب قواته من معقل الدروز.
وإثر ضغوط أميركية واسرائيلية، سحب الشرع قواته من المحافظة الخميس، قبل أن تحشد العشائر السنية من مناطق عدة مقاتليها المحسوبين على السلطة، الى جانب البدو، وتتجدد الاشتباكات.
وانتقد الشرع في كلمته “المصالح الضيقة لبعض الأفراد في السويداء”، معتبرا أن “الاستقواء بالخارج واستخدام بعض الأطراف الداخلية للسويداء كأداة في صراعات دولية لا يصب في مصلحة السوريين بل يفاقم الأزمة ويهدد وحدة البلاد”.
كما انتقد تصرفات “بعض المجموعات” من العشائر التي “حاولت أن تدافع عن نفسها بشكل منفرد”، مشددا على أن هذه “التصرفات لا يمكن ان تكون بديلا عن دور” الدولة “القادرة وحدها على الحفاظ على هيبتها وسيادتها في كل بقعة من الأراضي السورية”.
وحضّ مواطنيه على “وحدة الصف والتعاون الكامل من أجل تجاوز ما نمر به جميعا والحفاظ على بلدنا وأرضنا من التدخلات الخارجية او الفتن الداخلية”.
وأتت كلمة الشرع بعد إعلان وزارة الداخلية بدء انتشار قواتها في السويداء “في إطار مهمة وطنية، هدفها الأول حماية المدنيين ووقف الفوضى”، وفق المتحدث باسمها نور الدين البابا.
– 940 قتيلا –
دارت صباح السبت اشتباكات متقطعة بين مقاتلين دروز وآخرين من عشائر البدو، بحسب المرصد، بعد مواجهات عنيفة اندلعت فجرا إثر شنّ مسلحي العشائر هجمات على أطراف مدينة السويداء وقرى في ريفها الشمالي، تخللها حرق منازل ومحال تجارية.
وأفاد مراسل لفرانس برس عن سماعه دوي قصف متقطع وطلقات نارية صباح السبت في أحد أحياء مدينة السويداء. ونقل عن مقاتلين دروز قولهم إن مجموعات مهاجمة تسللت الى المدينة على وقع صيحات التكبير، تزامنا مع خوض مجموعات أخرى اشتباكات ضد المقاتلين المحليين في ريف المدينة الشمالي.
وسقط 940 قتيلا على الأقل جراء أعمال العنف التي بدأت الأحد، بينهم 588 من أبناء محافظة السويداء من مسلحين ومدنيين، وفق أحدث حصيلة للمرصد السبت. ومن بين هؤلاء 262 مدنيا، 182 منهم “أُعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية”.
وتقوّض أعمال العنف الأخيرة جهود الشرع في بسط سلطته على كامل التراب السوري بعد أكثر من سبعة أشهر على إطاحته الحكم السابق، وتعيد طرح تساؤلات إزاء قدرة السلطات على التعامل مع الأقليات على وقع أعمال عنف على خلفية طائفية طالت مكونات عدة خلال الأشهر الماضية، أبرزها العلويون.
بور-لار-س ح-ح س